بورتفوليو (2)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2006, 12:38 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بورتفوليو (2)

    Upon someones' request
    _______________


    - الورقة الأولى من البورتفوليو -

    لم أشأ ، غير أني وجدت نفسي غِـراً في حضن أبوين هربا من وطن لا أعرفه عنه شيئاً غير ما ينسبه لي أطفال الشارع البِيض: ( يا سوداني ... يا سوداني ) فعرفت بفطرة الأطفال أن ( سوداني ) هي ( وصمة عار ) أو في أحسن الأحوال ( مذمة ) لا خلاص منها. ورغم هشاشة العظام ، وضيق مساحات الاستيعاب ، واتساع مساحات البراءة الطفولية إلا أنني وجدت نفسي فجأة بين وصمتي عار – لا ذنب لي في أيّ منهما - : أنني سوداني و أنني في السعودية! وهذه الأخيرة لم أشعر بها في البداية غير أن هذا البورتفوليو يحمل العديد من الأوراق التي ستنكشف الواحدة تلو الأخرى تماماً كما تسقط أوراق شجرة البلوط خريفاً.



    وكما يتسامح الأطفال ، تسامحت مع بقية الأطفال لأنني أريد أن يشركوني معهم في اللعب . ولم أكن أعلم أن الكلام الذي يطلقونه في ضحك طفولي ساخر كان ينكت في قلبي الصغير نكتة بدأت تكبر معي يوماً بيوم حتى امتلئ. ولأن الإنسان هو ابن بيئته الشرعي فقد اكتسبت اللهجة المحلية لأبناء السعودية (هل كان ذنبي؟) وعشت – كما عاش الآلاف غيري – جدلية: البيت والشارع. أدخل فإذا بأمي تكلم أبي بالرطانة وتتكلم معنا بالعربية (الدراجية السودانية) ، وأخرج إلى الشارع لاصطدم باللهجة السعودية. وأكاد أجزم أن هذه (الطوطحانية) أرهقت جميع من تربوا خارج السودان. وظروف أبي المرتبطة بعمله الشاق (متعه الله بالصحة والعافية) كانت تحول بيننا وبين أن نزور السودان سنوياً كما كان يتاح لبعض المغتربين ، وهذا بدوره ساعد على اتساع رقعة الرتق.



    في المدرسة ، كان لازماً علينا أن نتقيد بالزي السعودي ، فارتدينا الفساتين الرجالية البيضاء ، وأغطية الرأس الحمراء المنقطة. وأكرر كان هذا إلزامياً !! وكنا نرى بين كل عشرين عابراً واحداً أو ربما اثنين يرتدون جبة سودانية وعمامة كتلك التي نراها على الرؤوس في المناسبات العائلية النادرة. كان اغترابنا حقيقياً من الداخل ومن الخارج. فلا اللغة ولا العادات ولا الزي ولا حتى الممارسات كانت هي التي يجب أن نتربى عليها.



    هنا البيوت لها أكثر من باب!! باب للرجال .. وآخر للـ(حريم) وأرى أن الكبار يتشربون المحرمات الأجنبية أسرع مما يفعل الأطفال. كنا صغاراً عندما بدأنا نسمع : "يا ولد أمش أقعد جوا .. عيب .. ما تقعد مع الكبار" أو "يا بت عيب ... ما تلعبي مع الأولاد" وكنا نرى أن هذه هي (التعاليم) لأنه لم تكن هنالك تعاليم أخرى تحل محلها. وفي المدرسة تكرر نفس التعاليم ولكن بلهجة أكثر صرامة وتأخذ شكلها الأكاديمي المهيب. فيصبح كلام (الأستاذ) مرجعية نقارع بها آبائنا وأمهاتنا في المنزل "الأستاذ قال كده!!" وتشبعنا بما فيه الكفاية بسلطة المدرسة في غياب التربية الأسرية – فيما خلال " عيب " و " لا " و " خش جوا " وووووو وسلسلة من الأوامر والنواهي. فكانت هذه هي التربية في نظرهم ، وربما في نظرنا أيضاً .



    اللعب في الشارع ، كان مكافئة لعمل عظيم تقوم به. السماح لك بالخروج مع أصدقائك للحي الآخر يحتاج إلى واسطة أمومية و (تحانيس) وربما تعهدات بعدم التأخر !! علمونا أن البيت هو الملاذ الآمن من الخطر الذي في عقولهم وحدهم. فعندما شعروا بذلك ... خفنا !!! من ماذا ؟ لا ندري. ولكننا عرفنا أن الخطر ، كل الخطر يكمن في هذا الشارع المقابل لتلك النافذة. لهم الله آبائنا إنما كانوا قلقين وحسب.



    تمر السنوات وتصبح هذه الأرض الغريبة ، ليست غريبة ، إنماً وطناً به أهلي وبه أصدقائي ومدرستي وملعبي وكل شيء. (هل كانت تلك غلطتي؟) أصبح ارتباطي بالسودان فقط من خلال ما أسمعه من أبي في ساعات التجلي النادرة التي كان يحكي لي فيها عن جدي (أبيه) عليه رحمة الله ، وعن أخواته وعن شقاوة الطفولة التي تركها هناك حينما جاءته الفيزا على طبق من ذهب. أمي ... ذات الشلوخ الطولية الست .. امرأة بسيطة جداً ... كل همها أنها تريدنا أصحاء وناجحين في الدراسة. ولم أكن أريد أن أحملها عبئاً آخر إضافة إلى عبئها المنزلي وغربتها عن أمها وأخوتها الذين تركتهم في جحيم الأرياف ، على وعد أن يثمر زواجها من أبي بمعونات تصلهم في شكل نقد أو ملابس أو أثاث منزلي أو أدوية أو شراء منزل جديد عوضاً عن ذلك الذي تهدم في إحدى فيضانات النيل.



    هذا عالم آخر تمت إضافته إلى مستودع الذاكرة لدي .. جدي ، جدتي ، أعمامي ..... إنهم مجرد أسماء أحاول جاهداً في كل مرة أن أربط بينها وبين الصورة القديمة الباهتة التي كانت أمي تحتفظ بها في حقيبتها الزرقاء الكبيرة تحت سرير الدبل! فاختبر نفسي بين كل فترة وأخرى ... هذا الشاب مفلطح الرأس اسمه ( عادل ) وهو خالي .. وهذا المبتسم ذو البشرة الداكنة اسمه ( نميري ) وهو خالي أيضاً .. وببساطة ( عادل ) أخو ( نميري ) وهما أخوان أمي .. هذه الشابة السمراء منكشة الشعر عمتي ( حنان ) تلك البدينة التي تلف ثوبها بإهمال هي عمتي ( خديجة ) لا ... ربما كانت ( نعمة ) . كنت أحاول فأخفق ثم أحاول وأنجح وإذا شعرت بأنني حفظت الأسماء وربطها بالصورة ... أذهب مسرعاً إلى أمي كي ( أسمّع ) لها ما حفظت فتكتفي بكلمة ( شااااااطر ) !!! أليست هذه هوة ؟



    أن يكون أهلك مجرد أسماء تحاول مذاكرتهم ، لهي الطامة .. أن يكونوا بالنسبة إليك كالصحابة تعرف أسمائهم ولا تعرف أشكالها ، لهي هوة حقيقية عانيت منه وأنا ما أزال طفلاً (فهل كان ذنبي؟)



    مرت الطفولة .. وما زال أبي لا يفتأ يدعو في صلواته أن يحفظنا من أمر ما نجهله. وأمي لا تتوقف عن ترديد ( عيب ) ( لا ) وبعض الأغنيات الشعبية القديمة التي ترددها بين الحين والآخر. ودخلت مرحلة المراهقة. هذا النفق الزمني المظلم ... ظل المدرسون في المدرس وأصدقاء أبي يحذرونه من (المراهقة) وكيف أن الأطفال يسهل عليهم الانحراف في هذه المرحلة. فأخرج أبي سجينه من السجن العمومي إلى السجن الانفرادي. ومزيداً من الطين يا إلهي !!! فلم أجد أمامي غير هذا المبنى المجاور لمنزلنا أذهب إليه خمس مرات في اليوم والليلة بانتظام. فقصرت ثيابي واعتكفت في المسجد لمدة تربو على الثلاثة عشر يوماً ... كان جزائي فيها الإطراء من والدي .. الذي رأى في ذلك ( صلاحاً ) يحسده عليه أصدقائه وأقرانه. ولكنني كنت بطريقة مراهقة أنفس عن شيء ما بداخلي ... فقط لم أجد المتنفس. كنت بدأت - فيما أسميه الآن (الانتقام الذاتي) – بهجر مصافحة النساء حتى أولئك اللواتي يعبرنني بعشرات السنوات وأولئك اللواتي يعتبرن بمثابة العمة أو الخالة بالنسبة لي. ولكن كان هنالك شيئاً ما يقول لي: "لا المرأة عورة" (المرأة) يعني (أي امرأة). الآن أعتبر أن تلك المرحلة كانت مجرد (مراهقة دينية) لا أكثر.



    سألت نفسي ذات مرة سؤالاً : لماذا أصلي؟ لماذا أصوم؟ لماذا أقرأ القرآن؟ فوجدت الإجابات واحدة في كل مرة (لأن أبي وأمي والجيران يفعلون ذلك) وفي قرآن الفجر الذي كان مشهودا قرأت ( وإذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنت لها عاكفون * قالوا وجدنا آبائنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآبائكم في ظلال مبين ) فشعرت بأنني أتحدث عن نفسي . فقلت في نفسي : إن كانت الآية قد جاءت في مقام الذم .. فهذا يعني أن ما أفعله ليس شيئاً محموداً ، وليس أمراً يقبله الله لي ... وعندها قررت أن انتظر (الهداية) أن ينزل علي كناموس موسى كهذا في ساعة خلو ... كنت مخطئاً ولكنني كنت ابن الثالثة عشر !!!! ولكم أن تقيسوا أدوات الوعي المتوفرة لدي آنذاك. (فهل كان ذلك ذنبي؟)



    <<<<

    (عدل بواسطة هشام آدم on 03-22-2006, 12:43 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:38 PM
  Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:42 PM
    Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:48 PM
      Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-22-06, 12:53 PM
        Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-23-06, 06:48 AM
          Re: بورتفوليو (2) هشام آدم03-25-06, 10:02 AM
  Re: بورتفوليو (2) Mohammed Elhaj03-26-06, 04:02 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de