3.
لا ترغب جدتي في أن أحتك بأي فرد وهي تتطبق على حركتي بإحكام، وأعملت تربيتها بمهارة قوية وبشخصية تسيطر على كل أمور البيت. وهي وأمي دوما تثنيان على نفسيهما ويقرظان مهارتهما الفائقة في عملية التربية حيالي والتي يجب أن أكون عليها. نشات مع هاتين الأمرأتين وسط أسرة ثرية ومنعمة ومتعلمة في ذات الوقت بمدينة جوبا.
مضت ايام قليلة حتى كبرت ونشات في ذلك الوسط المتدين مسيحياً ومع تركيز على تلقي دروسي باللغة الانجليزية .... من خلال الارساليات التابعة للكنيسة وجدتي تسيطر على حركتي بإحكام وعلى أمي كذلك وفي مرات كثيرة أكره نفسي وأكره جدتي وأكره الدنيا كلها ... لحرماني من أن أكون طفلا كبقية الأطفال .... وارى هلوسة وكوابيس مريعة في نومي بسبب هذه النشأة المقيدة لطفل يريد الحرية ليجري ويلعب وينطلق.
وانا على أعتاب تخطي المرحلة الابتدائية .. ظهر خالي ... شقيق أمي مباشرة .. الرجل المتعلم والذي درس جل مراحله في أوربا والذي يعمل في سفارة السودان بأسبانيا في عهد مايو ... والمتزوج لإحدى قريبات أمي وهو رجل لم يكن لديه أطفال ... لم ينجب .... ورغبته الجامحة في أن يكون له ولد ... جعلته يقنع أمي وحبوبتي ... ومحذرا بأن والد ي لا بد أن يأتي يوماً لأخذي ... طارحاً رغبته في أن يتبناني ويتكفل بتربيتي وتعليمي وأخذه لي لأسبانيا مبديا حرصه العميق على تعليمي تعليما أوربياً جيدا يبنى على أساس الدين واللغة .. كانت جدتي هي الحريصة على تنفيذ هذه الفكرة وهي إن أبدت موافقتها فلا بد من تنفيذ الأمر وفقا لصرامتها الحادة وسيطرتها التامة على أمي .... بدا خالي يرسم في مخيلتها طريقه الذي بناه لي كرجل مستقبل .... كنت في تلك الفترة وأنا أستمع للحوار الدائر بوعي .... مدركا لكل ما يقال.
* عبد الله حينما كان يحكي لنا هذا السرد كان عيناه العسليتان تبرقان بريقا مخيفاً .... واشار لنا بأنه كان حينها قد تخطى المرحلة الابتدائية بقليل وكيف انه كان لا يرغب بمفارقة أمه .... وأمه كذلك كانت لا تحب أن يفارقها.... ووسط رعب أمه القاتل وصرخاتها الضارعة المكبوتة لم يكن أمامها بد من تنفيذ رغبة أمها وأخوها .... ولا بد ان توافق لتبدا مرحلة أخرى من حياتي.
تم التعديل من أجل تكبير الخط حسب رغبة الأخوة القراء
(عدل بواسطة othman mohmmadien on 09-14-2008, 10:10 PM)
(عدل بواسطة othman mohmmadien on 09-23-2008, 01:36 PM)