مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة)..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 04:51 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-11-2008, 01:09 PM

فتحي الصديق
<aفتحي الصديق
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 6072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. (Re: فتحي الصديق)

    هناك إفتراضٌ اساس تبنته معظم تقارير اللجان التي تصدت لمشاكل المشروع، إن كان ذلك بشكلٍ او بآخر، و خاصة تقارير البنك الدولي. و ذلك الافتراض هو ان نهج الخصحصة سيحل مشاكل المشروع و بشكل حاسم. نحن لا نتحفظ فقط علي خصخصة مشروع الجزيرة و حسب و انما نؤمن بانها ستعيق تطوره وستمزق نسيجه الاجتماعي و بل ستهدد امن الوطن في المدى البعيد. اعتقد انه من المفيد ان نشير و باختصار شديد الي من اين جاء مفهوم الخصخصة بشكلٍ عام و الي اي سياسة اقتصادية يستند؟.
    هناك مفهومان معروفان و يتداولهما المهتمون و غير المهتمين بامر الاقتصاد،وهما "التثبيت الهيكلي للاقتصاد" و "التعديل الهيكلي للاقتصاد". الاول يتم عن طريق تقليص الانفاق الحكومي برفع الدعم عن السلع الاساسية و رفع الدعم عن القطاع العام، و كذلك عن طريق تقليص العرض من النقد ورفع اسعار الفائدة و اخيراً عن طريق إلغاء التزام الدولة بالتوظيف و من ثمَ تخفيض الاجور الحقيقية. أما الثاني و هو "التعديل الهيكلي" فيتم انجازه عن طريق الغاء رقاية الدولة علي الاسعار، و ان يتم تخفيض سعر العملة المحلية و اخيراً و هذا هو الاهم ان يتم نقل ملكية المنشآت و المؤسسات العامة و الحكومية الي القطاع الخاص. إن مهمة "التثبيت الهيكلي للاقتصاد" يُعنى بها " صندوق النقد الدولي"، اما "التعديل الهيكلي للاقتصاد" فهو من مهام "البنك الدولي". إذن فإن واقع ان "الخصخصة" هي واحدة من اعمدة سياسة "التعديل الهيكلي للاقتصاد" يفسر لنا اهتمام "البنك الدولي " بامر مشروع الجزيرة و اشتراكه في سير عدة لجان تصدت لقضاياه. علّ هذه الاشارة المختصرة تجيب و لو جزئياً علي تساؤل السوداني العادي عن اسباب اهتمام البنك الدولي بمشروع الجزيرة، او الاقتصاد السوداني بشكل عام.ا
    قبل ان نذهب في التصدي الي موضوع خصخصة مشروع الجزيرة لابد لنا من الاجابة علي سؤالٍ قد يلح في ذهن الكثيرين، و هو هل بالفعل هناك نية او تخطيط لخصخصة مشروع الجزيرة؟. الاجابة عن هذا السؤال هي نعم. و ذلك بالإستناد الي الآتي:
    اولاً/ إن المادة 17.البند (1) من قانون 2005م و التي هي ـ في اعتقادي ـ من اسوأ مواد ذلك القانون تمهد لخلق الوضع الطبيعي و الظرف المواتي لانجاز الخصخصة حيث نصت علي الآتي "مع مراعاة الفقرة (5) ج. من المادة 16 يجوز للمزارع المالك التصرف في الحواشة بالبيع او الرهن او التنازل وفق الموجهات التي يضعها المجلس".
    و هذه مادة تفتح الباب واسعاً في ظل الفقر الذي يحيط بمعظم المزارعين الآن الي ان يسعوا الي التخلص من ملكية حواشاتهم، وهذا امرٌبالقطع لن توقفه "الشفعة" المرجوةٌ مراعاتها و التي نص عليها القانون في مادته (16) ج (5).!!!.
    برغم من منعه للبيع، كان الرأسماليون في السابق يتحايلون علي القانون و يشترون حواشات الفقراء من المزارعين و المعسرين منهم. فما الحال الذي يمكن تصوره في ظل وضعٍ اصبح فيه البيع الآن مشروعاً و ممكناً بنص القانون؟. إن النتيجة الكارثية نفسها سيقود اليها الرهن، خاصة و ان البنوك التي تعمل الآن في السودان و بكل ارثها المعروف في التعامل غير المتكافئ قد دخلت الي هذه "الملجة"!!!.

    ثانياُ/ إن التعامل الذي تتبناه الحكومة الآن مع قضية الاراضي و خاصة مع اصحاب الملك الحر و بنص قانون 2005م قد صادر حق الاختيار الطبيعي لاصحاب الملك الحر حيث انهم لم يعطوا غير خيار واحد و هو ايلولة اراضيهم للحكومة مع التعويض العادل لهم!!!. و السؤال البديهي هنا هو أوليس من حق المالك ان يختار تأجير ارضه للحكومة بدلاً عن التنازل عنها مقابل تعويض، حتى ولو كان ذلك التعويض عادلاً؟.و لنا ان نتساءل ايضاً ، فإذا كان و في نهاية المطاف سيتم تخصيص المشروع، اي تمليكه للقطاع الخاص، فلماذا لا تترك الارض لاصحابها الاصليين؟.
    اشار د. سلمان الي ان هذا القانون قد انهى" الايجار القسري للاراضي الملك الحر". في حقيقة الامر ان الايجار كخيار لم يرد اصلاً في قانون2005م فلذلك كان لابد ان ينتهي. كان من الممكن جداً ان تضع الحكومة الخيارين ـ البيع او الايجار ـ امام الملاك إلا انها إختارت هي نيابة عنهم بان يكون الخيار واحد وهو التنازل و التنازل فقط لقاء التعويض!!! فذلك في جوهرة تنازل قسرى و لو في لقاء تعويضٍ عادل لان لا خيار غيره!!! فبناءاً عليه من حق المرء ان يقول بان ليس هناك ما يمنع من التفكير بان هناك اجندة اخري وراء مصادرة هذا الحق الاصيل، اي حق الاختيار من بين عدة خيارات.

    ثالثاً/ إن هذا الوقت بالتحديد من الفترة الانتقالية و الذي يتم فيه التعرض لمناقشة و تقييم الكثير من القوانين و من بينها قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م، و ما ترتب عليه حتى الآن، يمثل و بكل المقاييس السياسية وقتاً مثالياً للمساومات السياسية ، خاصة بين المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية، وذلك لانه يمثل الوقت المناسب لتبادل "الاجندة" الاسرى !!! و إلا فما الذي يمنع من إعادة النظر في هذا القانون الذي غيّب مشاركة المزارعين الذين هم اهل الامر و المعنيين به في نهاية الامر؟.

    رابعاً/ هناك ليست مؤشرات و انما وقائع فعلية للخصخصة سبقت و مهدت لصدور القانون. وقائعٌ لا تخطئها العين تمثلت في مآلات سكة حديد الجزيرة، مطاحن الغلال و الجزء الكبير من اصول المشروع التي اصبحت كلها اثراً بعد عين،و ذلك بعد ان تمّ بيعها في المزاد و آلت ملكية غالبيتها بالفعل للقطاع الخاص. و ايضاً نقول ان العمل يجري الآن للتخلص من المحالج بعد ان تمّ جردها و تقييم الاراضي التي تقوم عليها.

    خامساً/ إن مشاكل المشروع و اسباب تدهوره تمثلت في التمويل و التسويق و الضرائب المرهقة التي فرضتها الدولة و التي وصل بها الامر، و كما هو معلومٌ في بعض السنوات، الي حد مصادرة المحاصيل من المزارعين. تخلت الدولة عن اوجب واجباتها. السؤالان اللذان يأخذان برقاب بعضهما هما ، لماذا لم تحاسب الدولة نفسها؟و لماذا تسعى الدولة و طيلة تاريخ تعاملها مع قضايا مشروع الجزيرة الي استصدار القوانيين كخيارٍ وحيد؟!!!
    الاجابة قد تكون معلومة عن هذين السؤالين، و هي ان الدولة ممثلة في حكومتها المركزية تعتبر نفسها فوق عقد الشراكة الذي بينها و بين المزارعين و كذلك فوق مسئوليتها الاخلاقية، واما في لجوئها لاستصدار القوانيين فإنما لا ترمي هي لحل المشاكل و رفع المعاناة و انما تسعى الي خلق الوضع المناسب لتمرير "حلم الراسمالية الطفيلية" المتمثل في خصخصة المشروع.
    إن موضوع الخصخصة ليس امراً جديداً و انما كان ميداناً للصراع بين المزارعين و الحكومات المختلفة منذ زمنٍ طويل في مشروع الجزيرة. نجح اهل المشروع من مزارعين و اداريين و مهنيين وطنيين و مهتمين و نشطاء في الحفاظ علي المشروع برغم مشاكله التي لا يمكن نكرانها او المكابرة بصددها.
    السؤال الذي يحتاج الي توضيح هو لماذا الوقوف امام خصخصة المشروع طالما انها قد تساهم في حل مشاكله؟. في الاجابة عن هذا السؤال لابد من تأكيد حقيقة انه من الضروري اخذ الطبيعة الخاصة بأي قطاع إنتاجي في الاعتبار قبل السعي او الشروع في خصخصته. فمشروع الجزيرة و بطبيعته الاقتصادية، مثلاً، ليس استثماراً في مجال الفندقة او في مجال الصناعات الخفيفة. هناك حقائق لابد من مراعاتها و هي تخص مشروع الجزيرة لوحده و لا يشبهه و لا يشاركه فيها اي مجال اقتصادي آخر في البلاد. لخص د. سلمان هذه الحقائق بشكلٍ جلي حيث اشار الي وجود 128 الف مزارع و مع اسرهم يصل تعدادهم الي مليون نسمة، و 150 الف عامل و مع اسرهم يصل تعدادهم الي اكثر من مليون، و هذا بالاضافة الي وجود 5 الف عامل و موظف يتبعون لادارة المشروع و قد يصلون مع اسرهم الي 25 الف نسمة. إن وجود هذا العدد من البشر ليس وجوداً عرضياً و إنما هم مرتبطون بشكلٍ عضوي و يومي مباشر بالمشروع و مرتبطون بعملية الانتاج فيه. نقول و بإطمئنان انه ليس هناك في السودان من قطاع اقتصادي او وحدة انتاجية تتوفر فيها هذه السمة ، مليونان من البشر مستوعبون في قطاع انتاجي واحد في موقعٍ جغرافي واحد و تحت إدارة واحدة!!!. إن مشروع الجزيرة بهذه الصفة يمثل ظاهرة اقتصادية كونية، مثيلاتها تحسب علي اصابع اليد الواحدة في العالم!!!. هذه الحقائق لوحدها كافية لان تكون مدعاة للتأني في اتخاذ اي قرار يخص مشروع الجزيرة، سيما إن كان يتعلق بأمرٍ خطير مثل الخصخصة.
    إن مشروع الجزيرة عملياً هو قطاع خاص حيث يمتلكه المزارعون كأفراد، في حين ان ملكية الحكومة "العقدية" للارض لا تمثل سوى ضمان لحماية الاسر من خطر فقدان الارض بسبب البيع الذي قد يمارسه من باسمه ملكية الحواشة. كانت تلك هي القيمة الاساس في علاقة الشراكة بين الحكومة و المزارعين و هي التي حافظت علي وحدة و وجود المشروع منذ العام 1950م. فهذا الانجاز هو بالضبط ما استهدفه قانون 2005م بالتصفية و في مادته 17.(1). و هو استهداف يرمي الي خصخصة مؤسسية، بمعنى ان تؤول ملكية المشروع بالتدريج و عبر الزمن الي مؤسسات او شركات ضخمة محدودة العدد، تتمتع بحيازات كبيرة علي قرار المؤسسات التي تمتلك و تدير مزارع العنب في ايطاليا و كلفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية ، و مزارع الـ "هاسيندا" في امريكا اللاتينية.
    نرى انه من المهم الاشارة الي أن القطاع الخاص السوداني المرشح بان تؤول اليه ملكية مشروع الجزيرة هو قطاعٌ خاصٌ مصنوعٌ صناعةً ، لا تاريخ له و لا جذور و لا تقاليد. إنه قطاعٌ خاصٌ "مسيس" لم يكن تطوره تطوراً طبيعياً،إذ لا صلة له و لا شبه بالراسمالية السودانية الوطنية العريقة، إن كانت تلك التي إجترحت مأثرة مؤسسات التعليم الاهلي في محازاة التعليم الحكومي، و رموزها من امثال الشيخ مصطفي الامين و غيره ، أو الراسمالية الوطنية التي تجشمت مخاطرإستقدام الصناعات الحديثة الي البلاد من مصانع نسيجٍ و محالج و غيرها، متمثلة في رموزها من امثال المرحوم دكتور خليل عثمان و المرحوم فتح الرحمن البشير. إن الراسمالية الاسلاموية الطفيلية الحالية هي المعنية بتهيئة هذا المناخ، و هي المرشحة للهيمنة علي مشروع الجزيرة.
    إن قانون مشروع الجزيرة لعام 2005م إنبنى و بشكلٍ اساس علي توصيات تلك اللجان التي كان البنك الدولي طرفاً فيها. يمكن إستشفاف ذلك في كثيرٍ من محتويات القانون، إلا ان ابرز شاهدين علي ذلك هما، اولا،ً مبدأ الخصخصة كما اوضحنا سالفاً، و ثانياً ، مبدأ روابط مستخدمي المياه.
    إنه و بقدر وقوفنا ضد مبدأ الخصخصة بالنسبة لمشروع الجزيرة فاننا نرى ان مبدأ "روابط مستخدمي المياه" قد يمثل نقطة مضيئة في حق قانون 2005م.
    إن إستحداث روابط مستخدمي المياه في مشروع الجزيرة قد يحدث تحولاً في المشروع. و كما ذكر د. سلمان ان كون الفكرة جديدة علي السودان لا يمكن ان يؤخذ ذلك عليها و لايقف بالتالي دليلاً علي امكانية فشلها. اتضح حتى الآن ان فكرة روابط مستخدمي المياه تحمل الكثير من مقومات النجاح، إن كان ذلك علي ضوء تجارب البلدان الاخرى مثل دولة شيلي او حتى علي مستوى تجربة السودان المحدودة في تفتيش عبدالحكم في مشروع الجزيرة. حسبما تمّ نشره حول تقييم تجرية تقتيش عبدالحكم و حتى الآن وضح الاثر الايجابي للتجربة و الذي انعكس في زيادة انتاجية الفدان بالنسبة لمحاصيل مختلفة ضمت القطن، الفول و الذرة. من جانبٍ آخر اعتقد أن فكرة هذه الروابط يجب ان تعطى الفرصة لتأخذ حظها من التجريب.
    في اعتقادي ان هناك سببين، بالاضافة الي عامل تحسن الانتاج، يشجعان علي تجريب روابط مستخدمي المياه/
    اولاً/ ان طبيعة و طريقة تكوين هذه الروابط تنطوي علي مشاركة فعلية للمزارعين و فيها انعكاس لارادتهم في إختيار المسئولين عن إدارتها. فكل نشاطٍ يستدعي توسيع مشاركة المزارعين و تقريبهم اكثر من التأثير في قرار و عملية الانتاج لهو جديرٌ بالتشجيع و بالتعامل الايجابي معه.
    ثانياً/ و هذا سببٌ مرتبطٌ بالاول وهو انه و بتوسيعها للمشاركة فان روابط مستخدمي المياه تتيح بذلك مجالاً آخر لممارسة و تعزيز القيم الديمقراطية بواسطة المزارعين إلي جانب المجالات الاخرى مثل انتخاب مندوبي و ممثلي المزارعين علي مستوى التفاتيش و الاقسام و من ثمّ إختيار اعضاء الاتحاد في القمة. كما و انه ومن الممكن جداً ان تفتح هذا الروابط آفاقاً اوسع لاشكالٍ متطورة من التنظيم بالنسبة للمزارعين. هذا بالاضافة الي ما تنطوي عليه الفكرة من بعدٍٍ تعاوني و روحٍ جماعي لتقاسم ليس فقط التكاليف و انما تحمل مسئولية الحرص علي المياه كعنصر اساس لوجود المشروع. و بهذا المعنى فإن مستقبل المشروع يكون قد ارتبط بالنشاط الواعي للمزارع. و لا ارى هناك من سببٍ واحد يجعل المرء يرفض ما من شأنه ان يوصل لمثل هكذا نتيجة اي الربط بين هتين القضيتين، مستقبل المشروع و دور المزارع فيه.
    هناك، و علي جانبٍ آخر و بنفس القدر، ملاحظات فنية و مخاوف تحف بفكرة و بتجربة روابط مستخدمي المياة، و منها علي سبيل المثال/
    اولاً/ طالما ان هناك تكاليف لقاء الحصول علي المياه، فإن المياه تكون قد اصبحت بذلك سلعة من الناحية الاقتصادية مثلها و جميع السلع الاخرى. معلومٌ إقتصادياً انه من الممكن حساب تكاليف انتاج اي سلعة الي ان تصل للمستهلك، و بالتالي يصبح من الممكن تحديد سعر بيعها له. ففي حالة المياه هذه ما هي المدخلات و العوامل التي تدخل في حساب تكاليف انتاج سلعة المياه و تحديد سعر بيعها الي المزارع حين وصولها اليه عند نقطة انتظاره، و هي القنوات الحلقية ـ ابو عشرين و ابو ستة ـ ؟
    ثانياً/ و بما انها اصبحت سلعة إقتصادية، هل ستخضع المياه لقوانين السوق و للعوامل المؤثرة فيه، ام ان تكاليف انتاجها ستكون ثابتة؟
    ثالثاً/ من اكبر المخاوف التي تحيط بامر روابط مستخدمي المياه، هو ان لا محصن لها من الاستهداف و الترصد، لانه كلما زاد نجاحها و ثبتت جدواها الاقتصادية فأنها ستفتح شهية الراسمالية لاجل تدجينها ثم إبتلاعها او علي اسوأ الفروض السعي لاضعافها و من ثمّ وراثتها كما فعلوا مع جمعيات المزارعين التعاونية السابقة من مطاحن و سكك حديدية و ورش و غيرها حيث استولوا عليها و بثمنٍ بخس!!!.
    هذه الملاحظات و المخاوف نحتاج التوقف عندها لتقييمها و الاجابة عليها بالقدر الممكن.
    هناك تساؤلٌ كثيراً ما الحّ علي اثناء التعقيب علي هذا البحث. نعلم ان د. سلمان واحدٌ من المنظرين علي مستوى العالم لمسألة المياه و لروابط مستخدميها علي وجه الخصوص. التساؤل هو كيف سيتسنى له حل التناقض او بالسوداني حل "الشِبْكة"، علي الاقل، علي المستوى النظري بين حُلمِه بان تضع "روابط مستخدمي المياه " و بما لها من طبيعة تضامنية و تعاونية مسألة المياه بين ايدي المنتجين و العامة من الناس و بين مبدأ سياسة الخصخصة التي يتبناها البنك الدولي كوسيلة للتعديل الهيكلي للاقتصاد و يحاول بشتى السبل الضغط علي الدول النامية و الفقيرة الالتزام بها كشرط لمنح المساعدة؟. اسأل هذا السؤال و اضعاً في الاعتبار طبيعة الملكية الحالية للارض ـ الحواشات ـ في مشروع الجزيرة و التي تؤهله دون شك لتطبيق فكرة روابط مستخدمي المياه حيث يوجد حوالي 128 الف مزارع. و ذلك وضعٌ ستلغيه الخصخصة حين يصبح المشروع مملوكاً لمؤسسات رأسمالية ضخمة محدودة العدد!!!. وامر خصخصة مشروع الجزيرة اصبح اليوم ممكن الحدوث اكثر من اي وقتٍ مضى و بنص قانون 2005م الذي استند في صياغته علي توصيات البنك الدولي.
    يلاحظ من البحث ان اهم القوانين التي اثرت و تؤثر في مسار مشروع الجزيرة كانت تتم صياغتها و المصادقة عليها في فترات سياسية تتسم بانعدام الديمقراطية و تحت انظمة اقل ما يمكن قوله عنها انها شمولية، صدر قانون 1961م والذي قنن لامتداد المناقل، في ظل نظام عبود ـ الحكم العسكري الاول ـ . صدر قانون 1984م و الذي استبدل الحساب المشترك بالحساب الفردي في ظل نظام نميري ـ الحكم العسكري الثاني، و اخيراً جاء قانون 2005م و الذي دشن المرحلة التاريخية الثالثة لمشروع الجزيرة و ذلك بان سمح للمزارعين ببيع و رهن و التنازل عن اراضيهم مما فتح الباب امام المؤسسات لشراء المشروع و تحويل المزارعين الي اجراء بدلاً عن شركاء. هذا القانون بدأ الاعداد له منذ نهاية التسعينات باعتماده علي تقارير اللجان التي كونت وقتها. فبرغم صدوره الا ان الطريقة التي اُجيز بها لا تختلف كثيراً عن تلك التي تمت بها اجازة قوانين مشروع الجزيرة في ظل النظامين العسكريين السابقين.
    إن الضمان الوحيد لحماية مشروع الجزيرة و سد الطريق امام محاولات التخلص منه كمشروع عام له دوره الناجز في التغيير ليس الاقتصادي و الاجتماعي فحسب و انما السياسي ايضاً هو اشاعة الديمقراطية في البلاد بشكل عام و اتاحة الفرصة للاطراف المشاركة في عملية الانتاج في مشروع الجزيرة بمنْ في ذلك العمال الزارعيين لان يشتركوا في مناقشة و وضع السياسات التي تخص المشروع و تصيغ مستقبله. إن الفترات التي نعِم فيها المزارعون و المنتجون في المشروع بممارسة الديمقراطية في إدارة شئونهم كانت قصيرة كما هو الحال في السودان بشكلٍ عام، إلا انه و برغمه كانوا لا يستكينون و لا ادلّ علي ذلك من كسبهم الاخير لمعركتهم القانونية التي خاضوها ضد تزوير إرادتهم في آخر انتخابات لاتحاد مزارعي الجزيرة و المناقل.
    في الختام الشكر لدكتور سلمان محمد احمد سلمان علي هذا البحث الذي مثل اضافة حقيقية الي ادب البحث و الكتابة عن مشروع الجزيرة و فتح آفاقاً اخرى تستدعي تناولاً غير تقليدي لقضايا المشروع. و الشكر ايضاً لجريدة اجراس الحرية علي ما تقوم به من تعزيز لقيم نشر الوعي.

    صديق عبدالهادي
                  

العنوان الكاتب Date
مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-07-08, 06:24 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Nazik Eltayeb10-07-08, 08:17 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Hisham Ibrahim10-08-08, 06:26 AM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 12:17 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 06:06 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Sana Khalid10-08-08, 07:26 AM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. عبدالرحمن الحلاوي10-08-08, 07:33 AM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 12:47 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 12:33 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. مهدى الصادق السيد10-08-08, 03:27 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Nazik Eltayeb10-08-08, 03:40 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 06:07 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. عبدالله ادريس محمد10-08-08, 05:23 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-08-08, 06:59 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Alshafea Ibrahim10-08-08, 06:27 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-09-08, 04:47 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. صديق عبد الهادي10-08-08, 07:22 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Nazik Eltayeb10-08-08, 08:22 PM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. عبدالرحمن الحلاوي10-09-08, 03:37 AM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-09-08, 05:06 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-09-08, 05:22 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Alshafea Ibrahim10-09-08, 10:43 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 10:25 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Alshafea Ibrahim10-10-08, 10:27 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 10:49 AM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. نورالدين بابكر بدري10-10-08, 03:56 PM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 05:47 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 05:33 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. صديق عبد الهادي10-10-08, 05:16 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 05:39 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 06:43 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 07:05 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 07:08 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 07:13 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 07:18 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-10-08, 07:25 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. محمد نجيب عبدا لرحيم10-10-08, 10:11 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. محمد نجيب عبدا لرحيم10-10-08, 11:39 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-11-08, 01:00 PM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-11-08, 01:03 PM
        Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-11-08, 01:09 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. محمد نجيب عبدا لرحيم10-11-08, 02:16 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. محمد نجيب عبدا لرحيم10-11-08, 11:25 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-15-08, 12:20 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق10-23-08, 11:00 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. صديق عبد الهادي10-24-08, 06:01 PM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق11-11-08, 09:13 PM
    Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. abuguta11-12-08, 06:22 AM
      Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. عبدالرحمن الحلاوي11-12-08, 08:22 AM
        Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. Yousif A Abusinina11-12-08, 10:00 AM
  Re: مشروع الجزيرة الأسطورة الفانية..نقلا عن (الصحافة).. فتحي الصديق11-12-08, 10:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de