|
صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني
|
عقد أستاذنا (طه حسين) فصلاً في كتابه ألوان، وقارن فيه بين ثورة العبد الأبيض الاسبرطي (سبارتاكوس) ضد روما من أجل تحرير العبيد ونيل الحرية، في القرن الأول الميلادي. وبين العبد الأسود (عبد الله بن على بن محمد) الذي قاد ثورة للعبيد السود المعروفين بالزنج ضد الخلافة الإسلامية، من أجل ذات الهدف، تحرير العبيد ونيل الحرية، ولكن في بلاد العرب، وفي العراق تحديداً، حيث عاصمة الخلافة. ومنذ طه حسين بالأمس القريب تغير وجه الدنيا ، وجرت في النهر مياه كثيرة بمتغيرات عظيمة في العلم وفي الأخلاق وفي الأنظمة الحقوقية وكافة الأنظمة المجتمعية من اقتصاد إلى سياسة، مما يتوجب معه إعادة قراءة حكاية صاحب الزنج مرة أخرى، ولكن بعيون إلىوم.
و(الزنج) هو المصطلح العربي الدال على عبيد الإمبراطورية العربية السود، والذين كان يتم خطفهم من قبل النخاسين من ساحل إفريقيا الشرقي الأقرب، وغالباً من منطقة زنجبار وتنجانيقا (تنزانيا حإلىاً)، وبيعهم في أسواق العرب، للقيام بالأعمال الدنيئة مثل كسح المجاري وتطهير الأنهار. وغالباً ما كان للإمبراطورية عبيدها بمئات الألوف للقيام بهذه الأعمال الضرورية. ومن ثم انتسب هؤلاء العبيد إلى موطنهم بالإسم الذي أطلقه علىهم أسيادهم، فهم زنوج ـــ من زنجبار. وهي ذات الإحداث التي جرت مرة أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية بعد قرون طويلة، لكن النخاسين كانوا يخطفون فرائسهم هذه المرة من الشاطئ الإفريقي الغربي الأقرب ، من نيجيرىا والنيجر، لذلك أطلقوا علىهم في أمريكا الاسم الذي يشير إلى أصلهم الوطني، فهم ---- (نجرو).
وكانت إفريقيا، بتخلفها الفارق في ذلك الزمان وحياة شعوبها البدائية بلا دولة ولا قانون ولا حماية، هي المكان الامثل لخطف العبيد دون خشية أي عواقب. ورغم أن استعباد الإنسان لأخيه الإنسان جريمة كبري بحق الإنسانية بعيون اليوم، فان ما حدث في تلك الحقب القديمة على ارض الواقع في الزمن العبودي بعيداً عن منظومة القيم المعاصرة، هو أن العبودية كانت النظام الاقتصأدىالعالمي الامثل الذي ساهم في قيام حضارات عريقة ودفع تقدم البشرية. كان السيد المالك يقوم بتسخير عبده في العمل ويكون للعبد أدنى حصة من عائد هذا العمل، بما يكفي لاستمرار الحياة وأداء المطلوب منه. والفائض هو إضافة تنموية لكنها من نصيب السيد، وليس للعبد على السيد سوى حق الإيواء والطعام والرعاية الصحية المطلوبة للشغل. ومعلوم أيضاً أن ظهور الآلة البخارية القادرة على العمل بشكل أكفأ من العبد، قد أدىإلى سقوط هذا النظام المشين بإعلان أبراهام لنكولن الأمريكي ثم الحرب الأهلية التي أنهت نظام العبودية.
وكذلك من المعلوم أن نظام العبودية قد لازم الدولة العربية الإسلامية منذ ظهورها. فقوانين الجهاد الإسلامية نشطت عمليات الاستعباد، وأمدت أسواق الرقيق بالبضاعة طوال الوقت، بتحويل أبناء الشعوب الحرة المفتوحة إلى سلع، بعد أن أباحت لهم قواعد الجهاد الشرعية استباحة شعوب بكاملها، والاستيلاء على الارض بمن عليها ملكاً للعرب وورثتهم وقفا عليهم وعلى نسلهم من بعدهم، حسبما انتهي إليه الخليفة عمر بن الخطاب، بدلا من توزيع الاراضي بما عليها من بشر على الفاتحين وتمزيقها فوقفها بمن عليها لصالح عرب الحجاز.
هذا بينما يقول لنا مشايخ اسلام اليوم، بعد استقرار مفاهيم الحرية الراقية عالمياً، ان الاسلام قد وضع في مقاصده تحرير الرقيق بتحريضه على العتق. وانه لم يلجأ لتحريمه مرة واحدة انما لجأ للتدريج، رغم أنه لم يتدرج فيما هو أهم، وقام بتكسير آلهة العرب أمام أعينهم دفعة واحدة. وقد مات النبي تاركاً خلفه عبيده ضمن ما ترك. كذلك كل الصحابة وكل المبشرين بالجنة، كان عندهم عبيدهم وجواريهم، وكان الامام علي أزهدهم في الدنيا وأفقههم في الدين، ولم يترك وراءه سوى تسع عشر جارية من ملك يمينه. وقد ذكر بن القيم في زاد الميعاد أنه كان للنبي بالاضافة إلى زوجاته الثلاث عشر، أربع سراري 10/114، غير عبيده ومنهم من كان يقربه منه ويحبه مثل (أبي مويهبة) (ابن كثير 7/244/السيوطي/الخلفاء/176). فإن كان تحرير العبيد مسألة ضمن أغراض الاسلام، لكان النبي والصحابة هم الأولى بتنفيذ هذه الاغراض بتحرير عبيدهم وجواريهم. لكن هذا التحرير لم يكن ضمن أهداف الاسلام، لانه لو كان كذلك لكان النبي والخلفاء الاربعة والمبشرين بالجنة هم أول العاملين به.
ولو كانت حرية عدم الاستعباد وهي أدنى ألوان الحرية مطلباً اسلامياً، لطالب بما طالب به سبارتاكوس قبله بما يزيد عن ست قرون، بالغاء العبودية نهائياً، وتحرير عبيد البلاد المفتوحة على الاقل. لقد فعلها سبارتاكوس الوثني قافزاً بالبشرية خطوة حقوقية عظمي في مستقبل لم يكن قد أتى بعد، ولم يفعلها المسلمون لسبب بسيط، انها لم تكن ضمن جدول اهتمامات المسلمين الاوائل ، كما يدعي اليوم السدنة والكهنة من تجار الاسلام السياسي.
بل وتقدس النظام العبودي في الاسلام بفقه كامل للرقيق كطبقة مختلفة عن بقية الطبقات حقوقياً واجتماعياً وانسانياً. لذلك اهتم الفقه الاسلامي بفقه الرقيق لاعطاء كل ذي حق حقه، كذلك ورد التسري بالجواري في ثلاث وعشرين آية بالقرآن، وظل هذا النظام معمولا به حتي اكتشف الامريكان جور النظام العبودي وسوءه. ومع الايام تحول إلى جريمة في نظر كل الهيئات الحقوقية العالمية بلا استثناء، حتى تم ايقاف العمل به في السعودية عام 1966 بعد أن قبل الوهابيون بالقرار الدولي صاغرين.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 00:17 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 02:54 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 02:59 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 03:02 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 04:27 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | كمال حامد | 11-26-08, 05:08 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 05:06 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 05:31 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-26-08, 08:07 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-28-08, 00:53 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-28-08, 05:36 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | د.أحمد الحسين | 11-28-08, 06:31 AM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | jini | 11-28-08, 11:01 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | MAHJOOP ALI | 11-28-08, 11:10 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-29-08, 11:55 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 11-30-08, 01:56 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | Sabri Elshareef | 12-01-08, 08:18 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | محمد على النقرو | 12-01-08, 10:31 PM |
Re: صاحب الزنج ودين الحرية؟! :: سيد القمني | مؤيد شريف | 12-01-08, 10:48 PM |
|
|
|