|
الاستاذ/ مبارك عثمان الخليفة يكتب من القضارف عن الشيخ أمان
|
الشيـــــــــخ أمان
حي ديم النور العريق بمدينة القضارف ظل دائماً مصنعاً لأفذاذ الرجال والمشاهير فمن تلك الفسيفساء الأثنية العجيبة أمشاج أجيال تحمل بذرة الإبداع والتنوع داخل جيناتها ، وهو حي ينسب للأمير المهدوي النور عنقرة عامل الخليفة عبدالله التعايشي علي بوابة الشرق وفي ذلك الحي إنصهرت وتصاهرت في بوتقته إجناس متنوعة من قدامى المحاربين في أورطة العرب الشرقية وهي القيادة الشرقية الآن .. وعاش فيه جيل من الهجين من الأحباش والصوماليون والأرمن والإغريق والأريتييون والبني عامر والنوبة ومنهم خرج كبار الضباط في الجيش والبوليس والخدمة المدنية ومن أوائل الجنود والضباط الذين تم علي أيديهم فتح كرن إقبان الحروب الإيطالية والإنجليزية .. عمنا الشيخ أمان من أهم الشخصيات التي عاشت في ذلك الحي بل في كل مدينة القضارف .. هو ذو اصول جبرتية أثيوبية من المسلمين رأيناه ونحن صغاراً وهو شاب في الستين تم ونحن شباب رأيناه كذلك شاباً في الثمانين .. بلحيته البيضاء الأنيقة وكنا ندعوه بابا نويل الشيخ الذي يوزع الهدايا للاطفال في أعياد الكريسماس للشبه الكبير بينهما .. عاش الشيخ أمان بروح شابة وقلب أبيض وكان من مؤسسي النادي الأهلي علي أكتافها . وقد لعب إبنه الشهير ب " أبو حباجة " اللاعب الفذ . ذو المهارات العالية للنادي الأهلي ولكن الموت إنتزعه وهو في شرخ الصبا وعنفوان الشباب ، مما جعل للشيخ أمان مسحة دائمة من الحزن علي وجهه الوضئ طيلة حياته . وعلي الرغم من أصول الشيخ أمان الإثيوبية إلا أنه كان ينتمي إلي الطريقة الختمية . ويحفظ أورادها . ويردد مدائحها في المواسم والموالد وليالي الذكر .. وكان صديقاً للجميع وخاصة للأطفال الرياضيين من الشباب .. فقد كان بنداً ثابتاً وفقرة ممتعة في المهرجانات الرياضية في دار الرياضة .. يأتي الزي الرياضي الأبيض " الشورت والقيص " والحذاء ليشارك في مسابقات الجري والمبادلة وغيرها . وقد كان عضواً فاعلاً في فرقة الكشافة حتي ان الرئيس الأسبق نميري اطال الله عمره كان قد أجرى له راتباً شهرياً تقديراً له ولجهوده وحبه للرياضة وهو في ذلك العمر .. وكان الكل في ذلك الزمن يتسابق إلي دار الرياضة لمشاهدة الشاب الثمانيني الشيخ أمان . وكان للشيخ امان مشاركاته السياسية أبن الإستعمار البريطاني وكان يتصدر لمظاهرات والإحتجاجات .. ومن نوادره أنه كان في مظاهرة تندد بالوجود البريطاني وتجمع ثلة من أبناء القضارف الثائرين أمام مبنى البريد والبرق وظلوا يهتفون بسقوط الإنجليز وأخذهم الحماس فحملوا الشيخ امان علي أعناقهم وهو يهتف ثم ساروا به إلي حيث مقر المفتش الإنجليزي بمركز البوليس وخرج المفتش الإنجليزي يستطلع الخبر فوجد المظاهرة والشيخ امان علي الأعناق ولكنه ما أن رأى المفتش الإنجلزي حتى كف عن الهتاف مما جعل المتظاهرين يحثونه علي الهتاف وأخيراً هتف الشيخ أمان صائحاً " يعشي السيد الحسن " فأثنى عليه المفتش الإنجليزي بإعتباره رجل يحترم شيخه مما أغاظ المتظاهرين وعاتبوه بعد ذلك قائلين " لماذا اوقفت الهتاف ضد المستعمر يا شيخ أمان " فقال لهم يعني دايرين مني اتورط براي وانتوتزوغوا "؟ رحم الله الشيخ أمان " وأنا من هنا أدعوا المسئولين لإطلاق إسمه علي شارع أو صالة ألعاب او علي الإستاد تخليداً لذكراه وحتي يعرف الجميع أن أهل القضارف يعرفون لرجالها قيمتهم حتى بعد موتهم . أحبائي .. أهلي في الغربة أرجو منكم التواصل والتعليق لكم مودتي وحسبي أن أرى وجوهكم يملؤها الإشراق .
مبارك عثمان الخليفة
|
|
|
|
|
|
|
|
|