|
Re: ما بين تروي ديفيز والفكي عبد الحميد .. تتعدد الأسباب والإعدام واحد (Re: تيسير عووضة)
|
لنعمل سوية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام من دساتير وقوانين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
منذ قرون كثيرة وأحكام الإعدام تصدر وتنفذ بحق الكثير من الناس في مختلف أرجاء العالم, باعتبارها أقسى عقوبة يمكن أن تصدر بحق أي إنسان, إذ أنها تعني سلب هذا الإنسان الحق في الحياة. وكانت هذه العقوبة وما تزال تصدر أحياناً باسم الآلهة وأخرى باسم الله أو باسم الحكام أو حتى باسم الشعب والقانون, ولكنها كانت باستمرار تجسد مضامين القسوة القاهرة والمطلقة الكامنة فيها. وكانت هذه العقوبة وما تزال تمارس بحجة أنها تمثل ردعاً لآخرين من أجل تجنب ارتكاب جرائم مماثلة تقود إلى وقوع الفرد تحت طائلة حكم الإعدام.
ولكن تجارب الشعوب على امتداد التاريخ تؤكد بما لا يقبل الشك بأن هذه العقوبة لم تمنع بأي حال وقوع الجرائم البشعة التي ترتكب من جانب هذا الشخص أو ذاك, إذ أن الأساس المادي لمنع الجريمة يكمن في واقع ومستوى تطور المجتمع والظروف التي يعيش فيها الأفراد. كما أن التجربة برهنت على أن شعوباً كثيرة ألغت عقوبة الإعدام منذ سنوات طويلة, وبسبب تغيرات إيجابية في حياة تلك المجتمعات, قد تقلصت فيها الجرائم التي كانت تعرض مرتكبيها إلى عقوبة الإعدام. في حين ما تزال ترتكب ذات الجرائم أو حتى أكثر في تلك البلدان التي تمارس عقوبة الإعدام. ولا بد من استنكار عقوبة الإعدام التي تصدر وتنفذ بحق الأطفال الذين لا يمكن إخضاعهم لنفس المعايير التي يعاقب على أساسها كبار السن, وبالتالي فأن إلغاء عقوبة إعدام الأطفال يفترض أن تلغى قبل غيرها, إذ أنها مخالفة لكل المعايير الأخلاقية والحقوقية والإنسانية. .
تشير المعلومات المتوفرة الصادرة عن المؤسسات العلمية والبحث التطبيقي ومنظمة العفو الدولية إلى أن مرتكبي جرائم القتل أو السطو أو الاغتصاب مع القتل ...الخ, غالباً ما كانوا يعانون من شتى الأمراض النفسية والعصبية والعقد الاجتماعية, وأن الجرائم التي ارتكبوها قد ارتبطت مباشرة بتلك العلل والأوضاع الاجتماعية التي كانوا يعانون منها ويعيشون تحت وطأتها. كما تبين عبر الكثير من الدراسات الميدانية وملفات أحكام الإعدام إلى أن عدداً غير قليل ممن نفذ بهم حكم الإعدام لم يكونوا من مرتكبي تلك الجرائم, بل أبرياء مما نسب لهم, وان أخطاءً فادحة ارتكبت في التحقيق أو شهود زور أدلوا بإفادات غير صحيحة وأدت إلى صدور وتنفيذ أحكام إعدام لم يعد ممكناً تصحيحها.
إن عقوبة الإعدام في جوهرها تعبر عن قاعدة الانتقام, كما ورد في واحدة من أقدم الشرائع التي وضعتها النظم القانونية في العراق القديم, شريعة حمورابي المعروفة, قاعدة "السن بالسن والعين بالعين", أي معاقبة المخالف بذات الجريمة التي ارتكبها وليس على أساس العدالة والتربية وإصلاح الفرد المرتكب للجريمة أياً كانت طبيعتها, وخاصة وأن الحكم يصدر مؤسسات الدولة الرسمية. فإذا كانت الجريمة ترتكب من شخص واحد, فأن عقوبة الإعدام ترتكب من قبل الدولة التي من واجبها حماية حياة الإنسان. ليس من حق الدولة أو أي فرد آخر سلب حياة إنسان آخر ارتكب جريمة مهما كانت بشعة, بل ربما يحتاج المتهم إلى معالجة طبية أو إلى عقوبة رادعة كالسجن المؤبد أو أي عقوبة أخرى مناسبة غير الإعدام وإعادة تربيته, أي معاقبته بالصيغة التي تسمح باستمرار بقائه على قيد الحياة والتعلم من الجريمة التي ارتكبها
منقول
.
|
|
|
|
|
|