|
Re: نقد العبث اليومي (Re: هشام آدم)
|
خامسًا: إن شاء الله هذه العبارة تعني ببساطة شديدة (إذا أراد الله) فهي تقديم للمشيئة الإلهية على حساب المشيئة البشرية، ولأن المشيئة الإلهية غير مدركة فإن الجملة أصبحت في حياة المسلم اليومية مخرجًا مناسبًا ومبرًا للتنصل من المسؤوليات الطارئة والتي لا يود القيام بها، أو تلك التي لا يرغب فعليًا في القيام بها، لأن الإجابة ستكون جاهزة، فهو لم يعد بفعل الشيء بل ترك الأمر للمشيئة الإلهية فإذا جئت لتحاسب الشخص عن عدم قيامه بذلك الفعل سيقول لك ببساطة: "لم يشأ الله" ولن يكون بإمكانك الاعتراض على المشيئة الإلهية بالطبع، وهو تعبير لا نجده إلا عند المسلمين، وفي أي ثقافة أخرى يمكن اعتبار هذه العبارة نوعًا من المراوغة، فتلك الثقافات لا تعرف مثل هذا النوع من التسويفات، فعندما تريد أن تحدد موعدًا مع أحدهم فإنه سوف يخبرك بالفم المليان: "نلتقي غدًا الساعة العاشرة صباحًا" لأنه شخص منظم ويعرف أنه سوف يكون ملتزمًا بموعده معك وسوف لن يرتبط بأي موعد آخر في تلك الساعة مع شخص آخر. ولأنه شخص مسؤول وملتزم فإنه سوف يحاول الالتزام بالموعد المحدد بينكما ويبدأ بالتحرك قبل وقت معقول ليكون في المكان المطلوب في الوقت المحدد. أما المسلم فإنه سوف يقول لك: "ألقاك غدًا إن شاء الله" وهذا يعني أنه قد يأتي وقد لا يأتي لأن الله لم يشأ (هذا هو العذر إن لم يأت طبعًا) ولكنه حتى إذا أتى فإنه سوف لن يأتي غالبًا في الموعد المحد، ولهذا فإننا لا نعرف قيمة احترام الوقت ومعناه إلا فيما ندر من حالات. أذكر أن أحد عمّال المصنع الذي كنت أعمل فيه، وهو فلبيني الجنسية، مسيحي الديانة، كان يريد السفر إلى بلاده، فكان يأتي إلى صاحب المصنع كل يوم ليسأل عن حقوقه المالية التي يحتاجها قبل السفر، ولكن صاحب المصنع كان يماطله ويتعذر له كل يوم بحجة مختلفة، فكان يختم حديثه معه: "الأسبوع القادم إن شاء الله" أو "غدًا إن شاء الله" فلاحظ الفلبيني إن الموعد يتغير دائمًا ولكن عبارة "إن شاء الله" ثابتة لا تتغير. وكلما سألته: "ماذا قال لك المدير؟" كان يجيبني بتذمر: "He said: insha’allah" حتى نفد صبره فسمعته يصرخ في وجه مدير المصنع ذات يوم: "Do not tell me insha’allah again. I need my money" لأن هذه العبارة بالنسبة إليه أصبحت تعني: "لا" بكل بساطة. والحقيقة أن غالبية المسلمين لا يحترمون إلههم بهذا الفعل، فهم يلقون على عاتقه كل مسؤولياتهم التي يتوجب عليهم هم أن يضطلعوا بها. وأحيانًا تستخدم العبارة في مواطن التخدير، كأن يقول لك أحدهم: "إن شاء الله الأمور سوف تسير على ما يرام" والأعجب أن يقول أحدهم: "إن شاء الله الأمور سوف تسير كما تريد." وإذا كان لا بأس بالمواساة (التي لا جدوى فعلي منها سوى على الصعيد النفسي) فإن استخدام عبارة "إن شاء الله" تعتبر مزعجة في حالة المواساة هذه، لأن الأمنية سوف تكون عندها معلقة بمشيئة الله وتلك مصيبة أخرى، لأن الله هو نفسه الذي تسبب في حدوث المصيبة بمشيئته، فأن يتمنى شخص لك (بمشيئة الله) أن تزول مصيبتك (التي تسبب فيها الله بمشيئته) فهو مما يجعل العبارة غير مفهوم وتقود إلى الإحباط، فلو أراد الله حل المشكلة لماذا ورطك أو أوقعك في المشكلة من البداية؟ ولكن الأمر منطقي لدى المسلم لأن الله بالنسبة إليه يتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياة البشر، حتى في توافه الأشياء. ومن هذه العبارة اشتقاق آخر يستخدم بكثرة كذلك وهي فيما يقال للتهديد، فنسمع أحدهم يقول: "إن شاء الله تتأخر حتى أضربك" والاشتقاق منه: "على الله تتأخر حتى أضربك" ويكون المعنى بكل بساطة: "لو تأخرت فسوف أضربك" فهو نوع من التهديد ولا أدري لماذا تستخدم هذه العبارة أو حتى اشتقاقها على هذا النحو، ولكنه كما قلت سابقًا لم يكن عبارة وإنما تعبير يفيد التهديد، وفي الغالب فإن من يقول ذلك لا يعرف بالتحديد من المقصود من استخدام هذه العبارة في هذه الحالة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:04 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:12 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:26 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 02:54 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:03 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:13 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:20 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 03:24 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 06:33 PM |
Re: نقد العبث اليومي | rummana | 10-15-12, 07:05 PM |
Re: نقد العبث اليومي | جدو | 10-15-12, 07:42 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-15-12, 09:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | أحمد ابن عوف | 10-15-12, 10:36 PM |
Re: نقد العبث اليومي | أحمد ابن عوف | 10-15-12, 10:43 PM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-16-12, 07:42 PM |
Re: نقد العبث اليومي | طه جعفر | 10-17-12, 03:56 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-17-12, 03:10 PM |
Re: نقد العبث اليومي | awad okasha | 10-17-12, 04:06 AM |
Re: نقد العبث اليومي | ريهان الريح الشاذلي | 10-17-12, 08:12 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-17-12, 03:14 PM |
Re: نقد العبث اليومي | محمد على طه الملك | 10-18-12, 10:49 AM |
Re: نقد العبث اليومي | هشام آدم | 10-18-12, 03:36 PM |
|
|
|