|
Re: بغـاء بـرئ (Re: محمد يوسف الزين)
|
3
ندى
كانت كل ما تفعله هذه الفتاة..بجميع تفاصيلها..مشيتها وضحكتها ، شكلها..كلها ، كانت عنوان إثارة ولكن بوجهه السخيف الخالي من كل ما هو جميل.وزاد عليه أنها كانت تتعمد الوقاحة في كثير من الأحيان ، تتعمد التصرفان الغبية واحراج الناس ، كانت متفردة تماماً بذلك السفور المستفز ، والخطيئة كانت داخل الحرم الجامعي مخفاة كحال كل المدينة التي تعرف كيف تخفي خطيئتها ، خطيئة المدينة التي تُسب بالنهار ، المدينة التي تخفي الرغبات خلف الأبواب المغلقة والزجاج المظلل لتعود وتفتش عنها ليلاً في الشوارع ، لماذا لا تملك فن الاختباء والتجمل لماذا هي تقف في المسرح لتعلن انها باغية ، وندى لم تكن منبوذة لذلك السبب فقط فهناك الكثير من الفتيات اللاتي يتبعن طريق الغواية وهن معروفات برغم الاقنعة التي يلبسنها ولكن لندى قصة أخرى. ندى كانت من تلك البيئة بكل معالمها الواضحة كانت ابنة "مومس". أمها شديدة الشهرة في المدينة ، يعرفها الأصحاء قبل المرضى وأي مرض يحملون ، ولدت ندى في بيت تعرفه جميع أنواع السيارات وفتيات الليل وبين الحفلات الراقصة والسيارات والمخمورين ربيت ندى ، كانت تغدق عليها أمها هي وأخيها ولا تحرمهم من شئ ، وأمها كانت تملك المال لدرجة الثراء بعكس مديرات البيوت اللاتي لا يزددن الا فقراً ، كانت أعلى مستوىً من مثيلاتها ، وعندما كبرت ندى رفضت هذا العالم وهذا الواقع ..رفضت كل شئ حتى أمها ، كانت دائمة الهروب..دائمة الرفض ، دائمة الاحتجاج ، وفي النهاية أصبحت دائمة الصمت الى أن أصبحت دائمة الفجور ، كانت تذهب للمدرسة قبل كل الفتيات وآخرهن ذهاباً الى البيت..كانت ندى شديدة الانزواء في طفولتها ، والحق أن أمها حاولت أن تبعدها بقدر الامكان أيضاً ولكن ماذا تفعل وهي تعيش مع فتيات يسكنّ معها في المنزل وأي واحدة منهن حكاية كاملة ، احداهن هربت من منزلها وأخرى أدمنت الخمر والحشيش وأخرى كانت في السجن وأخرى بائسة لدرجة البؤس وأخرى ضاحكة لدرجة الضحك ، كبرت ولم تعد طفلة تصدق ببراءة الطفولة أن هذا هو العالم ، وهكذا كل البيوت ، دفنت ندى نفسها في عالمها الخاص وتعودت أن تكون منبوذة بسبب أمها ورفضت المتاح من الصداقة من ذات البيئة ، راحت تفتش عن أبيها الذي طلق أمها وهي طفلة صغيرة وقالوا لها أنه توفي ولا أهل له ، ورغم أن امها طردت الفتيات من المنزل أخيراً ولم يعد أحد يأت الا أن أمها ما زالت تعمل هذا لا شك فيه وكثيراً ما تراها تتكلم بالهاتف تدير ما كانت تديره مواصلة في ذات الوظيفة التي قضت فيها نصف حياتها ، رفضت ندى كثيراً ، ليس لأن هذا خطأ وليس لأنها تبحث عن الفضيلة وليس لأنها تكره هذا العالم ولكن لأنها فقط من دفع ثمن أمها وتقيأها الناس ولفظوها بعيداً ، تعبت ندى من الهروب ، أسقطها التعب وآن أوان القرار ، وقد كان ، لتكون سلعة أيضاً وجزءاً أصيلاً من بضاعة أمها الرائجة..ليس لأن أمها تريد أن تجرها لذات العالم ولكن لان هذه هي خيارات الحياة الوحيدة التي كانت لهذه الروح المتعبة ، جسد مراهق وروح ضائعة كانت ، أعطت ندى نفسها ولم تبع ، لم تحتاج الى المال أبداً ولا للاضواء ، ولكن ندى باعت نفسها وبارخص الأثمان وبعيداً عن أمها لدرجة الكذب ، يا للسخرية ، تكذب على أمها لتعيش حياة الليل مع أصدقاء آخرون..مع مديرات آخريات وربما مع العبث الغير مرتب كما تحب أن ترتب أمها ، وأمها تداري عليها وترفض أن تكون ابنتها معروضة ، ومع ذلك وقعت ندى ، وكانت في سفورها تعبر عن كرهها لكل العالم ، ما دام الناس لم يقبلوا ندى الفتاة صاحبة الوجه الطفولي الجميل لخطأ أمها. كل زميلاتها في المدرسة كن يسكتن عندما تمر ، لم تنل يوماً جائزة في المدرسة ولا تصفيق ولا حتى عقاب ، وفي كل يوم تمني نفسها بأن الناس سينسوا ابنة من هي وأن يوماً ما ستنهض من الفراش وتجد نفسها كباقي الخلق ، تُحب وتُكره تُصادق وتُبعد ، تُجاور وتُفارق ،ولكن لا تُلفظ كشئ كريه ، كانت في قمة التهميش وفي قمة الشهرة في نفس الوقت ، وكانت المادة المفضلة للالسن في الخفاء ، فسحقاً للناس وهي سترد لهم كرههم كما يجب. لن تكذب لدرجة الصداع ولن تنافق لدرجة الغثيان ، ستكون سافرة واضحة كالشمس وليلعنها من يريد. كرهها العالم أكثر وتحرش بها أسوأ خلق الله وسمعت كل بذئ ومهين ، ولكن أتخذت قرارها ولن تتزين بزينة ليست من بيئتها وعالمها ، أصبح أخوها فناناً يغني في الحفلات ، وله أصدقاء ، ضائع أيضاً ولكن لم يُكره كما كرهها الناس ، لعله كان مكروهاً يوماً ما ونسي ، ولعله لم يُكره. لم تفهم هذه المعادلة. هل لأنها أنثى؟ ، أليست هي أمه أيضاً؟! هي أيضاً أصبح لها صديقات كُثر ، صديقات جدد كثيرات لحد الدوار..وأصدقاء. وأخيراً أصبحت غير مرغوبة أيضاً كما كانت حين بدأت تمردها على رغبة أمها وليس على عالمها ، لماذا وهي الآن جزء من المدينة بعد منتصف ليلها. لم تعرف الإجابة ولم تصدق ، كيف وهي أجمل من أكثرهن ، ان كان عليها أن ترتدي ثوب عفيف كاذب ليكون التعري أجمل وأشهى فلن تفعل وسحقاً ثانية لكل الناس ، لن تعطي جسدها لأي أحد ولن تتجمل أيضاً بأي عفة ولن تعود أيضاً لما اختارت وجربته وستلفظ كل من رفضها ، وبين كل هذا ظلت أمها كما هي. وندى تحولت كثيراً وأي تحول.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-07-08, 01:20 PM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-07-08, 01:32 PM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-07-08, 01:40 PM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-07-08, 01:45 PM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-07-08, 02:42 PM |
Re: بغـاء بـرئ | serenader | 10-07-08, 02:56 PM |
Re: بغـاء بـرئ | serenader | 10-09-08, 10:31 AM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-09-08, 12:29 PM |
Re: بغـاء بـرئ | Maawya Hussein | 10-09-08, 10:47 AM |
Re: بغـاء بـرئ | محمد يوسف الزين | 10-09-08, 12:35 PM |
Re: بغـاء بـرئ | من الله عبد الوهاب | 10-10-08, 11:10 PM |
|
|
|