المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 01:48 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عصام جبر الله(esam gabralla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-02-2004, 03:14 AM

esam gabralla

تاريخ التسجيل: 05-03-2003
مجموع المشاركات: 6116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) (Re: esam gabralla)

    شكرا اخ عبد اللطيف

    Quote: (3)

    شركات عسكرية خاصة في خضم الفوضى العراقية
    "لجوء القوات الاميركية والحليفة المتزايد الى "الامن الخاص" في الحرب على العراق
    *سامي مكي
    Sami Makki

    بعد بضعة أشهر على سقوط نظام السيد صدام حسين بات يوجد في العراق حوالى 000 20 شخص يعملون في مجال الأمن الخاص. ما يفسر هذه الظاهرة هو عجز القوات الأميركية عن حفظ النظام، والطلب المتزايد من الفاعليات الدولية مثل المستثمرين الأميركيين الموجودين في العراق. ومع تدهور الظروف الأمنية انتشرت فعلاً هذه المجموعات الغربية، أي الشركات العسكرية الخاصة (SMP)، ممثلة رسمياً مجموعة تزيد على خمس وعشرين شركة عسكرية خاصة هي بشكل أساسي أميركية وبريطانية، وضعت جدولاً بها دوائر الخارجية الأميركية في وثيقة بعنوان "الشركات الأمنية التي تمارس أعمالها في العراق" (Security Companies Doing Business in Iraq) صدر في أيار/مايو عام 2004. وليست هذه الشركات سوى القسم التجاري الذي تفشى عن عالم أكثر إغلاقاً.

    فمنذ نهاية الحرب الباردة تطورت بسرعة ممارسات "تلزيم الخدمات" داخل القوات المسلحة الأميركية، وذلك بفعل تضافر انعكاسات عولمة معامل الصناعات العسكرية وخفض عديد الجيوش ومتطلبات "الضبط المنهجي" للموازنات الدفاعية. و"التلزيم" الذي هو شكل متقدم من المقاولات، بأرقام مالية كبيرة تفترض توزع المخاطر بين الدولة والصناعات الخاصة. ويشكل هذا أول تطبيق لمناهج الإدارة الرسمية الجديدة المتوافقة مع سياسات الخصخصة الليبرالية [1].

    إن أشكال الشراكة هذه بين القطاعين العام والخاص يفترض بها أن تلبي متطلبات الموازنات وتفرز أموالاً تسمح بتحديث القوات المسلحة وبتطوير وابتداع أنظمة تسليح جديدة. وهكذا نجد أن وزارة الدفاع الأميركية قد أكدت في العام 2002 أن في امكانها أن توفر ما يزيد على 11 مليار دولار بين العامين 1997 و2005 بفضل أعمال التلزيم هذه. وهذا ما يمكن اعتباره كنوع خاص من أشكال الدعاية التي تخفى وراءها نتائج تحويل تنظيم الدفاع واقتصاده عبر خفض عدد الموظفين الفيدراليين لمصلحة القطاع الخاص.

    وقد صدرت انتقادات شديدة عندما أعلن الجيش الأميركي في تشرين الأول/أكتوبر عام 2002 أن ما يزيد على 000 200 وظيفة سوف "تلزّم" في إطار المرحلة الثالثة من أعمال الخصخصة. ففي نظر العديد من الخبراء أن راديكالية عملية الإصلاح هذه لن ينتج منها بالضرورة فعالية أكبر [2]. وبحسب النقابي روبرت هارناج، رئيس الاتحاد الأميركي للموظفين الفيدراليين "[في أوائل العام 2003] إن عدد الموظفين العاملين بموجب عقود مع وزارة الدفاع كان أكبر بأربع مرات من عدد الموظفين المدنيين". ومن وجهة نظره فإن التلزيم "يعني إذن إلغاء لوظائف وزوال شيء من أخلاقية المسؤولية[رأي فردي]" [3] .

    وفي سياق تلزيم خدمات الجيوش في العمليات الخارجية وقّع أكثر من 000 3 عقد بين الحكومات المتتالية والشركات العسكرية الخاصة، وذلك ما بين العامين 1994 و2004. وبلغت قيمتها أكثر من 300 مليار دولار. وتسمى هذه الشركات "دين كوربورايشن، ميليتري بروفشيونال ريسورس انكوربورايشن" (MPRI) أو "كيللوغ براون أند روت"(KBR). وقد تم دخولها المعترك عبر الزيادة التدريجية في عدد الموظفين من القطاع الخاص إلى جانب القوات المسلحة الأميركية في ساحة المعركة (اللوجستية، الصيانة، الهندسة والتفنن في أنظمة الأسلحة). فخلال حرب الخليج الأولى في العام 1991 كانت النسبة حوالى واحد من القطاع الخاص على كل مئة جندي، وقد ارتفع إلى 1 على 10 في العام 2003. وفي المرحلة الحالية من الانتشار في العراق فإن العاملين من القطاع الخاص يحتلون الحجم الثاني في قوة الاحتلال أي ما يعادل 20 في المئة من القوات الأميركية.

    ومن وجهة النظر الاقتصادية، وبالرغم من التوفير في الموازنة البالغ ما بين 4.5 و6 مليار دولار الذي ينوي المجلس العلمي في وزارة الدفاع (البنتاغون) تحقيقه فإن التوفيرات المأمولة لم تتحقق. ففيما خص العديد من هذه العقود يبين ديوان المحاسبة الأميركي أن الكلفة الفعلية تتجاوز التقديرات ببضعة ملايين الدولارات وأن هناك تجاوزات أدت إلى زيادة مهمة في فاتورة بعض الخدمات في أسواق إعادة إعمار العراق [4] . فشركة هاليبرتون المتعددة الجنسية التي أدارها حتى العام 200 نائب الرئيس الحالي ديك تشيني قد حصلت في العام 2003، وعبر فرعها "كيلوغ براون أند روت" بنوعٍ خاص، على مجموعة من العقود بلغت قيمتها أكثر من مليار دولار وقد تورطت مباشرة في بعض الفضائح المتعلقة بشروط منح العقود، وهو ما يبرهن على تواطؤ المصالح بين إدارة بوش والشركات المتعددة الجنسية في تركيبات الصناعة العسكرية الأميركية [5].

    وأبعد من "الضبط المنهجي للموازنة" ومن البعد الإيديولوجي الأولي لأعمال التلزيم، هناك فكرة استراتيجية جرى إطلاقها. فالولايات المتحدة، التي تخوض "ضد الإرهاب" في العالم حروباً بسيطة إنما دائمة، تحضر في الوقت نفسه قواتها المسلحة للمواجهات الكبرى، فلا يمكنها أن تضعف صورة زعامتها للعالم بانسحابها من مناطق ذات أهمية أقل استراتيجية. ومن هنا إيكال بعض المهمات إلى القطاع الخاص للتخفيف عن قواتها المسلحة عبء المهمات الأقل حيويةً نسبةً إلى أمنها القومي.

    كما أن قسماً متنامياً من هذه البرامج سيتم بموجبه نشر بعض القوات بعد تحسين مرونة أشكال الردود السريعة وقدراتها عبر إلغاء مراحل الرقابة الإدارية والإجراءات البيروقراطية. زد على ذلك أنها سوف توفر حلاً بديلاً من سياسة خارجية خاضعة لرقابة الكونغرس في ما يتعلق بإرسال القوات إلى حيث يجب على الأرض، وبالهدف السياسي المتمثّل بمبدأ "لا قتيل" وبقيادة الأعمال السرية. كما أنه سيكون بإمكانها المساعدة في تنفيذ عمليات تتناقض مع الخيارات الاستراتيجية "الرسمية": فالحكومة الأميركية التي أعلنت حيادها مع تورطها في مهمة حفظ السلام في البوسنة عبر قوات "إيفور"، قد سمحت لشركة "ميليتري بروفشيونال ريسورس انكوربورايشن" ( MPRI) بتسهيل عمليات المتاجرة بالسلاح خارقةً الحصار المفروض من الأمم المتحدة وبتدريب جيش الاتحاد الكرواتي-الإسلامي الذي كان يعد الهجوم الكبير على كرايينا في العام 1994 [6].

    وقد قامت الشركات الأميركية (ومنها فينل كوربورايشن أو MPRI أو كيوبيك أو لوجيكون) بإعداد وتدريب جيوش ما يزيد على 40 بلداً خلال تسعينات القرن الماضي، وذلك في إطار برامج التعاون العسكري . وتشكل هذه الشبكات أدوات ربط ممتازة من أجل نشر المعايير العسكرية [7] الأميركية في أميركا اللاتينية وإفريقيا وفي الشرق الأوسط، ومن أجل إقامة التحالفات المناسبة على الأرض. وفي القارة الإفريقية تتولى الشركات العسكرية الخاصة مهمة الخدمات اللوجستية الأميركية وإدارة الخبراء الذين يساندون العمليات الطارئة. كما أنها طورت من جهة أخرى استراتيجيات التوسع واقتناص الأسواق الجديدة في أوروبا أو في دول الجنوب.

    إذن باتت الشركات العسكرية الخاصة تلعب دوراً حيوياً في نظام الدفاع الأميركي وخصوصاً في دعم منطقها الخاص بالحملات العسكرية [8] . ومنذ سنوات عدة قام البعض منها بأعمال مهمة لتشكيل مجموعات ضغط (لوبي) لتقدم نفسها على أنها شريك موثوق به في إدارات عمليات حفظ السلام، مع ما في هذا من خطر لتعميق حالة الالتباس القائمة أساساً بين المساعدة على التنمية والمساعدات الإنسانية والعمليات العسكرية.

    وقد سبق هذه المرحلة إعادة بناء الصناعة الدفاعية الأميركية حيث جرى العديد من عمليات الدمج/الضم منذ خمس سنوات [9]. وبفضل أعمال الخدمات تمكنت الشركات المتعددة الجنسية التي تقترح استخدام تكنولوجيات المعلوماتية والاتصال الحديثة(NTIC) من أجل "السيطرة على ساحات المعارك المرتقبة"، أن تتسلل إلى قطاع مربح. وبحسب ما أوضح السيد فرنك لانزا، مدير شركة الاتصالات "ل-3 كومونيكايشن"، عند ضم شركة " MPRI " في العام 2000 أن "شركة " MPRI" هي في عز توسعها مع ما يرافق هذا من هوامش استفادة واسعة ومن تفوق في المنافسة لا تضاهيها فيها أي شركة أخرى في مجال تدريب القوات، كما أن الخدمات التي تقدمها تتكامل مع منتجاتنا. (...) كما أن شركة (MPRI) ناشطة جداً على الساحة الدولية كون تغير الأجواء السياسية قد أدى إلى زيادة الطلب على بعض الخدمات... ومن جهة أخرى فإن هذه البرامج قابلة للتوسع لتفتح أمامنا الباب على فرص أخرى" [10].

    أما الوجه الآخر في القضية فهو أن تقريراً صادراً عن "دائرة المحاسبة الحكومية"(GAO) قد لفت إلى النقص الحاصل في الرقابة على الشركات العسكرية الخاصة، إذ ما من نظام مركزي قادر على ملاحقة تلزيم العقود العديدة التي وقعتها الوكالات الأميركية [11] . وبالرغم من أن القوانين الدولية لا تزال كلياً غير مؤهلة لمكافحة مخالفات مرتزقة الاستثمار، وبالرغم من وجود رقابة على بيع الخدمات العسكرية في الولايات المتحدة، فإن الممارسات الحالية تهدف إلى الالتفاف على هذه التشريعات وخصوصاً في مجال الاستخبارات والعمليات الخاصة [12].

    أما بالنسبة إلى الإدارة الجمهورية فإن استغلال هذا الفراغ القانوني يشكل عنصراً للرد الفعال على الإرهاب. غير أن نزع المسؤولية هذه عن السياسة عبر التلزيم يرسم حدود اعتماد مبدأ "المرتزقة" الخفي هذا. فالواجهة التجارية والليبرالية لهذه الدينامية قد تفضي إلى انحرافات خطيرة [13] . فالاستخدام المتنامي للموارد المدنية من أجل دعم عمليات التدخل الطويلة الأمد عبر تجنيد قوات الاحتياط والعاملين في القطاع الخاص إلى أقصى حد، سيصل بالأمر إلى حد تهديد توازن الجيش النظامي الذي تحقق بعد حرب فييتنام. ومن جهة أخرى، وفي أوائل العام 2004، فإن بعض عملاء الشركتين الخاصتين "كاسي انكوربورايشن" و "تيتان كوربورايشن" قد تورطوا في فضيحة إساءة معاملة السجناء العراقيين.

    وفي تصريح للصحافيين في 30 نيسان/أبريل عام 2004، رأى السيد كينيث روس، المدير التنفيذي لجمعية مراقبة حقوق الإنسان، "هيومن رايتس ووتش"، أنه "إذا كان البنتاغون ينوي استخدام متعاقدين من القطاع الخاص من أجل مهمات عسكرية أو استخباراتية، فيجب عليه التأكد من أنهم خاضعون لبعض القيود ولأشكال الرقابة القانونية، [ ذاك أن السماح لهؤلاء العاملين] بالعمل وسط فراغ قضائي يعتبر تشجيعاً على التجاوزات". وفي العام 2000 صدر تقرير عن الجامعة الوطنية للدفاع في واشنطن، الرسمية جداً، يعترف من جهته بأنه "يمكن أن تكون الخصخصة أقل كلفةً من التدخل العسكري، لكنها قد تفسد نوعية النتائج المتوخاة واحترام حقوق الإنسان" [14].

    وتقليدياً تشتمل عملية التلزيم على خدمات دعم الجيوش والوظائف العملانية على أرض المعركة. وفي أي حال فان الحدود الفاصلة أصبحت منذ 11 أيلول/سبتمبر غامضة. وبحكم الخيار السياسي الاستراتيجي في العراق بات التلزيم والمرتزقة مندمجين في إطار السياسات العملانية الجديدة حيث تورط العملاء الخاصون مرات عديدة في المعارك.

    فبعد الهزيمة العراقية سرعان ما أوكلت مهمة حماية المواقع الحساسة إلى كيانات خاصة بدون أن يكون هناك وسائل فعلية للرقابة عليها. وقد أعلنت الحكومة الأميركية في أيلول/سبتمبر عام 2003 أن شركة "إيرينز إيراك ليميتد" سوف تتولى إعداد آلاف العراقيين من أجل حماية المنشآت في محيط خط أنابيب نفط كركوك-سيهان الذي كان عرضة لهجمات عديدة. ومن أجل تولي مواقع الاستقطاب وإعداد المجندين العاملين لشركة "إيرينز إيراك" بات هناك وجود بأعداد كبيرة لعناصر من شرطة إفريقيا الجنوبية. وفي ردة فعل ارتدادية تركت هذه الدينامية أثراً بالغاً في المؤسسات الأمنية والعسكرية الغربية فراح موظفو القوات الخاصة يتحولون إلى القطاع الخاص حيث اجتذبتهم الأجور التي تصل أحياناً إلى عشرة أضعاف ما يقبضونه [15]. وعلى المدى الطويل فان هذا النزف في الموارد البشرية الرفيعة الإعداديمكن أن يترافق مع خسارة في المهارات (صيانة أنظمة الأسلحة المعقدة، إعداد الطيارين) التي باتت تطوّر حصراً في القطاع الخاص.

    كما أن غياب أي شكل موحد للقيادة والرقابة، تماماً مثل عدم وجود إجراءات موحدة الأصول في تجنيد العاملين في الشركات العسكرية الخاصة، بات يثير قلق أعداد متزايدة من الضباط الأميركيين. فخطف الرهائن واغتيال "الجنود الخاصين" يتضاعفان وليس في مقدور العسكريين النظاميين حماية هؤلاء "المدنيين". فالرجال الأربعة الذين أحرقوا وعلقوا على يد الجماهير في الفلوجة في أواخرآذار/مارس عام 2004، والذي تسبب مقتلهم بمعارك عنيفة، كانوا من موظفي شركة "بلاكووتر سيكيوريتي" الأميركية.

    ومع أن مشروع نزع سلاح الجنود العراقيين السابقين وتسريحهم وإعادة دمجهم في الحياة المدنية، وهو ما خطط له ونفذ بطريقة سيئة جداً، قد ولّد "فراغاً امنياً" فإن البنتاغون قد أعلن في أواخر حزيران/يونيو عام 2003، عن توقيع عقد بلغت قيمته 48 مليون دولار مع شركة "فينيل كوربورايشن" بهدف إنشاء نواة الجيش العراقي الجديد وتدريبها. وقد انضمت إلى هذا المشروع بصفة مقاول شركات أخرى مثل (MPRI). وفي الوقت نفسه أوكلت مهمة إعداد قوات الشرطة العراقية إلى شركة "دين كوربورايشن آيروسبايس أوبيرايشن" في نيسان/أبريل عام 2003 وذلك لحساب وزارة الخارجية.

    أخيراً ومع تطور الميليشيات المحلية وتفاقم ما يصفه الأميركيون بأنه عملية تمرد، دخل العراق في دوامة عنف حيث أدى، وللمفارقة، تدخل العاملين في قطاع الأمن الخاص إلى تنامي حالة عدم الاستقرار، إلى درجة أن ذلك بات يعتبر سوقاً مربحة مع أجور تصل أحياناً إلى 1000 دولار في اليوم. وبات هناك الآلاف من قدامى العسكريين يعملون في إطار العقود الأمنية لصالح الوكالات المدنية الغربية، فمثلاً هناك شركتا "كرول" وكونترول ريسك" تتوليان أمن موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وأمن البريطانيين العاملين في مجال الدبلوماسية والتعاون.

    وتكشف الأزمة العراقية جيداً أن هؤلاء العاملين الخاصين الذين كانوا موجودين خلال المراحل الأساسية في النزاع وما بعده، يشغلون وظائف ضرورية لكي تمارس القوة العظمى الأميركية قوتها. فانتشار أعمال الارتزاق الاستثمارية الغربية في هذا البلد هو نتيجة سياسة منفلتة لتجربة أشكال تدخل جديدة. غير أن هذه الخيارات السياسية تتجاهل أهمية الصعوبات الحالية كما يتبين من العقد الذي منح في أيار/مايو عام 2004 بقيمة 293 مليون دولار لشركة "أيجيس ديفانس سرفيس" (وهي من الشركات العسكرية الخاصة التي أسست في العام 2003 ويديرها الكولونيل البريطاني تيم سبايسر) والذي بموجبه سوف يتم التنسيق بيمن ما يزيد على خمسين شركة خاصة وتوفير الحماية اللصيقة لمؤسسات إعادة البناء.

    ومع ذلك يبدو أن العديد من الدبلوماسيين الانكلوساكسونيين لا يعتبرون الخصخصة أمراً مثيراً للقلق، بل على العكس ففي أيار/مايو عام 2004 وفي مؤتمر عقد في باريس، أكد أحد المسؤولين المدنيين الكبار في قوات التحالف رفض الكشف عن اسمه، أن عملية الانتشار للشركات العسكرية الخاصة هو "وضع سليم" يمكن تكراره إذا ما أدت في النهاية إلى تحقيق النجاحات في العراق. فخصخصة عمليات السلام تتم إذن بطريقة تدريجية عبر "توسيع الحدود بشكل مستمر" في تلزيم الأعمال العسكرية.

    وإذ قرر السيد بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي السابق في العراق، عدم إخضاع قطاع الأمن الخاص للتشريعات العراقية المستحدثة، فإنه منع أي رقابة على هذا القطاع من جانب العراقيين. و في ما خص الولايات المتحدة، إذا كان تضاعف العاملين المدنيين والعسكريين يخدم المصالح الاستراتيجية القومية (وحجم العقود الموقعة مع الإدارة الفيدرالية يجبر الشركات العسكرية الخاصة على الولاء للسلطة) فإن الأحداث الأخيرة في العراق تبين بنوع خاص أن ذلك هو مصدر الفوضى واستمرار النزاع.

    وفي الواقع إن خصخصة العنف تعرض للخطر السيادة العراقية المرتقبة. وهي تبرز تعارض الأهداف الاقتصادية الأميركية مع الواقع السياسي المحلي. فلأن الشركات العسكرية الخاصة تقترح حلولاً "جاهزة"، من المشورة إلى التنفيذ على الأرض (بحكم التمركز المتنامي للخبرات والطبيعة المزدوجة لأنظمة الأسلحة ذات الأساس المعلوماتي الناتجة من استخدام تكنولوجيا المعلوماتية والاتصال الحديثة)، فهي تفرض قراءة تقنية للنزاع إلى أقصى الحدود على حساب القراءة السياسية. وإذا كانت الشركات العسكرية الخاصة تتسبب باختلال التوازنات المدنية والعسكرية والسياسية التقليدية في المجتمعات الخارجة من أزمات، فإنها تتسبب بذلك أيضاً في الغرب. فإذ تخلط هذه الفئة الهجينة من العاملين بين التصنيفات التقليدية، المدني/العسكري والخاص/العام، فإنها تعمل غالباً عبر شبكات غير رسمية تشجع على الفساد والإجرام. وهكذا يصبح نظام التدخل العالمي الاستراتيجي الأميركي، كما يتم بناؤه مانحاً لها موقعاً مركزياً، عنصر توليد لعدم الاستقرار وحتى للفوضى. وهو يشرّع، بأسلوب مخادع، الممارسة الأحادية الجانب للقوة الأميركية في العالم أو في المناطق "غير المستقرة" في الجنوب حيث وكالة المخابرات المركزية الأميركية والقوات الخاصة والشركات العسكرية الخاصة تقود الحروب القليلة الحدة.

    إن الارتزاق الاستثماري، وهو التعبير الجلي عن ظهور حروبٍ من نوع جديد وعن إضعاف دور الدول على الساحة الدولية، ومع أنها أقلعت في إطار السياسات الحكومية، وتجسّد مسبقاً الحروب التي ستتضاعف على حدود نظام العولمة. إن خصخصة العنف تلعب هنا دوراً حاسماً. أما بالنسبة إلى قادة قوات التحالف فإن التجربة العراقية قد سمحت بكل بساطة بأفضل اختبار لانعكاسات التلزيم قبل قوننته.


    * باحث في المركز النظامي المشترك للأبحاث حول السلام والدراسات الاستراتيجية (Cirpes) ، باريس، من مؤلفاته: Militarisation de l’humanitaire, privatisation du militaire, Cirpes, Paris, 2004

    [1] راجع: Frank Camm Expanding Private Production to Defense Services, Rand Report MR734, Santa Monica, 1996.

    [2] راجع:John Deal & James Ward, «Second Thoughts on Outsourcing for the Army », Army Magazine, Association of the United States Army, Arlington (VA), mai 2001 (p. 54) et Michael O’Hanlon, « Breaking the Army », The Washington Post, 3 juillet 2003.

    [3] ورد هذا عند:Maya Kulycky, « How Far Can a War be Outsourced? », MSNBC News (MSNBC.com),14 janvier 2003. URL: http://www.msnbc.msn.com/id/3072959/

    [4] المرجع:US GAO, Contingency Operations: Army Should Do More to Control Contract Cost in the Balkans, NSDIAD-00-225, Octobre 2000.

    [5] . المرجع:US GAO, Contingency Operations: Army Should Do More to Control Contract Cost in the Balkans, NSDIAD-00-225, Octobre 2000.

    [6] . اقرأ:Sami Makki, Sarah Meek et al, Private Military Companies and the Proliferation of Arms, “Biting the Bullet Briefing 11”, International Alert, Londres, juin 2001, p.10

    [7] . اقرأeborah Avant, «Privatizing Military Training », Foreign Policy in Focus, Volume 7, n° 6, Institute for Policy Studies, Washington D.C., mai 2002

    [8] . اقرأ :Stephen Perris et David Keithly “Outsourcing the Sinews of War: Contractor Logistics”, Military Review, US Army Command and General Staff College, Fort Leavenworth (KS), octobre 2001, pp. 72-83

    [9] اقرأ:Murray Weidenbaum, « The Changing Structure of the US Defense Industry », Orbis (Foreign Policy Research Institute), Philadelphia (PA), Fall 2003.

    [10] . المرجع:« L-3 Com Announces Acquisition of MPRI », Business Wire, 18 juillet 2000, cité par Peter W. Singer, Corporate Warriors: the Rise of the Privatized Military Industry, Ithaca and London, Cornell University Press, 2003, p. 134.

    [11] US GAO, Military Operations: Contractors Provide Vital Services to Deployed Forces but Are Not Adequately Addressed in DoD Plans, Report GAO-03-695, Washington D.C., juin 2003.

    [12] اقرأ:Eugene Smith, « The New Condottieri and US Policy : The Privatization of Conflict and Its Implications », Parameters, US Army War College Quarterly, Carlisle (PA), hiver 2002-2003

    [13] اقرأ:Thomas Adams, “The New Mercenaries and the Privatization of Conflict”, Parameters, US Army War College Quarterly, Carlisle (PA), été 1999, p. 103

    [14] . المرجع:National Defense University, Strategic Assessment 1999, Washington D.C., 2000, p. 240.

    [15] . راجع ملف:Courrier international, n° 710, 10-16 juin 2004, pp.49-52
                  

العنوان الكاتب Date
المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) esam gabralla11-29-04, 02:28 PM
  Re: المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) esam gabralla11-30-04, 01:26 PM
    Re: المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) عبداللطيف خليل محمد على12-01-04, 00:04 AM
  Re: المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) esam gabralla12-02-04, 03:14 AM
  Re: المرتزقه و الارتزاق.......مهنة بعمر العالم (مقالات) esam gabralla12-02-04, 03:32 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de