الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 04:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عبد المنعم عجب الفيا(agab Alfaya & عجب الفيا )
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-24-2004, 06:52 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تعليق علي سرد الدكتورالنور حمد (Re: Agab Alfaya)

    منعم!!
    لقد سبقتني بفترة وجيزة فقط.
    فحين أنزلت مشاركتك الأخيرة، كنت أعد هذا الحديث المطول نسبيا.
    وقد تعرضت فيه لبعض ما أشرت إليه

    ______________________________________________

    يبدو أنني شرقت وغربت كثيرا، في مضمار المسح العام، بحثا عن شواهد، متناثرة هنا وهناك، في تاريخنا. ومشكلة التاريخ، أو التأرخة، إنما تكمن في القراءة الإنتقائية. وهو أمر، تجنبه ليس بميسور. فكلنا انتقائيون، أردنا، أم لم نرد. فنحن عادة ما نبحث على الشواهد، التي تدعم أفكارنا المسبقة، وافتراضاتنا الأولية. وليس هناك باحث محايد، بطبيعة الحال، وليست مناهج البحث، التي تسمى "علمية"، هي في حقيقتها، "علمية"، إلا بمعنى أنها سيرورة، تراجع نفسها، بنفسها، كل يوم، مستهدفة تصحيح مسارها، بغرض تجاوز مكامن القصور المشرجة فيها، أصلا، أملا في أن تصبح في يوم ما، "علمية"، ومحايدة، ولن تصبح! غير أنها تتحسن باستمرار.

    محاولاتي هنا، هي مسح مفهومنا للأخلاق، ومشكل الأخلاق، إضافة إلى إدارتنا، في الصراع السياسي، لسؤال الأخلاق، واستخدامه لإرباك الخصوم، ومحاصرتهم في أضيق ركن ممكن، والتضييق عليهم، في فرص الإبانة عن أنفسهم. ولقد افلح "الغول الإسلاموي" في استخدام المفاهيم الطهرانية، العامة، والتبسيطية، من شاكلة ما يخطب ود العامة، بمضاء شديد، في إقصاء الخصوم، وإرباكهم. فالخطاب الأخلاقي، والدعوة بعموميات، غير مفحوصة، لمجتمع تملأ مخيلته أحلام عالم مملوء فضيلة، كان السيف الذي أرهب به دهاقنة "الغول الإسلاموي"، جمهرة المثقفين، خاصة قبائل اليسار.

    أفلح كثيرا، دهاقنة "الغول الإسلامي" في استخدام هذا السلاح الرهيب، عبر العقود الأربعة الأخيرة. ولربما مثل الإعتداء على رقصة "العجكو"، في عقد الستينات، في جامعة الخرطوم، نقطة بارزة في استخدام ذلك السلاح. وبعد ذلك، بسنوات عددا، جاءت قرارات محمد عبد القادر، حاكم ولاية كسلا في عهد نميري، لتوقف بيع الخمور في ولاية كسلا. وكانت تلك الخطوة الكبرى الثانية التي تداعت إلى تجربة، ما سمي بـ "تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية" في أخريات حكم الرئيس نميري، 1983-1985.

    في مدخلي على هذا البوست، أنحيت باللائمة على الصديق، الدكتور، عبد الله علي إبراهيم، بسبب إشارته إلى تجربة النور عثمان أبكر، ومحمد المكي إبراهيم، حين زارا أوروبا، والتي مدد فيها مكي إقامته هناك، عاما، جمد فيه سنة من سني دراسته في جامعة الخرطوم، وقلت، أن تلك الإشارة، لم تتسم بالحساسية الكافية. وكان ما أوردته، على عجل لحظتها:

    ((في نفسي شيء من اختزال، الأخ الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لدوافع جماعة الغابة والصحراء، في جانب واحد. ولم استسغ بخاصة، إشارته، مما جرى به قلمه، وما حلا له وصفه، بإملاء البوهيمية على مكي تمديد إقامته عاما، في أوروبا. وأرجو من أن أتمكن من العودة لهذا البوست، الشديد الأهمية)). وها أنا أعود لذلك، مرة أخرى، في معرض حديثي في سياق مزالق استخدام لغة الخطاب الطهرانية، لأعلق مرة أخرى، على ما كتبه الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في ذلك الصدد. كتب الدكتور عبد الله:

    (( لقد سافر محمد المكي وزميله النور عثمان أبكر في رحلة إلى ألمانيا الغربية لقضاء عطلة صيف 1962 ضيفين على جمعية الصداقة السودانية الألمانية . ولقد أملت البوهيمية والشغف بالترحال على مكي أن يمد إقامته إلى عام آخر تغيب فيه عن الجامعة)) .. ولا تخفى نبرة التعريض المتضمنة، في الإشارة، المشار إليها. وفي مثل هذا المنحى مشابهة لنهج "الغول الإسلاموي"، الذي عادة مايستخدمه أهل "التيار الإسلامي" من استخدام لشعارات التمسك بأهداب الفضيلة، لعزل الخصم، من الرأي العام، الذي يستجيب بسهولة، لدغدغة العاطفة الدينية، خاصة بعدها المتعلق بالأخلاق، والمسلك. فاستخدام، كلمة مثل كلمة ((بوهيمية))، يخرج الأمر من فضاء البحث النظيف، المعافى، الذي لا يفقد فيه الباحثون احترام مواقف بعضهم بعضا، إلى شيء آخر، هو أقرب ما يكون، إلى إحداث ضربة قاصمة، تشل الخصم، وتعوقه، وتعجزه عن المنافحة. والثقافة الإسلامية، في الشمال ليست جسما واحدا، صميما، وإنما فضاء تتراوح فيه المشارب بين التزمت الشديد، والقبول بلاتجريب، والتعلم من التجريب. ولا بد أن يبلغ بنا الحس الديمقراطي، درجة نقبل معها الإختلاف، حتى في المرجعية الأخلاقية، نفسها. أقول هذا، وأنا اثمن كثيرا، ريادة الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في الدعوة، إلى تنظيف الحوار، من العنف، والعمد إلى الأرباك، والإفحام، بكل وسيلة ممكنة. وليسمح لي الدكتور الفاضل، في تعرضي لما جرى به قلمه على هذا النحو.

    جاء في تعريف كلمة "بوهيمي"، في معجم أكسفورد الأمريكي، قوله، "البوهيمي": شخص، غير تقليدي، من الناحية الإجتماعية، ـ خاصة الفنان والكاتب ـ الذي يتسم بالتساهل، في عاداته، ومسلكه، وأحيانا في أخلاقه. ويجري النص الإنجليزي، كما يلي:
    A socially unconventional person, specially an artist or writer, of free and –easy habits, manners, and sometimes morals
    مثل تلك الإشارات، تقع في محيط ما يسهل على العامة، ومتوسطي الإدراك، والثقافة، تلقفه، وتأسيس المواقف عليه. وهذا يقع، ضمن أساليب عزل المثقف عن الجمهور. وهذا سلاح برع فيه "الغول الإسلاموي"، فأتقنه، وحد شفرته، وشحذها شحذا، واستخدمها، عبر خمس عقود، مع كل ألوان الطيف السياسي، السوداني. وقد تبع الإخوان المسلمون في السودان، نهجا، مستوردا، جاءهم من أدبيات الإخوان المسلمين في مصر. فإخوان مصر، هم من وصفوا القرن العشرين، بالجاهلية، ضربة واحدة. منطلقين من وثوقيات الطهرانية المغلفة، المصمتة. إلتقف غول السودان الإسلاموي، روح ذلك الخطاب، ونصه، وبدأ من ثم، يلوح به، في وجوه المخالفين، افعا شعار، "تطبيق الشريعة الإسلامية" كطلقة فضية لإقامة مجتمع الفضيلة "المزعوم". وهذا النهج التخويفي، الإقصائي، هو الذي أسهم بنصيب الأسد، في مسار تداعياته المختلفة، إلى كثير مما نحن فيه الآن، من حيرة، وربكة. أقول هذا، واستغربه من الدكتور عبد الله علي إبراهيم، لكونه هو الذي فحص تأثيرات حسن البناء، وسيد قطب، على فكر الإخوان المسلمين في السودان، في مقدمته التي كتبها، مؤخرا، لكتاب عبد الخالق محجوب: ((أراء وأفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين)) الصادر عن دار عزة، بالخرطوم، في فبراير 2001. فقد أبان الدكتور عبد الله علي إبراهيم، وعي عبد الخالق محجوب، المدهش، بضرورة استصحاب التراث الديني، والأبعاد الروحية المرتبطة به، ضمن مسار حركة اليسار، مما لم يكن الشيوعيون، المفتونون بالحضارة الغربية، بغير عميق فهم، ليقلون له بالا. ولي عودة، في سياق آخر، لما تفضل به الدكتور عبد الله، علي إبراهيم، في تلك الناحية، الهامة.

    ولابد من الإشارة، إلى أن استخدام سلاح الفضيلة، على الصورة المثالية، غير الواقعية، التي يجري بها، يمثل واحدا من الأوهام الشائعة. فالحياة كانت، وما زالت، وستظل، خليط بين الهدى، والضلال، وبين الطهر، والإنفلات. ولا أرى أن لسدنة "الغول الإسلاموي" من الطهارة، الخلقية، ما يجعلهم يستعلون به على بقية المثقفين، ويخرسون به أصواتهم. فحالهم هو حال غيرهم من عامة متعلمي السودان، من حيث دواخلهم التي تمور بالصراعات العنيفة، بين تقاليد التربية الدينية، ومثلها الطهرانية،المرفوعة، وبين نزوع الحداثة، في كسر تابوهات، الثقافات القديمة. وهي ثقافات ظلت ـ وأعني هنا، أدبيات الطهر، والعفاف ـ عبر التاريخ الإسلامي، ثقافات نظرية، وعظية معلقة. لم يعشها على حقيقتها سوى قلة. وبسبب هذا الإرتباك بين العقيدة، وبين واقع حالنا، حدث هذا الإنقسام الذي نشهده في حياتنا، بين إنضباط مظهري، يعيش فوق قشرة السطح، وبين كثير من التحلل الذي يعيش كامل العيش، تحت ذلك السطح، في الأقبية التحتية. وهذا هو حال كل الحواضر الإسلامية المتشددة، في وقتنا الراهن. وما أكثر العواصم المتشددة في الشرق الأوسط!

    أيضا، الوصف بـ "عربية"، أو "إسلامية" لا يتطابق بالضرورة، مع التحقق، عملا، بحالة الطهر والعفة. ولم تكن الدولة الإسلامية، منذ انتهاء الخلافة الراشدة، دولة، طاهرة أو عفيفة. لقد كانت مجرد نظام ملك، شأنه شأن غيره من أجناس الملك. ولم تشتهر قصور الملوك، في أي حقبة من حقب التاريخ الإسلامي الطويل، برعاية أصول الطهر والعفاف، والإستقامة: ((إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزةَ أهلها أذلةً، وكذلك يفعلون!!)).. وأهل "الغول الإسلاموي" ليسوا سوى نسخة، عصرية من بني أمية، ومن بني العباس، ومن الأتراك السلاجقة، ومن المماليك، ويستمر ذات الحال حتى يصل إلى آل سعود، وإلى نظرائهم من الملوك المعاصرين، الذين يحكمون شعوبهم، بإسم الإسلام.

    أخلص مما تقدم، إلى أن الهرب من الثقافة المحافظة، والكلف بمباهج الحياة الحديثة، ليس حصرا على أهل الغابة والصحراء. وهذا ما قادني للحديث عن العباسي، والناصر قريب الله، ومحمد المهدي مجذوب، ونزوعهم للتخف من قيد المحافظة الكابت. ولقد أشرت في حلقاتي السابقة، إلى أن ثلاثتهم ينتمون إلى بيوت صوفية كبيرة، عرفت بالتقى والورع، والمحافظة الشديدة. وهذا يقود إلى التفكير، في النقطة التاريخية الفارقة، التي أفلت فيها شمس دولة الخلافة الراشدة، وبزغت فيها شمس الحضارة الإسلامية حين تحولت من تشددها الرسالي، لتصبح حياة عريضة مزدهرة. ومن الأقوال التي أنوى التوسع في بحثها، قريبا، إن شاء الله، قولة سمعتها من الأستاذ محمود محمد طه، قال فيها: ((موضوع علي ومعاوية، يحتاج إلى فكر، يِغَطِّسْ الزَّانة، ويِِِطَفِّحْ المسحانة)). فالطهرانية ليست هي نهج الكمال، وإنما التقلب بين الخطأ والصواب، الذي يكفله الدستور الذي يمنح الحريات الشخصية، من جهة، ويحمى مظاهر الحياة العامة من الإستباحة، من جهة أخرى. والغرب الذي نتهمه بالتحلل، يمسك بهذا الميزان. ولا فكاك لنا من بعض الإسترشاد بتجربته، رغم ما هناك من اختلاف في معايير الأخلاق بيننا وبينه. وهذا أمر يطول الحديث فيه.

    لقد مهدت حالة الكبت التي فرضتها المهدية على الناس، لقيام حالة من التحلل النسبي، وسمت سنوات الحكم الثنائي. والضيف بالقيد، هو نهج الحياة، يوم أن وجدت الحياة، على ظهر البسيطة. والحياة ليست بحاجة للدكتور، حسن الترابي، أو لي، أو لزيد، أو عمرو، لكي يرسم لها المسار الذي تسير عليه. الحياة تفرض نفسها عنوة. وقد حدث أن "خرطت" يدها عنوة، من قبضة على بن أبي طالب، كرم الله وجهه، على ما كان عليه من تقوى، واستقامة، وعفة، وزهد، ويممت شطر معاوية. والسبب هو أن حكم الوقت، في تلك اللحظة الفارقة، قد كان يقضي بالذهاب مع معاوية. وقد حدث ذلك التحول الفارق، لخير أريد بالناس، لا شرا أريد بهم. وهنا مربط الفرس في قولة الأستاذ محمود محمد طه، المثبتة عاليه!

    سرح الأفندية ومرحوا، في عصر "دولة الأفندية السودانية" التي أفلت شمسها، ساعة الضحى. وكانت الخرطوم، تسهر حتى ساعات الفجر الأولى، مثلها مثل أي مدينة غربية، أو شرق أوسطية منفتحة. وعندما كنا في كلية الفنون، في النصف الأول من السبعينات، كنا نسمع في هدأة الليل الصخب، وصوت الموسيقى المنبعثان من صالة غردون للرقص والموسيقى. وكانت الخرطوم، وسائر مدن السودان، تعج بالبارات، وبالأندية. وكانت في المدينة حياة ليل، يعمر فيها، عشاق السهرات، صالات الرقص، ويغشون حفلات الفنادق، المنتظمة. وظلت المدينة مثل أي أي مدينة أخرى. ومع ذلك، فقد كان الأفندية، يحجون، أحيانا، إلى تسني، ويتغنون بها، وإلى أديس، وإلى القاهرة، وبيروت، وكثير من مدن أوروبا.

    هذا ما يتعلق بحياة الطبقة الوسطى، أما الطبقات الشعبية، فقد كانت لحياتها أصداؤها المتجاوبة، مع تلك الحقبة المرحة. وقد زحف ذلك الولع بنمط العيش الحداثوي ـ ولا أقول الغربي، فقد شعدت الحواضر الإسلامية، هذا النمط من العيش، منذ اقدم العصور ـ زحف الكلف بالمتع الحداثوية، إلى الأرياف. ففي بداية الخمسينات، استشرى شرب البيرة وسط مزارعي مشروع الجزيرة، وكثير منهم كانوا قد أدوا فريضة، الحج. حتى أطلق عليهم، بعض الظرفاء، لقب، "حاج بيرة" تندرا. وقد أرود الطيب صالح، كيف أن الراوي، في "موسم الهجرة إلى الشمال"، قد أحضر لبنت مجذوب، زجاجة ويسكي، مما كان معه، ليستنطقها في تفاصيل مقتل ود الريس، على يد حسنة بنت محمود. وهناك الكثير من مظاهر المسلك الحداثوي التي تطورت مع تطور العاصمة، والمدن الأقليمية، مما يمكن دراسته، والحفر في مدلولاته، منذ أن بدأت المدينة السودانية، تخرج تحت الحكم الثنائي، من قبضة التزمت المهدوي، وتنفتح على أساليب العيش الحديثة، في الربع الأول من القرن العشرين. وقد ظهر تأثير التحولات في الموضات، وفي الأثاث، وفي الأغاني، وفي أساليب العناية الشخصية بالبدن، فيما يتعلق بالزينة، وادواتها، وفي كثير من صور الحياة المختلفة. وربما لا تدري الأجيال التي نشأت في حقبة نميري، وشهدت التراجعات التي فرضها خطاب الجبهة الإسلامية على الواقع السوداني، أن نساء الخرطوم قد كن يلبسن، في حقبة الستينات، "الميني جيب" تحت الثوب الشفاف. كما كن يرفعن شعورهن إلى أعلى، على شاكلة ما كان سائدا، وسط ممثلات السينما الأمريكية، في تلك الحقبة. وفي السبعينات تاثر الشباب بالموضات الغربية، فلبسوا بناطيل الشارلستون المحزقة، والأقمصة الضيقة، ونفشوا شعورهم، كما هو حال المناضلة الزنجية الأمريكية، انجيلا ديفز، وصحبها من جماعة الفهود السود.

    الشاهد أن التملل من قيد التقاليد، قد كان، وسيظل، حالة عامة، والفتون بأساليب الحداثة، وبهرج الحداثة، وسائر المتع الحداثوية، نزوع عام، أيضا. وقد شمل ذلك النزوع، المجتمع بكل قطاعاته. وهذه الحركة مستمرة الآن. وقد هزمت العبقرية السودانية، كل ما حاول الأخوان المسلمون فرضه، على الواقع، عنوة، حين عملوا من وراء ظهر نميري، وحين جاءوا منفردين إلى السلطة. الشاهد أن فرض الأخلاق، ورسم قالب للمسك السوي، بعمل فوقي، مهما كان تعريفنا للأخلاق، وللمسلك السوي، عمل مصيره الفشل المحتوم. وهو عمل يعطل الحياة من تعديل مساراتها بنفسها. فالحياة لديها القدرة على الفوقان من ربكة الصدمة الأولى، حين تواجه بفرمانات تقييدية. إذ ما تلبث الحياة، أن تبدأ في عملية الإلتفاف حول الإجراءات المفروضة، من عل، ولا يمر وقت طويل، حتى تصبح تلك القيود المفروضة، مجرد حبر على ورق. وهذا واضح الآن، مقارنة بما كان عليه الحال حين جاء أهل الإنقاذ، إلى السلطة.

    الشاهد أننا في الشمال، لنا جذورنا الإفريقية، المنغرسة في حضارة وادي النيل القديمة. وهي حضارة إفريقية صميمة، غشيتها بعض التأثيرات شرق الأوسطية. وطبيعتنا الأصلية، تلك، لا تجعلنا مختلفين كثيرا عن غيرنا من الثقافات التي شاركتنا الفضاء الجغرافي، اختلاطا، أو تجاورا. كل ما في الأمر، أننا جرى إرباكنا بخطاب سلطوي، مثلت الفقهية التركية العثمانية، جزءا منه، كما مثلت الطهرانية المهدوية المتزمتة، جزءا آخر منه. وورث التيار الإسلامي الذي تمخض عن حركة الإخوان المسلمين كلا نهجي القيد الفوقي السلطوي، التركي، والمهدوي. وما حنين العباسي، والناصر، والمجذوب، ومن بعدهم جماعة الغابة والصحراء، إلا إلى طبيعة أصيلة، حكيمة، وعالمة. وهي طبيعة لوتها عناصر وافدة، هي ليست في أصل ُثقافتنا. فذلك التوق، وذلك الشوق، توق وشوق، نبيلان وساميان، ولا عيب فيهما. إذ أنهما في جوهرهما، ليسا رغبة في التحلل، وإنما رغبة في الوسطيو، والإعتدال. هما توق، وشوق، إلى الحياة الطبيعة، التي مثلتها طبيعتنا الأصلية، وجذور حكمتنا القديمة، في إدارة مجتمعاتنا، التي عمرت هذا السهل هذا السهل النيلي الكبير، منذ آلاف السنين. فالحياة الطبيعية تصنع نفسها، بنفسها في القاعدة، وتعدل مساراتتها، بين طرفي الإفراط، والتفريط. ولا يصنعها مدعون متسلطون جالسون قسرا، وقهرا على قمة الهرم.
    وسأواصل

    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 04-24-2004, 06:59 AM)
    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 04-24-2004, 07:02 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 03:38 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:04 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:14 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:20 PM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:24 PM
        Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:31 PM
          Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:33 PM
            Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 04:36 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bashasha04-15-04, 04:47 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-15-04, 08:13 PM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا محمد حسن العمدة04-15-04, 08:24 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Abdel Aati04-15-04, 08:35 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-16-04, 06:20 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-16-04, 11:01 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-16-04, 09:24 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Muna Abdelhafeez04-17-04, 00:22 AM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-17-04, 05:29 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-16-04, 11:56 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا aymen04-17-04, 00:47 AM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-17-04, 05:39 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-17-04, 05:31 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bashasha04-17-04, 03:37 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-17-04, 06:17 AM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Osman Hamid04-17-04, 09:45 AM
        Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-17-04, 08:07 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bashasha04-17-04, 09:12 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-18-04, 03:20 AM
      Re: شي عن العنف اللفظي Agab Alfaya04-21-04, 04:56 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Hashim.Elhassan04-18-04, 12:02 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-18-04, 08:08 PM
    Re: صدقت اخي هشام الحسن Agab Alfaya04-20-04, 03:00 AM
      Re: صدقت اخي هشام الحسن هاشم الحسن04-24-04, 03:21 AM
  Re: كلمة انصاف في حق دكتور بولا Agab Alfaya04-19-04, 06:32 PM
    Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله Muna Abdelhafeez04-19-04, 10:28 PM
      Re: كلمة انصاف أيضاً في حق دكتور عبد الله Agab Alfaya04-20-04, 03:04 AM
  صحبييييي عجب الفيا Maysoon Nigoumi04-19-04, 08:08 PM
    Re: صحبييييي عجب الفيا Agab Alfaya04-20-04, 06:16 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا TahaElham04-19-04, 08:55 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-20-04, 01:57 AM
  Re: الاخ العزيز طه جعفر طبعا دا ما ممكن يحصل Agab Alfaya04-20-04, 02:04 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-20-04, 05:41 AM
    Re: وكيف تكون آلايدلوجيا يا اسامة؟ Agab Alfaya04-20-04, 07:37 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Elmosley04-20-04, 12:43 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-20-04, 07:41 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا AbuSarah04-20-04, 09:09 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Alia awadelkareem04-20-04, 11:03 PM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا haneena04-21-04, 01:30 AM
        Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-21-04, 06:00 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-21-04, 06:06 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-21-04, 05:47 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bashasha04-21-04, 06:21 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-21-04, 07:27 AM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bakry Eljack04-21-04, 10:32 PM
        Re: الداعية الجديد ..والغيبوبة الثقافية Agab Alfaya04-22-04, 05:39 AM
  Re: تناقضات الخطابات الثلاثة بين النفي والاثبات ! Agab Alfaya04-21-04, 08:40 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-21-04, 09:56 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا yumna guta04-22-04, 04:24 AM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-22-04, 05:42 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 06:06 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-22-04, 06:50 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-22-04, 07:26 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-22-04, 07:40 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 07:16 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-22-04, 08:21 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا AnwarKing05-25-04, 07:50 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-22-04, 07:28 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا حبيب نورة04-22-04, 07:32 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 07:43 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 08:02 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا hamid hajer04-30-04, 03:24 PM
      Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا samia gasim05-06-04, 11:16 AM
        Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Frankly05-09-04, 06:50 PM
        Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا نصار05-09-04, 06:59 PM
  Re: توضيح لبعض اسباب اللبس Agab Alfaya04-22-04, 03:54 PM
    Re: توضيح لبعض اسباب اللبس حبيب نورة04-22-04, 04:01 PM
    Re: توضيح لبعض اسباب اللبس samia gasim05-06-04, 11:08 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 04:14 PM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Shinteer04-22-04, 06:45 PM
      Re: اقرا مقدمة الكتاب يا اسامة الخواض Agab Alfaya04-23-04, 11:12 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-23-04, 03:01 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 04:26 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-22-04, 04:41 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-23-04, 09:12 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا osama elkhawad04-23-04, 11:30 AM
  مداخلة بسيطة Maysoon Nigoumi04-23-04, 12:26 PM
    Re: عوافي عليك يا ميسون Agab Alfaya04-23-04, 05:57 PM
  Re: الآفروعربية لم تبدا مع الغابة والصحراء Agab Alfaya04-23-04, 01:25 PM
  Re: نداء الي عبد اللطيف الفكي Agab Alfaya04-23-04, 05:47 PM
  Re: تعليق علي سرد الدكتورالنور حمد Agab Alfaya04-24-04, 04:28 AM
    Re: تعليق علي سرد الدكتورالنور حمد Dr.Elnour Hamad04-24-04, 06:52 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Bashasha04-24-04, 06:55 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Dr.Elnour Hamad04-25-04, 00:37 AM
  Re: اسامة الخواض والمغالطة في البديهيات Agab Alfaya04-25-04, 05:14 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا خالد الأيوبي04-25-04, 08:18 AM
    Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا Agab Alfaya04-25-04, 06:03 PM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-25-04, 08:23 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-25-04, 08:39 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-25-04, 08:51 AM
  Re: الآفروعربية .. بين الواقع ووهم الآيدولوجيا هاشم الحسن04-25-04, 09:00 AM
  Re: اخي هاشم الحسن..احيك علي هذا المجهود Agab Alfaya04-25-04, 06:11 PM
    Re: حي عني شيخ العرب و أدعه لهذا البوست هاشم الحسن04-26-04, 04:45 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de