الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 06:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-07-2008, 12:41 PM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص (Re: عماد موسى محمد)

    وهذا مبحث عام عن المملكة ننقله هنا لبيان الفرق بين الشرعي وغيره،وليس من باب أن المملكة السعودية بلغت الكمال المنشود.

    المقدمـــة:

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

    فإن المملكة العربية السعودية قد أضحت محط الأنظار المتفكرة، والعقول المتدبرة، فيما وصلت إليه من أمن وأمان، ورغد عيش ونهضة حضارية في شتى المجالات ومختلف الميادين.

    وليس في الأمــر عجب، فهــي مســألة بدهية، وأمر حتمي، نتيجة حرص حكومة هذا البلد – وفقها الله – على الالتزام بأصول الشريعة وقواعدها وتطبيقها في شتى المجالات.

    ومن المسلمات أن التلازم حتمي بين تطبيق الشريعة وتحقيق الأمن، تشهد لهذا حقب التاريخ ومقرراته.

    إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيِ دينا

    وفي هذا البحث الموجز إشارة سريعة إلى منهج ونموذج ونتيجة.

    أما المنهج فمنهج تطبيق الحدود الشرعية خاصة بعد تطبيق أحكام الشريعة عامة.

    وأما النموذج فالمملكة العربية السعودية التي قامت على هذا المنهج والتزمت به، وما تزال بحمد الله وفضله.

    وأما النتيجة فما تنعم به هذه البلاد من أمن ورخاء ورغد، واستقرار في شؤونها العامة والخاصة.

    أدام الله هذه النعمـــة، وسدد الخطى، ووفق العاملين المخلصين في هذا البلد خاصـــــة، وفي جميع بـــلاد المسلمين عامة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



    الأمن مطلب وضرورة:

    وذلك أن تحقيق الحياة السعيدة، لا يتم في مجتمع مضطرب، أو بيئة قلقة، والعمل لا يتم، والحضارة لا تزدهر، والمجتمعات لا ترتقي، والرخاء لا يسود إلا بمطلب لا بد منه هو الأمن والأمان.

    وحاجة الناس إلى الأمن ضرورية، لا تقل عن حاجتهم إلى الماء والطعام كيف لا ؟ وقد قرن الله الإطعام والأمن معاً ، فقال سبحانه: { فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } ([1]) .

    وتظهر مكانة الأمن وأثره في استقرار المجتمعات ورقيها في دعوة إبراهيم –عليه السلام – { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً }([2])، وجعله الله – تعالى – بلداً آمناً : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً }([3]) وامتنّ –سبحانه –على عباده بهذا الأمن : { أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ }([4]) . كما امتنّ على أمم سابقة بالأمن : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً }([5]) ، {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّاماً آمِنِينَ }([6]) { وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ }([7]) ، { وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً }([8]) . حتى أهل الجنة وهم في الجنة بحاجة إلى الأمن : { يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ }([9]) ، آمنين من الموت ومن انقطاع النعيم ومن كل أذى.

    فالأمن إذن مطلب ضروري، ودونه لا يهنأ إنسان بحياة، ولا يسكن قلب في صدر، ولا يهنأ طاعم بطعام، ولا عين بمنام، ولا شعب برخاء، ولا دولة باستقرار.

    والأمن في الإيمان لفظاً ومعنى من ابتغاه في غيره ضل وتاه، ولم يتحقق له مراده، ولم يحصل على مبتغاه قال – تعالى–: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ }.([10])

    أدرك ذلك الحكماء وعرفه العارفون، فجعلوا الإيمان سكناً، ورسموه منهجاً، واتخذوه سبيلاً.

    وكانت نشأة المملكة العربية السعودية –بحمد الله وفضله –في جذورها العميقة راسخة في هذا المنهج وسائرة على هذا الدرب، وملتزمة بهذا السبيل ، وذلك حينما تم التلاحم والتلاقي والترابط والتلازم بين الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب، رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.



    تأسيس المملكة:

    عقد ابن خلدون في مقدمته فصلاً في أن الدول، العامة الاستيلاء، العظيمة الملك، أصلها الدين إماّ من نبوة، أو دعوة حق ، ثم علل ذلك بقوله: "وذلك لأن الملك إنما يحصل بالتغلُّب، والتغلُّب إنما يكون بالعصبية واتفاق الأهواء على المطالبة، وجمعُ القلوب وتأليفُها إنما يكون بمعونة من الله في إقامة دينه، قال تعالى: { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ }([11]) ، وسِرُّهُ أن القلوب إذا تداعت إلى أهواء الباطل، والميل إلى الدنيا حصل التنافس وفشا الخلاف، وإذا انصرفت إلى الحق ورفضت الدنيا والباطل وأقبلت على الله اتحدت وجهتها ، فذهب التنافس، وقَلَّ الخلاف ، وحسن التعاون والتعاضد، واتسع نطاق الكلمة لذلك ، فعظمت الدولة".([12])

    وعقد فصلاً آخر في أن الدعوة الدينية تزيد الدولة في أصلها قوة على العصبية التي كانت لها من عددها([13]) وعقد فصلاً في "أن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثر عظيم من الدين على الجملة".([14])

    قلت : ونجد مصداق ما قرره ابن خلدون في اتفاق الدرعية الذي تم بين الإمام محمد ابن سعود –رحمه الله تعالى– والشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله تعالى– سنة 1157هـ، وهو الأساس الذي قام عليه بناء الدولة السعودية حتى الآن والحمد لله.

    ويظهر ذلك جلياً في الحوار التاريخي بين الإمام والشيخ في أول لقاء بينهما ؛ حيث قال الإمام محمد بن سعود –رحمه الله تعالى–: أبشر ببلاد خير من بلادك. وأبشر بالعز والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة (لا إله إلا الله) من تمسك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم.([15])

    قال ابن بشر –رحمه الله تعالى–: "ثم إن محمداً بسط يده وبايع الشيخ على دين الله ورسوله والجهاد في سبيل الله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"([16]) .

    وعلى هذا الأساس قامت هذه الدولة فنصرها الله نصراً مؤزّراً، وكتب لها التمكين في الأرض، وما زالت ولن تزال –بإذن الله –على ما كانت عليه.

    وقد تحدث عن هذا الأمر وفصله خادم الحرمين الشريفين في خطابه التاريخي بمناسبة صدور النظام الأساسي للحكم ، ونظام مجلس الشورى ، ونظام المناطق ؛ حيث قال: "…فقد سعد المسلمون بشريعة الإسلام حين حكموها في حياتهم وشؤونهم جميعاً، وفي التاريخ الحديث قامت الدولة السعودية الأولى منذ أكثر من قرنين ونصف على الإسلام، حينما تعاهد على ذلك رجلان صالحان مصلحان هما الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله.

    قامت هذه الدولة على منهاج واضح في السياسة والحكم والدعوة والاجتماع، هذا المنهاج هو الإسلام عقيدة وشريعة.

    وبقيام هذه الدولة الصالحة سعد الناس في هذه البلاد، حيث توافر لهم الأمن المكين، واجتماع الكلمة فعاشوا إخوة متحابين متعاونين بعد طول خوف وفرقة.

    ولأن أحكام العقيدة والشريعة هي الأصول الكلية التي نهضت عليها هذه الدولة، فإن تطبيق هذه الأصول يتمثل في التزام المنهج الإسلامي الصحيح في العقيدة والفقه والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي القضاء، وفي العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

    وبذلك كانت الدولة السعودية نموذجاً متميزاً، في السياسة والحكم في التاريخ السياسي الحديث.



    وقد استمر الأخذ بهذا المنهج في المراحل التالية جميعاً، حيث ثبت الحكام المتعاقبون على شريعة الإسلام، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"([17]) .



    مكانة المملكة ونظامها:

    لا شك أن المملكة العربية السعودية – بحمد الله وفضله – تعد مثالاً متميزاً في السياســــة والحكــــم في التاريـــخ السياسي الحديث، كما قـــــال خادم الحرمين الشريفين آنفـــاً.

    وهي لم تأخذ هذه المكانة، وتحتل هذا المنصب بين يوم وليلة بل نتيجة التزام طويل وعمل دائب، دام أكثر من قرنين ونصف في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، منذ نشأتها في عهد محمد بن سعود –رحمه الله تعالى– إلى يومنا هذا وما بعده بإذن الله.

    يظهر هذا الأثر حين نقرأ وصف أحوال الدرعية قبل اتفاقيتها المشهورة ، ثم حالها بعد ذلك. وقد بين ذلك مؤرخ نجد المشهور ابن بشر –رحمه الله تعالى– الذي قال: "ولما هاجر من هاجر إلى الدرعية واستوطنوها كانوا في أضيق عيش وأشد حاجة، وابتلوا بلاء شديداً، فكانوا في الليل يأخذون الأجرة ويحترفون، وفي النهار يجلسون عند الشيخ في درس الحديث والمذاكرة، وأهل الدرعية يومئذ في غاية الضعف وضيق المؤنة".([18])

    وقال في موضع آخر : "ثم إن هذا الدين الذي منَّ الله به آخر هذا الزمان على أهل نجد بعد ما كثر فيهم الجهل والضلال والظلم والجور والقتال، فجمعهم الله تعالى به بعد الفرقة، وأعزهم بعد الذلة، وأغناهم بعد العيلة، وجعلهم إخواناً، فأمنت به السبل، وحيت به السنن، وماتت البدع، واستنار التوحيد بعد ما خفي ودرس، وزال الشرك بعد ما رسا في البلاد وغرس، وطفئت نيران الظلم والفتن، ورفعت مواد الفساد والمحن، ونشرت راية الجهاد على أهل الجور والعناد، وكان مظهر ذلك من يقول للشيء كن فيكون : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ}([19])، وذلك بسبب من عمت بركة علمه العباد، وشيَّد منار الشريعة في البلاد، قدوة الموحدين، وبقية المجتهدين، وناصر سنة سيد المرسلين، شيخ مشايخنا المتقدمين، الشيخ الأجل، والكهف الأظل (محمد بن عبد الوهاب) أحله الله تعالى فسيح جنانه، وتغمده برحمته ورضوانه، فآواه من جعل عز الإسلام على يديه، وجاد بنفسه وما لديه، ولم يخشَ لومة اللائمين، ولا كيد الأعداء المحاربين، (محمد بن سعود) وبنوه، ومن ساعدهم على ذلك، وذووه، خلد الله ملكهم مدى الزمان، وأبقاه في صالح عقبهم ما بقي الثقلان فشمر في نصرة الإسلام بالجهاد، وبذل الجد والاجتهاد".([20])

    ثم بين حال الدرعية بعد قيام الدولة وتطبيق الشريعة وما عَمَّ من الرخاء، وانتشر من الأمن فقال: "ولقد رأيت الدرعية بعد ذلك في زمن سعود – رحمه الله تعالى– وما فيه أهلها من الأموال وكثرة الرجال، والسلاح المحلى بالذهب والفضة، الذي لا يوجد مثله، والخيل الجياد، والنجائب العمانيات، والملابس الفاخرة، وغير ذلك من الرفاهيات ما يعجز عن عَدِّه اللسان، ويكل عن حصره الجنان، والبنان، ولقد نظرت إلى موسمها يوماً في مكان مرتفع، وهو في الموضع المعروف (بالباطن) بين منازلها الغربية التي فيها آل سعود المعروفة بالطريف، ومنازلها الشرقية المعروفة بالبجيري التي فيها أبناء الشيخ، ورأيت موسم الرجال في جانب، وموسم النساء في جانب، وموسم اللحم في جانب، وما بين ذلك من الذهب والفضة والسلاح والإبل والأغنام والبيع والشراء والأخذ والإعطاء، وغير ذلك وهو مدُّ البصر ولا تسمع به إلا كدوي النحل من الحراج وقول: بعت وشريت، والدكاكين على جانبيه الشرقي والغربي وفيها من الهدوم والسلاح والقماش ما لا يعرف ولا يوصف ، فسبحان من لا يزول ملكه".([21])

    هذا من حيث الرخاء أما الأمن وتطبيق الشريعة فقد أفاض المؤرخون في بيان ذلك ، وذكروا أن آل سعود كانوا إذا تولوا بلداً كبيراً جعلوا فيه قاضياً ومفتياً، كما كانوا يجعلون في الطريق محتسباً، يتفقد أحوال الناس، وما هم فيه من المعاملات الدنيوية كالبيع والشراء، كأن ينقصوا المكيال والميزان، أو يفسد بعضهم بتعدٍّ على أحد، أو تعدل القضاة أو الحكام عن إقامة حدود الله بأخذ رشوة.

    أما شأنهم مع البادية فكانوا يقرون أمراءها القدماء فيها، ولا يعزلونهم وينصبون غيرهم، إلا إذا تمرد أحدهم، فإنهم يعزلونه ، ويجعلون أخاه أو ابن عمه مقامه، وكانوا يجعلون في كل قبيلة قاضياً أو مفتياً وإماماً للصلاة، يقيمون لهم الصلاة جماعة، ويبينون لهم حدود الله وأحكامه.

    ثم إنهم منعوا الأعراب من أخذ (الخوّة) على الحاج، فقد كان البدو الأقوياء يأخذون على الحاج مالاً، لا فرق في ذلك بين العرب والعجم، فلما استقر الحكم لآل سعود منعوا جميع العرب الذين هم تحت سلطانهم من الأعراب وغيرهم من التعرض للحاج، فعلى هذا كان الحاج يمر بجميع جزيرة العرب لا يتعرض له أحد.

    وكان لهم حكم قاهر، فلم يجرؤ أحد من البدو أو الحضر أن يسرق شيئاً ولو عقال بعير، وقد أجروا هذه السياسة على جميع من في مملكتهم، بحيث كانت المرأة تحمل حليها ، وتمضي وحدها مسافة مرحلة مثلاً أو أكثر إن شاءت ليلاً أونهاراً ، ولا يتعرض لها أحد قط.

    وبالجملة تبدلت الحال في نجد من الفوضى إلى النظام، ومن الخوف إلى الأمن والاطمئنان، ومن الفرقة إلى الاجتماع، واجتمعت كلمة الأمة، وتوحدت القلوب".([22])

    وما زالت هذه حال البلاد ما طبقت الشريعة وأقيمت الحدود، فإن تغلب على البلاد من لم يأخذ بها عادت الفوضى والسلب والنهب، وقل الأمن، واضطربت البلاد، وما زال الأمر متقلباً بين هذا وذاك إلى أن استرد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود الحكم، واسترد الرياض سنة 1319هـ ، وأقام الدولة، وأعلن تطبيق الشريعة، وأقام الحدود، ونفذ الأحكام وانتشر الأمن وعم السلام.

    ولم يزل الملك عبد العزيز –رحمه الله تعالى– يعلن في كل محفل منهجه، ويشرح دعوته، ويعلن التزامه بالكتاب والسنة، ويحذر من مخالفة أحكام الشريعة، لا يخلو من هذه الأمور خطبة من خطبه أو حديث من أحاديثه، ومن أراد اليقين فدونه كتاب (المصحف والسيف) الذي جمع خطب الملك عبدالعزيز وأحاديثه ورسائله ، وسيجد أنها كلها بلا استثناء على هذا النحو.

    وهذه نماذج سريعة من خطبه رحمه الله تعالى:
    خطب مرة في الطائف فقال: "أما نحن فلا عزَّ لنا إلا بالإسلام، ولا سلاح لنا إلا التمسك به، وإذا حافظنا عليه حافظنا على عزنا وسلاحنا، وإذا أضعناه ضيعنا أنفسنا وبؤنا بغضب من الله، وإن الذي أريده وأطلبه منكم هو ما ذكرته لكم من التمسك بدين الله، وهذه طريقتي التي أسير عليها ، والتي لا يمكن أن أحيد عنها مهما تكلفت، وإني أحب أن أردد عليكم هذا لاعتقادي أنه كالمطر إذا تكرر نزوله على الأرض أنبتت وأثمر نباتها"([23]) . وقال في الخطاب نفسه : "وإني أرى كثيراً من الناس ينقمون على ابن سعود، والحقيقة ما نقموا علينا إلا لاتباعنا كتاب الله وسنة رسوله، ومنهم من عاب علينا التمسك بالدين وعدم الأخذ بالأعمال العصرية، فأما الدين فوالله لا أغير شيئاً مما أنزل الله على لسان رسوله e ، ولا أتبع إلا ما جاء به، وليغضب علينا من شاء وأراد، وأما الأمور العصرية التي تعيننا وتفيدنا ويبيحها دين الإسلام، فنحن نأخذها ونعمل بها، ونسعى في تعميمها، أما المنافي منها للإسلام فإننا ننبذه ، ونسعى جهدنا في مقاومته؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا مدنية أفضل وأحسن من مدنية الإسلام، ولا عز لنا إلا بالتمسك به".([24])

    وكان –رحمه الله تعالى– ليِّناً من غير ضعف، ما لم تنتهك حرمة من حرمات الله، فصلب وحادٌّ، فهاهو ذا يعلن أمام ملأ من المواطنين: "إن الذي دعاني لجمعكم في هذا المكان هو النصح لكم، حتى لا يغتر السفيه بالحلم، ولا يسترسل في غوايته، وأحذركم من أمرين:

    الأول: الإلحاد في الدين، والخروج عن الإسلام في هذه البلاد المقدسة، فوالله لا أتساهل في هذا الأمر أبداً، ومن رأيت منه زيغاً عن العقيدة الإسلامية فليس له من الجزاء إلا أشده، ومن العقوبة إلا أعظمها.

    الثاني: السفهاء الذين يسول لهم الشيطان بعض الأمور المخلة بأمن البلاد وراحتها، فهؤلاء شأني معهم شأن الديناميت مع النار".([25])

    وقد وصف –رحمه الله تعالى– الأمن في هذه البلاد قبل توليه الحكم وبعد توليه الحكم وتطبيقه للحدود فقال: "لقد حكمت هذه البلاد حكومات قوية ذات طول وحول قبلنا، ولكنها لم تقدر على تأمين الطرق بين مكة وجدة فضلاً عن بقية الأماكن والطرقات([26]) . أما اليوم فإن الأمن سائد في طول البلاد وعرضها، قد لمستموه بأيديكم، وشاهدتموه بأعينكم ، وهذا من فضل ربي".([27])

    كان هذا نهج الملك عبد العزيز – رحمه الله تعالى– فاستتب به الأمر، وأمنت به الطرق، وعمَّ به الخير، وانتشر به الرخاء، وسعد به المسلمون، وقامت عليه الدولة.

    وسلك أبناؤه من بعده هذا المنهج، فكان أبناؤه من بعده سعود وفيصل وخالد وفهد يعلنون ذلك في كل محفل، ويطبقون الشريعة، ويلتزمون بأحكام الدين، وينفذون الحدود بلا هوادة، ويقيمونها بصرامة، لا يأبهون بنقد الحاقدين، ولا دعاة الحضارة الزائفة، ولا المنظمات المريبة ؛ لأنهم يدركون أن هذه الأحكام ربانية لا مساومة في تطبيقها، ولا مجال لمناقشتها أو تفضيل المذاهب البشرية عليها.

    وتزداد قناعتهم حين ينظرون وينظر المسلمون معهم إلى نتيجة هذا الالتزام، وعاقبة هذا الحزم من انتشار للأمن في هذه البلاد، وحين يلتفتون يمنة ويسرة، فيرون الخاضعين الخانعين لهذه الدعوات الزائفة، والمنظمات المريبة، وما جنت عليهم أحكامهم وأنظمتهم من قوة للمجرمين وضعف للمسالمين، واضطرب للأمن، وانتشار للجريمة.

    فهذا الملك سعود بن عبد العزيز –رحمه الله تعالى– يقول: "لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نستبدل دين الإسلام بأديان أخرى، وأن نستبدل الشريعة الإسلامية بمذاهب وشرائع وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان مهما كانت الأسباب والمسببات".

    وقال الملك فيصل –رحمه الله تعالى–: "إننا حين ندعو إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله e فإنما ندعو أنفسنا إلى سلوك السبيل الذي نأمل به خير الدنيا والآخرة" . ويقول: "إننا في هذا البلد الشريف قد عاهدنا الله على أنفسنا بأن نكون – بحول الله وقوته – خداماً لشريعة الله، داعين إلى الله متعاونين مع كل إخواننا المسلمين في أقطار الأرض لما فيه نصرة هذا الدين، وتحكيم شرع الله، وخدمة شعوبنا ، بل وفي نشر العدالة في العالم أجمع".

    وقال الملك خالد –رحمه الله تعالى–: "إن تطبيق الشريعة الإسلامية لهو من أول الواجبات التي يجب علينا وعليكم تطبيقها، والتمسك بعراها في كل شؤون حياتنا فهي فيها النجاح والفلاح لنا ولكم وللإسلام وللمسلمين".([28])

    وسار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز على المنهج نفسه، وأكد ذلك مراراً ومن ذلك قوله : "نحن في هذه البلاد نفتخر ونعتز أننا متمسكون بعقيدتنا الإسلامية ، وسوف ندافع عنها بالنفس والنفيس، وسوف نجعلها هي القدوة سواء كان في تشريعاتنا أو تنظيماتنا في مختلف حاجاتنا للتنظيم أو في حياتنا اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية أو السنوية".([29])

    وقال : "إن الإنسانية اليوم تعيش في عصر مادي مظلم، يتنكر للدين ومبادئه، ويسخر من القيم الروحية والفضائل الخلقية، عصر مليء بالشبه الإلحادية، تسوده الشحناء والبغضاء، والإسلام وهو دين الله الجامع لأصول شرائع الأنبياء والمرسلين أقدر النظم التشريعية على تقديم العلاج الإصلاحي لأمراض العالم وأسقام الإنسانية".([30])

    وقال أيضاً بعد ما تحدث عن ما تنعم به المملكة من نعم كثيرة "…والفضل في هذا كله إنما يعود إلى تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف، وحرصنا على اتباع ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، وهذا هو سر أمننا ومبعث رخاء معيشتنا".([31])

    ونصوص قادة هذه البلاد وعباراتهم من تأسيسها إلى يومنا هذا أكثر من أن تحصى، تعلن أن هذا الأمن وهذا الرخاء الذي نعيشه في بلادنا إنما هو نتيجة حتمية لتطبيق الشريعة وتنفيذ الحدود.

    ويؤكدون في كل حين إصرارهم على التزام هذا المنهج، وحزمهم في ذلك بلا هوادة مهما تكلم الأعداء ، وشكك المتربصون.

    ولعلي في هذه العجالة أذكر سريعاً بالحدود وتنفيذها ، وأشير إشارة سريعة إلى آثار ذلك في رخاء البلاد ، وانتشار الأمن.



    الحدود الشرعية:

    شرع الإسلام وسائل كثيرة للحد من الجريمة وعلاج الانحراف، لم تصل إليها كل الشرائع، فلم يقف عند حَدِّ التربية الأولية، بل بدأ العلاج في وقت مبكر، باختيار الزوجة الصالحة، والأسرة الصالحة، وفي الحديث:"فاظفر بذات الدين تربت يداك"([32]). وهكذا في الحمل وبعد الولادة، تعاهده التشريع ، وأبعد عنه كل دواعي الانحراف. فإذا وقع منه بعد ذلك فقد تجاوز الأمر التوجيه إلى الردع والزجر له ولغيره فشرع الحدود.

    والحدود لغة: جمع حَدّ، وهو المنع. وأصل الحد الحاجز بين الشيئين لئلا يختلط أحدهما بالآخر، أو لئلا يتعدّى أحدهما على الآخر، وحدود الله محارمه ؛ لأنها ممنوعة قال تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا }([33])، وحدود الله أيضاً أحكامه ؛ لأنها تمنع عن التخطي إلى ما وراءها.

    والحد شرعاً: عقوبة مقدرة شرعاً تجب حقاً لله تعالى. وكونها حقاً لله –تعالى– يعني أنها لا تحتمل العفو والصلح والإبراء بعد ثبوتها، لا من ولي الأمر ولا من القاضي، ويخرج بهذا التعزير والقصاص. ومعنى "مقدرة " أن الشارع عين نوعها، وحد مقدارها بنص شرعي فلا يغير ولا يبدل.

    والحدود خمسة أنواع: حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، وحد الحرابة، وحد الردة.

    ونحن هنا نؤكد على الحدود وأهمية تطبيقها، ولا يدخل في هذا على أهميته أيضاً تطبيق العقوبات الأخرى كالقصاص مثلاً؛ لأن المعارضة فيه أقل وأضعف من المعارضة في الحدود، ولذلك نرى كثيراً من القوانين قد أخذت به مبدئياً([34])، أما الحدود فهي التي يعارضها الغرب وتلامذته، وهي التي لا تكاد تطبق إلا في هذه البلاد – أعزها الله – كرجم الزاني ، وجلد القاذف ، وقطع السارق ، وقتل قطاع الطرق والمرتد، وهذا فارق أساس بين الحدود والعقوبات الأخرى.

    وما تحقق من أمن في هذه البلاد – بحمد الله وفضله– كان نتيجة تطبيق النوعين معاً.

    وسأعرض في هذا البحث لأثر تطبيق كل حد من هذه الحدود الخمسة مع الحرص على أن لا أزج في البحث بالأحكام الفقهية ومسائلها التي لا يتسع لها المقام ولا يقصدها البحث.

    حد الردة:

    والمراد بهذا الحد قتل المرتد عن الإسلام.

    وسأجيب هنا عن سؤالين:

    الأول: لماذا يقتل المرتد؟‍!

    والثاني: ألا يعارض قتل المرتد قوله تعالى: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } ؟

    أما لماذا يقتل المرتد؟

    فهناك أسباب، وسأحرص عند ذكر بعضها على ربطها بالأعراف السياسية والاجتماعية المألوفة؛ لقربها من الذهن وليتضح المراد.

    فمن ذلك أن المرتد خائن. ونحن نعرف أن الدول تحمي أنظمتها وقوانينها ودساتيرها ما استطاعت، وإذا ظهر للحاكم أن هناك من يهدد النظام، ويخالف الدساتير، وكثيراً ما يحصل هذا، فإنه يتهم بالخيانة العظمى للبلاد، وهي تهمة عقوبتها في كثير من البلدان الإعدام. فإذا كان من يخون النظام الوضعي يتهم بالخيانة العظمى ويعدم، أفلا يحق إعدام من يخون النظام الإلهي؟!

    ولنفرض أن شخصاً تقدم إلى دولة يطلب منحه جنسيتها، فتم منحه الجنسية، ولبث مدة يتقلب في هذا البلد آمناً مطمئناً، ثم انقلب، وأصبح يذم البلد وأهله بغير حق في المجامع والمحافل. ألا يعد هذا جريمة وخيانة يستحق عليها الإعدام؟

    ومن ذلك –أيضاً– أن المسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وهي شهادة إقرار على التسليم بكل أحكام الإسلام، وهو يعلم حين يقر بالشهادة أن من أحكام هذا الدين قتله إن ارتد فقبل وأذعن مختاراً فقتله بعد الردة تنفيذ لبند من بنود العقد، وكثيراً ما نرى في العقود التي تنظم بين الأفراد أو المؤسسات أو الشركات أو الحكومات عقوبات جزائية عند انسحاب أحد الطرفين، وينفذ هذا البند عند حدوث الانسحاب؛ لأنه دخل في هذا العقد بطوعه واختياره، وكذلك ينفذ في الإسلام ؛ لأنه دخله بطوعه واختياره.



    ومن ذلك أيضاً أن الردة سلاح خطير، إذا استعمله الأعداء، فإن له أثره في زعزعة المسلمين، وتشكيك ضعاف الإيمان بدينهم، وإحداث البلبلة بينهم، ومن خبث اليهود أنهم استعملوا هذا السلاح لتدمير الإسلام وزلزلة المسلمين وإيقاعهم في الشك والارتياب في دينهم، فقد كان كبار اليهود يقولون لصغارهم: تظاهروا بالإيمان في أول النهار واكفروا آخره، لكي يقول المسلمون: إن رجوعهم عن الدين بعد ما دخلوا فيه دليل على عدم صحته، وعدم صلاحيته؛ لأنهم أهل كتاب، ولهم سبق إلى دين السماء، ويتضح ذلك من قوله تعالى: { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }([35])([36]) ، فكان قتل المرتد علاجاً حاسماً لهذا المكر من الأعداء.

    أما الاعتقاد بأن قتل المرتد يعارض قوله تعالى: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } فغير صحيح ؛ لأن المرتد دخل في الدين باختياره وبلا إكراه، فلزمه إمضاؤه، كما ذكرت في التشبيه السابق أنه كمن أمضى عقداً باختياره ووافق على جميع بنوده، ومن ضمنها بند عقوبته حال انسحابه، لما يترتب على ذلك من ضرر على شركائه في العقد.

    أما ما يعرض له من شبهات فإن عليه أن يسال أهل الذكر فيزيلوها عنه، وليس العيب أن يسأل عمّا أشكل عليه للعلم والمعرفة؛ لا لإثارة الشكوك. ولكن الجريمة أن يطوي هذه الشبهات في نفسه، ويرتد عن دينه، فليس له عذر بعد هذا في الردة إلا العناد والاستكبار، وهما أصل الكفر.

    ولذا وجب على ولي الأمر حماية المجتمع من أمثال هؤلاء، فهم داء وبيل، يسعى لتمزيق وحدتهم، وتضارب آرائهم، وزعزعة معتقداتهم.



    حد الزنى :

    يدعو الإسلام إلى كل ما من شأنه توثيق أواصر القربى، وترابط المجتمع، وينبذ كل ما من شأنه تفكيك عرى المجتمع، ولا شك أن الأسر هي لبنات المجتمع، وبتفككها تنهار المجتمعات.

    والزنى أقوى الدواعي وأفتك الأمراض لتشرد الأسر وتحللها، بل الانصراف عن بنائها.

    يقول الشيخ محمد خاطر مفتي جمهورية مصر العربية : "جريمة الزنى من الجرائم الخطيرة، بالنسبة للمجتمع، لما يترتب عليها من شيوع الفاحشة بين الناس فلا يقبلون على الزواج الحلال، مكتفين بتلك العلاقات الآثمة، وبذلك تنحل الأسرة، وبانحلالها تذهب أقوى رابطة في بناء المجتمع الفاضل، ويضيع النسل، ويوجد الأولاد غير الشرعيين الذين لا يعرف لهم آباء تنحل بهم روابط الجماعة، وتذهب وحدتها وقوتها، وإذا فشى الزنى في أمة فإن مآلها الانحلال، وتناقص السكان، ووجود رجال فيهم عداوة للمجتمع يضيقون به، ويضيق بهم".([37])

    ويقول الشيخ د/ عمر المترك – رحمه الله – "الزنى جريمة شنيعة، وفاحشة قبيحة تقوض كيان المجتمع، وتهدم الأسر، وتقطع العلاقة الزوجية، وتعرض المجتمعات للتحلل الخلقي، والتفكك الأسري، والتردي في بؤرة الشر والفساد والدعارة والمجون، ويترتب على شيوعه عزوف الشباب عن الزواج الشرعي مكتفين بهذه العلاقة البهيمية، ومن عرف آثاره السيئة ونتائجه الخبيثة من تدنيس للعرض والشرف، واختلاط الأنساب وضياع الأولاد أدرك حكمة الله في تحريمه وتشديد عقوبته".([38])

    وإذا كانت هذه بعض آثار جريمة الزنى فإن مرتكبها يستحق عقاباً مماثلاً لجريمته، فالجزاء من جنس العمل، فكانت عقوبة الزاني المحصن هي الرجم وغير المحصن الجلد.

    وقد أفاض العلماء في بيان علة التفريق بين الزاني المحصن وغير المحصن، وقد يجزع أناس ويفزع آخرون من عقوبة الرجم للزاني المحصن.

    ولو أدرك هؤلاء أثر جريمة الزنى على المجتمع لما جزعوا من غلظ العقاب، فإن العقوبة ليست متعلقة بمجرد الموت. فمجرد الموت ربما لا يكفي للردع، بل لا بد من أن يذوق الألم ويتجرعه، وأن يعم العقاب سائر بدنه كما عمته لذة الجماع المحرم، وأكثر الناس إذا فكروا بالموت فكروا بما يصاحبه من عذاب وألم، وكلما كانت طريقة الموت أشد كانت أكثر ردعاً وزجراً ، فقتل أهل الحرابة ليس مثل قتل الزاني، وقتلهما ليس مثل قتل القاتل في القصاص، وفي العقوبات بالقتل لم يراع الشارع الحكيم اختيار الراحة للمقتول، كما اختارها للبهيمة (فليحد شفرته وليرح بهيمته) ، فقتلها لا لذنب اجترحته، وإنما لأكل لحمها، فناسب بل أوجب إراحتها، أما الجاني فقتله مقصود وإيلامه مطلوب، وإن كان إيلامه ليس لردعه هو، وإنما لردع من تسول له نفسه مثل فعله، وهنا يظهر البعد التشريعي، والنظرة الحكيمة، والاستثمار الأمثل للعقوبة الشرعية في ردع المفسدين، والمحافظة على بناء المجتمع وسلامته، فضلاً عن الأسباب التي قررتها الشريعة الإسلامية لمنع وقوع جريمة الزنى قبل الوقوع، والأسباب التي جعلتها لدرء الحد قبل إقامته، والشروط البالغة لتطبيق الحد بعد وقوعها، فإذا تجاوز كل هذه الأسباب والموانع فقد استحق العقوبة بلا رأفة ولا رحمة.

    وقَلَّ أن يحـــدث مثل هذا ففي المملكة العربيــــة السعودية، التي تطبــق هذه العقوبة – أعزها الله – قال الشيخ صالح بن محمد اللحيدان : "ولا أذكر أنه حدثت حادثة رجم لزانية في المملكة، رغم توليتي القضاء لمدة طويلة، أو أن أحداً رجم بشهادة الشهود، وإنما رجم عدد قليل بإقرارهم على أنفسهم، وبأنهم فعلوا جريمة الزنى، ثم أصروا على هذا الإقرار، رغم تلميح القاضي لهم بأسئلته إياهم وفق ما سأل الرسول e ماعزاً، فثبتوا على إقرارهم بفعل جريمة الزنى إلى أن نفذ حكم الرجم فيهم".([39])

    وليس هذا القول للتبرؤ من إقامة هذا الحد، أو لعار في تطبيقه –حاشا هذه البلاد ذلك – ولكن لبيان أثر إقامة الحد في ردع المجرمين، وتستر من يقدم على ذلك غاية التستر، ولا يكون هذا في بلد لا يقام فيه الحد بل حدث منهم في قارعة الطريق لعدم وجود الرادع الزاجر.



    حد القذف :

    القذف هو الرمي بالفاحشة، كأن يقول شخص لآخر: يا زاني أو نحو ذلك ، أو يتهمه بالزنا أو اللواط، والقذف كبيرة من الكبائر ، وعقوبة القاذف ثمانون جلدة، وسقوط عدالة القاذف.

    وذلك أن الرجل أو المرأة ركن من أركان الأسرة، وفرد من أفراد المجتمع، وقذفه طعن في كرامته يؤلمه ألماً نفسيًّا يعطل طاقته، ويصيبه بالشلل، ويكون معه منبوذاً، في مجتمعه، والقاذف بهذا حقق مراده في إيذاء خصمه، وجاءت الشريعة الإسلامية بالعلاج الحاسم لهذا الأمر، حماية للأبرياء، وردعاً للمعتدين، فشرعت العقوبة على القاذف ثمانين جلدة إن لم يثبت التهمة بشروطها.

    وفي هذا حماية لأعراض المسلمين، وسدًّا لباب الفتنة، وإعادة لكرامة سلبت، وعرض انتهك، وحق اغتصب : { إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }([40]) .

    وبهذا عومل القاذف بنقيض قصده، وفي هذا ردع له ولأمثاله من لصوص الأعراض عن انتهاك حرمات المسلمين.



    حد الحرابة:

    قال تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ } الآية.([41])

    قال ابن قدامة –رحمه الله تعالى–: "المحاربون هم الذين يعرضون للقوم بالسلاح في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة"([42]) .

    وبناء المجتمع يتطلب تنقل أفراده بين البلدان والسعي للكسب، وللعلم وللدعوة والإصلاح والجهاد وغير ذلك، وقد حرص الإسلام على تأمين السبل وقطع دابر المفسدين الذين يتربصون للمسافرين مستغلين انفرادهم في الصحراء، وبعدهم عن مراكز السلطة، معتقدين أن في هذا البعد حماية لهم من العقاب، وتعجيزاً للسلطة عن ملاحقتهم، فجاء العلاج حاسماً لهذا المكر والكيد، مُغَلَّظاً لهذا المعنى، ليكون في هذا العقاب الشديد سدٌّ لهذه الثغرة، من أن يجد فيها اللصوص بغيتهم، أو تحقيق مآربهم، وردع لمن تسول له نفسه أن يفعل مثل هذا الفعل، فليس بوسع السلطان أن يضع في كل زاوية من يحمي الطريق، ويوفر الأمن، فكان في هذا الحد العلاج الحاسم الحكيم.



    حد السرقة :

    شرع الإسلام كل ما يحفظ للمسلم حقوقه البدنية والمالية والنفسية فجعل العقوبات الصارمة للمعتدين عليها.

    ومال المسلم حق من حقوقه لا يجوز أخذه بغير حق : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } ([43]) . أما إذا كان أخذه عن طريق السرقة فالجزاء صارم : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ([44]) .

    وقد يستكثر بعضهم هذه العقوبة ويستغلظها، وهي في واقعها مغلظة، لكنها مستحقة، وحين يتأمل المتأمل يجد أن هناك وسطية في العقوبة نتاج عزة وحكمة.

    وبيان ذلك أن السارق فرد من أفراد المجتمع، وهو حين يسرق وجه طاقته الجسمية والفكرية لغير البناء، بل لسرقة جهد الآخرين، فخسر المجتمع طاقة، ثم إن المسروق حين يرى جهده قد ضاع يصاب بشيء من الإحباط قد يؤثر في عطائه، ولا يدفعه إلى العطاء إلا أن يرى العقوبة قد حلت بخصمه، وبذا تصبح في المجتمع قوتان معطلتان. هذا إن لم يسرق السارق غيره، وتتكرر الحالة بتكرر السرقة والمسروقين فكان العلاج حَسْمَ هذه الجرثومة، حتى لا تفتك بالمجتمع، بقطع اليد ردعاً للسارق من الاستمرار في هذا الطريق، وبتر الآلة التي استعملها في سلوكه، وفي الإبقاء على حياته تنبيهاً له بتوجيه طاقته الوجهة الصحيحة العاملة المنتجة في المجتمع، كما أن في قطعها معاملة له بنقيض قصده، فحبه للمال دفعه إلى الاستيلاء عليه بغير حق ففي قطع يده حد لهذه النزعة.

    وقد انتكست المفاهيم، وانقلبت الحقائق فظهر من يشفق – بزعمه– على السارق في قطع يده، ويرى أنها عقوبة قاسية. أما إنها قاسية فنعم، ولكن من قال إن القسوة مرفوضة؟! بل القسوة هي العلاج الناجع في بعض الأحيان.

    أرأيتم ذلك الجراح الذي أوصاه الأطباء ببتر يد مريض أو رجله قد استشرى الداء الخبيث فيها، فنفذ ذلك الأمر، هل يوصف هو أو الأطباء بالقسوة؟! إن نجاح العملية يوجب شكر المريض وأهله لهؤلاء الأطباء، بل ويدفع لهم الأجر بطيب خاطر، هذا مع أن ضرر هذا العضو المبتور على صاحبه، فما بال هؤلاء يجزعون من بتر عضو تعدَّى ضرره إلى المجتمع ؟

    ثم أين هذه الرحمة المزعومة حين اقتحم اللص الدار، وسلب الأموال، وروع الآمنين؟ وقد يكون على استعداد لقتل من يعترضه من أهل الدار، وأعدَّ له عدته، أفيكون عقاب فرد مجرم أعظم من ترويع شعب آمن؟!

    وبـعد فهذه أشهر الحدود في الشريعة الإسلامية، وإن كان هناك عقوبات شرعية أخرى بدنية ومالية كالقصاص في النفس وما دون النفس، والجلد والديات والسجن والتغريب والكفارات كعتق الرقبة، والصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ، وغير ذلك كثير، وهي في مجموعها كفلت الحماية للمجتمع، والرعاية السليمة للأفراد والبناء الصحيح للأمة.


    أثر تطبيق الحدود في المجتمعات :

    وينبغي أن نعلم أن تطبيق الحدود ليس إلا عاملاً واحداً من عوامل كثيرة، شرعها الإسلام لبناء المجتمع الإسلامي وسلامته واستقراره وأمنه، فهناك التربية الإسلامية، وأصولها والإيمان، وتقريره في النفوس، وأثره في الأمن وثيق ثم التربية بالعبادات الإسلامية، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وكذا أمور العبادة الأخرى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصوص الترغيب ونصوص الترهيب وغير ذلك.

    بل أدرك الباحث الكندي ورئيس تحرير مجلة الجريمة والعدالة التي تصدرها جامعة أوتاوا الأستاذ/ س. هـ جيراردين أن التشريعات الوقائية أكثر أثراً من التشريعات الجزائية فيقول: "ويلحظ أن الأثر الرئيس لتطبيق الشريعة الإسلامية في نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية، هو في البرامج الوقائية أكثر منه في توقيع العقوبات القانونية، ولا يعني ذلك أنه لا يُبذل مجهود في عقاب المجرمين، بل المقصود هو التأكيد على الوقاية من وقوع الجريمة، إذ إن برامج الوقاية تأخذ ثلاثة أشكال واسعة، هي التقيد بأحكام الدين بما في ذلك إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم، والحج، وكلها تهدف إلى تربية الشعور بالأخوة بين الناس، وهو الشعور الذي يمنع ارتكاب الجريمة.

    ثم إن هناك نشراً وتوضيحاً لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا النشر يعين الناس على معرفة الفرق بين المعروف والمنكر ومعرفة الفلسفة المشتملة فيه.

    وأخيراً هناك التربية الإسلامية – تربية الشباب تربية إسلامية – وهذه التربية تعين الفرد في أن يحيا حياة سعيدة، تكتنفها خشية الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه".([45])


    وسنبين هنا – بإيجاز–أثر عامل واحد في المجتمع وهو تطبيق الحدود، وإن كان بيان ذلك وإثباته لا يحتاج إلى دليل. كما قال المتنبي:

    وليس يصحّ في الأذهان شيء

    إذا احتاج النهار إلى دليل


    فالتفاتة يسيرة يمنة أو يسرة خارج البلاد التي لا تقيم الحدود تظهر الخلل ، وتكشف لمن كان له قلب مكمن الداء ، وموضع الدواء.

    فقد جاء الإسلام بالمحافظة على الضرورات الخمس: (النفس، والدين، والعقل، والمال، والعرض) ، ومصالح الإنسان تقوم على هذه الأمور الخمسة، وبالمحافظة عليها يستتب له الأمن، ولا تتوافر له معاني الحياة الإنسانية (الكريمة) إلا بتوافرها. وإذا كان الله قد كرم بني آدم : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً}([46]) . فإن هذا التكريم وهذا التفضيل يقتضي المحافظة على هذه المصالح. وقد ضمن الإسلام ذلك، فجاء التشريع الحكيم بالدوافع والموانع، أما الدوافع للمحافظة عليها فالحث على الإيمان والالتزام بالآداب والقيم وبيان الفضائل والترغيب والترهيب في ذلك، وأما الموانع فالعقوبات الشرعية الصارمة لكل من ينتهك حرمة أحدها بالقتل لمن أزهق نفساً عمداً، ولمن طعن في الدين، والجلد لمن أزال عقله بالخمر ونحوها، والقطع لمن سرق مالاً، والجلد لمن قذف عرضاً شريفاً، أما من انتهكه فالرجم، وبذا حفظ الإسلام للإنسان كرامته، ليتفرغ للعمل والإنتاج، وليعبد الله آمناً مطمئناً.

    وسميت العقوبات مصالح لا لذاتها، بل لمآلها، وما تفضي إليه، فالقتل والرجم والجلد على إطلاقها مفاسد ، لكنها لما آل قتل القاتل إلى ردع المجرمين والرجم إلى منع الزنى والجلد إلى حفظ اللسان مثلاً أصبحت مصالح. كما قال العز بن عبد السلام –رحمه الله تعالى–: "وربما كانت أسباب المصالح مفاسد فيؤمر بها أو تباح، لا لكونها مفاسد بل لكونها مؤدية إلى المصالح ، وذلك كقطع الأيدي المتآكلة حفظاً للأرواح، وكالمخاطرة بالأرواح في الجهاد، وكذلك العقوبات الشرعية كلها ليست مطلوبة، لكونها مفاسد بل لكونها – يعني المصالح– المقصودة من شرعها كقطع السارق، وقتل الجناة ، ورجم الزناة وجلدهم وتغريبهم، وكذلك التعزيرات، كل هذه مفاسد أوجبها الشرع لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقية، وتسميتها بالمصالح من مجاز تسمية السبب باسم المسبب".([47])

    وقد قصرت بعض الأذهان، وعجزت بعض العقول عن إدراك هذه الحقيقة، فتوقفت عند ظاهر هذه العقوبات، وهي أنها مفاسد، ولم تستطع إدراك حقائقها ومآلها. والعيب فيهم والقصور في فهمهم قال الشافعي:

    نعيب زماننا والعيب فينا

    وما لزماننا عيب سوانا


    وقال المتنبي:

    ومن يكُ ذا فم مُرّ مريضاً

    يجد مراًّ به الماء الزلالا


    وقال البوصيري:

    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

    وينكر الفمُ طعم الماء من سقم


    وإذا تقرر هذا فعلى العائب أن يوسع من أفقه، ولينظر أبعد من محيط عقله، فهذه الدول حوله، والعالم اليوم بين يديه يقرأ في الصحف، ويرى في التلفزة ، ويسمع من الإذاعات في كل يوم أخبار الجرائم والمجرمين والعصابات المنظمة، والاعتداءات المسلحة، وهي في نمو وازدياد، بل وقفت بعض الدول عن ردعها عاجزة مستسلمة، وما كان لهذه العصابات أن تنمو لو حسمت في مهدها، وردعت عند ولادتها، ولكن الشفقة المزعومة، أوجدت البيئة المناسبة لهذه العصابة فتنامت، وقويت شوكتها حتى استفحل الداء وصعب العلاج.

    إن العاقل حين يتأمل في واقع هذه الأمم وحال هذه المجتمعات يدرك بلا ريب أن فقدان الأمن فيها ليس إلا نتاج ضعف الرادع والزاجر، وسيستمر هذا الواقع، وسيزداد الحال سوءاً، ما لم توضع العقوبات الرادعة والجزاءات الصارمة، بعيداً عن التشدق بألفاظ جوفاء ، وعبارات زائفة ، نتاجها انتشار الجريمة ، وقوة المجرمين.

    وهذا مثال حي قائم يعيش في خضم هذه الحضارة، ويواكب الأحداث إلا أنه ينعم –بحمد الله وفضله– بالأمن والأمان، وهو لم يتقوقع أو ينزوي عن عالمه ، ويلفظ الحضارة أو يأباها، حتى يقال: إن هذا الأمن نتيجة الانطواء والانزواء ، بل أخذ من الحضارة بنصيب وافر، وتبوأ من النهضة العمرانية والاقتصادية والصناعية والاجتماعية وشتى جوانب الحضارة ما لفت أنظار المحللين، وأصابهم بالدهشة والاستغراب أن يصل هذا البلد في هذه المنطقة في تلك المدة إلى ما وصل إليه. ذلكم النموذج هو المملكة العربية السعودية.



    أثر تطبيق الحدود في المملكة العربية السعودية :

    لن نذهب في الموازنة إلى موازنة الأمن في المملكة بالأمن في الدول الأخرى فهو بين لا يخفى، يدركه القادم لهذه البلاد سريعاً ويراه يقيناً.

    بل سنذكر حال هذه البلاد نفسها قبل تطبيق الحدود فيها، موازناً بحالها بعد تطبيق الحدود في عهد الملك عبد العزيز –رحمه الله تعالى– إلى يومنا هذا.

    فعندما فتح الملك عبد العزيز –رحمه الله تعالى– الرياض في شهر شوال 1319هـ من الهجرة، ومع توسع مملكته، وامتداد نفوذه، كان ينشر الدعاة، ويصحح المعتقدات، وينشر العلم، ويطبع الكتب الشرعية السلفية، ويفتح المدارس، وكان إنشاء الهجر أو توطين البادية سبيلاً لنشر الأمن، ففي البادية تنتشر بعض الأعراف المخالفة للشريعة، وفي البادية يعدون السلب والنهب رجولة، والثأر بطولة، وليس من السهل القضاء المباشر على مثل هذه المعتقدات، فكان في إنشاء الهجر وتوطين البادية سبيل لتصحيح هذه المفاهيم، وطمس هذه المعتقدات، ورأوا إقامة الحدود وتنفيذ العقوبات الشرعية فكان في هذا إعلان للحاضرة والبادية بالالتزام بأحكام الشريعة وقواعدها.

    وقبل أن يفتتح الملك عبد العزيز– رحمه الله تعالى – الحجاز كان الحجاز مضرب المثل في الاضطراب وفقدان الأمن، وهذا الأستاذ عبد القادر عودة –رحمه الله تعالى– يصور هذه الحال ، فيقول عن تطبيق حد السرقة : "… وهو السر الذي جعلها تنجح نجاحاً باهراً في الحجاز في عصرنا هذا، فتحوله من بلد كله فساد واضطراب ونهب وسرقات إلى بلد كله نظام وسلام وأمن وأمان، فقد كان الحجاز قبل أن تطبق فيه الشريعة الإسلامية أخيراً أسوأ بلاد العالم أمناً، فكان المسافر إليه أو المقيم فيه لا يأمن على نفسه وماله وعياله ساعة من ليل بل ساعة من نهار، بالرغم مما له من قوة وما معه من عدة، وكان معظم السكان لصوصاً وقطاعاً للطرق، فلما طبقت الشريعة أصبح الحجاز خير بلاد العالم كله أمناً، يأمن فيه المسافر والمقيم، وتترك فيه الأموال على الطرقات دون حراسة، فلا تجد من يسرقها، أو يزيلها من مكانها على الطريق حتى يأتي الشرطة فيحملونها إلى حيث يقيم صاحبها".([48])

    وكان من أهم العوامل المؤثرة في تطبيق الحدود العدل والعزم والحزم، وقد كان هذا ظاهراً في حادثة قتل ارتكبها ثلاثة أشخاص في عهد الملك عبدالعزيز، وروى هذه الحادثة العقيد جميل الميمان فقال: "فقد حدث في عهده أن ثلاثة أشخاص من أسرٍ، لها وزنها ومكانتها في البلاد، اشتركوا في قتل صديق لهم عمداً مع الترصد وسبق الإصرار، فأحيلوا إلى المحكمة الشرعية الكبرى، فأصدرت حكمها بإعدامهم؛ لثبوت قتلهم المجني عليه بالوجه الشرعي، فتدخل أعيان البلاد ووجهاؤها لإنقاذ حياتهم، والتمسوا من الملك تأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيهم لمدة أسبوع واحد، حتى يتسنى لهم بذل الجهود والتوسط لدى أولياء المقتول في سبيل الحصول على تنازلهم عن حقهم الشخصي، مقابل أي مبلغ من المال يطلبونه، فما كان منه – رحمه الله – إلا أن أمر بسرعة تنفيذ حكم الإعدام في القتلة الثلاثة، ونفذ فيهم الحكم ضرباً بالسيف، وعلقوا في موضع بارز على واجهة مقر الأمن العام، المواجه للحرم المكي الشريف لمدة ست ساعات، ولم يأبه بمكانة أهل الجناة، ولا بمنزلة أعيان ووجهاء البلاد الذين توسطوا في تأجيل تنفيذ عقوبة الإعدام في وقت كان أحوج ما يكون إليهم فيه، وكان كل ما قاله لهم : { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ } .

    وقد كان لتنفيذ حكم الإعدام في هؤلاء القتلة أعمق الأثر في استتباب الأمن بصورة أكثر فاعلية؛ لأن المواطنين في الحجاز في التاريخ المعاصر لم يشهدوا تنفيذ حكم إعدام ثلاثة أشخاص مقابل قتلهم شخصاً واحداً، وبالسرعة التي انتهت فيها مراحل القضية من تحقيق وحكم شرعي ".([49])

    ولنتصور أن الملك عبد العزيز –رحمه الله تعالى – قد قبل الوساطة لتأجيل التنفيذ لمدة أسبوع، فماذا تكون النتيجــــة؟ قد ينجح القوم في إقنــــاع أولياء المقتول بقبول الديــــة، فيعفى عنه، وهنا سيظن الناس أن العفو كان نتيجة نفوذ، وأن أولياء المقتول لم يستطيعوا الحصول على حقهم، فتزداد جرأة المتنفذين ، وخوف المساكين، ويزول الأثر من نفـــع إلى ضر. وقد أدرك الملك عبدالعزيز – رحمه الله تعالى– بحكمته وثاقب نظره أثر هذا على الأمــــن، فبادر إلى التنفيذ مقدماً مصلحة أمن البلد على حاجته لهؤلاء الوجهاء والأعيان ، وفي الحديث: "من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس". الحديـــــث([50]) . وفي الأثر عن عثمان t : "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

    وكانت الدول قبل تولي الملك عبد العزيز – رحمه الله – الحجاز ترسل مع رعاياها من الحجاج قوات مسلحة لتأمين سلامتهم، ودرء الاعتداء عنهم، ومع ذلك لم تكن هذه القوات الخاصة ولا القوات الحجازية قادرة على إعادة الأمن، وكبح جماح العصابات، ومنعها من قطع الطريق، وسلب الحجاج أو المواطنين الحجازيين، وخطفهم والتمثيل بهم، وظل حماة الأمن في الحجاز على عهد الأشراف عاجزين عن حماية الجمهور، حتى طبقت الشريعة الإسلامية، وأقيمت حدودها على عهد الملك عبدالعزيز، فانقلبت الحال غير الحال. وساد الأمن بلاد الحجاز، وانتشرت الطمأنينة بين المقيمين والمسافرين، وانتهى عهد الخطف والنهب والسلب وقطع الطريق، وأصبحت الجرائم التي كانت ترتكب في عهد الأشراف أخباراً تروى ، فلا يكاد يصدقها من لم يعاصرها أو يشهدها، فبعد أن كان الناس يسمعون أشنع الأخبار عن الإجرام في الحجاز، أصبحوا يسمعون أعجب الأخبار عن استتباب الأمن ، واستقرار النظام، فهذا يفقد كيس نقوده في الطريق العام فلا يكاد يذهب إلى دار الشرطة ليبلغ حتى يجد كيسه، كما فقد منه معروضاً للتعريف عليه…([51])

    "ومن هنا يكاد يجمع الكتاب في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف جنسياتهم ولغاتهم وتفاوت مشاربهم وتباين منازعهم على أن الأمن والاستقرار اللذين نعمت بهما المملكة العربية السعودية على عهد الملك عبد العزيز واللذان أصبحا مضرب الأمثال في جميع الأوساط الدولية كانا نتيجة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتنفيذ أوامر الشرع الحنيف.

    لقد أثبت تطبيق أحكام الشريعة في المملكة، وخاصة الجانب الجنائي منها أثره الفعّال، ودوره الإيجابي في استتباب الأمن واستقراره، وإشاعة الطمأنينة في النفوس، والحفاظ على الأخلاق والقيم، وحماية وحدة المجتمع السعودي، وهذه كلها أمور مشاهدة، ومحسوسة وملموسة في المملكة.

    كذلك كان لتطبيق الحدود وفق الشريعة الإسلامية في المملكة أثره الحاسم في منع تكرار الجريمة، وإجبار المجرم على التفكير مئات المرات قبل أن يقدم على فعله؛ لأنه يعلم مقدماً الحكم الذي سينزل به ، ومدى فاعليته".([52])

    ومما يدل على أثر تطبيق هذه الحدود في جريمتي القتل والسرقة بصفة خاصة ، وأثر ذلك على القضاء على هاتين الجريمتين في المجتمع السعودي من أن الإحصاءات الرسمية أثبتت أخيراً أن نسبة 93% من مرتكبي جرائم القتل والسرقة في المملكة من الجاليات العربية، وبعض الجنسيات الأخرى الوافدة التي لم تتربَّ على هذا النظام، ولم تعرف مدى تطبيقه، فارتكبت جريمة في مجتمع نتيجة تربية منحرفة في مجتمع آخر.([53])

    وأما عقوبة الرجم للزناة فإنها لم تنفذ في المملكة العربية السعودية إلا أربع مرات فقط خلال أكثر من 35سنة([54]) ، ولن ندعي أن هذه هي حالات الزنى ، ولكننا نجزم بأن مرتكبي هذه الجريمة يأخذون الاحتياطات الشديدة والسرية البليغة عند ارتكابهم لجريمتهم خشية العقاب ، في الوقت الذي نرى فيه هذه الجريمة في بلدان أخرى وبعضها إسلامية يكاد يكون جهاراً، زد على ذلك صعوبة إثبات جريمة الزنى بأربعة شهود، بشروط الرؤية الموجبة للحد، كل هذا كان من دواعي قلة حالات هذه الجريمة في هذه البلاد، ومثل ذلك جريمة السرقة والحرابة والقذف.

    وضرب الشيخ محمد خاطر مفتي جمهورية مصر العربية حالة الأمن في المملكة مثلاً للرد على منكري تطبيق الحدود فيقول: "…وما لنا نذهب بعيداً في الرد على هؤلاء الذين يقولون: إن تنفيذ الحدود في العصر الحديث يتنافى مع مدنيتهم الكاذبة ولا يلائمها، ولا يأتي بالنتيجة المطلوبة، وأمام أعينهم من المشاهد الملموس المحسوس ما يقضي على كل ما يزعمون، فلقد نفذت المملكة العربية السعودية الحدود ، فاستقر الأمن، واستتب، وأمن الناس على أموالهم وأعراضهم، وكلنا يعرف ما كان يلاقيه الحجيج قبل تنفيذ الحدود من ترويع وخوف واعتداء على النفس والمال، فما استقر إلا من بعد تنفيذها، وإنك لترى بعينيك أصحاب المتاجر والحوانيت يتركونها مفتحة الأبواب دون حراس، ويذهبون لأداء العبادة والصلاة ، وهم في غاية الاطمئنان".([55])

    ثم إن هذا الأمن في المملكة لم يحدث في مجتمع متقوقع، انعزل بنفسه وأهله عن العالم والحضارة، بل بلغ في الحضارة شأواً مع الأمن والأمان، والجمع بين الأمرين في عصرنا هذا غريب استغربه س. هـ. جيراردين وهو الخبير في مثل هذه الأحوال، فهو يرأس تحرير مجلة (الجريمة والعدالة) ، وهي مجلة أكاديمية متخصصة يصدرها قسم علم الاجتماع في جامعة أوتاوا في كندا، حيث يقول : "والغريب في الموضوع ليست نسبة الجرائم في البلاد –يقصد انخفاض نسبة الجريمة في المملكة– بل الهبوط المستمر في معدلات وقوعها، إذ إن المملكة العربية السعودية أصبحت فجأة بلاداً مزدهرة، باكتشاف البترول عام 1938م ، ثم التطور السريع الذي أعقب ذلك في صناعة الزيت في عام 1948م، وقد صاحب هذه الرفاهية المفاجئة تغيير سريع في الهيكل الاجتماعي، غير أن المشاكل الاجتماعية التي تعتبر عادة رفيقاً طبيعياً للرفاهية لم يظهر لها وجود، وظلت وحدة العائلة سليمة، والارتباط بين الأمة قائماً على ما كان عليه لم يعتوره أثر".

    وجيراردين هذا حين يقرر ما قرر ليس عن عاطفة، بل نتيجة تحليل ودراسة علمية يقول: "ولا توجد إحصائيات كافية لدى الباحث في الوقت الحاضر للتأكد من صحة ذلك، إلا أنه من المعروف أن المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر بها أدنى نسبة من الجرائم في العالم، وقد جرى تحليل للإحصاءات المتوافرة للعشر سنين من عام 1966–1975م فأظهر ذلك انحساراً وهبوطاً مستمرًّا في وقوع الجرائم، ففي عام 1966م، كانت نسبة الجرائم 0.32 في الألف بينما هبطت هذه النسبة في عام 1975م إلى 0.18" ([56]).

    بقي أن نقول: إذا كان هذا هو أثر تطبيق الحدود ، وهذا مثال واقع حي معاصر لذلك ، فأين ولاة الأمر في العالم الإسلامي عن الاقتداء بهذا المثال ، وبأي عذر يعتذرون؟!!

    تناول شيخنا الغزالي خليل عيد – رحمه الله– في بحثه الذي ألقاه في مؤتمر الفقه الإسلامي وعنوانه (أثر تطبيق الحدود في المجتمع) أسباب ذلك، ووجد أن المانع يرجع إلى عذرين مزعومين: (أولهما): أن في القوانين الوضعية والأحكام المستوردة ما يغني عن هذه العقوبات والحدود الإسلامية ، ثم قال: وهو عذر واضح القبح لوجهين:

    أ – أنهم يعنون أن حكم البشر مساوٍ لحكم الله أو أحسن منه. وإلا لما رجحوا هذا على ذاك، ثم بين أن من اعتقد هذا فقد كفر.

    ب – أن قولهم هذا يدل على أنهم لم يفهموا الشريعة فهماً صحيحاً، ولم يدركوا حكمة التشريع فيها، ولذا يجب عليهم أن يرجعوا إلى أهل الذكر والخبرة ليبينوا لهم حكم الله وحكمة تشريعه…

    والعذر الثاني: وهو أقبح من القبح الأول وأدل على أنهم أمام الباطل ضعفاء متخاذلون ولا يصح أن يكونوا قادة لأمة جعلها الله خير أمة – ذلك أنهم يخشون تدخل دول أخرى في شؤونهم الداخلية، أو يجاملون تلك الدول – شرقية أو غربية – على حساب دينهم ومصالح أمتهم.

    ونحن نقول لأصحاب هذا العذر: استعينوا بالله واتخذوه وليًّا ونصيراً، ولا تركنوا إلى الكفار لتستنصروا بهم ضد دينكم وأمتكم وثقوا بأنكم الغالبون ما دمتم موالين لله ولرسوله وللمؤمنين : { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ }([57]) .

    ثم إننا نسألهم ثلاثة أسئلة:
    أ – ماذا أغنى الغرب عن حاكم ركن إليه، ونسي ربه؟ فطرد عن عرشه شر طردة؟

    ب – وما أغنى الشرق عن حاكم استعان به، حتى خيل له ولمن أعماهم الشيطان وسول لهم أنه بلغ الأوج ، ثم تردى وكشفت الأيام عن قبح مآله؟

    جـ – ماذا لحق من الضرر أو التهديد بملك اعتصم بالله، وأعلن حكم الله، وأقام سدًّا أعلى بين بلاده وبين الجريمة بإقامة حدود الله؟ من غير أن يعتصم أو يلتجئ، أو يستدين من شرق أو غرب؟

    اللهم اغفر له، وارحمه، وجازه خير ما يجزى إمام عادل نصح لأمته، ونصح لله ولرسوله ولجماعة المسلمين، اللهم ثبت ذريته على طريقته في التزام دينك، والأخذ بشرعك وحكمك، والعمل لإعلاء كلمتك، واجعلهم أئمة يهدون إلى الحق ، وخذ بأيديهم دائماً إلى الرشد، وإلى ما ينفع البلاد والعباد" ([58]).



    الخاتمــة:

    هذه عجالة فيها إشارة موجزة للحدود الشرعية، وأثرها في تحقيق الأمن في المجتمعات. الأمن بجميع جوانبه، الأمن على النفس وما دون النفس، والأمن على المال، والأمن على العرض والشرف، والأمن على العقل، والأمن على الدين كله. وبهذا الأمن المتكامل تطمئن النفس ، ويتفرغ الإنسان للعمل والإنتاج.

    وقد حرصت على تقديم مثال معاصر لتطبيق الحدود، حتى لا تصبح هذه الأحكام مجرد نظرية، ويظهر هذا المثال في المملكة العربية السعودية التي التزمت بالتشريع الإسلامي المتكامل، بما فيه تطبيق الحدود. فكان أثر ذلك ما تنعم به المملكة من أمن وأمان منذ تأسيس المملكة في عهد الملك عبد العزيز – رحمه الله تعالى – إلى عصر عهد خادم الحرمين الشريفين .

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



    الـهـوامـش





    --------------------------------------------------------------------------------

    ([1]) سورة قريش: الآيتين 3–4.

    ([2]) سورة البقرة: من الآية 126 .

    ([3]) سورة العنكبوت: من الآية 67.

    ([4]) سورة القصص: من الآية 57.

    ([5]) سورة النحل: من الآية 112.

    ([6]) سورة البقرة : من الآية 125.

    ([7]) سورة الحجر: من الآية82.

    ([8]) سورة سبأ: من الآية 18.

    ([9]) سورة الدخان: من الآية 55.

    ([10]) سورة الأنعام: من الآية 82.

    ([11]) سورة الأنفال: من الآية 63.

    ([12]) مقدمة ابن خلدون: ص157.

    ([13]) مقدمة ابن خلدون: ص158.

    ([14]) المرجع السابق، ص151.

    ([15]) عنوان المجد في تاريخ نجد: ابن بشر، ج1، ص15.

    ([16]) المرجع السابق: ج1، ص16.

    ([17]) المملكة العربية السعودية مسيرة وبناء: وزارة الإعلام، ص48–49.

    ([18]) عنوان المجد: ابن بشر ج1، ص16.

    ([19]) سورة الأنبياء: من الآية 105.

    ([20]) عنوان المجد: ابن بشر: ج1، ص 4–5.

    ([21]) المرجع السابق: ج1، ص17.

    ([22]) حالة الأمن في عهد الملك عبد العزيز: رابح لطفي جمعة 8–12 بتصرف. وانظر بحث (قضاة نجد أثناء العهد السعودي: منصور الرشيد، مجلة الدارة، ص63، العدد الأول السنة الخامسة).

    ([23]) المصحف والسيف: جمع محي الدين القابسي وإعداده، ص101.

    ([24]) المرجع السابق: ص102.

    ([25]) المرجع السابق، ص104.

    ([26]) من المعلوم أن المسافة بين مكة وجدة قرابة سبعين كم ، ومع هذا لم تستطع هذه الدول تأمينها مع قوتها وكثرة أموالها ، على حين أمن الملك عبد العزيز الطرق التي تتجاوز ألف كيلو متر مع قلة ذات اليد والقوة حينذاك بفضل تطبيق الشريعة ، وتنفيذ الحدود.

    ([27]) المرجع السابق، ص116.

    ([28]) نقلت هذه الأقوال من كتاب "الأئمة من آل سعود والنهج الإسلامي الفريد" للأستاذ فهد بن عبدالعزيز الكليب،ص49.

    ([29]) المرجع السابق، ص50.

    ([30]) كلمات منتقاة من خطب خادم الحرمين الشريفين: إعداد عبد الرحمن الرويشد، ص184.

    ([31]) المرجع السابق، ص 186.

    ([32]) رواه مسلم، ج2، ص1086.

    ([33]) سورة البقرة: الآية 187.

    ([34]) الغزالي خليل عبيد: الحدود الشرعية، ص 14–15.

    ([35]) سورة آل عمران: من الآية 72.

    ([36]) الغزالي خليل عيد: مرجع سابق، ص59.

    ([37]) محمد خاطر: أثر تطبيق الحدود في المجتمع ، ص 215–216 ، ضمن بحوث مؤتمر الفقه الإسلامي.

    ([38]) د/ عمر المترك: العقوبات الشرعية: ص 54 ، ضمن بحوث الندوة العلمية لدراسة تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي.

    ([39]) صالح اللحيدان: الندوة العلمية، ج2، ص161.

    ([40]) سورة النور: الآية 19.

    ([41]) سورة المائدة: الآية 33.

    ([42]) ابن قدامة: المغني، ج8، ص287.

    ([43]) سورة النساء: الآية 29.

    ([44]) سورة المائدة: الآية 38.

    ([45]) س. هـ. جيراردين (الجريمة والعدالة في المملكة العربية السعودية) مجلة الفيصل، السنة الثانية، العدد الأول، ص121.

    ([46]) سورة الإسراء: الآية 70.

    ([47]) العز بن عبد السلام: قواعد الأحكام، ج1، ص 14.

    ([48]) عبد القادر عودة: التشريع الإسلامي الجنائي. ج1، ص 653.

    ([49]) العقيد جميل الميمان: القصاص في الإسلام، ص 33.

    ([50]) رواه الترمذي، ج4، ص 610.

    ([51]) عبد القادر عودة: مرجع سابق ج1، ص 712–713 بتصرف يسير.

    ([52]) رابح لطفي جمعة: حالة الأمن في عهد الملك عبد العزيز، ص 125–126.

    ([53]) العقيد جميل الميمان: مرجع سابق، ص 39.

    ([54]) رابح لطفي جمعة: مرجع سابق ، ص 115.

    ([55]) محمد خاطر: مرجع سابق، ص 247.

    ([56]) س. هـ. جيراردين: مرجع سابق، ص 119.

    ([57]) سورة المائدة: الآية 56.

    ([58]) الغزالي خليل عيد: بحث أثر تطبيق الحدود في المجتمع. أحد البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي،ص 181–183.



















    المصادر والمراجع



    · ابن بشر: عثمان . عنوان المجد في تاريخ نجد. مكتبة الرياض الحديثة – الرياض – السعودية.

    · الترمذي: أبو عيسى محمد بن عيسى . الجامع الصحيح (سنن الترمذي) تحقيق وشرح أحمد شاكر – دار إحياء التراث العربي – بيروت.

    · جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . (أثر تطبيق الحدود في المجتمع) من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه الإسلامي الذي عقدته الجامعة بالرياض سنة 1396هـ. طبع عام 1404هـ.

    · جمعة: رابح لطفي. حالة الأمن في عهد الملك عبد العزيز – دارة الملك عبد العزيز – الرياض 1402هـ – رقم23.

    · ابن خلدون:عبد الرحمن بن محمد. مقدمة ابن خلدون –مؤسسة الأعلمي للمطبوعات– بيروت 1398هـ.

    · دار الفيصل الثقافية. مجلة الفيصل العدد الأول السنة الثانية رجب 1399هـ.

    · دارة الملك عبد العزيز . مجلة الدارة العدد الأول السنة الخامسة ربيع الثاني 1399هـ.

    · الرويشد: عبد الرحمن بن سليمان . كلمات منتقاة من خطب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود 1402 – 1406هـ دار الشبل للنشر والتوزيع والطباعة،1416هـ.

    · ابن عبد السلام: العز . قواعد لأحكام في مصالح الأنام دار الجيل – بيروت الطبعة الثانية،1400هـ.

    · عودة: عبد القادر . التشريع الجنائي الإسلامي. مؤسسة الرسالة– بيروت– الطبعة السادسة، 1405هـ.

    · عيد: الغزالي خليل . الحدود الشرعية وأثرها في تحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع. مكتبة المعارف، الرياض، 1401هـ.

    · القابسي: محي الدين . المصحف والسيف مجموعة خطب وكلمات وأحاديث ومذكرات المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود.

    · ابن قدامة: أبو محمد عبد الله بن أحمد .المغني. مكتبة الرياض الحديثة. الرياض.

    · الكليب: فهد بن عبد العزيز. الأئمة من آل سعود والنهج الإسلامي الفريد، الطبعة الأولى، 1418هـ.

    · الميمان: جميل. القصاص في الإسلام وأثره في استتباب الأمن واستقراره في المملكة العربية السعودية، بحث – معهد الدراسات العليا لضباط الشرطة – جمهورية مصر العربية، سنة 1975م.

    · النيسابوري: أبو الحسين مسلم بن الحجاج. صحيح مسلم. نشر وتوزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، 1400هـ.

    · وزارة الإعلام . المملكة العربية السعودية مسيرة البناء، 1417هـ وزارة الإعلام – الإعلام الخارجي.

    · وزارة الداخلية . الندوة العلمية لدراسة تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي وأثره في مكافحة الجريمة في المملكة العربية السعودية (الرياض 16–21 شوال عام 1396هـ) وزارة الداخلية – مركز أبحاث مكافحة الجريمة.
                  

العنوان الكاتب Date
الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 08:14 AM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 08:38 AM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 09:15 AM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 09:28 AM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص kamalabas08-06-08, 10:25 AM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 10:52 AM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-06-08, 12:11 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-06-08, 04:21 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 09:37 AM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 11:04 AM
        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 11:13 AM
          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 11:52 AM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-07-08, 12:31 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 01:00 PM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 01:32 PM
        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 02:50 PM
          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص نيازي مصطفى08-07-08, 03:48 PM
            Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 06:51 PM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 03:24 PM
        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 03:40 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-07-08, 03:50 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 03:55 PM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 04:16 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-07-08, 04:49 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 05:10 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Kabar08-07-08, 06:14 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-09-08, 03:44 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-07-08, 06:18 PM
  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص Sabri Elshareef08-07-08, 07:19 PM
    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-07-08, 08:20 PM
      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد08-09-08, 04:02 PM
        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 05:27 AM
          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 05:36 AM
            Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 05:46 AM
              Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 05:52 AM
                Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 12:04 PM
                  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 12:16 PM
                    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 12:41 PM
                      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 01:07 PM
                        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 01:30 PM
                          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 01:56 PM
                            Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 01:58 PM
                              Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 02:04 PM
                                Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 02:07 PM
                                  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 02:20 PM
                                    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 02:30 PM
                                      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-07-08, 02:41 PM
                                        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 08:20 AM
                                          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 08:45 AM
                                            Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 09:09 AM
                                              Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 11:44 AM
                                                Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 02:57 PM
                                                  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 03:17 PM
                                                    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 04:04 PM
                                                      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-09-08, 04:11 PM
                                                        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-22-08, 12:09 PM
                                                          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-22-08, 12:27 PM
                                                            Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-22-08, 12:56 PM
                                                              Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-23-08, 07:50 AM
                                                                Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-27-08, 05:52 AM
                                                                  Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-27-08, 02:46 PM
                                                                    Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-27-08, 02:51 PM
                                                                      Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-27-08, 02:55 PM
                                                                        Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-27-08, 03:35 PM
                                                                          Re: الأسئلة المسكتة لكمال عباس....حوار خاص عماد موسى محمد10-28-08, 12:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de