بين حجرين - رواية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 08:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-27-2007, 08:49 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين حجرين - رواية (Re: هشام آدم)

    ________________________
    الفصل الثاني:


    يستيقظ الريّس صباحاً على صوت غرف نفرين لحوض الحمّام، وأصوات أبواق باعة الأواني المنزلية المتجولين. والتحايا الصباحية المتبادلة بين أمّه ونفيسة عبر السور المشترك الفاصل بينهما. يرفع رأسه بتثاقل ليفاجأ بأشعة الشمس تهاجم وجهه، فيقطّب حاجبيه وكأنه أحد عمال المناجم الذين يرون النور لأول مرّة. ولا يستغرب كثيراً عندما يرى "غنماية" عابرة تمدّ رأسها بفضول عبر باب المنزل الموارب. غنماية مشاكسة بقرنين صغيرين ناتئين كأسنان الأطفال اللبنية وضع أصحابها حول ضرعها خُرتاية قماشية بيضاء، تحاول خطف بعض الأوراق الصفراء التي تسقطها شجرة الجميّز العملاقة، تتقدم بكل ثقة أو وقاحة سببها الباب غير محكم الإغلاق. تنتبه نفرين فتلوّح لها بالمقشّة البلدية، فتولي هاربة. وبكبكة الدجاجات التي تربيها نفرين في فناء الدار دون أن يعرف لهن فائدة تذكر. هذه التفاصيل الصباحية أصبحت تفاصيل معتادة وإجبارية عند الريّس، وعند أغلب البورتسودانيين كذلك. ابتسم الريّس وهو يستشعر برودةً بين فخذيه، ويهزّ رأسه في سخط حميم "الله ينعلِك". ينهض الريّس معتدلاً فوق سريره، وهو يتمطّى بعد أن ألقى تحية الصباح على أمّه التي ترّد عليه باقتضاب - معتاد أيضاً - : "الفطور مغتّى عندك جوّا في المطبخ .. غسّل وشّك وقوم أُكُل ليك لقمة."


    صباح بورتسودان أكثر ضجيجاً من أي مدينة سودانية أخرى. الكل – بعد إلقاء التحية الصباحية – ينطلقون في عجلة إلى أعمالهم: عمال الميناء، والصيّادون، وعمّال السكّة الحديدية، وطلاب المدارس، وموظفو الدوائر الحكومية، وأصحاب محلات الخضار والأقمشة، وباعة الأواني المنزلية المتجولون، وحرفيو الورش الصناعية بأفرهولاتهم الزرقاء، والعساكر ببذلاتهم الخضراء، حتى النوارس على طول امتداد رصيف الميناء الكل متوجهون إلى أعمالهم، الكلاب هي الكائنات الوحيدة التي تأوي متكاسلة إلى ظلال البيوت والأشجار والميازر بعد قضاء ليلٍ طويل في النباح والوقوف على أسوار البيوت النائمة. يجلس الريّس بعد أن اغتسل، وفرش حصيرته على الأرض، متناولاً إفطاره بطريقة ميكانيكية، بينما ما تزال ابتسامة تلك الفاتنة الإيطالية لا تغادر مخيّلته أبداً. كان كلّما تذكر تلك الابتسامة المعجونة بكبرياء من النوع المحبّب، يبتسم لوحده، وكأنها تبتسم له الآن. وما تزال مشيتها التي تشبه تهادي الأفيال الأفريقية مرسومة على ذاكرته التي حفظت كل تفاصيل تلك الليلة وكل تفاصيل تلك الحسناء، ولم يعد له مكان لاسمها، فنسيه. كان يقول: "الأسماء لا تهم، فهي رموز .. ليس إلاّ." لم يُعده من غيبوبته تلك إلاّ صوت تكسّر الرغيف الناشف بين أسنانه.



    انتهى الريّس من وجبة الإفطار، وشرع يرتدي ملابسه استعداداً للخروج. وقف أمام خزانة الملابس الحديدية متقشّرة الطلاء، وبنظرة خاطفة لمح صورة أبيه غير المبروزة والمعلّقة على إحدى جدران الغرفة الكلسية. رجل فقير متأنّق في مضارب السبعين، يرتدي عمامة كبيرة جداً، ووجه صغير بائس يبدو للوهلة الأولى أنه لم يعتد على لبس العمامة أو أنه أُجبر عليها، وشلوخ غير متساوية على خديّه السمراوين، وشفاه غليظة. وفي أسفل الصورة جملة مكتوبة على خلفية بيضاء بالآلة الناسخة بالكاد تظهر حروفها: الشيخ عبد السلام محجوب الكاشف 1968م. ومات الشيخ عبد السلام بعد تاريخ التقاط الصورة بشهرين على الأكثر، كان الريس عمره حينها خمسة عشر عاماً. قال البعض: "كأنه التقط هذه الصورة لتخليد ذكراه!!" لم يكن للريّس أو أي شخص من ذريّة محجوب الكاشف (الجِد) علاقة بعائلة الكاشف الموسيقية المعروفة، رغم أنه كان يدعي هذا النسب في كثير من الأحيان. والريّس الذي لم يكن يجيد العزف على أي آلة موسيقية هو الابن الوحيد لأبيه بعد أن توفي أخوه الأكبر مكيّ عبد السلام محجوب في حادثة غرق قديمة لا يكاد يتذكر تفاصيلها. غير أنه سمع من أبيه ومن أمه روايتين منفصلتين، كوّنتا له صورة شبه متكاملة عن حادثة غرق أخيه تلك، والتي لم يشهدها، إذ كان الريّس وقتها يقضي الأسبوع بأكمله في عنابر مدرسة الاتحاد الداخلية. وكان يتغيّب لأكثر من أسبوع إذا لم يجد داعياً لخروجه، فقد كان يقضي أوقات ممتعة مع رفاقه الذين كانوا طلاب مستديمين في مدرسة الاتحاد المتوسطة (بنين) الداخلية.


    مكي الذي كان أول مولد تضعه نفرين بعد مشقة وجهد بالغين كانت حريصة على تسمية مولدها الأول باسم أبيها صاحب الفضل الأول – كما كانت تذكّر زوجها دائماً – في أن يتعلّم الشيخ محجوب عبد السلام الصيّد وفي أن يمتلك أول قارب صيد في حياته، كان ذلك بعد عاصفة 1911م البحرية الشهيرة، بينما كان محجوب الريّس على اسم جده الذي اندرس ذكره في تاريخ عائلة الكاشف لسوء سيرته، فقد كان رجلاً مزواجاً، كثير الشراب. وكان رغم زيجاته المتعددة لا ينجب إلاّ أطفالاً ميتين، كان عبد السلام الوحيد الذي كتب له الحياة من بين أبنائه الذين أنجبهم وربما بلغ عددهم ثمانية أبناء بين إناث وذكور، ماتوا جميعاً ولم يتبق إلاّ عبد السلام لذا فقد كان محجوب (الجد) يحبه حباً جمّاً ويغدق عليه من عطفه ومن حنانه، لا سيما وأنه كان كثير المرض في صغره. وهذا الاهتمام والخوف البالغ هو ما جعل عبد السلام ينشأ مدللاً، ومأثوراً. ولم يُسمح له بالذهاب إلى الكُتّاب خوفاً عليه من الحسد، فلم يُشاهد يغادر المنزل منفرداً قط إلاّ بعد أن بلغ الحادية والعشرين من عمره أي بعد وفاة أبيه بسنتين تقريباً.
                  

العنوان الكاتب Date
بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 05:31 PM
  Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 05:35 PM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 05:42 PM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 05:55 PM
  Re: بين حجرين - رواية Mohammed Elhaj06-26-07, 05:57 PM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 06:02 PM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 06:05 PM
        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 06:09 PM
          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-26-07, 06:17 PM
  Re: بين حجرين - رواية محمَّد زين الشفيع أحمد06-27-07, 05:15 AM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 07:10 AM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 08:49 AM
        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 09:35 AM
          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 09:44 AM
            Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 10:08 AM
  Re: بين حجرين - رواية محمد على النقرو06-27-07, 10:10 AM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 10:40 AM
  Re: بين حجرين - رواية محمَّد زين الشفيع أحمد06-27-07, 10:43 AM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:01 PM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:14 PM
        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:21 PM
          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:23 PM
            Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:27 PM
              Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-27-07, 01:29 PM
                Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 06:24 AM
                  Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 06:44 AM
                    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 06:48 AM
                      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 06:56 AM
                        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 08:11 AM
                          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 08:33 AM
  Re: بين حجرين - رواية محمَّد زين الشفيع أحمد06-28-07, 09:21 AM
    Re: بين حجرين - رواية محمد جميل أحمد06-28-07, 10:15 AM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 11:43 AM
    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 11:27 AM
      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 11:47 AM
        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-28-07, 12:07 PM
          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 08:05 AM
            Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 08:50 AM
              Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 09:08 AM
                Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 09:19 AM
                  Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 10:49 AM
                    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 11:47 AM
                      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 12:48 PM
                        Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 01:04 PM
                          Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 03:07 PM
                            Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 03:11 PM
                              Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 03:31 PM
                                Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 03:39 PM
                                  Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 07:19 PM
                                    Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 07:25 PM
                                      Re: بين حجرين - رواية هشام آدم06-30-07, 07:28 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de