آخر المحطة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 04:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-14-2011, 12:47 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آخر المحطة (Re: هشام آدم)

    الفصل التاسع


    رجل واحد يجلس بين بائعات الشاي، كواحد منهن، تناديه النسوة بلقب (حلبي)، ورغم أنه لم يكن شديد البياض لدرجة يستحق عليها ذلك اللقب، ولكنه بدا مرتاحاً لهذا اللقب كاسم له. لا أحد يعرف هنا اسمه بشكل قاطع، ولكنه محبوب بين بائعات الشاي، وحتى زبائنهن الذين يأتون لتدخين الشيشة. له محل صغير في طرف ما من أطراف الفرندة، يضع فيها عدة الشيشة، وعندما يحتاج إلى جمر ما، فإن كل ما عليه فعله، هو تناوله من أيّ موقد لأيّ بائعة شاي إلى جواره، ولم يكنَّ ليرفضن له ذلك.

    بعد أن انتهى طه شريف من أحاديثه السرّية مع إجلال، رفع رأسه بتثاقل، وتنقل بنظره قليلاً، قبل أن يُنادي على (حلبي): "حَلَبي؛ شُنُو يا عَمَّك، الشِّيْشَه وِيَن؟ خَدَمَاتَك بِقَتْ تِك" نهضت إجلال بتكاسل أنثوي مثير، ودخلت الغرفة الخاصة بها، وبدأت في غسل بعض الأكواب، بعد أن أعادت لف ثوبها على جسدها المكتنز بتماسك. كان جلال هاشم يختلس النظر إليها، مستشعراً أنوثتها الطاغية. عرفت إجلال، بحسها الأنثوي المتقد، أنها استطاعت إثارته، فأخذت تفعل ما بوسعها، للنيل من غريزته، فكانت تنحني، كاشفةً عن أرداف مثيرة ومستفزة، وتنحني مرّة أخرى، أمامه، وهي تناوله كوب الكركدي الحار، كاشفةً عن ثديين متوثبين، ومكتملي الاستدارة، يتدليان من قميص مفتوح الصدر.

    شعر جلال هاشم بشيء من الخجل لموقفه ذلك، فراح يُلهي نفسه عنها بقراءة الجريدة، التي فردها أمام وجهه. كانت صورة إجلال المثيرة تتقافز أمامه حتى على صفحات الجريدة، وهو يحاول ألا يُسلم زمام أمره لرغباته، ولكن أنوثتها كانت أقوى من قدرته على التحمّل. لم يكن، وقتها، يقرأ شيئاً على الإطلاق، عندما فاجأته بسؤال:

    - نَاس أَجْرَاس الحُرِيَّه دِيل جَايْبِين حَاجَه عَن مَوْضُوع الانْفِصَال؟
    - الحَقِيْقَه، أنَا مَا مُتَابِع مَوْضُوع الانْفِصَال دَا.
    - هُو أنَا سَألْتَك عَن كُوْرَة هِلَال مَرِّيخ؟ شُنُو مُتَابِع ومَا مُتَابع يَاخوي؟ أهَا، وقَاعِد تَقْرَا في شُنُو، الشَّاغْلَك عَنَّنا، ومُخَلِّيك مَا طَايِق القَعْدَا مَعَانا؟
    - العَفُو يَاخ! الِحكَايَه مَا كِدَا. أنَا بَقْرَا في مَقَال نَشَرَتُو لَي الجَرِيدَه الليله.
    - سَجَم خَشُمْنَا، إنتَا صَحَفِي يَعْني؟
    - لأ، لأ. صَحَفِي شُنُو؟ أنَا زُول عَادِي، بَسْ مَرَّات مَرَّات بَكْتِب رِوايَات.
    - وُوبْ عَليّ! يَعْني مُثَقْفَاتي صَحِي، يَا قُول أَخُوك أبْ شَنَب؟
    - حَاجَه بِالشَّكِل دَا!
    - (يتدخل طه شريف ضاحكاً): بَرَّاحَه عَلَى الوَدْ دَا يَا إجْلَال. الزُّول دَا مَا قَدْرِك.
    - إنْتَا أمْرُق مِنَّهَا يَا بِتَاع البَلَالي!

    كاد قلب جلال هاشم أن يتوقف، وهو يلمح في عيني إجلال ذلك البريق الأنثوي الخاطف. كانت تنظر إليه بغنج آسر، وتميل إليه، فيشتم عطر جسدها المعطون برائحة الطّلْح والشَّاف المثيرتين، ولا تتوانى عن إثارته، كلما سنحت لها فرصة إلى ذلك. تذكر مقولة طه شريف التي قالها له ذات يوم أمامه: "أيّ مَرَه، حَتَّى لَو كَانَتْ قَرْقُورِيَّة دِشْنَه، مُمْكِن تِجَنِّن لِيْك أَجْعَص رَاجِل، وتَحْرِق أَعْصَابُو. دِيل مَخْلُوقِين عَشَان كِدَا أصْلاً!"

    انتبه لحركة فعلها طه شريف بإصبعه بين فخذي صبيّة تحمل علبة شاي، ولكنه في الوقت ذاته، وجدها غير مكترثة لما فعله كثيراً، عندما ابتسمت في وجهه، وهي تقول بدلال مستفز: "بِعيْنَك يَا عَوَالِيْك!" فلكزه وانتهره:

    - دَا شُنُو يَا طَهَ؟ الزُّوْلَه دِي شَافْعَه سَاي يَاخ!
    - شَافْعَه شُنُو؟ دِي مُرَخَّصَه يَاخُوي.
    - مُرَخَصَه كِيْف يَعْني؟
    - يَعْني مُتْزَوِجَه. مَا شَايِف الحِنَّه الفِي كِرْعِيْنَا؟
    - دِي مُتْزَوِجَه؟ دِي شَافْعَه عَدِيل. دِي بِالكَتِير بِكُون عُمُرَا اتْنَاشَر وَلاَّ تَلَاطَّاشَر سَنَه.
    - شَافْعَه شُنُو؟ دِي مُتْزَوِجَه، ومُبَوِّشِه كَمَان. البِتْقُول عَلِيْهَا شَافْعَه دِي حِمْلَتْ بِالحَرَام تَلَاتْ مَرَّات، ومُعَرِّسَه حَسِّي زَيَّ السَّلامُ عَلِيْكُم!
    - المهِم في النِّهَايَه بِتْ نَاَس.
    - مِنُو البِتْ نَاَس؟ دِي زَيّ الكَلْبَه كُلُ يُوم رَاَقْدَا لِيْهَا مَع وَاحِد. حَسِّي كَان أدْيَتَا خَمْسَه جِنَيه مُمْكِن تَسُوقَا وتَعْمَل مَعَاهَا الدَّايْرُو. إنْتَا لِسَّه مَا بِتَعْرِف العَالمَ دَا يَا ابن خَالي. اتْفَرَّج سَاي بَسْ.

    لم ترضه الكلمات التي تفوّه بها طه شريف، وأحس بامتعاضٍ استشعرته إجلال من تعابير وجهه. لم تكن، بعد، قادرةً على تحديد موقفها من هذا الغريب، الذي لا يبدو منتمياً إلى هذا المكان، ولكنها كانت منجذبة إليه بطريقة ما. بصورة مفاجئة خطف طه شريف الجريدة من يده، وألقاها في حجر إجلال، وهو يقول: "الزُّول دَا بِيَكْتِب مَقَالات في الجَرايِد!" نظرت إلى صورته المرفقة بالمقال، وأبدت إعجابها بما رأته، وأخذت تقرأ قليلاً، قبل أن تقول: "دَا شُنُو الكَلَام الكُبَار كُبَار دَا؟ مَا شَا الله عَلِيْك"

    في ذلك الوقت كان طه شريف، يُغيّر وضعية جلوسه متململاً، فوضع ساقه اليسرى على اليمنى، وهو يُدخن شيشته، ويُطلق ابتسامته الماكرة على بعض بائعات الشاي مع كل دخان يخرج من فمه، ومنخاره، وكأنه تنين أسطوري في موسم تزاوج. وضعت إجلال هاتفها المحمول فوق إحدى البرطمانيات الموجودة أمامها، بعد أن أدارت أغنية لم يعرف مُغنيّتها:

    "أَسَد الخُشْاش الضَّريَّه
    كَابي فُوق الوَليَّه
    يَا لِيْلَه .. وَدْ العِزْ والبِنَيَّه
    أَهَلَك سمّوُك الأَصَمْ
    مَا سَرَّحُوك بَي بَهَمْ
    يَا التَّامي الرَاَي والفَهَمْ
    سَاعْة العُوب والَّلطِمْ
    حَيَّرتَ الفُصَاح والعَجَمْ"

    أخذت تتراقص، من مكانها، على أنغام الأغنية، التي وجدها جلال هاشم صاخبة أكثر من اللازم، ولكنه أخذ يعتاد عليها شيئاً فشيئاً. في ذلك الوقت كان (حلبي) يسكب ماءً آسناً من شيشة غريبة الألوان، وهو يتحدث بصوت عالٍ، دون أن يعرف جلال هاشم مَنْ المخاطب بحديثه ذلك: "واللهِ كَان عَامِل فِيْهَا شِفِت، أنا بَقَطِّعَا لَيْهُو فُوق رَاسُو. أصْبُرِي لَي بَسْ! هُو قَالُوا لَيْك أنِحْنَا بِيْهِمَّنَا حُكُومَة ولاَّ مَبَاحِث، واللهِ كَان بِقَا الجِّن الأزْرَق زَاتُو، بَوَرِيْهُو لَيْك الجِّن الكَلَكِي الما بِعَرْفُو." ثم أعاد الشيشة إلى مكانها داخل الغرفة المعدَّة لذلك.

    تذكر جلساته مع شاهيناز حسب الرسول في مقهى البورصة، وعشقها الخرافي للشيشة، ولعب الطاولة، التي لم يكن يُجيدها. أحس بنشوة لا مبرر لها، وهو يتذكر ذلك، وراح يتصوّرها، وهي تطلق دخان الشيشة البارد من منخارها، وكيف أنه كان يعجبه ذلك. سمع ضحكاتها الطفولية، وهي تغزو حاسة سمعه، وتزاحم ضوضاء المكان، الذي أخذ يغرق فيه دون أن يشعر. نجحت في احتلاله لبعض الوقت؛ فيرسم، في كل مرة، ابتسامة راضية على وجهه، وإجلال تراقب كل ذلك عن كثب، دون أن تبدي أيّ تعليقات على ما تراه.

    الذكريات مرتبة بطريقة أبجدية في أدمغتنا. يكفي أن نصادف موقفاً ما، لنستدعي المواقف المشابهة لها، وفي كثير من الأحيان نتذكر مواقف بعينها، دون مبررات واضحة؛ ربما كانت رغبتنا الدفينة في خلق مقاربات بين حاضرنا وماضينا، أو ربما كانت حاجة لاشعورية للخروج من الحاضر، والهروب منه إلى الماضي، الذي نشعر تجاهه بالدفء والأمان. لا شيء يعدل ذكرى حميمة؛ إلاَّ تصنيع واحدة جديدة!

    العاشقون يُعرفون بسيماهم، ومن اليسير أن تتعرف على وجه عاشق من بين مئات السِّحن المبتلاة بأشياء وهموم حياتية أخرى. ليسوا هم السعداء، ولا مرتاحو البال؛ إنما هم الأنقياء دائماً، والمتصالحون مع كل شيء حولهم. الحب يُهذب النفوس والغرائز، ويجعلها تصب في الوقت وفي المكان المناسبَين؛ بل وللأشخاص المناسبِين كذلك. يجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا، لأنه عندما تعشقك الأنثى، تريك مكامن قوتك، ومواطن الإنسانية فيك. تهديك إلى نفسك التي لم تكن لتتعرف عليها إلاَّ بشق الأنفس؛ وعندها لابد أن تتواضع أمام بقية الأشياء، وتفهم أنك جزء من هذا الكون، والنظام البديع. حلقة ضمن حلقاتها، وأنك محل اهتمام من إنسانة مستعدة أن تهبك كل شيء، حتى معرفتها بنفسك، وتقديرها لك.

    كهذا تفعل الأنثى بنا، فقط عندما تعشق، ولا تعشق الأنثى إلاّ عندما نعرف ونفهم كيف نحبها، ونحترمها في المقام الأول. ثمة نساء يفعلن أكثر من ذلك حتى دون أن نشعر، وتلك، ربما، تكون أروع قصص العشق التي لم يُكتب لها أن تحيا لتُروى. الحب مُجرّد احتياج، ورغبة في الشعور بالانتماء لشخص بعينه. ربما لا يهمنا أن نعرف كيف نختار أولئك الذين نحبهم؛ بقدر ما يهمنا أن نعرف كيف يجب أن نحبهم، وأن نحافظ عليهم في حياتنا.

    حاول جلال هاشم الاحتفاظ بشاهيناز، وعشقها الذي تغلغل داخله كالوباء، وكان سعيداً لأنها لم تستطع مغادرته طوال هذه المدة. ولكنه في جانب ما منه، كان يحتقر نفسه، عندما يُخمّن أن سعادته تلك لم تكن إلاّ بدافع ذاتي يستحق عليه التقدير والإشادة؛ إذ كان يعني أنه فَرِحٌ لإنجاز أمر يفعله البعض بتلقائية متناهية. عندما تشعر بالسعادة لإنجاز أمر ما، ستكون سعادتك، تلك، أمارةً على أنك كنت تخشى أن تخفق في إنجازه، وعندها تعلم أنه لم يكن في نيّتك الخالصة إنجاز ذلك؛ لأن ثمة أشياء لا يجب أن نجاهد أنفسنا كثيراً في إنجازها، بل تأتي بتلقائية مدهشة وبسيطة، والاحتفاظ بمن نحب أحد هذه الأشياء.

    تغيّرت نبرة إجلال، ومعالمتها لجلال هاشم بعد قراءتها، غير المتمعنة، لمقاله في (أجراس الحرية)، وبدأت تنظر إليه بشيء من التوقير والاحترام، ولكن، وفي الوقت نفسه، فإن تلك النظرات ذات المغزى الإغوائي لم تتغيّر. خاطبته فيما يُشبه الرثاء أو الندم: "أنَا امْتَحَنْتَ شَهَادَه سُودَانِيَّه. جِبْتَا 65، صَحِيح نِسْبَه مَا عَاليَه، لَكِن مَا كَان في إِمْكَانِيَّه أعِيد تَاني. كَان عِنْدِي رَغْبَه أخُشْ الجَّامْعَه، لَكِن أَهَلِي مَا كَان عِنْدَهُم قُرُوش." لمعت في عينيها بريق غريب، ومحزن. ظلت تنظر إلى جهة ما قريبة، ولكنها كانت غارقة في التفكير، قبل أن تُكمل: "إنْتَا عَارِف؟ كَان نِفْسِي أقْرَا قَانُون، وأطْلَع مُحَامِيَّه!" انتهى الأمر فوراً، عندما سمعت إحداهن تقول: "إجْلَال؛ عَلَيْكِي الله أدْيني شُوَيَّة سُكَّر." فرّدت عليها، وهي تحاول أن تمسح ملامح الأسى، الذي ارتسم في وجهها: "عَواطِف؛ هُوي يَا عَواطِف! مَا كَمَّلْتي لَي سُكَّري! أمْشِي اشْتَرِي بَرَاكِي. العِنْدِي يَادَاب يِقَضِّيني لَغَاية آخر اليُوم."

    في تلك الأثناء، توقف شخص أبكم أمام طبلية إجلال، وأخذ يُشير بيديه لعضوه الذكري، ويضحك، دون أن يفهم طه شريف أو صديقه ما يُحاول قوله. قالت إحدى بائعات الشاي، وهي تضحك: "واللهِ الأطْرَش دَا مَا قَاعِد في الوَاطَه. قَاعِد يِكَشِّف للبِحْصَل هِنا سَاي" وعمّ المكان صوت ضحكات بعض بائعات الشاي القريبات. ترك طه شريف الشيشة من يده، واقترب من إجلال، وراح يسألها:

    - الزُّول دَا بِيْقُول في شُنو؟
    - بِيْحَكِي الحَصَل مِن بَلَّه أبْ كَرَنْك أَوَّل أُمْبَاِرح.
    - بَلَّه دَا مُشْ الميْكَانِيْكِي العِنْدُو عَرْجَا في كِرْعَينُو دَاك؟
    - بَسْ يَاهُو زَاتُو.
    - أهَا، مَالُو؟
    - يَازُول واللهِ الرَّاجِل دَا عَمَل جِنِس عَمَايِل. جَا وِقِفْ لَيْك قُصَاد طَبْلِيَّه بَدْرِيَّه الهَوْسَاوِيَّه، وشَحَدَا عَيْنَك يَا تَجِار!
    - شَحَدَا عَدِيل كِدَا؟
    - آزُول، دَا رَفَع لَيْك الجَّلابِيَّه بِتَاعتُو، ومَرَق لَيْهَا عَتَلْتُو قِدَّام النَّاس.
    - عَدِيل كِدَا؟
    - آي، الزُّوْلَه دِي شَافَت لَيْك العَتَلَه الماكْنَه دِيك لَامَن اتْخَلَعَتْ ونَطَّطَتْ عُيُونا.
    - بَالَغ لَكِن. مَافي زُول اتْشَاكَل مَعَاهُو؟
    - مِنو دِيل؟ عَلِيْك أمَان الله النَّاس دِي وَقَعَتْ مِن الضِّحِك لَامَن المرَا اتْعَقَدَت في رُوْحَا. قَامَتْ فَنَّتُو لَيْك بِي بُرْطُمَانِيَّه حَلَاوَه، حِتِن بَعَد دَاك قَام جَاري. أنَا بَطْنِي انْشَرَطَتْ مِن الضِّحِك.
    - الكَلَام دَا مِتِين؟
    - أوَّل أُمْبَارِح القَريبَه دِي. وكَان شُفْتَا بِتَاعِين الوَرْنَيَش لَقَّطُوا لَيْك حَلَاوَه لَكُّوُم الوِقْعَتْ في الوَاطَه، وقَامُوا جَارِين.

    تعالت الضحكات، وأخذ الأبكم يقهقه، ويضرب كفيه ببعضهما، وهو مايزال يُؤدي بعض الحركات التوضيحية، التي زادت من ضحك الناس. قامت إحداهن، وهي تضرب الأبكم في كتفه بطريقة غير جادة، وهي تغالب الضحك: "الله يَفْضَحَك يَا المفْضُوح، قَاعِد لجِنِس دَا إنْتَا. أمَشْ شُوف لَيْك شَغَلَه بَلَا يَخُمَّك" خمّن جلال هاشم أن تكون تلك بدرية الهوساوية المقصودة بحكاية إجلال، فابتسم لمجمل الموقف، وراح يتابع في اهتمام. التفتت الفتاة، وهي تعيد لف ثوبها: "العَجَب لَاقَاني تَاني يُوم الصَّبَاح. مُخيِّت وِشُّو بتَلاتَه غُرَز. أَوَّل مَا شَافني زَاغ طَوَّالي. وَدْ الكَلْب"

    وتكلّمت امرأة أخرى، من مكانها، وهي تشير على فتاة في خواتيم العشرين من عمرها، وهي تقول: "الغَبْيَانَه دِي الِّليَله الصَّبَاح لَمَّنْ جَات تَنْزِل مِن الموَاصَلات، كَان في عَمَّك جُلُك قَاعِد في كُرْسِي النُّص، وخَاتي لِيْهُو طَبَق بِيَضْ في الوَاطَه. قَامَت قَالَتْ لَيْهُو: يَا عَمَّنَا عَلَيْك الله زِح بِيْضَك دَا مِن الطَّرِيق، دَايْريِن نَنْزِل. عَمَّك جَرَّا لَيْهَا نُور طَوِيل، وقَال: حَسِّي يَابتي بَيْضِي دَا المعَتِّر لَيْكِي؟ نَاس الحَافْلَه كُلَهُم قَنَّبُوا يَضْحَكُوا عَ الغَبْيَانه دِي، وهي مَا فَاهْمَه الحَاصِل شُنُو. عَلِيْكُم الله شُفْتُو جِنِسْ الِمحَن دِي؟" كان الأبكم، وقتها، يضحك بصوت متقطع وعالٍ، وهو يُصفق بقدميه، ويمسح جبينه الذي تصفد بالعرق، فانتبه جلال، عندها، للرطوبة العالية، التي أغرقت الوجوه بقطرات العرق الصغيرة، ورغم ذلك استمر الجميع بالضحك، ما عدا الحلبي الذي لم يفلح في إطفاء ثورة غضبه.

    مرّت ثلاث ساعات، وهما في فرندات آخر المحطة، ولم يشعرا بالوقت. بدأ جلال هاشم ينسجم مع تلك الأجواء، وأحس بمتعة غريبة، وألفة تجاه المكان. كانت إجلال، وقتها، قد استأذنته في أخذ هاتفه المحمول، وأعادته إليه بعد أن سجّلت رقمها عليه "دِي نِمْرَتي، سَجِلَا عِنْدَك بإجْلَال وَاَرْقُو" ففعل. لم يفت هذا المنظر على طه شريف، الذي بدت نواجذه الماكرة، وهو يرمق صديقه بنظرات حاسدة، وبطريقة مفاجئة، وضع طه شريف خرطوم الشيشة من يده، وأشار إلى جلال هاشم ليدفع الحساب. أخرج جلال النقود من جيبه، سألها عن الحساب، فأجابت برقة مُعاتبة: "خَلِّيْهَا عَلِيْنَا الدُّوْرَه دِي." وعندما أصر جلال على الدفع، أجابته، بذات الرقة: "تَلَاتَه جِنَيه" فدفع إليها بورقة نقدية من قيمة الخمس جنيهات، وغادرا على الفور، ولم يطالب بالباقي.
                  

العنوان الكاتب Date
آخر المحطة هشام آدم11-03-11, 09:31 AM
  Re: آخر المحطة هشام آدم11-03-11, 09:47 AM
    Re: آخر المحطة هشام آدم11-03-11, 10:19 AM
      Re: آخر المحطة عصام دهب11-03-11, 11:20 AM
        Re: آخر المحطة هشام آدم11-03-11, 05:17 PM
          Re: آخر المحطة هشام آدم11-12-11, 09:16 AM
            Re: آخر المحطة هشام آدم11-12-11, 09:26 AM
              Re: آخر المحطة هشام آدم11-12-11, 09:56 AM
                Re: آخر المحطة الرفاعي عبدالعاطي حجر11-12-11, 08:03 PM
                  Re: آخر المحطة هشام آدم11-14-11, 12:10 PM
                    Re: آخر المحطة هشام آدم11-14-11, 12:27 PM
                      Re: آخر المحطة هشام آدم11-14-11, 12:35 PM
                        Re: آخر المحطة هشام آدم11-14-11, 12:47 PM
                          Re: آخر المحطة هشام آدم11-14-11, 12:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de