|
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) (Re: هشام آدم)
|
( الحلقة السابعة )
أحس الجميع وهم في سمرهم هذا برذاذ يُعلن عن مطرٍ قادم فنهضوا. قام عوض الزين - الذي كان مُمدداً على ظهره - مُتثاقلاً وهو يقول: * شكلو في مطَرَة قوية جاية. حمل مُزمّل مذياع والده ووضعه فوق الشفانيرة في الركن القصي من البرندة ثم عاد إلى الحوش، ليحمل مع بقية اخوته لحافات الأسِرّة. بينما حمل وجدي سَبَت العيش ودخل به مُسرعاً إلى المطبخ. وقف عوض الزين داخل البرندة وهو ينظر إلى أولاده وهم يحملون الفُرش تارةً، وإلى باب المنزل تارةً أخرى. لقد كان قلبُه مُعلّقاً على رتاج الباب. كان يُفكر في الحاجة فاطنة التي لم تعد حتى الآن. انتبه الصادق إلى ذلك فسأل والده: - مالك يآبا؟ * شكلو حنصلي العِشا في البيت. قبل ساعة من ذلك، كانت الحاجة فاطنة في بيت محاسن بت المبروك ومعها جارتها عزيزة تجلسان بجوار بعضهما في مرتبة وضعت على الأرض، بينما ترقد محاسن على سريرها، ومجموعة من النساء في أرجاء الغرفة. بخور التيمان يملأ أرجاء المكان حتى بهتت إضاءة الغرفة كثيراً، بعضهن انصرفن في الحديث عن سعر الذهب الذي غلا فجأةً بعد حرب الخليج، وأُخريات يتحدثن عن تغيّر ( شروق ) بعد عودتها من دبي، فهي أول مرة تخرج فيها من البلد، بعد أن تزوجت من أحد المغتربين العاملين هناك، وكيف أنها أصبحت تزدري الناس، ولا تُحب الحديث مع نساء الحِلّة، والذهب الذي رأتهُ لأول مرة في حياتها أصبح ساعداها ينوءان به من كثرته، وكيف أن وزنها قد زاد عمّا كان عليه قبل سفرها، وكان النسوة يتحدثن عما صرّحت به ( شروق ) نفسها عن نيتها استئجار منزل في امتداد ناصر: * عاد لاكين كان شوفتي شروق بعد جات راجعة؟ - آآآي .. عاد ما لاكين المَرَة نِظفَت جِنِس نظافة! * نظافة شنو يا بت أمي، دي كريمات سااااااي. ما شفتي الدهب الفي يدينا؟ ولا الكٍردان الفي صدُرَا، إن شاء الله دهب الرماد يا يُمّا. - جم! هو كان شُفتي التياب الجابتا معاها ، كان تستغربي. جاكوار شنو، ومرسيدس شنو، وتايتنك شنو... * هو أصلو راجِلا ده لمّا فيها وين؟ ما قالوا كان مغترب ليهو 11 سنة!! - برِي .. ما عارفة. لاكين بيقولوا شافا في شريط عِرس. عاد إنتا غبيانة عن المُغتربين ديل؟ * هو عِرس منو لاكين يا ربي؟ - بيكون عِرس ناس الرضيّة، ما تتزكري. شروق كانت حااااااااضرة. * عاد لاكين ما طِغّت وشافت رُوحا. فوق شنو ما تعرفي. بقت زي ( ود دبرك ) ما بتقعُد في الواطا - آآي لاكين ما عملت ليها جضيمات تحلفي تقولي لِقيمات! * ووب علينا أنحنا ديل!!
وبعض النسوة جلسن صامتات لا يُشاركن في أي حديث، مثل الحاجة فاطنة التي كانت تكتفي ببعض الجُمل المُقتضبة عن تربية الأولاد وصعوبته، والخريف واستعداداته. امرأة واحدة فقط كانت تجلس بجوار محاسن في سريرها المفروش بملاية وردية مُزركشة بالمُخمل، هي ( فوزية العطّار ) جارة محاسن وزوجة أخيها في ذات الوقت. كانت تجلس بجوارها ممسكة بيدها، وتُمدها بأوراق مناديل الكيلنيكس كلما شعرت أنها بحاجة إليها، بينما كانت عزيزة تتحدث مع أخريات يجلسن إلى جوارها عن ( تماضر ) كيف بدت في حفل زفافها، وكيف أن الحِنّة التي كانت تضعها على يدها قدّ أخفت تلك الوحمة، وكيف أن مكياجها قد غيّر الكثير من ملامحها، وفستان زفافها ( السَمَكَة ) المُزركش بالتِرتِر، والذي كلّف ( الشيء الفلاني ). وفجأة تلكز الحاجة فاطنة جارتها عزيزة وتهمس لها: - مش نقوم؟ * آآي والله، أنحنا اتأخرنا شديد. - أرح!! تقف الحاجة فاطنة معتمدة على يديها ترفع مؤخرتها أولاً ثم تستقيم في وقفتها، تلتفت إلى محاسن التي كانت تتكلم سراً مع فوزية، فتقول لها: - أها يا محاسن يا أختي، إن شاء الله بالعوض اللي يِفرِّح وما يترِّح. * شنو يا جماعة، ما لسّة بدري. - بدري وين يا بت أمي، إنتي ماك عارفة المشوار جبّدة كيفن؟ يالله بس نلقى مواصلات. * والله بدري يا حاجة فاطنة، ياخي ما تقعدو تتعشّوا معانا عليكم الله. - إنشاء الله مرّة تانية. * والله ما قصّرتو. الله يديكم العافية. - الله يعافيكِ يا بت أمي. .. أها عوّافي * الله يعافيكِ. تغادر الحاجة فاطنة وبرفقتها عزيزة، وما تزال بعض النسوة منهمكات في أحاديثهن الجانبية. تمر الحاجة فاطنة في طريقها إلى الباب بالبرندة حيث يتمدد ( إلياس ) زوج محاسن بجواره طاولة صغيرة عليها ( حُقّة تُمباك) وبجانبه علبة ( نيدو ) مملوءة بالرمل: * أها، نفوتكم بي عافية يا حاج إلياس، معوّضين إن شاء الله. ينهض ( إلياس ) الذي لم يكن منتبهاً: - شنو ياجماعة، ما لسّة بدري يمد ( إلياس ) يده للمصافحة، فتلف الحاجة فلطنة كفّها بطرف ثوبها وتصافحه * يادوب نِلحّق على المواصلات. - ما بتقصّروا والله. كيف أخونا عوض الزين؟ * بي خير والله. - بالله بلّغيهو تحياتنا. * يوصل إن شاء الله. تخرج الحاجة فاطنة وعزيزة إلى الشارع ويقطعان مسافة طويلة مشياً على الأقدام حتى وصلتا إلى الشارع الرئيسي. تقف الحاجة فاطنة وهي تنظر عبّر الشارع، لا توجد سيارة عابرة في مثل هذا الوقت. بدأت الحاجة فاطنة وعزيزة تتحدثان عمّا دار في بيت محاسن من أحداث وأحاديث متفرقة. وفي تلك الأثناء بدأت الحاجة فاطنة تشعر بقطرات المطر وهي تتساقط على وجهها. - سجمنا يا عزيزة، الدُنيا بقت تمّطر. * تمطّر؟ ( مدّت يدها لتختبر المطر ) آآي والله بقِت تمطّر. - يا الله الزين بيكون رجع وله لسّه؟ * يتهيأ لي الرُجال ديل بيكونوا انتهوا من المُتراس ده من بدري؟ - سجمي . . . والأولاد؟ * يا زولة ما تشفقي. إن شاء الله كلّهم بي خير. المهم المطرة الطاقا فوقنا دي، وأنحنا في نُص الشارع. كافي البلا لا مضلة لا راكوبة شان الواحد يضار بيها.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-21-05, 04:15 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | Emad Abdulla | 11-22-05, 02:53 AM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-22-05, 01:21 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | nazar hussien | 11-22-05, 02:34 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-23-05, 05:48 AM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 11:52 AM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:34 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:36 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:38 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:40 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:42 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 11-26-05, 12:46 PM |
Re: يوم من أيام فاطنة (حلقات) | هشام آدم | 12-04-05, 12:23 PM |
|
|
|