|
Re: بين حجرين - رواية (Re: هشام آدم)
|
_____________________________
أفاق الريّس من هذيانه الصامت على صوت نباح كلبة فريال الضو تركض خلف دراجة يقودها صبي مراهق، ثم تعود إلى حيث كانت على أرضٍ رطبة تحت مزيرة. فقال في نفسه: "هذا أيضاً عمل روتيني! لن تشعر الكلبة بكلبيتها إن لم تركض خلف الغرباء وأن تنبح فيهم ثم تعود للنوم مرّة أخرى، ولن تشعر بكلبيتها إن لم يخافوا منها. ترى هل أحسّت الكلبة بأن لوجودها معنىً لمجرد أنها ركضت ونبحت في وجه سائق الدراجة ذلك؟ هل تشعر بأن ما تفعله هو سر احتفاظ فريال بها؟ ما الذي دفعها لترك جلستها المريحة لتفعل ما فعلت، ألم يكن من الأجدى لها – إذا كانت لا بد نابحة - أن تنبح من مكانها؟ وذلك الكمساري المزعج الذي يمضي وقته في المناداة "هَدَل .. هَدَل .. هَدَل" بصوتٍ يوشك أن يهتك حباله الصوتية، بينما يحتسي السائق كأساً من الشاي بطريقة برجوازية مقيتة، منشغلاً بأحاديث بذيئة مع "ست الشاي"، ألم يكن من الأفضل له أن يعلّق ورقة على زجاج حافلته يكتب فيها "هَدَل" ويريح نفسه؟" كان الريّس يراقب المارين في شارع منزله بازدراء شديد، مستشعراً الاعتيادية في وجوههم وضحكاتهم وحركاتهم، ويرى خلف هذه الوجوه وجوهاً أخرى مجروحة ومنهكة بفعل التعب والاعتيادية. لا شيء في نظره يدعو للأمل، فتنهّد بصوتٍ عالٍ وكأنه يتنفس من رئة غيره، وهو يحصي غبار الاعتيادية الذي يخلفه المارون ورائهم.
التأمل لا يشترط المنطقية في تتابع الأحداث والشخوص، ولا ضرورة تذكر لإيجاد روابط تسلسلية لما يدور في أذهاننا، وهذا ما جعل الريّس ينتقل في تأمله بطريقة غير منطقية إلى صورة أبيه المعلّقة على جدار غرفته الكلسية، ويتذكر وصاياه التي تأتيه بين الحين والآخر كومضات تذكيرية رغم أنه لم يكن يهتم لها كثيراً، إلاّ أنها كانت تأتيه في أوقات لا يحسب لها حساباً، ثم يتذكر جملته الاعتيادية أيضاً "بكرة لمن تعرّس وتجيب أولاد يا محجوب؛ كلامي ده بيقع ليك تمام"، ثم يعرج إلى ذكرياته مع أخيه مكي الذي كان يخيف فتيان الحي ويأسر قلوب فتياتها. شعر الريّس للمرة الأولى منذ أكثر من سبعة عشر عاماً بالحوجة لأخيه، فما كان ليتركه واقعاً في شباك الحيرة لو أنه كان على قيد الحياة. "الموت والحياة اعتيادية أيضاً !!" تذكّر الريّس ذلك اليوم الذي وقف فيه مكي مبدياً سخطه على حياة الفقر التي كانت تعيشه أسرتهما، عندها فقط عرف سر الجملة المستنسخة التي لا تفتأ نفرين تقولها له "شهاب الدين أظرط من أخيه" وكأنه بدأ يجيد الربط بين الأشياء للتو فقط، فابتسم ابتسامة يسخر بها من نفسه، ثم أعاد وضعية جلوسه. وفيما راح يدقق النظر في وجوه المارين من حوله، مرّ حافظ بونقز على دراجته التي يبيع عليها الخيزران، فابتسم وهو يرى خيزراناته المنتصبة كشوارب الفقمة، وحاول أن يوجد رابطاً بين بيعه لتلك الخيزرانات وبين كونه بونقزياني محترف، فلم يجد غير أنه يخفي بين ثيابه شخصاً ميّالاً للعنف والضرب. وقرّر أنه يحفظ جدول الضرب دون شك! فابتسم مرّة أخرى لأنه عرف كنّه الأشياء، وطريقة كشفها بالربط بين ظواهر الأشياء وبواطنها. عندها خرجت نفرين لتضع بين فخذيه وعاءً بلاستيكياً أزرق اللون "هاك .. أمشي جيب لينا رطل زيت .. الزيت كِمِل"
نهاية الفصل الثالث
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:31 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:35 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:42 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:55 PM |
Re: بين حجرين - رواية | Mohammed Elhaj | 06-26-07, 05:57 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:02 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:05 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:09 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:17 PM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-27-07, 05:15 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 07:10 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 08:49 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 09:35 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 09:44 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 10:08 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمد على النقرو | 06-27-07, 10:10 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 10:40 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-27-07, 10:43 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:01 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:14 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:21 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:23 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:27 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:29 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:24 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:44 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:48 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:56 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 08:11 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 08:33 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-28-07, 09:21 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمد جميل أحمد | 06-28-07, 10:15 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:43 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:27 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:47 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 12:07 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 08:05 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 08:50 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 09:08 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 09:19 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 10:49 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 11:47 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 12:48 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 01:04 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:07 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:11 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:31 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:39 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:19 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:25 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:28 PM |
|
|
|