|
Re: الشعببن - السودانى والبريطاني - والتار يخ المشترك (Re: Dr Mahdi Mohammed Kheir)
|
3 مساحة السودان تعادل عشرة أضعاف مساحة المملكة المتحدة , فمساحته بحجم مساحة كل أوروبا الغربية إذا إستثنينا منها فنلندا وأسبانيا والبرتغال . وأنا عندما تعاقدت معى وزارة التربية والتعليم السودانية أول مرة , أرُسلت لى تذكرة طيران الى الخرطوم , ولكن لم يخبرنى أحد فى إى جزء من السودان سوف أعمل , وهذا تماما مثل أن يحضر سودانى الى باريس قادما من الخرطوم ليقوم بتدريس اللغة العربية فى (أوروبا) من دون يعرف إن كان سيتم إستيعابه فى نابولى , أوسلو , فيينا أو لندن . وفى حقيقة الأمر , لقد تم حينها إرسالى للعمل فى مدرسة بورسودان الثانوية للبنين على ساحل البحر الأحمر , على بعد رحلة مدتها 27 ساعة بالقطار من الخرطوم فى إتجاه أقصى الشمال الشرقى من السودان . إن حكم بلاد بهذا الإتساع , وبهذا التنوع فى العرق وفى الدين وفى اللغة , لا بد أن يشكل تحديا كبيرا لإى إنسان . وإن كانت هناك حرب دائرة بين شمال السودان وجنوبه , وللمأساة الآن فى غربه أيضا , فهذا يجب مقارنته بالحروب الكارثية التى حدثت فى أوروبا الغربية فى المئتى سنة الأخيرة .
حديثى هنا ليس عن أداء الحكومات بقدر ماهو عن تفاعل الشعبين السودانى والبريطانى . وأنا أزعم أن هناك من الأهداف النبيلة فى هذا العالم ما يمكن أن يهيئ لنا جميعا أن نؤدى دورنا فى تحقيقها , وأن تغيير الحافز فى الأفراد يمكن أن يكون مؤثرا فى الحكومات القومية . مهمتنا ليست فقط فى محاولة معالجة آثار الأخطاء التى أرتكبناها فى حق أنفسنا أو فى حق بعضنا البعض , بل لنحتفى بما سار فى مسيرته الصحيحة ولنعمل على مضاعفته . البريطانيون والسودانيون بإمكانهم نقد بعضهم البعض , وغالبا ما سيتم هذا على أساس عادل , ويبقى التحدى الأكبر , أن يستطيع كل طرف إبراز أفضل ما فى الطرف الآخر .
هناك نص (أو وعد) فى الديانة الإسلامية يقول أن رسولا عظيما سيأتى ليهيئ العالم لإكتمال حكم الله فى الأرض , وبعد مماته سيضع الشيطان رهانه الأخير لغواية النفس البشرية , بعدها سيظهر المسيح للمرة الثانية وعندها يأتى يوم الحساب . فى الثمانينيات من القرن التاسع عشر , كان محمد أحمد المهدى هو (المهدى المنتظر) للملايين من السودانيين . ففى خلال خمسة أعوام فقط , أستطاع القيام بثورة ضد فساد العصر , كما رأه هو , أنتهت بالإستيلاء على الخرطوم وموت الحاكم البريطانى - الجنرال غردون الذى كان يحكم بالإنابة عن خديوى مصر . توفى المهدى عام 1885 , ولكنه ظل الى يومنا هذا هو محرر السودان الأول . وللملايين من البريطانيين أيضا, كان الجنرال غردون بطلا مسيحيا وشهيدا , وكان موته المأساوى مبررا كافيا لغزو السودان وإعادة إحتلاله . هذا الأمر جاء متسقا مع أستراتيجية الأمبراطورية لتأسيس الحكم البريطانى من القاهرة الى رأس الرجاء الصالح , ومنافسا لإستراتيجية الأمبراطورية الفرنسية فى حكم القارة من غربهاالى شرقها .
|
|
|
|
|
|