يوم من أيام فاطنة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 06:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-29-2007, 11:29 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: يوم من أيام فاطنة (Re: هشام آدم)

    _________________________________

    ( الحلقة الثامنة )



    مرّت أقل من ساعة والحاجة فاطنة وجارتها عزيزة واقفتان في انتظار أي عربة تُقلّهما، وما زال الرذاذ يتساقط على المكان، عاكساً لوناً أكثر درامية على الموقف بشكل عام، ورائحة التراب والماء أصبحت هي القاسم المشترك بين فاطنة وعزيزة. كان الشارع مُظلماً إلاّ من الأضواء القليلة القادمة من بعض بيوت الحِلّة. في الجانب الآخر من الشارع صهريج مياه كبير لا يكاد يظهر بألوانه الحقيقية بفعل العتمة. وعربة كارو من غير حمارها واقفة بإهمال في إحدى جنبات الشارع بجوار عامود كهرباء. أصوات كلاب نابحة من جميع الأركان تقريباً، بينما اختفى المارة تماماً.



    هناك هواء بارد خفيف يهب بين فترة والأخرى يجعل الحاجة فاطنة وعزيزة يُعيدان لف ثيابهما في كل مرّة. المكان كلّه مُصاب بالرطوبة والابتلال. لدرجة أن الحاجة فاطنة لفّت حقيبتها اليدوية الصغيرة بطرف ثوبها بشكل جيّد، حتى لا يصيبه البلل. وفجأة تظهر أنوار عربة قادمة من بعيد. فتنفرج أسارير الحاجة فاطنة وعزيزة، ويبدأن في تجهيز نفسيهما للخروج من هذه الحِلّة المقطوعة. ولكن وقبل أن تصل السيارة إلى مكانهما، تنحرف لتدخل إلى إحدى الشوارع الجانبية.


    تبدأ الحاجة فاطنة بالتوتر وتبحث عن شيء ما لتجلس عليه، بينما ظلّت عزيزة واقفة في مكانها، وتارةً كانت تقف في منتصف شارع الزلط لتستكشف العربات القادمة من بعيد واضعةً يديها الاثنتين على خاصرتها، ولكن بدون جدوى. كان الصمت والحركات التي تدل على التوتر هما اللغتان الوحيدتان اللتان كانتا الحاجة فاطنة وعزيزة يتكلمان بهما طيلة فترة انتظارهما. وبعد قليل تقترب سيارة أخرى تظهر أنوارها من بعيد، تصرخ عزيزة لتُبشّر فاطنة التي لم تقم من مكانها هذه المرّة حتى تتأكد. وقفت السيارة أمام عزيزة التي بدأت تأشّر بكلتا يديها. إنها سيارة نقل خاصة "بوكس كبينة" موديل 79م. وهي المواصلات "غير الرسمية" في هذه المنطقة. وكما يقول المثل: "المُضطر يركب البوكس."


    يُفتح الباب الأمامي تخرج منها فتاتان في ربيع العمر، إحداهما تُخاطب عزيزة وتقول لها:

    - تعالي يا خالتي أركبي بي قِدِام عشان المَطَرَة.
    * بارك الله فيكي يا بنتي.

    تصرخ عزيزة وهي تنادي للحاجة فاطنة

    - أرح يا فاطنة اتحركي سريع.

    تركض الحاجة فاطنة بعرجتها وهي تحمل ما تهدّل من ثيابها وهي جالسة بين جنبيها وتركب السيارة، بينما ركبت الشابتان في الخلف مع بقية الراكبين. في منتصف حوض السيارة الخلفي يقف شاب صغير لم يتجاوز السابعة عشر من عمره يحمل في يده حصى صغيرة يضرب بها إحدى جنبات السيارة في إشارة إلى جاهزية السيارة للوقوف أو الانطلاق. يضرب الفتى بحصاه على حديد السيارة وهو يقول:

    - أرح ياااا ...


    تنطلق السيارة بهما بعد أن تنفست الحاجة فاطنة وعزيزة الصُعداء. ورغم أن السيارة كانت تتوقف كثيراً لحمل أو إنزال الرُكاب، إلاّ أن ذلك كان أفضل - لدى فاطنة وعزيزة - من الوقوف في العراء تحت رذاذ المطر الذي لا يتوقف.


    في هذه الأثناء، راح عوض الزين وأبنائه - بعد أن أغلقوا باب الفرندة - يؤدون صلاة العَشاء جماعةً. أمسك عوض الزين سبحته وجلس في تسابيحه وأذكاره وهو ما زال جالساً على برش الصلاة. بينما دخل الصادق إلى الغرفة يُراجع دروسه استعداداً لامتحان الغد، هدوء غريب يلف المكان، تتخلّله أصوات تساقط الرذاذ فوق زنك المنزل، وصوت تسابيح عوض الزين، وزاد على هذين الصوتين، صوتٌ آخر جديد أقلقَ وجدي كثيراً، ألا وهو صوت قِطّته التي حُبست في الخارج فراحت تموء بصوتها. فتح لها وجدي باب الفرندة، فدخلت مسرعة واختفت تحت إحدى الأسرّة. بدأت القطة بتحريك جسمها مُحاولة تنشيف نفسها بينما بدا وجدي متأثراً لأنه نساها في الخارج في هذا المطر.


    - إنتا عارف الله حيسألك من الكديسة دي يا وجدي؟
    * والله يا أبوي كنتا قايلها جوّا
    - ياخي إنتا أصلاً مالك ومال الكدايس!!


    في هذه الأثناء، بدأ المطر بالهطول بغزارة، بدأت سقف البيت الزنكي يُسرّب الماء من أماكن مُتفرّقة، أسرع إبراهيم ومُزمّل لوضع بعض الأواني تحت الأسقف التي تُرشح الماء، فزاد صوتٌ جديد على الأصوات التي كانت تقطع صمت تلك الأمسية المطرية، بينما سمع عوض الزين صوت أبواق سيارة بالخارج. إنها سيارة ترحيل البنك ولا شك. أخذ عوض الزين قطعة من الكرتون جعلها فوق رأسه، وخرج إلى الحوش، فتح الباب فإذا بحافلة الترحيل واقفة وبداخلها "الشفيع" سائق الحافلة:

    * السلام عليكم.
    - وعليكم السلام.. كيفك يا الشفيع؟
    * الحمد لله، مالك ما لابس يا زول؟
    - عليك الله ما شايف المطرة دي؟
    * شنو يعني، ما مشي الشغل؟
    - والله يا الشفيع ياخوي، شكلي ما حقدري أمشي وأسيب الأولاد ديل براهم كده. المطرة دي شكلها ما مُطمّن.
    * يا زول الله في، وبعدين شُغلك أولى.
    - لا والله يا الشفيع، أولادي أولى لي.
    * يعني ما ماشي.
    - لالا الليلة ما حأقدر أمشي.
    * خلاص سَمِح، ما مشكلة. حَمُر على "الفاتح البِعِيو بشوفو كان بيقدر يِسِد مكانك الليلة.
    - آآي مُرّ عليهو وشوف. أنا والله ما حأقدر أمرُق الليلة.
    * ماشي.
    - طيب أنزل أشرب ليك شاي ولا كركدي سُخُن يدفي ليك بطنك.
    * لالا أعفيني عليك الله، إنتا عارف السُواقة في المطرة دي، يا الله ويامين نصل.
    - يا زول الله معاك.
    * يالله مع السلامة.
    - مع السلامة.

    تنطلق الحافلة بتثاقل، بينما يحلقها الكلب العجوز الذي ينام تحت مزيرة "فريال" الحنّانة، وهو ينبح فيها بشدّة، وما هي إلاّ مسافة قصيرة ويصمت الكلب ثم يعود ليلف جسمه وينام في مكانه تحت المزيرة المفضّلة لديه. يدخل عوض الزين إلى البيت وهو يقفز من بُقعة إلى أخرى، متحاشياً الماء الذي بدأ بالتجمّع داخل الحوش. يفتح باب الفرندة ويضع الكرتونة جانباً. ثم يجلس على إحدى الأسرة. ينادي إبراهيم قائلاً:

    - إبراهيم يا ولدي عليك الله حضّر لمبة الجاز .. حسي الكهربا تقوم تقطع.

    ينهض إبراهيم، ويدخل إلى غرفة نوم عوض الزين والحاجة فاطنة - هو يعرف مكان لمبة الجاز - يحملها ويبدأ في تجهيزها ثم يضعها على إحدى الطاولات في الفرندة ويضع بالقُرب منها علبة الكبريت "أبو شُعلة":

    * على فِكرة يا أبوي، الجاز قرّب يكمل.
    - لا حولة الله، أُمّك كانت كلّمتني الليلة العصُر. بس نسيت! الفي دي ما بيكفي؟
    * لا بيكفي إن شاء الله. بس كان كِمِل إلاّ نملها تاني.
    - كان قضّانا باقي الليل ده، بكرة يحلّلها الحلال.
                  

العنوان الكاتب Date
يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 08:12 AM
  Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 09:13 AM
    Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 10:19 AM
      Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 11:25 AM
        Re: يوم من أيام فاطنة asmhan hashim07-28-07, 12:01 PM
          Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 12:31 PM
            Re: يوم من أيام فاطنة abuguta07-28-07, 12:38 PM
              Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-28-07, 12:41 PM
                Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 08:23 AM
                  Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 09:45 AM
                    Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 10:19 AM
                      Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-29-07, 11:29 AM
                        Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-30-07, 07:46 AM
                          Re: يوم من أيام فاطنة هشام آدم07-30-07, 09:16 AM
                            Re: يوم من أيام فاطنة معتز تروتسكى07-30-07, 04:15 PM
  Re: يوم من أيام فاطنة عبدالله داش07-31-07, 01:11 PM
    Re: يوم من أيام فاطنة معتز تروتسكى08-01-07, 12:16 PM
      Re: يوم من أيام فاطنة Wafa Ajjasim08-01-07, 12:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de