قضايا معاصرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2009, 04:13 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا معاصرة (Re: هشام آدم)

    مواصلة

    .::الاغتصاب الزواجي::.

    فيما سبق عرفنا كيف يُمكن اعتبار تعدد الزوجات نظاماً مجحفاً للمرأة، وعرفنا أنّ معيار العدالة والإجحاف ليس فيما يفترضه الدين أو المتدينون في أنه بمناصفة الحقوق والواجبات تجاه الزوجات، وإنما معيار العدالة قائم في إعطاء المرأة حقها بألا يكون لزوجها زوجة أخرى غيره، تماماً كما تُطالب المرأة بألا تكون إلا لزوجها، وعرفنا كذلك زيف الإدعاءات التي يسوقها دُعاة التعدد من حيث أنه قد يكون حلاً للكثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية؛ بل عرفنا أنّ هذه المشكلات ناجمة في أساسها من مفهومنا الديني القاصر لهذه القضايا، وتناولها على الوجه غير الصحيح، وأنّ هذه المشكلات الاجتماعية والأسرية ما هي إلا ثمار عقلية المجتمع الذكوري المتخلّف التي تعمل على إقصاء المرأة وجعلها مرتبطة بالرجل على الدوام ومتقيّدة به. ووصلنا في ختام الرسالة الثانية (قضايا معاصرة 2) إلى أنّ التعدد يطرح في نهايته تساؤلات كبرى عن حرية الإنسان في جسده، وكيف أن الزواج لا يُعد تنازلاً لأي الطرفين عن جسده للآخر بطواعية، بل هو ممارسة واعية لحرية الجسد في المقام الأول، وعلى هذا فإن هذه النقطة بالتحديد تُثير تساؤلاً آخر عن حرية الجسد داخل المؤسسة الزوجية.

    إنّ من أكثر القضايا المعاصرة إثارة للتساؤلات والحيرة في آنٍ معاً، هي قضية امتناع المرأة عن وهب جسدها لزوجها، لأن الزواج (كغيره من التشريعات الذكورية) لا يُنظر إليه إلا على اعتباره احتكاراً لجسد المرأة وامتلاكاً له، وليس جسد المرأة فحسب، بل كل ما يتعلق بها من أفكار وعواطف ومشاعر وآراء، فالعقلية الذكورية لا تقبل أبداً بأن يكون للمرأة (الزوجة) رأي مخالف رأي زوجها، أو معتقد أو دين مخالفين لمعتقده ودينه، ومن هنا يأتي اللغط الكبير الحاصل حول زواج المسلمين وغير المسلمين، وكيف أن الإسلام يرفض أن تتزوّج المرأة من غير المسلم (الذمّي)، في الوقت الذي يُحل فيه ذلك للرجل المسلم، وبذات الفهم كيف ينظر المسيحيون واليهود إلى الزواج من أصحاب المعتقدات الأخرى؛ الأمر الذي يجعل قيمة الإنسان فيما يعتقد، ويُغفل القيمة الإنسانية والحقيقة للإنسان نفسه.

    ولذا قد نقرأ في القرآن (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (البقرة:221) إن هذا التفريق القائم على أساس ديني، هو في الحقيقة أحد الأسباب الرئيسة التي تدفعنا إلى المطالبة بتحقيق العلمانية، دفعاً لهذا الغبار الشائب عن الإنسان حتى نبرز جوهره الإنساني، ونحترمه بموجبه، وليس بموجب ما يحمله في ذهنه من أفكار ومعتقدات.

    ورغم أن هذه النقطة بالتحديد تدفعنا دفعاً للخوض في قضايا العلمانية ومفهومها واشتراطاتها؛ إلا أنني أُجاهد نفسي كي لا أخوض في هذه النقطة، لأنها سوف تعمل على تشعّب الموضوع، وربما أتطرق إلى هذه النقطة في مقال آخر. فقط يهمني هنا أن أُشير إلى نقطة تُضاف إلى مجموعة الأدلة الكثيرة لعدم توفر المساواة والعدالة في الدين الإسلامي، ومن كان يعتقد أن قيمة الإنسان مكتسبة بحق ما يعتقده فهو مخطئ بالتأكيد، وحتى إن سلّمنا بهذا الأمر، فلماذا استخدم القرآن صيغة متدينة للتعبير بها عن هذه الفكرة؟

    لماذا يقول (ولأمة مسلمة خير من مشركة) و (لعبد مؤمن خير من مشرك)؟ ألا تُوحي هذه الصياغة بالنظرة الدونية العامة التي ينظر إليها الإسلام إلى كل العبيد، وبالتالي فهي تعني لا مساواتهم بالآخرين الأحرار؟ إن هذه الفكرة بهذه الصياغة تحديداً تجعل الإنسان يشعر بتقزز كبير تجاه المعيار الذي يستخدمه الإسلام لمحاكمة الآخرين، والنيل من إنسانيتهم وكرامتهم. فلو أنّ امرأة رفضت الزواج من عمرو وقالت: "أقبل الزواج بسبّاك، ولا أقبل بعمرو" فهل هذا يعني أنها تُعطي للسبّاك قيمته وكرامته؟ أم أنه –على العكس- يُشير بوضوح إلى النظرة الدونية والعنصرية لديها تجاه السبّاكين وأصحاب المهن الوضيعة؟ هذا بالتحديد ما تُشير إليه الآية القرآنية، والتي من المفترض أنها كلام الله، فهل الله عنصري؟ أم أنه يُحرّض على العنصرية؟

    وبالعودة إلى قضية حرية المرأة في جسدها داخل المؤسسة الزوجية، فإنني أقول: إنّ الزواج بقيمته الإنسانية الكبرى لا يعني فيما يعني احتكار الزوج لجسد زوجته، وإنما هو تنازل وقتي حُر (عبر حرية المرأة الكاملة في جسدها) للرجل بالاستمتاع بهذا الجسد بطرفين؛ وإلا أًُعتبر ذلك اغتصاباً لحُرمة هذا الجسد، وعندما أقول (بطرفين) أعني أنه لابد أن تكون المرأة راغبة في الاستمتاع لا أن تكون موضوعاً للمتعة.

    وإلى هذا الحد قد نُفرّق كثيراً بين مفهوم الجنس في العقلية الذكورية بما في ذلك من عادات وتقاليد وأديان، وبين المفهوم الإنساني العام والخاص للجنس؛ فالجسد (على اعتباره موضوع الجنس الأول) يظل رغم كل ذلك وسيلة للتعرّف على الذات من خلال المتعة المتولدة بالملامسة، وعليه فإن الجسد ليس نفسه وسيلة إمتاع منفصلة وقائمة بذاتها، وإنما هنالك عوامل أخرى تجعل من هذا الجسد وسيلة ناجعة للحصول على هذه المتعة من عدمه؛ ولذا فإننا لا نفترض حصول المتعة للمرأة في حالات الجنس الشاذة كالاغتصاب أو الدعارة والتي لا تفترض غير الحضور الجسدي، ولا تشترط توافر الرغبة الكاملة والاستعداد النفسي.

    الزواج –فيما أراه- يوفر ضمانة جنسية مستدامة، فقط إذا توفرت الرغبة والاستعداد النفسي للممارسة والتوق للآخر، وكما أن الرجل لا يكون في حالة استعداد نفسي ورغبة دائماً في كل الأوقات فكذلك المرأة، ولكن العقلية الذكورية تفترض أن تكون لدى المرأة الرغبة دائماً في ممارسة الجنس، وقتما أراد الرجل ذلك، ويعتبر رفض المرأة للممارسة اعتداءاً صارخاً لحقه (ليس باعتباره زوجاً فقط)، ولكن باعتباره ذكراً كذلك. إن هذا التعاطي مع موضوع الجنس يدل على النظرة المتدنية للمرأة وكأنها ليست كائناً بشرياً ممتلكاً لرغبات سلبية وإيجابية تجاه موضوع الجنس والممارسة، تماماً كما لدى الرجل.

    وموضوع رفض الممارسة الجنسية في العلاقات الزوجية، بالإضافة إلى علاقته بالحالة النفسية والمزاجية لدى المرأة، فإنه لا ينفصل عن كونه امتداداً طبيعياً لحق المرأة وحريتها الكاملة في جسدها، هذه الحرية التي لا تنتقص بالزواج ولا بغيره. ولقد أفردت النصوص الدينية جزءاً من تشريعات لهذا الموضوع فيما أسمته بالنشوز، فما هو رأي الدين (الدين الإنساني) في قضية النشوز والاغتصاب الزواجي؟

    نقرأ في القرآن: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) (النساء:34) إن هذه الآية من بدايتها تفترض علو الرجل على المرأة بالقوامة، التي كانت سبباً رئيسياً في تجذير الفهم الذكوري، وشرعنة الاضطهاد الذي يُمارس على المرأة.

    وكما عرفنا من قبل فإن علماء الدين والفقهاء انقسموا في تفسير هذه الآية ومقاصدها الشرعية؛ ففي حين يرى البعض أن هذه الآية صريحة المعنى والدلالة وأنها تدل على قوامة الرجل المطلقة ويتخذونها دليلاً على عدم جواز عمل المرأة (وبالتالي نيلها لحق الاستقلالية المالية) لأن الله يعتقد بأن الإنفاق هو مهمة الرجل الأساسية، والتي بسببها استحق قوامته على المال؛ فإن البعض يذهب إلى هذه الآية تقصر القوامة على الإنفاق، وبالتالي فإنها ليست قوامة مطلقة، ولكن هؤلاء الذين يحاولون إيجاد منافذ من تهمة قهر المرأة واضطهادها ينسون الجزئية التي تسبق (بما أنفقوا) والمتعلقة بقوله (بما فضل الله بعضهم على بعض) دون أن نعرف أيّ معيار لهذا التفضيل، وكأن القوامة هبة إلهية مباشرة للرجل، وحق أعطاه الله للرجال. فعلى أيّ أساس تمّ هذا التفضيل؟

    إن الآية السابقة تبرر لقوامة الرجل بشيئين أولهما (التفضيل الإلهي) ثم تتبعه بعد ذلك (بالإنفاق)، وهما في حقيقة الأمر قيدان كبيران يُكبلان المرأة ويُقعدانها عن المطالبة بحقها في المساواة مع الرجل، والمطالبة بالتخلّص من عبوديتها له، لأن هذه العبودية -في حقيقتها- حق للرجل ضمنه له الله شخصياً. ولذا فلا نستغرب أبداً حديثاً كـ(لو كنتُ آمراً أحداً أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) تصبح المسألة برمتها واضحة وضوح الشمس؛ وعندها تسقط كل تلك الدعاوي الزائفة التي يُصرّح بها المسلمون من أن الإسلام كفل للمرأة حريتها، وأنه كرّم المرأة، وأنه انتشلها من براثن عبوديتها للرجل، وهذا الكلام العاطفي الذي لا يرتبط بالواقع بشيء، ولا أقول كلاماً على عواهنه بل النصوص الدينية نفسها هي من تقول ذلك.

    ثم إن ربط هذه القوامة بما بعدها من قضايا متعلقة بالشرف هو أمر مخجل في الحقيقة، وهنا يتجدد الكلام عن (حرية المرأة في جسدها) فعندما تبدأ الآية بالكلام عن القوامة ومبرراتها غير المنطقية ثم يأتي مباشرة للكلام عن حفظ المؤمنات الصالحات لفروجهن؛ فإن هذا يعني بالضرورة أن حفظ الفرج هو أحد اشتراطات هذه القوامة، وإشارة واضحة وصريحة إلى اعتبار عقد الزواج عقد ملكية جسدية كامل، لا يصح الإخلال به، بل ويربط ذلك بقيمة أخلاقية (الصلاح)، فأمارة المرأة الصالحة هو تنازلها الكامل عن جسدها لزوجها فقط، وعدم التفريط في ذلك لغيره.

    هذا يدفعنا للتساؤل عن حرص الدين على توفير المتعة الجنسية للرجل بكافة أشكالها: سواء بإباحة التعدد بأربعة نساء، أو و بإباحة وطء ملك اليمين إلى ما لانهاية منهن؛ ويحرص بنفس المقدار على ألا يكون ذلك الحق للمرأة بالمقابل؟ بل ويربط هذه القضية بالشرف والصلاح! بل لا أعرف كيف للمسلمين بعد كل هذه الحقائق الدامغة والمأخوذة من نصوصهم المقدسة أن يتبجحوا بالقول بتوافر حقوق المرأة في الإسلام؟

    وهذه الآية نفسها تتناول بعد ذكر القوامة (وعلاقة هذه القوامة بقضية الشرف المرتبط بالصلاح) تتناول قضية النشوز فتقول: (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنّ) وعليه فإنه لا يحق للمرأة أن ترفض دعوة زوجها للفراش، بل ويعتبر ذلك جريمة كبرى تستحق عليها العقاب المتدرّج من الوعظ فالهجر ثم الضرب! ولم تطرح هذه الآية أو أيّ آية أخرى استثناءات لهذا الرفض (النشوز) واحتمال ارتباطه بالحالة المزاجية لدى الزوجة، أو عدم استعدادها النفسي للممارسة أو حتى احتمال امتناعها عن الممارسة لسبب يتعلق بالرجل نفسه: كأن تكون رائحة فمه أو جسمه نتنه، أو أن تكون الطريقة التي يُمارس بها غير ممتعة بالنسبة إليها. كل هذا غير مهم، المهم هو أن يتحصّل الرجل على متعته دون النظر إلى المرأة وإلى ما يتعلّق بها؛ رغم أنها جزء أساسي من هذه الممارسة وطرف شريك فيها. ولا عجب عندئذ أن نقرأ حديثاً كـ(أيما امرأة باتت وزوجها عليها غضبان باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح).

    ويذهب أغلب رجالات التدين إلى قصر النشوز على عدم وجود عذر، وهذا ما لم تتضمنه الآية، ولا أدري من أين لهم بهذا الاستثناء والقصر، فالآية لم تقل (واللاتي تخافون نشوزهن بغير عذر) وإنما كانت الآية مطلقة وغير مقيّدة، وحتى إذا اتفقنا مع هؤلاء في ضرورة وجود عذر أو مانع، فمن يا ترى يُحدد قبول هذا العذر؟ المرأة أم الرجل؟ وماذا لم كان للمرأة عذر، ولم يقبل به الزوج أو لم يره مناسباً أو مقبولاً؟ إن الأمر في ذلك لا يخرج عن كونه تحايلاً عن النص الواضح والصريح.

    والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا: (هل الممارسة حق زواجي؟) إن طرح هذا السؤال بهذه الصيغة يجعلنا نستبصر الورطة التي يقودنا إليها الدين على اعتبار أن الجنس أمر حقوقي متعلّق ومرتبط بعقد الزواج مباشرة، والحقيقة أنه ليس حقاً بل منحة وهبة تُعطى بالقبول والتراضي حتى مع وجود عقد الزواج، فجسد المرأة حق لها هي فقط، وإن وهبته لشخص ما فإنها إنما تُمارس حريتها المطلقة في جسدها سواء أكان ذلك لزوج أو لغيره، ولا يحق لأحد أن يُحاكم المالك في ملكه.

    وفي هذا الصدد نجد أقوال كثير من العلماء الذي يقولون بملكية الرجل لجسد المرأة بعقد الزواج؛ فنجد الإمام السرخسي يقول: "‏اعلم أن نفقة الغير تجب بأسباب منها الزوجية (...)‏لأنها محبوسة لحق الزوج ومفرغة نفسها له، فتستوجب الكفاية عليه في ماله" وهذا ظلم آخر يقع على المرأة؛ فإذا اعتبرنا الممارسة الجنسية في الزواج أمراً حقوقياً، فهو حق مشترك وليس متفرّد؛ بمعنى أنه حق للاثنين معاً، بينما الإنفاق (في حال كون المرأة غير عاملة) هو حق متفرّد، ومن غير الإنصاف أن تُحرم المرأة من حقها المتفردة لامتناعها عن أداء حق مشترك.

    ولنقرأ معاً ما جاء على قلم شيخ الأزهر السابق جاد الحق علي جاد الحق في موقع (إسلام أون لاين. نت):

    "وإذا تغيبت المرأة عن زوجها أو أبت أن تتحول معه إلى منزله أو إلى حيث يريد من البلدان وقد أوفاها مهرها فلا نفقة لها، لأنها ناشزة ولا نفقة للناشزة، فإن الله تعالى أمر في حق الناشزة بمنع حظها في الصحبة بقوله تعالى(وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ )‏ النساء ‏34 ، فذلك دليل على أن تمنع كفايتها في النفقة بطريق الأولى -‏ لأن الحظ في الصحبة لهما وفى النفقة لها خاصة، ولأنها إنما تستوجب النفقة بتسليمها نفسها إلى الزوج وتفريغها نفسها لمصالحه، فإذا امتنعت من ذلك صارت ظالمة. وقد فوتت ما كان يجب لها باعتباره فلا نفقة لها،‏ وقال ابن نجيم الحنفي:وإذا سلمت نفسها بالنهار دون الليل أو على عكسه لا تستحق النفقة لأن التسليم ناقص، وقالوا له أن يمنع امرأته من الغزل، بل له أن يمنعها من الأعمال كلها المقتضية للكسب، لأنها مستغنية عنه لوجوب كفايتها عليه)‏ ولقد تابع علماء الشريعة المحدثون هذه النصوص السابقة .‏ ففي كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا في المادة ‏169 .‏ أن الزوجة المحترفة التي تكون خارج البيت نهارا وعند الزوج ليلا إذا منعها من الخروج فعصته فلا نفقة لها مادامت خارجة. وقد ذكر المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية :أنه إذا كانت الزوجة من المحترفات اللائى لا يقررن في البيت فلا نفقة لها إذا طلب منها القرار فلم تجب طلبه وذلك لأن الاحتباس في هذه الحالة ناقص فله طلبه كاملا .‏ فإذا امتنعت فهي ناشزة .‏ ولم يفرق العلماء في هذا بين حرفة وأخرى، وإنما كان الحكم شاملا لسائر الأعمال التي تخرج بسببها المرأة من منزل الزوجية وتفوت بهذا الخروج حق زوجها وتصبح ناشزة . ومن كل ما تقدم من النصوص، يظهر جليا أن نفقة الزوجة على زوجها مقابل قرارها في منزل الزوجية وتفرغها لصالح الزوج، وأنها إذا اشتغلت بعمل خارج منزل الزوجية دون إذنه ورضاه ولو كان ذلك من الأعمال الضرورية للمجتمع كعمل القابلة والطبيبة كانت مفوتة حقه فيفوت حقها وتسقط نفقتها، لأن الحقوق المترتبة على العقد متقابلة"

    ومن هنا يتبيّن لنا كيف أن عمل المرأة قد يحرمها من حقها المتفرّد في النفقة، وبالتالي بقائها تحت نير عبوديتها للرجل وقوامته عليها كرهاً. فأي عدالة وأي مساواة وأي كرامة هذه التي وفرها الإسلام للمرأة بعد كل ذلك؟ إن الأمر لا يتعدى كون الزوجة الحرة، والأمة بمكانة واحدة هي مكانة العبد من سيّده، الذي لا يجوز له التصرف في نفسه أو فيما يملك إلا بإذن سيّده أو مالكه. وهنا تحديداً يأتي السؤال الأخير الذي يطرحه المقال والمتعلق بنظرة الإسلام للمؤسسة الزوجية، ومدى توافق أو عدم توافق هذه الرؤية مع الحقوق والمطالب الإنسانية العالمية، وهذا ما سوف يتناوله الجزء الأخير من سلسلة مقالات (قضايا معاصرة)


    .::نواصل::.
                  

العنوان الكاتب Date
قضايا معاصرة هشام آدم06-03-09, 09:13 AM
  Re: قضايا معاصرة هشام آدم06-03-09, 09:24 AM
    Re: قضايا معاصرة زهير عثمان حمد06-03-09, 09:32 AM
      Re: قضايا معاصرة هشام آدم06-03-09, 10:50 AM
        Re: قضايا معاصرة هشام آدم06-03-09, 01:48 PM
          Re: قضايا معاصرة هشام آدم06-04-09, 07:41 AM
            Re: قضايا معاصرة هشام آدم06-05-09, 04:13 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de