رحلة سماوية ( فنتازيا )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-18-2024, 10:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة هشام ادم(هشام آدم)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2005, 10:40 AM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رحلة سماوية ( فنتازيا )

    مشاهد الدليل السياحي لرحلة العمر



    المشهد الأول: (صالة المغادرة)

    في القطار الأبيض الذي يُقلك الآن، أنتَ مُستلقٍ عليه في انتظار الرحلة القادمة. هذا القطار لا يُغادر المكان، ولكنه قطار مرحلي. ترقد الآن توخزك مرارة الرحيل، ومرارة الانتظار. ثمانية أعين، وأربعة وجوه كلّها تتقاطع في نقطة ما في الفراغ الحزائني المهيب. هستيريا صامتة. وتبدو صورة المكان أكثر تجريدية عندما تختزله في مكانٍ واحد، وبُعدٍ واحد فقط؛ هو أنت! ظِل البكاء هو الشيء الوحيد الذي يتحرك. وأنفاسٌ خافتةٌ تخرج ساخنةً لتخالط برودة الخوف. أنت الآن ترى كل شيءٍ بوضوح تام (فبصرك اليوم حديد) هذا الوضوح الذي بلا رتوش لأنّ ذاتيتك، وانحيازك لم تعبثا في رسم لوحتها. الألوان تأخذ حجمها الطبيعي، الطاولة هناك، الستائر، خِزانة الملابس، المجلات الشهرية، ومعطف المواسم الماطرة، نظارة القراءة، علبة السجائر. تقرأ كل هذا وأنت تودّعه في صمتٍ رزين.

    الساعة الآن تمام الاستعداد. وها أنت تحاول إلقاء النظرة الأخيرة على العيون الست التي تنظر إليك. لا تعرف الآن معنى هذه النظرات، هل هي نظرات توديعٍ أم نظرات حزن أم هي نظراتٌ تتوسل إليك بأن تبقى. أنت نفسك ترغب في البقاء، ولكنه رحيلٌ قسري. تفتح السماء أبوابها لينزل الزائرون ذوو الأجنة الخضراء في موكب (صامتٍ) وقور، لا يعرفون معنى الالتفات. ملامحهم لزجة تحملُ معنى الحيادية. يخرجون - أو ينزلون - من الأبواب الفوقية، لكنّهم يدخلون من كل مكان. ينقشع عنك الحجاب فتراهم للوهلة الأولى. لا تعرفهم، ولكنّك ستغادر معهم؛ لذا يجب عليك أن تعتاد عليهم، وعلى وجوههم المُجرّدة. كأنّك لا ترى غيرهم، يغمرون المكان حيزاً إضافياً ويجلسون حتى دون أن يلقون التحية، تعدّهم، تجد أنهم ينقصون شخصاً، يبدو أنهم في انتظاره الآن.

    ورغم أنهم قادمون من أجلك أنت، إلاّ أنهم لا ينظرون إليك كتلك العيون الست. لا نظرات، لا مساحات حوارية، لا شيء! في الحقيقة أنت منفصل عن من هم حولك من الناس الأرضيين بطريقة ما، ربما لا تراهم ولا تسمع بكائهم الذي يتعالى كلّما رأوا في عينيك ذلك التوجّس. هناك هالة من الأثير تُغطي المكان، وكأنّك ترى الأشياء من خلف زجاجٍ مكسور. وفجأة يقوم الزائرون السماويون بحركة ميكانيكية منسّقة، ويدخل (الدليل). إيّاك أن تنظر إليه. إنه أكثر هيبة ووقاراً من البقية، يحمل في يده عصا معقوفة، ولكنها ليست عصا خشبية، إنها من عنصر آخر – أغلب الظن أنه ليس عنصراً أرضياً – يحملها بشكل أفقي، يأرجحها فوق رأسك، لها رائحة الموت، وطعم الموتى! هنا الأمر أصبح أكثر جديّة من ذي قبل. تراك العيون الست وأنت شاخص البصر، فيزيدون جُرعة النواح، تخرج الزوجة خارج (صالة الانتظار)، هي لا تُريد أن تراك تغادر دون أن تُقبّلها (قبلة الوداع) ويمسك الأطفال ثوبك بشدّة، لكنّك لا تشعر بشيء، عيناك تتحركان مع العصا أنّى اتجهت. وأطرافك باردة، تثور على إرادتك وتلتف الساق بالساق، ويُطلق (القطار) صافرة الرحيل.

    هو الوداع الذي تخافه ولكنك تنتظره. تُرى هل أنت خائف أم حزين؟ ينظر إليك (الدليل) بوجه خالٍ من التعابير، خالٍ من الوصف: "سأكون دليلك في هذه الرحلة، حين تخرج من هذا الصندوق اللحمي، كُلّ ما عليك فعله هو أن تمتطي صهوة هذا (الهودج)". لا تخف أيها الراحل، كل ما عليك فعله هو أن تثق بهؤلاء الغرباء وأن تُغمض عينيك. أنت لا تعرف كيف ستخرج من هذا التابوت اللحمي، ولكنهم سيخرجونك، حتّى لا تُحاول أن تُساعدهم. ولا تخف من هذه الأجنحة الخضراء، فإنهم لا يستخدمونها في الطيران. فقط امتط الهودج وحسب.




    المشهد الثاني: ( الإقلاع )

    تجلس القرفصاء، تلملم نفسك من نفسك، وتركّز دائرة انتشارك حول مركز ما فيك، تلك هي المنطقة الباردة. تشعر بالعُري والتجرّد والانسلاخ. تنزع عن نفسك بعض الحواس، وتسرق بعضها وتخبأها معك. إيّاك أن تحمل معك شيئاً منك إلى هناك. كُن متأكداً أنّك لن تحتاج إلي أي شيء يخصك هناك. حاول أن تُفرّق بين (هنا) و (هناك). عليك أن تخرج بمجرد مرور العصا فوق رأسك. ستشعر بالتسامي الداخلي وأنت تعبر حاجز الأرضية. لا تلتفت إلى العيون الست، سوف لن يُجدك نفعاً. اعبر وحسب!

    هل تشعر بأن كثافتك أصبحت أقل؟ هل ترى الألوان تنسلخ من عناصرها؟ هل تُحس بالاغتراب الجسدي؟ هذا يعني أنك نصف أرضي ونصف سماوي. اصعد على الهودج، لا تنظر إلى الأسفل، لا تخف! سوف يُقلعون الآن. أنت منذ اللحظة تشعر بالحنين والوحشة. تشتاق لأرضيتك وتكاد ترفض الرحيل، تتمنى العودة حتى ولو في جسدٍ آخر، تشعر بأنك نسيتَ شيئاً ما. في الواقع أنتَ لا تشتاق للناس والأشياء، أنت فقط تشتاق إليك! ولكن سوف تعتاد على هذا الاغتراب، سوف يصبح جزءاً منك. تُؤرقك الذكريات الأرضية. وتنسى بعض المعاني الحميمية. ينهض الزوّار في حركة ميكانيكية تُشعرك بالرهبة. يحملون هودجك المُغطى بدخانٍ أزرق يُعزز لديك رائحة السماوية. هنا توقف قليلاً واختزل بعض الروائح في جيوب الروح. إنه الشيء الوحيد الذي يُسمح لك بحمله (هناك). ترتفع أنت، وتشعر بابتعادك عن المحيط الخارجي لك. تشعر بتسرّب الخوف إليك. شعورٌ باردٌ يجتاحك، ويتملّك حواسك السبع! تفقّد أشياءك الخاصة.

    أنت الآن على أُهبة المغادرة و(الإقلاع). تعبر حاجز المكان كضرورة حتمية، فترى المكان مجرّداً من الأمكنة والأشياء، قاتمة باردة. لا تشعر بوجودها حولك. تخاف من الوقوع، ولكن لا تخف سوف لن تقع. لا تتكلم إلى من يحملون هودجك الدُخاني. (يُمنع الكلام قطعياً) هي أول لافتة تقرأها عند عبورك من المكان إلى اللامكان. والرجوع أُمنية خيالية، أو ترف على هامش الرحلة.

    تصعدون الآن في هدوءٍ تام، والهودج الدخاني يحول بينك وبين رؤية المنظر الخارجي، وأنت حتى لا تقوى على استراق النظر. يأخذك الخوف إلى السكون الانتقائي. تقبع تحت غيمةٍ ما طيورٌ ليست كباقي الطيور (أو هكذا يُخيّل إليك) طيورٌ فضولية، يأخذك الفضول لمراقبة الموكب الصامت في صمت. وتقف عند حائطٍ من اللون الرمادي تتوسط الفضاء ومشارف المدينة السماوية. الطقس ساكنٌ يأخذ من سكون المكان الرمادي كل شيء، الملامح، التفاصيل، سحنته الداكنة وحتى جموده الرتيب. وما زال الموكب في سيره الصامت يعبر بك المكان القديم، ويأخذك بكل جرأة إلى حيث يجب أن تكون بعد نصف وهلة ضوئية. تخترق الغيوم قطنةً من الرذاذ فتشعر بالقشعريرة. ورغم هذا السكون الغامر، فإنك تشعر بالضجيج في أُذنيك. إنها الرحلة القسرية التي يكون فيها كل شيء وفق ما لا تريد. ها نحن ذا نقترب من المجال السماوي الأول (البوابة الأولى) هل تساورك الرهبة؟ إنه أمر طبيعي. ولكن احترس أن يلاحظ الآخرون خوفك وتوجسك. (هم أيضاً يتوجسون منك خيفة، فلا تقلق!).



    عفو البقية في موقعي الإلكتروني (بعد تدشينه قريبا)



    www.hishamadam.com



    (عدل بواسطة هشام آدم on 12-12-2005, 12:45 PM)
    (عدل بواسطة هشام آدم on 12-12-2005, 12:47 PM)
    (عدل بواسطة هشام آدم on 12-12-2005, 12:48 PM)
    (عدل بواسطة هشام آدم on 12-12-2005, 12:49 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
رحلة سماوية ( فنتازيا ) هشام آدم12-12-05, 10:40 AM
  Re: رحلة سماوية ( فنتازيا ) هشام آدم12-13-05, 10:25 AM
    Re: رحلة سماوية ( فنتازيا ) معتز تروتسكى12-13-05, 03:40 PM
  Re: رحلة سماوية ( فنتازيا ) هشام آدم12-14-05, 04:18 AM
    Re: رحلة سماوية ( فنتازيا ) معتز تروتسكى12-14-05, 12:22 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de