محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 07:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-29-2011, 02:43 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب

    البعث، في المفهوم الديني، خطوة أساسية سابقة على خطوة أكثر أهمية يقوم عليها مفهوم العدالة الإلهية وهو مفهوم الحساب الذي يُعتبر المُحصّلة النهائية للنشاطات الدنيوية [الجزاء/العقاب]؛ وبالتالي فهو محصلة للحكمة الأساسية من مفهوم الخلق والوجود والقائم بدوره على فكرة الاستخلاف في الأرض، ولذلك فإن كثيرًا من رجال الدين يرون أن الدنيا ما هي إلا دار امتحان وزراعة، بينما الآخرة هي دار المقر والحصاد، وهو ما دعا إليه الأنبياء والرسل كذلك؛ وفي ذلك نقرأ من كلام محمد قوله: "كن في الدنيا كأنك عابر سبيل" وهو ما يتوافق مع النسق القرآني في التعامل مع الحياة في الكثير من النصوص؛ فنقرأ مثلًا

    {{وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}} [آل عمران:185]
    {{وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الأخيرة خير}} [الأنعام:32]
    {{وما هذه الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وإن الدار الآخر لهي الحيوان}} [العنكبوت:64]
    {{فلا تغرنكم الحياة الدنيا}} [لقمان:33]
    {{يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار}} [غافر:39]
    {{اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد}} [الحديد:20]

    وهذا المبدأ في الرؤية الدونية للدنيا هو ما أوجد مذاهب التصوّف والزهد في الحقيقة بجميع أصنافها سواء تلك المتعلقة بالألوهية أو المنفصلة عنها، وكلها تتفق على أن ملذات الحياة والسعي وراءها هو سبب شقاء البشرية؛ كما نجده في البوذية التي تدعو إلى التخلّص من هذه الملذات كوسيلة رئيسية للحصول على السعادة الحقيقية.

    البعث والإيمان به متضمنان في أركان الإيمان الست؛ حيث لا يُمكنك الإيمان باليوم الآخر إلا عبر الإيمان بأن الله قادر على إعادة بعث الموتى، وهنالك نصوص كثيرة في إثبات البعث، ومنها ما جاء مرتبطًا بمفهوم الحساب، ومنها ما جاء في سياق الاستدلال على القدرة الإلهية في إحياء الموتى؛ فنقرأ على سبيل المثال وليس الحصر:

    {{وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور}} [الحج:7]
    {{وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت}} [الانفطار:4]
    {{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور}} [العاديات:9]
    {{ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون}} [يس:51]
    {{خاشعة أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر}} [القمر:7]
    {{يوم يخرجون من الأجداث سراعٍا}} [المعارج:43]

    وهنالك العديد من الآيات التي تؤكد على عملية البعث، وبعضها كما قلنا يأتي في سياق تبيان القدرة الإلهية على إعادة الخلق والبعث، ومن ذلك قوله:

    {{بلى قادرين على أن نسوّي بنانه}} [القيامة:4]
    {{أليس ذلك بقادر على أن يُحيي الموتى}} [القيامة:40]

    مما تقدم نفهم أن مبدأ البعث ثم الحساب هو من المبادئ الأساسية الراسخة في الفكر الديني، ويأتي هذا الرسوخ كما تقدم من حيث أنه مرتبط بمفهوم العدالة الإلهية؛ ومن أجل ذلك فإن غالبية المؤمنين يعتمدون في إيمانهم اليقيني بفكرة الله ووجوده على هذا الأمر، فهو أحد أدلتهم القوية على ضرورة وجود الله، حيث يرون أنه لا مناص من الإيفاء باستحقاقات العباد والخلائق؛ وإلا فإنه سوف يتساوى المجرمون والمتقون، الأشرار والأبرار، وفي ذلك قدح مباشر بالعدالة الإلهية، فيأتي مفهوم الحساب ليدعم هذه القاعدة بشكل مباشر.

    مفهوم الحساب كذلك مفهوم راسخ وفيه الكثير من التفاصيل؛ إذ يقوم على مبدأين أساسيين: [1] سرعة الحساب [2] عدالة الحساب، أما عن سرعة الحساب فإنه يأتي في سياق احتمالات تأملنا في إمكانية إنجاز محاسبة هذا العدد الهائل من البشرية والمخلوقات والمدة التي يتطلبها هذا العمل، والحقيقة أن هنالك اختلافاً في الروايات التي تتناول مسألة الحساب على النحو التالي:

    [1] الحساب الميزاني: وهو يقوم بوضع ميزان له كفتان؛ فكفة توضع فيها الحسنات وكفة توضع فيه السيئات وبمقارنة الحسنات مع السيئات يكون الحكم على الإنسان؛ فإما إلى الجنة وإما إلى النار. ونجد على هذا النوع أدلة نكتفي منها بما يلي:
    {{والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون}} [الأعراف:8]
    {{ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم}} [الأعراف:9]

    [2] الحساب الصحائفي: وهو يعتمد على أسلوب نشر الصحائف ويكون التقييم فيها بناءً على اليد التي يستلم بها الإنسان صحيفته، فمن يستلم صحيفته بيده اليمنى فهو من المفلحين، ومن يستلمها بشماله فهو من الخاسرين، والأدلة على هذا النوع كثيرة نكتفي بها على ما يلي:
    {{فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه}} [الحاقة:19]
    {{فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا (*) وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا}} [الانشقاق:7/11]

    [3] الحساب الشخصي: وهو يقوم على اللقاء المباشر بالله والمحاججة، ويُسمّيه رجال الدين بالعرض، وهذه ورد فيها من الأثر أدلة كثيرة نقتصر منها على ما جاء في الصحيحين:
    + حديث عدي بن حاتم: "ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار، تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة"
    + حديث عائشة بنت أبي بكر: "من نوقش الحساب يوم القيامة عُذب" فقالت عائشة:"يا رسول الله، ألم يقل الله : {{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً}}؟ فقال: "يا عائشة ليس ذلك هو الحساب إنما ذلك هو العرض فمن نوقش الحساب يوم القيامة عذب."

    [4] الحساب الصراطي: وهو بأن يوضع صراط على النار ويكون مرور الناس على الصراط حسب أعمالهم، فمن كان من أهل النار فإنه ينزلق ويقع في النار، ومن كان من أهل الجنة فإنه يمر، فيكون مرور الناس على الصراط حسب أعمالهم كما دلت على ذلك النصوص الدينية، والذي نكتفي منه بما يلي:
    {{وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً}} [مريم:71]
    + حديث أبي هريرة المروي في صحيح البخاري: "ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ؛ اللهم: سلم سلم . وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان، هل رأيتم السعدان ؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم المؤمن يبقى بعمله، أو الموبق بعمله، أو الموثق بعمله، ومنهم المخردل أو المجازى" الحديث
    + حديث أبي هريرة المروي في صحيح مسلم: "فيمر أولكم كالبرق، قال: قلت بأبي أنت وأمي، أي شيء كمر البرق ؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر، ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط، يقول: رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب - جمع كَلُّوب حديدة معطوفة الرأس – معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به فمخدوش ناج، ومكدوس في النار" الحديث.

    ولا علم لنا بترتيب هذه الأحداث، فهي ليست على وجهها الذي تقدم، وإن كنا نرى أن تعدد أنواع الحساب يُدخلنا في بعض التضارب؛ إذ لا حاجة للحساب الشخصي إذا أخذ أحدنا كتابه بيمينه أو من وراء ظهره مثلاً، ولا حاجة للحساب الميزاني إذا كان ثمة عرض، ولا حاجة للحساب على عمومه إذا كان أحدنا سيعلم مقعده من الجنة أو النار في قبره كما جاء بعض الأحاديث. والحقيقة أن كل ما تقدم لا يعنيني تناوله بالتمحيص والتدقيق، فربما وقف أحدكم على بعض نقاط التضارب والتناقض، فما يهمني في هذا المقال هو تناول فكرة البعث في حدّ ذاتها من حيث هي عملية إحياء للموتى، وأزعم أنه غير قابل للتحقق سواء أكان ذلك بالفعل الإلهي المُطلق: {كن} الذي لا يخضع لأي مقياس علمي أو بيولوجي تشريحي، أو كان عن ذلك عن طريق الإنبات المثبت في بعض النصوص:

    {{والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يُعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا}} [نوح:16/17]
    {{أليس ذلك بقادر على أن يُحيي الموتى}} [القيامة:40]
    {{كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين}} [الأنبياء:104]
    "كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يُركب" [المصدر: صحيح البخاري]
    "ثم ينزل من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا بلي إلا عظم واحد وهو عجب الذنب من يُركب الخلق يوم القيامة" [المصدر: صحيح البخاري ومسلم]

    أزعم أنه لا إمكانية لبعث البشر ولا أؤمن بذلك على الإطلاق، ولكني هنا سوف أحاول تقديم بعض الحجج على هذا الزعم، حتى لا يكون الأمر مجرّد رغبة مني في الاعتراض على الشيء فحسب، وسوف أعتمد في محاججتي هذه على أمرين، أولهما لا شأن له بالدين، وثانيهما أستند فيه على ما جاء في النصوص الدينية ما يُثبت أنه من الاستحالة حدوث عملية البعث وبالتالي الحساب، وفي كلتا المحاججتين سوف أعتمد على أسلوب التبسيط والاستسهال كما هي عادتي دائماً، فبالعقل الاستعانة ومنه ومن اللغة التوفيق.

    [الحجة الأولى]
    جسم الإنسان [وكذلك كل الكائنات الحيّة] تتكوّن من مواد عضوية، وبمجرّد أن يموت الكائن الحيّ يبدأ جسمه بالتحلل ويتحوّل مباشرة إلى أسمدة عضوية طبيعية تستفيد منه الطبيعة بشكل تلقائي فالنباتات التي تستفيد من هذه الأسمدة العضوية الطبيعية سوف تدخل هذه المواد العضوية في تركيبها بشكل مباشر، ولأن دورة الحياة لا تتوقف فإن السلسلة الغذائية بدورها لا تتوقف، فتتغذى الحيوانات العشبية على هذه النباتات المحتوية على المواد العضوية، وبالتالي فإن هذه المواد العضوية سوف تدخل كذلك في تركيب هذا الحيوان العشبي، وهذا الحيوان العشبي هو في الحقيقة واقع ضمن سلسلة الغذاء لحيوان آخر يتغذى على اللحوم، فتنتقل المواد العضوية للكائن العشبي المستمدة من النبات في جسمه، وتنتقل إلى الحيوان اللحومي كذلك، وهكذا فإن جسوم الكائنات الحيّة المتحللة تتحوّل بعد موتها إلى مواد عضوية تستفيد منها النبتات فتدخل في تكوينها، وإذا تغذى الحيوان العشبي عليها، تدخل هذه المواد العضوية في تركيبها، وإذا تغذى الحيوان اللحومي على الكائن العشبي فإنها أي المواد العضوية سوف تدخل في تركيبها، وعندما تقوم جراء الحيوان اللحومي بشرب حليب أمهاتها فإنها سوف تحصل مباشرة على المواد العضوية مباشرة، وهكذا فإن المواد العضوية التي كانت أحد مكوّنات الكائن الحيّ سوف تظل في انتقال مستمر بين الكائنات الحيّة دون توقف وهذا ما يُسمى بدورة الحياة، لأن موت الكائن حياة لكائن آخر. وقد تتحوّل المواد العضوية إلى مصدر من مصادر الطاقة كالفحم أو البترول فتدخل بذلك في دورة أخرى مختلفة تماماً، وعليه فإن المواد العضوية للكائن الحي لا تظل موجودة في التربة حتى يتم تجميعها وإعادة إنشائها كما في عملية البعث وإعادة الخلق، بل سيتطلب استخراج كائن واحد عدداً كبيراً ولا نهائياً من الكائنات والعمليات. وبالتأكيد ستظل مقولة [الله على كل شيء قدير] قادرة على التخلّص من هذه الحجة ودحضها تماماً، كما أن عملية البعث في المفهوم الديني لا تتوقف على الإنسان فقط بل تشمل كذلك الحيوانات ومن ذلك نقرأ:

    {{وإذا الوحوش حشرت}} [التكوير:5]
    {{وما من دابة في الأرض ولا طائر بجناحين إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يُحشرون}} [الأنعام:38]
    + حديث أبي هريرة: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" [المصدر: صحيح مسلم]
    + "يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله: (كونوا ترابا)، فعند ذلك يقول الكافر: {يا ليتني كنت تراباً) قال الشيخ الألباني: "صحيح"
    + قول ابن عباس: "يُحشر كل شيء حتى الذباب"

    ومن الواضح أن فكرة القدرة الإلهية المطلقة تتقاطع في هذا المقام مع فكرة العدالة الإلهية المطلقة، ولذا فإنه من الطبيعي أن يقضي الله بعدالته المطلقة بين خلقه جميعاً، ونفهم من ذلك أن حتى الحيوانات لن تسلم من الحساب يوم القيامة، ورغم أنها لن تحاسب كحساب البشر وفقاً للتكليف، إلا أنه سوف تتم محاسبتها حسب مقدار تمييزها العقلي المحدود كما هو واضح من الأدلة السابقة؛ وعندها يُصبح من المنطقي أن يُبعث جميع الخلائق [الآكلون والمأكولون] باختلاف ترتيبهم في السلسلة الغذائية، وعندها تأتي الحجة الثانية.

    [الحجة الثانية]
    جسم الإنسان [وكذلك كل الكائنات الحيّة] مكوّن من خلايا حيّة، وهذه الخلايا في حركة دائمة وتغيّر دائم، فتموت ملايين الخلايا يومياً وتأتي مكانها ملايين الخلايا الجديدة، وهذه العملية، تعتمد في المقام الأول على عملية التغذية، وكل ما يتناوله الكائن الحيّ من غذاء يُصبح فيما بعد جزءاً أصيلاً من تركيبه الخلوي والعضوي، ولذلك ينصح الأطباء وأخصائيو التغذية بالاعتدال في تناول الوجبات وبالاهتمام بنوعية الغذاء الذي نتناوله لأنه سوف يُمثلنا فيما بعد. وعلى هذا فإن كل كائن حيّ هو عبارة عن الخلايا التي تتجدد باستمرار والتي هي في المقام الأول عبارة عن الغذاء التي يتناوله، وإذا حاولنا تبسيط الأمر واعتبرنا أن جسد الإنسان عبارة عن مكعبات صغيرة فإن كل وجبة تناولها تمثل واحدة من هذه المكعبات، وبتجمّع عدد وافر من هذه المكعبات يستمد الإنسان الحياة والطاقة والنمو التدريجي على مدار مراحل حياته. فإذا مات الإنسان فإن عملية إعادة إحيائه [والمرتبطة بعملية إعادة إحياء بقية الكائنات] سوف يكون مستحيلاً لأنه سيكون خصماً من رصيد المكعبات التي تكوّنه، وبالتالي فإننا سوف نصل في النهاية إلى إحياء [طفل صغير] قبل أن يتناول أيّ غذاء، هذا بالتأكيد إن نحن استثنينا عمليات التغذية التي حصل عليها الإنسان من أمه مباشرة، وفي هذه الحالة فإن الذين سوف يخرجون من قبورهم في الحقيقة سيكونون مجرّد أطفال لا حساب لهم، لأن غذائهم الذي سحب منهم في عمليات إعادة كائنات أخرى كان خصماً على تكوينهم العمري والعقلي، وبهذا يستحيل الحساب. ولنأخذ مثالاً للتوضيح:

    [الإنسان = A50 + B50] حيث A يمثل الجزء النباتي من غذائه و B يمثل الجزء الحيواني منه.
    الإنسان = A50 – A50 = نباتات كان الإنسان قد تغذى عليها
    الإنسان = B50 – B50 = حيوانات كان الإنسان قد تغذى عليه
    إذن
    الإنسان = A50 – B50 = 0
    وباختصار المعادلة بطريقة رياضية [الإنسان = 0]

    وطالما أنه سوف يتم بعث الحيوانات لتقتص من بعضها البعض، فإنه لابد من استعادة موادها العضوية من جسد الإنسان نفسه أو من جسد حيوان آخر وبتكرار هذه العملية فإن الإنسان [على الأقل] سوف لن يكون على نفس الهيئة والعمر الذي مات عليه، لأنه لحظة موته كان عبارة عن قدر كبير من المواد العضوية المتحصلة من النباتات والحيوانات.

    وإذا حاولنا احتساب الغذاء الأمومي الذي تناوله الطفل في بطن أمه فإننا سوف ندخل في سلسلة أخرى من العمليات لأن الغذاء الذي يعتمد عليه الطفل وهو في بطن أمه مستمد في أساسه من الغذاء التي كانت أمه تتناوله، وبالتالي فإننا سوف نجد استحالة كبيرة في إمكانية بعث أيّ شخص إلا عبر أمّه، وهي إلا عبر أمها، وهي إلا عبر أمها وهكذا نصل إلى سلسلة طويلة ممتدة إلى الخلية الحيوية الأولى، التي بإمكان الله بعثها ومحاسبتها كما يشاء.

    إن فكرة العدالة الإلهية التي نجدها في المفهوم الديني عبر محاولته التأكيد على مدى هذه العدالة والنزاهة في إقامة الحق والإنصاف في الحقيقة تضع الفكر الديني نفسه في ورطة كبيرة، وبالضرورة فإنني يوماً ما قد أكون تغذيت على لحم حيوان مظلوم يريد أن يقتص له الله من ظالمه، أو أكون قد تغذيت على لحكم حيوان ظالم يجب أن يُقتص منه، وهكذا فإننا سنرى أنه من الاستحالة استخلاص المواد العضوية لهذه الكائنات دون أن يكون لذلك تأثير مباشر على الكائن الذي تغذى عليه، لأننا نعلم أن هذه المواد العضوية تدخل مباشرة في تركيب خلايا الكائن الحي وبالتالي حياته ونموه.

    لم أرغب في هذا المقال الولوج في التفاصيل المطوّلة والمعقدة للعمليات الغذائية واكتفيت بإعطاء هذه اللمحة السريعة، كما أنني تجاوزتُ عن قصد الوقوف على تناقضات أنواع الحساب، وكيف أنها قد تتنافى مع مبدأ سرعة الحساب التي جاء ذكرها في كثير من النصوص الدينية، وتعارض هذا المبدأ نفسه مع كثير من المشاهد الواردة في الآثار الدينية عن يوم القيامة وصعوبته الذي تصوّره بعض الآثار في شكل تصبب العرق حسب الأعمال، وكيف أنه يتنافى مع قوله {وإذا الشمس كوّرت} فبعض النصوص تقول بأن الشموس والنجوم سوف تطمس يوم القيامة كواحدة من المشاهد المروّعة لهذا اليوم، ونصوص أخرى تقول أن الشمس ستدنو من البشر فتكون على مسافة أقرب بكثير مما هي عليه اليوم. على أية حال فإن هذا جهد المُقل، لا أريد به شيئاً إلا تحريك بعض سواكن العقل الديني الذي بإمكانه الإيمان حتى بما لا يُمكن الإيمان به، فمسألة الحساب لا تعادل ثيمة العدالة على الإطلاق، فالعدالة نفسها مرتبطة بالفورية في القصاص، ولو أن أحدنا توجّه إلى مخفر الشرطة ليشتكي من تهجم بعض الأشخاص عليه، فإنه يتوقع سرعة الثأر والقصاص، لا أن يُطلب منه الانتظار حتى ما بعد الموت.
                  

العنوان الكاتب Date
محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب هشام آدم08-29-11, 02:43 PM
  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ود الباوقة08-29-11, 02:50 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب د.محمد حسن08-29-11, 03:01 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب معروف حمدين08-29-11, 03:02 PM
  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 03:00 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 03:11 PM
  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب Dr.Mohammed Ali Elmusharaf08-29-11, 03:02 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب معتز القريش08-29-11, 03:11 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عثمان الحسن أبوروف08-29-11, 03:15 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عثمان الحسن أبوروف08-29-11, 03:15 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 03:17 PM
  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب Abureesh08-29-11, 03:13 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد جلال عبدالله08-29-11, 03:21 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب هشام آدم08-29-11, 03:40 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ود الخليفه08-29-11, 03:25 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 03:55 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 03:55 PM
        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 04:12 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 04:33 PM
            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قسم الله محمد08-29-11, 04:49 PM
              Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب وليد محمد المبارك08-29-11, 05:04 PM
            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب Abobakr Shadad08-29-11, 04:52 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عبدالعزيز الفاضلابى08-29-11, 05:01 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 05:16 PM
            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عبدالكريم أحمد الامين08-29-11, 05:31 PM
              Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ناصر احمد الامين08-29-11, 06:03 PM
              Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عزان سعيد08-29-11, 06:05 PM
            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 05:48 PM
              Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ABUHUSSEIN08-29-11, 05:54 PM
                Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب jini08-29-11, 06:01 PM
                  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عبداللطيف حسن علي08-29-11, 06:23 PM
                    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 06:49 PM
                      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب Sabri Elshareef08-29-11, 07:03 PM
                    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 06:53 PM
                    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 06:55 PM
                      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 07:03 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 07:23 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب الصادق يحيى عبدالله08-29-11, 07:29 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب حمور زيادة08-29-11, 08:14 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 07:33 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ABUHUSSEIN08-29-11, 07:38 PM
                    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 07:35 PM
                      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 07:40 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 07:46 PM
                      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب اسماء الجنيد08-29-11, 07:49 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عمار عبدالله عبدالرحمن08-29-11, 08:38 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد الشايقي08-29-11, 08:38 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب هشام آدم08-29-11, 08:51 PM
                            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب هشام آدم08-29-11, 09:05 PM
                      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 09:02 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عزان سعيد08-29-11, 09:47 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ناصر المحسى08-29-11, 09:53 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب الشفيع وراق عبد الرحمن08-29-11, 09:53 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 10:22 PM
                          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب الرفاعي عبدالعاطي حجر08-29-11, 10:26 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 10:30 PM
                        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 10:38 PM
  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عادل فضل المولى08-29-11, 10:11 PM
    Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب أحمد ابن عوف08-29-11, 10:23 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب ABUHUSSEIN08-29-11, 10:47 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 10:59 PM
        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:02 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:06 PM
            Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:09 PM
              Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:16 PM
                Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:22 PM
                  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 11:40 PM
                  Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب محمد قرشي عباس08-29-11, 11:50 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب معاوية المدير08-29-11, 11:44 PM
      Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب GAAFER ALI08-29-11, 11:42 PM
        Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب عماد حسين08-29-11, 11:55 PM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب سيف النصر محي الدين08-30-11, 00:04 AM
          Re: محاولة لتفكيك خرافة البعث والحساب حمور زيادة08-30-11, 00:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de