|
Re: الانصاري(عمر عبد الله)ينعي للامة د.عبد النبي علي احمد (Re: emad altaib)
|
ـــــــــ بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) صدق الله العظيم
كابدنا الحزن ,أثر سامع الفجيعة المروعِة وبلغ منتهاه في قلوبنا , بعد التحري والتدقيق إنكسر الخاطر عما في حاصله , وإشتعل الفكر فيما مودعة , فالوديعة روح طيبة عائده إلى بارئها,والشهادة حسن خاتمها , فالبلاغة تبكي بحروفها وأصول اللغة شواهدها و شواردها, وذرفت العبرات المعاني ونثرها , ودقيق حواشيها,وأعلنت الحداد العبارة والأستعارة من مليح لطيفها, وأستقرت نظم التراكيب في مساكنها , وفضت الكتابة إجتماعهابأدواتها.
إنتظمت فيك الخصال يا أيها البليغ , عرفناك معتدل القامة, صادق الِحس , لطيف المذهب , وحِلو الشمائل , كريم الجواهر طبيعةً, ونفسك أنفسها قيمةً , عرفناك زائداً في الفضل والنباهة, وراجح العقل مادةً , سيد المروءة ومنبتاً للرأي الصواب , صاحبتنا ونحن طلاب , وآنستنا في وحشة الديكتاتورية , فكنت جميل في المحافل , وواصل في المجالس .
أقول كما قال خير البرية شفيعنا وشفيعك إنا لفراقك لمحزنون ..
ذات يومٍ جمعني بك... كنا سبعة طلاب من جامعة الخرطوم طرقنا بأيادينا السبع باب دارك , فتحت لنا قلبك فأويتنا كهفاً, وإبتسامتك كانت تقول إني لكم أخُ وصديقُ وأستاذُ وأبا,فالفضيلة فيك أسُ والأدأب ينبوعاً,جميعيهما عقلاً ,فكنت التقي أصلا ,فتواضعك عمادا ,أدركته حينها إنك من الدنيا مدبرا.
كان هم الوطن فيك مختبي بنبرت صوتك ,ماأن نطقت عبق كالمسك فاحا , وإن صمت لتصغي الحديث ,إمتلاء جبينك نوراًمن القلب فشاعا, لم يكن عقلك شارداً من أسئلتنا , وأجزلة لنا الإجابات دون تكلف , ولم تنفرنا,بل متلذذاً بزيارتنا الخاطفة دون معرفةً سابقة , ومتمنياً أن نعيدها شهوةً في الحديث مع الغلابة..
ـــ إلهي يرحمك بقدر محبتك للوطن وأكثر
أذكر جيّداً أدركنا معك صلاة العشاءفأممتنا شيخاً وقورا , وأستقبلة قِبلةَ طهورا وبصوتٍ جهورا قرآت (الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون) , بعد السلام مددت بصرك ومررته علي عيوننا , وبحسن فطنتك قرآت فينا وجه العَبَرة , من وحشة سؤال الهاكم أثر الريبة والخوف ؟! فأوسعت الطريق لحديثٍ أخر.
همة العلماء الرعاية , فرعيتنا بالحجة , وإتفقتنا معاً فيما إتفقنا فيه, وتحملت وزر الإختلاف بالتقصير واللوم نحو الحركة الطلابية. ووضعت يدك مطبطباً علي أكتافنا دافعاً للهمة والعمل وأكرمتنا من ماجاد به النحل صنفاً, فطبع الكريم يكرم من مايحب لنفسه وأهله ,لا يضع في نفسه الخصوصية .
ــــ إلهي يسقيك من الكوثر ومن أنهار الجنة عسلها ولبنها وخمرها وتسنيمها
لم أجهل في ذلك اليوم الذي جمعني بك في أواخر تسعينات القرن , فالناس أعداء لِما جَهِلُوْه.. هنا أريد أن أبسط لساني , لمِا رآته عيني , وعيونك أكرمتنا , والعيون عنوان القلب , والقلب يبصر قبل العين ...
يقول الشاعر :
هو البحر من كل النواحي أتيته ****** فلجته المعروف والجود ساحله
لا أريدأن أقض إليك ديون الإحسان باللسان , ولكن لانك بالأمس فارقتنا , وبصر العين أرخي سدوله, فحلِك علينا الظلام , أعيدها سيرةً فإنك لم تغيب , فضيائها ينير الطريق ..
بسطت نفسك بتواضع عالماً دون تكلف لمائدة الطعام , ناولتنا أطيبه , ومن الخبز ألينه , ومن الماء بارده , فقد كان عشاؤك أشهي ولذيذ لانه من حر مالك وجهدك حلالاً , زميلنا (سيف محمد أحمد) كان شقينا وسليطنا , قال لك ليه كل التعب يا دكتور؟!
متبقي همس صوتك الأن بأذاني فكانت إجابتك سؤال وإجابة (هو إنتو ما طلبه)؟! نحن وكتين كنا طلبه زيكم كدا الجامعة كانت قائمة بعملها وتعطي الطلاب حتي تقوي عقولهم فيعود عطاؤهم إلي المجتمع في كل المجالات ... أذكر تمام واصلت الحديث في فلسفة التعليم العالي بإيجاز دون خلل رحمك الله يا والدي العطوف , كم من مثلك يشفق علي الطلاب ؟! أظنه نادرا...
من أين تعلمت الشعور والرافة والإحساس النبيل ولذة كرم الأخر , وتقبل الأخر هل في الكتب التي قرآتها ؟! أم الأراض التي طفتها؟! قعطاً غريزة بفطرتها فيك أشعلها الله لك , حباً فيك .,
أعلم جيّد أنك لا ترغب بنفسك عن ضيق المكان وتهوي إلي رحابة البلاد فكل الخلق تنتظر أن توغظ الحلم النائم حتي يعم كرمك الخاص لهم , ولكنها المنية تختار من نحب ونتعلق بهم والله لا يختار إلا من أحب هذا هو عزاي الوحيد ..
تعجبت للمشهد الأخير عند وداعك لنا عند الباب حين أخرجت يدك من جيبك ممتلئة بالدنانير , وأخذتنا العزة بالتمنع وأنا لدينا مصاريف , كما نفعل مع أبائنا , فقد تجددت هنا أبوتك ً لنا من جديد حين ألجمت الإصرار علي أخذ المبلغ وإلا سوف تغضب وباغتنا بالسؤال ألم اكن في مقام ألاب بالنسبة لكم ؟! يالك من أبٍ ورحيم رحمك الله رحمة لا تحتاج لغيرها .
يدخلك الله الذي لم يزل ولا يزال هو الكبير المتعال , خالق الأعيان والأثار , ومكور النهار علي الليل والليل علي النهار , العالم بالخفيات وما تنطوي علي الأرضون والسموات جنة التي عرض الأرض والسموات , ويحيك حياةً عنده بعد هذا الممات , ويرفعك أعلي الدرجات في الحياة وبعد الممات ويطعمك من لحم الطير والذوات , ويسقيك من الكوثر والفرات برحمتك يارحيم الأحياء والجمادات اللهم امين والحمد لله رب العالمين
عماد محمد الطيب
(عدل بواسطة emad altaib on 11-23-2008, 11:27 PM)
|
|
|
|
|
|