|
مقيلٌ بصدرِ أُمي (Re: بله محمد الفاضل)
|
مقيلٌ بصدرِ أُمي
إلى أمي هُنااااااا
في هذا اليومِ البارِدِ يا أُمي، في هذا اليومِ والشمسِ تدلّتْ لتُلاحِقَ جسدي الهزيلَ بالطُرقاتِ، في هذا اليومِ كما كُلُّ يومٍ يا أُمي أبدأُ من حيثُ انتهيتُ معكِ هُناك، نعم أُمي، من حيثُ انتهيتُ أبدأُ: في ليلةٍ لم يتوقفْ المطرُ فيها عن رشقِ جِدرانِ بيتِنا المُتآكِلِ، كأنه يهزأُ من إدعائِهِ الصلابةْ، أو ربما يختبرُ ثقتَنا بالجُدرانِ، أو لمآرِبٍ أُخرٍ كالانسيابِ، كالخضرةِ، كالنماءِ الذي لا نطال سوى رأفتَهُ بالبصرِ والرُّوحِ ويقطفهُ الجُباةُ، في تلك الليلةِ يا أُمي، والقلقُ أحكمَ قبضتَهُ علينا ودسَّ الجُحوظَ بعيونِنا، في تلك الليلةِ يا أُمي تسربَ بعضُ الماءِ إلى فِراشِكِ من ثُقبٍ حاكْهُ المطرُ في السَّطحِ، وكدأبي في ذاك الحينَ إذ كانت تلفُّ جسدي فُحولةٌ تعبئُ روحي بالنخوةِ ويسبقُ ذلك كُلهُ هلعي من أن يمسّكِ سوءٌ، تلفعتُ بملاءتي بعد أن أزحتَكِ وفِراشَكِ عن تصويباتِ الثُّقبِ المائيةِ، وحملتُكِ إلى فِراشي البعيدِ عن موقعِ الخطرِ، ودفعتُ بنفسٍ عميقٍ من دفءِ الغُرفةِ المملوءِ بأنفاسِكِ وأنتِ تسعلينَ في تلك الليلةُ لتأثيرِ ماءِ وهواءِ المطرِ على رئتيكِ، دفعتُهُ إلى صدري شبه العاري لانشغالي بالإمساكِ والخبط على بطاريةٍ متأرجحة الضوء، خرجتُ أعني السَّطحَ لسدِّ الثُقبِ، فانزلقتْ قدمي اليُمنى، وسقطتُ، فشججتُ رأسي، والتوتْ قدمي.. وما هي إلا هُنيهةً -وقد علا صراخي- حتى وجدتُني محمولاً بين ذراعيكِ الواهنينِ مغموراً بدفءِ صدرِكِ الحنونِ، أمي، أتذكرُ تلك الليلةَ ضمنَ ما أتذكرُ من ليالٍ لم تضِنينْ فيها علينا وأنتِ في أوجِ الإعياءِ بالرِّعايةِ والحنانِ، أمي، كأن الأقدارُ ارتضتْ هكذا مآلٍ لنا، أنتِ هُناكَ، ونحنُ هُناكَ، وبين الهُناكَ والهُناكَ مسافاتٌ تفصلُ الأجسادَ لكنها لم تقدرْ على الأرواحِ فبقيتْ حائمةً حولكِ كيفما وأينما اتجهَ بصرُكِ أو قدماك. أُمي، أنه يومٌ في شرنقةِ العلقمِ، يومٌ يا أُمي أورثنا عرجاً في الأحاسيسِ حيال الأشياء المحدقة بنا، عرجاً بقدمِ جدتي، عرجاً بجدرانِ بيتنا وسقفه، عرجاً في البقاءِ بمعيتِكِ، عرجاً عرجاً عرجاً لا هوادة فيه بتفاصيلٍ ماكِثةٍ تفاصيلها فينا ونورثها يا أمي.. أُمي، في هذا اليوم البارِد يا أمي، يتبادرُ إلى ذهني كما كُلّ يومٍ يا أمي وصوتُكِ المشروخُ بدمعِ الشوقِ يتغلغلُ بمسامِ روحي، يتبادرُ إلى ذهني يا أمي أن أضعَ قلمَ الترحالِ، أن أُكسّرَهُ فيسيلُ مِدادُهُ القاني، يتبادرُ إلى ذهني أن أتغلبَ على الحياءِ الذي يغمرُني من الإيابِ حامِلاً حقائبَ الخيبةِ مُنتعلاً جسداً تسولتَهُ الأرزاءُ وعقلاً أضحى مثقوباً كثيف الضوضاء وروحاً نهشتها أفاعيلُ العُزلةِ والحنين ولطماتُ الاغترابِ والحاجة، يتبادرُ إلى ذهني يا أمي أن أحتويكِ لا كما تفعلُ كل يومٍ خيالاتي، وإنما شوقاً لشوقٍ، ولتشتعلَ المسافاتُ يا أمي..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 10:52 PM |
المداخِلُ العصيّةْ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 10:54 PM |
Re: المداخِلُ العصيّةْ | Ishraga Mustafa | 09-11-08, 10:56 PM |
تصويبٌ نحو مداخِلٍ داكِنةْ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:00 PM |
غادةُ الحدسِّ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:03 PM |
تُرى ما كان ذلك؟ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:06 PM |
اِنفلاقُ النوايا | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:10 PM |
أغاني الغيابِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:12 PM |
شهقةُ اللونِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:15 PM |
امرأةٌ تداعبُ القلبَ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:18 PM |
رشفاتُ الغِناءِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:21 PM |
الحظُّ الأحوصِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:25 PM |
تشويه | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:30 PM |
عُزلةُ العُصفورِ أو وجهٌ يفتشُّ عن دمِهِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:35 PM |
حيرةٌ تتنفسُ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:39 PM |
ورطةُ الظِلِّ الكفيفِ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:42 PM |
براكينٌ تُهادنُ الأروقةْ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:45 PM |
تقليصُ العُنفوانْ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:48 PM |
مقيلٌ بصدرِ أُمي | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:51 PM |
كتابةُ القتلِ...!! | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:54 PM |
إضاءاتٌ مُتقطعةٌ | بله محمد الفاضل | 09-11-08, 11:56 PM |
قتيلُ أُنثى | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:00 AM |
هرولة | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:02 AM |
همساتٌ لطاعِنٍ في الغيِّ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:05 AM |
قارِبُ الخرابِ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:07 AM |
محطاتٌ قصيرةٌ بأنفاسٍ لاهِثةٍ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:10 AM |
الأخبارُ السياسيةِ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:13 AM |
الاضمحلال | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:18 AM |
قُيودُ الزاهِدِ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:21 AM |
مشنقةُ الهواء | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:23 AM |
شغبُ الأجِنةِ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:26 AM |
مديحُ الغيابْ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:28 AM |
تغطيتُ بالبَردِ* | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:31 AM |
اختراق | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:34 AM |
رائحةُ اللا شيء | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:37 AM |
أحذيةٌ باليةٌ لذاكِرةٍ حافيةْ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:40 AM |
شمطاءٌ تلتهمُ الزمانَ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:43 AM |
فيما يتفتقُ النَّزقُ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:32 AM |
Re: فيما يتفتقُ النَّزقُ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:37 AM |
دُموعٌ مكبوتةٌ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:41 AM |
خُطى الهباءِ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:52 AM |
Re: رشفاتُ الغِناءِ | مجدي عبدالرحيم فضل | 03-07-09, 07:14 AM |
Re: اِنفلاقُ النوايا | مجدي عبدالرحيم فضل | 01-10-09, 03:24 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 00:58 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-12-08, 01:02 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | REEL | 09-13-08, 09:23 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ وغيرها | عبدالله الشقليني | 09-13-08, 09:56 PM |
الموسوعةُ الحانية | بله محمد الفاضل | 09-17-08, 10:03 PM |
المِدادُ الدفاق | بله محمد الفاضل | 09-17-08, 09:56 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | قيقراوي | 09-13-08, 09:53 PM |
قرقراوي اللذيذ | بله محمد الفاضل | 09-17-08, 10:13 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-17-08, 09:49 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | Ishraga Mustafa | 09-17-08, 10:01 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-17-08, 10:22 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | ماجدة عوض خوجلى | 09-18-08, 00:46 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 09-28-08, 09:07 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | هند محمد | 09-18-08, 03:11 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | حسين محي الدين | 09-28-08, 11:30 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 10-22-08, 12:52 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 10-15-08, 01:19 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ | بله محمد الفاضل | 10-09-08, 07:00 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ..أذوب أنا في رحيق جسدها الرّاعش من فرط الرّغبة المغرِقة في عبقي!! | ابوبكر يوسف إبراهيم | 01-11-09, 07:36 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ..أذوب أنا في رحيق جسدها الرّاعش من فرط الرّغبة المغرِقة في عبقي!! | بله محمد الفاضل | 01-18-09, 01:24 PM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ..أذوب أنا في رحيق جسدها الرّاعش من فرط الرّغبة المغرِقة في عبقي!! | مجدي عبدالرحيم فضل | 03-07-09, 07:08 AM |
Re: منطقةٌ رماديةٌ..أذوب أنا في رحيق جسدها الرّاعش من فرط الرّغبة المغرِقة في عبقي!! | عبدالكريم الامين احمد | 03-07-09, 12:32 PM |
|
|
|