أشكرك في البداية على المرور وعلى المداخلة. لا أخفيك أنني لا أحب أن أطلق على الأزمة التي يمر بها (المثقف) السوداني اسم (إدمان الفشل) بل أنا أراها (إحباطات) مرحلية، تماماً كعقدة الكاتب لدى علماء النفس. يا عزيزي إن الواقع الراهن لهو واقع مؤلم جداً. ولكن هناك نقطة مهمة يجب طرحها عند مناقشة أزمة المثقفين السودانيين على وجه الخصوص والأزمات الفكرية لدى المثقفين عموماً فهل الواقع المؤلم يدعو للإحباط أو يدعو لمزيد من العمل والنضال الفكري؟ هذا هو الخيط الفيصل في القضية من وجهة نظري. إن ما نراه الآن ونعايشه هو وباء إحباط يعم الجميع وسبب ذلك هو قلّة إيماننا بالفلسفة وابتعادنا عنها، وربما عدم ثقتنا بها في بعض الجوانب. أتذكر الآن مقولة شيشرون
Quote: إليكِ نتوجه وبك نستعين أيتها الفلسفة المرشدة في الحياة كيف كان لنا أن نعيش بدونك ، حتى وكيف كانت الحياة البشرية كلها لولاكِ
إن الفلسفة إضافة إلى الخطوات العملية الواردة في المقال أعلاه أو دعنا نقول إن تطبيق الخطوات أعلاه بفهم فلسفي هو الضمانة الوحيدة للتخلص من هذه (الدبرسة الفكرية).
ودعني أختلف معك حول ما ذهبت إليه من أن الإنسان السوداني ليست لديه حضارة، فهذا تجني كبير على تاريخ كامل شهدت فيه جميع أرجاء السودان ولادة حضارات عريقة صحيح أن أغلبها لم يُكتب لها الحياة طويلاً ولكن لا يعني ذلك أن ننفي وجودها على الإطلاق. فموت الحضارات لا يعني أبداً انتفائها بل هي حتمية تاريخية لأن الحضارة تعني بالضرورة وجود صراعات، والصراعات تعني حِراك ثقافي وفكري مستمر يدعم مبدأ التطور الذي يؤدي بالضرورة إلى انخفاض وارتفاع مؤشرات البشرية (ديالكتيك) فتأتي حضارة كالحضارة النوبية على أنقاض الحضارة البربرية القديمة ليس لأن الحضارة البربرية لم تكن تستحق الوجود، ولكن لأن الحضارة الجديدة أقوى منها، وبعد فترة أتت حضارة ثانية أقوى من الحضارة النوبية وهي الحضارة العربية فطمست ملامح الحضارة النوبية. هذا أمر طبيعي جداً فمن العبثية أن نتوقع خلود حضارة ما إلاّ إذا اقتنعنا بأن التاريخ والكون قد يتوقف عن الدوران والتطور.
أجدد شكري لك مرة أخرى
(عدل بواسطة هشام آدم on 12-14-2005, 09:53 AM) (عدل بواسطة هشام آدم on 12-14-2005, 09:56 AM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة