|
Re: اليمين واليسار (Re: معتز تروتسكى)
|
___________
صديقي العزيز معتز (تروتسكي)
ربما كان توارد خواطر ، فهنالك موضوعات ما زالت تطفو على سطح الوعي يا صديقي وأعتقد أننا نشترك فيها جميعاً . بالنسبة لموضوع اليمين واليسار فإنني أضيف بأن التحول - فيما ذكرته في مقدمة البوست - لم يقتصر فقط على التقييم بل امتد حتى المواصفات الجوهرية فاليمين التقليدي كان على الدوام ذا نزعة دينية محافظة مقابل إلحادية اليسار أو علمانيته. ولكن اليمين الجديد لم يعد بالضرورة ذا توجه ديني ولا يندر في بعض تياراته أن تشف عن نزعة علمانية ليبرالية أو حتى تطالب بإحياء الوثنية اليونانية أو الجرمانية وفي الوقت نفسه فقد عرف (اليسار الكاثوليكي) تطوراً كبيراً كما أن الكنيسة في أميركا اللاتينية بوجه خاص قد انتهت إلى اعتناق (لاهوت الثورة) وفي الولايات المتحدة الأمريكية قاد اليمين الريغاني ما بات يعرف باسم (الثورة المحافظة) أما في الاتحاد السوفياتي السابق فقد انقلبت المعايير إلى حد بات معه اسم (المحافظين) أو حتى (الرجعيين) يطلق على أنصار النظام الشيوعي الأقل بينما صارت (التقدمية) صفة لليبراليين وأنصار التجديد الرأسمالي.
وجميع هذه التطورات المستجدة ولا سيما منذ سقوط جدار برلين جملت العديد من الباحثين في علم السياسة والاجتماع على الحديث عن تقادم وبالتالي عن بطلان التمييز بين اليمين واليسار. وفي رأيهم أن الثنائية التي حكمت العقل السياسي الغربي خلال القرنين الأخيرين قد أضحت فارغة من المعنى في مجتمع ينزع باستمرار إلى معسكرين متمايزين ومتعاديين وفي هذا السياق يشار إلى (أزمة الأيديولوجيات) وإلى تطور ظاهرة (الوسط) في الحياة السياسية من أبزر فلاسفة السياسة في إيطاليا وأستاذ فلسفة القانون الذي يرى أن (الوسط) نفسه كمقولة لا معنى له إلا بالإحالة إلى يمين ويسار وبدون أن ينكر تلتغي وتنتفي فليس للوسط من قدر غير أن يكون ثالثاً بين الحدين في حقبة الحرب الباردة لا يسمح التنافي الحدي بين اليمين واليسار بان يلعب الوسط غير دور (الثالث المرفوع) وبالمقابل فإن هدوء الصراع الأيديولوجي في ظل استقرار الديمقراطية يتيح للثالث المرفوع فرصة التطور إلى (ثالث موضوع) ولكن هذا الوسط لا ستقبل أبداً بنفسه. بل متى ما اتسع هامشه انقسم بدوره لا محالة إلى وسط يميني او وسط يساري وانشد رغم رماديته إما إلى القطب الأسود أو القطب الأبيض.
يتبع
|
|
|
|
|
|
|
|
|