نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: رسايل (Re: هشام آدم)
|
الرسالة الثانية عشر
على أريكة بلا غطاء أجلس الآن، وفي خاطري أن تكوني الأقرب لي الآن؛ بدلاً عن هؤلاء المصدّرين للضجيج. بطريقة ما أنا منزوع من الوعي؛ حدّ أني بالكاد أسمعهم وهم يصفّّرون عندما تمر عارضة الأزياء على شاشة التلفاز. الصورة الحقيقية أمامي باهتة جداً لا تحتوي على تفاصيل مغرية حدّ الانتباه. إنما أجلس كأني على حجركِ الآن، وهواء المكيف العابر فوق شعري أصابع يديكِ المبتلة بالماء.
تذكرتكِ عندما قرأت كلام باشلار عن الشمعة، وأحببتك أكثر عندما انتهيت من القراءة ولمّا يساورني النعاس بعد، عندها أغمضت عيني برفق حتى أحسست بحرارة في بؤرة العين. الظلام الداخلي حالك يا حبيبتي، إنه المجال الأمثل لحضورك الباهر. عندما أتيتِ قبّلتك بقدر ما كنت مشتاقاً إليكِ.
أما بعد ،،،
فعن عطبره التي تملئ ذكرياتها الغرفة الضيقة من الذاكرة. فهي مدينة وادعة، يربض على جسدها البضّ خط السكة الحديدية الشريان الأورطي للمدينة. وكما يتجمع الآخرون حول النهر، فإن العطبراويين يتجمعون حول شريط السكة الحديدية. ذهبت مع بعض الأصدقاء لقضاء عطلة السمستر الأول. أظنني كنت في السنة الثالثة عندما كان ذلك. ولأنني كنت الأقرب إلى قلب خالد عبد الله فقد أصرّ أن أنزل ضيفاً لديه؛ فكان ذلك. عطبره المدينة التي تستيقظ في الظهيرة على أصوات المقطورات، ورنين الدراجات، وصراخ بنات المدارس هي أجمل المدائن التي رأيتها بعد عينيكِ.
عطبره .. حيث عائلة أبو سن وأبو شوك الذين حملوني على رؤوسهم رغم أن الأرض لم تضق بي هناك، ولكنها أريحيتهم التي تجعلك لا تملين الحفاوة. مكثت فترة -أظنها يومين- في ضيافة خالد عبد الله، غير أنها كانت إقامة جبرية، فقد اكتشفت أن خالد عبد الله شخص كسول لا يخرج من غرفته إلا إلى المرحاض وبالعكس. ما زلت أذكر عندما طرقت الباب فتاتان فدخلتا علينا وانهالتا علينا ضرباً .. نعم!! إنهن آمنة عوض أبو سن وماريا السيد. عطبراويتان جسورتان.
سبب (العلقة) أنني لم أذهب لزيارتهما في الثاني لقدومنا كما وعدتهما، لم يكن الأمر بيدي، فأنا ضيف وأجهل طرقات المدينة. تصوري أن يغضب أحدهم منكِ فقط لأنك لم تسجلي زيارة له! كم منا يغضب عندما يطرق بابه أحدهم! ولبيت أبو شوك وتلك العائلة الأكثر من رائعة منزلة خاصة في قلبي. أمضيت معهم يومين كاملين، لم أشعر خلالهما بالرغبة في الخروج من باب الدار. ما زلت أتذكر شكل الخالة نفيسة وهي تربط قدميها بكيس نايلون من اتقاء الرطوبة، وابتسامتها الوقورة وهي تستمع إلى أحاديثنا في المساء. لن تفرقي بين أحدنٍ منهم .. فكلهم واعٍ .. وكلهم مثقف .. وكلهم ناضج .. وكلهم مرح .. وكلهم كريم. يا لها من أسرة .. فليحفظهم الله.
حبيبتي .. أجزم أن ما انقضى في حياتي بدون هو مضيعة للوقت، وأن ما سوف يأتي بدونك شيء لا يخصني، وأنا الآن في هذا الشوق أشعر بالعدمية وبشيء يشبه النار يرتديني كالأفرول من قدمي إلى عنقي. أتمنى أن لو أراكِ ولو من بعيد. أن أسمع صوتك ولو همساً. آآآآه كم أشتاق سماع صوتك يا حبيبة.
هل تصدقين أنني ما زلت أنسى اسم ابنة أختي؟ عندما وضعت أختي مولدها الأخير، وضعتها أنثى ففرح جميعنا بمن فيهم والدي .. فكلنا كنا نتمنى أن تضع مولداً أنثى. تقول أمي : "إنّ خلفة البنات بركة". ولقد صدقت! فبيت ليس فيه أنثى يفقد الكثير من الخصوصية، ويفقد الكثير من الدفء؛ لذا تجدينني شديد الارتباط بأخوتي. إحداهن تزوجت -تعرفين ذلك- وهي سعيدة الآن في بيت زوجها، ولكنني أشتاقها من حين لآخر. أشتاقها عزباء لتبقى العلاقة بذات الخصوصية بيني وبينها. تعرفين كم أحب الدهباية، ولكنها سنّة الحياة.
بالأمس .. وأنا أرتب غرفتي وجدت صورة قديمة لي .. أقف فيها إلى جوار شيخ عجوز. لم أتذكره ولكنني تذكرت المكان الذي كنّا فيه. كان ذلك في منزلنا القديم. هو نفس المنزل الذي وطأت فيه بقدمي على زجاج فتهمش داخل إبهام قدمي اليسرى. أذكر أن والدي هرع بي إلى المستشفى، وعلى الفور حقنوني بحقنة تخدير موضوعي. بدأ الطبيب يمارس عنفه عليّ، وبمشرط حاد بدأ في فتح الجرح، ورغم أنهم كانوا يظنون بأنني مخدر إلا أنني كنت أشعر بما يجري في قدمي. صرخت طالباً منهم أن يتركوني. وصرخت أكثر وأنا أخبرهم بأنني أشعر بالألم. قال الطبيب لوالدي: "إن ولدك هذا يخاف من المبضع، وهذا ما يجعله يستشعر الألم". غير أني كنت أتألم فعلاً. لقد كانت بالنسبة لي عملية جراحية بدون تخدير؛ ولذا فإنني وحتى اللحظة أكره الأطباء وأكره رائحة المستشفى (رائحة الديتول).
منذ يومين لم يمر جاري السكير .. كما أنه ليس في غرفته. أخشى أن يكون قد أصابه مكروه. لقد بدأت أحب هذا الشاب فعلاً. قبل مدة سمعته يقول: "لابد أن أقرأ الفاتحة على روح حبيبتي." فلا بد أنه ذهب ليفعل. أفرح كثيراً عندما أجد أشخاصاً يقدّرون الحب مثل هذا الشاب. أمثاله نادرون في هذا الزمان يا حبيبتي.
قد أحمل لكِ في المرة القادمة أخباراً سارة جداً غير أني لا أريد أن أستبق الأحداث. كوني بخير فأنا لا يهمني في حياتي غير أن تكوني سعيدة. وبلغي تحياتي إلى أسرتك الكريمة.
بالمناسبة: هل هنالك من أخبارك عن جارتك التي كانت تسكن في الطابق العلوي؟
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-01-09, 01:05 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-01-09, 01:12 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-01-09, 02:04 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-02-09, 09:29 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-02-09, 11:58 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-03-09, 07:12 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | دينا خالد | 02-03-09, 08:30 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | كمال علي الزين | 02-03-09, 08:35 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-03-09, 01:20 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-03-09, 10:28 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-03-09, 02:05 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | دينا خالد | 02-03-09, 08:32 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | rani | 02-03-09, 09:08 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 09:31 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 09:27 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 11:19 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | Emad Abdulla | 02-04-09, 12:06 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 01:14 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | Emad Abdulla | 02-04-09, 01:24 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 01:35 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | اينانا | 02-04-09, 02:04 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-04-09, 02:42 PM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-05-09, 06:38 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام كمال | 02-05-09, 06:59 AM |
Re: رسائل تفتح بمعرفتها فقط | هشام آدم | 02-05-09, 10:56 AM |
رسايل | أميرة فاروق عبد العال | 02-05-09, 07:35 AM |
Re: رسايل | هشام كمال | 02-05-09, 11:35 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-05-09, 11:45 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-05-09, 11:59 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-05-09, 01:11 PM |
Re: رسايل | خالد سمارة | 02-05-09, 03:36 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-06-09, 02:43 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-07-09, 08:17 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-08-09, 08:11 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-08-09, 02:02 PM |
Re: رسايل | Sabri Elshareef | 02-08-09, 04:26 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-09-09, 06:33 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-09-09, 09:24 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-10-09, 12:27 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-11-09, 08:24 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 02-12-09, 09:54 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-09-09, 11:22 AM |
Re: رسايل | najma | 03-09-09, 11:34 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-09-09, 12:12 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-09-09, 12:25 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-10-09, 11:28 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-14-09, 11:06 AM |
Re: رسايل | انعام عبد الحفيظ | 03-14-09, 04:59 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-15-09, 07:29 AM |
Re: رسايل | انعام عبد الحفيظ | 03-15-09, 07:34 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-15-09, 07:44 AM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-15-09, 08:42 AM |
Re: رسايل | مدثر محمد ادم | 03-15-09, 04:13 PM |
Re: رسايل | عمر سعد | 03-15-09, 05:05 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-17-09, 01:49 PM |
Re: رسايل | هشام آدم | 03-17-09, 10:28 AM |
|
|
|