أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزولى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 09:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة متولى عبدالله ادريس(elsharief)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-24-2003, 02:09 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو (Re: elsharief)



    وَلا هَذِى .. وَلا تِلْكَ (3)
    بَعْضِ مِنُّوْ .. يَجْزى عنُّوْ (ب)

    كمال الجزولى




    (3/ب/1)
    لأسباب فنيَّة بحتة لم يمكن ظهور هذه الحلقة فى موعدها الراتب بالأربعاء الماضية ، فمعذرة. وكنا استصوبنا ، فى ما تقدَّم ، تغليب جدوى التعاطى مع مبادرات الوفاق من منظور قدرتها ، أو عدم قدرتها ، على الاشتغال كرافعة لوحدة الإرادات ، لا الاقتصار على محض التساؤل عن (النوايا الخاصة) بأصحابها ، رغم عدم إمكانية استبعاد مثل هذه المقايسة (الأخلاقيَّة) لدى الثبوت القاطع لطغيان (المُضمر) على (المُعلن) فى بعض (الجوديَّات) ، كما فى حالة (أجواد وَدْ رَعِيَّة) الذى أوردنا حكايته ، كما رواها شوقى بدرى ، وهو ، على أيَّة حال ، نموذج غير نادر فى سوق المبادرات!
    حاولنا ، من ثمَّ ، تبيُّن الفرص المتوفرة (لملتقى السلام) و(لجنة العشرة) ، على خلفية (حافة الهاوية) التى بلغتها الايقاد ، منذ حين ، باحتمالات ثلاثة: أضعفها الارتداد إلى الحرب ، وأقواها تمكن (أجوادْ ودْ رَعِيَّة) الأمريكى من فرْض بديله ، أما أن يتبادل الطرفان ، فجأة ، من التنازلات ما يسمح بالانفراج فى الدقيقة الأخيرة ، فتلك (معجزة) أكثر منها (احتمالاً)! وأعدنا رجحان الاحتمال الثانى إلى حالة الانهاك السائدة فى كل الجبهات ، مِمَّا وصفه الأستاذ نقد (بتوازن الضعف) ، وهى الحالة التى أفرزت المبادرتين بنيَّة الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرَّد التفاوض بين طرفين: (الوفاق) الشامل ، فتساءلنا إن كانت أىٌّ منهما مؤهَّلة لذلك!
    باتجاه الإجابة وجدنا أننا قد لا نحتاج لأكثر من الدياليكتيك الشعبى: (الجواب من عنوانو) ، فى معنى عدم الحاجة لتقصِّى (كل) التفصيلات ، فى كلِّ مرَّة ، من أجل استكناه النتيجة ، فلربما أغنى (بعض) ذلك عن (كله) ، كما فى إنشاد المرحوم عبد الرحمن الريَّح: "بعض مِنُّو .. يجزى عنُّو"! وقد (يجزى) ، حقاً ، عن (الانتظار) بلا طائل ، لمعرفة مآل أىٍّ من المبادرتين ، إيلاء الاعتبار اللازم للخلل الناشب فى بنيتهما السياسية ، من جهة ، ولشبهة حصارهما ، من الجهة الأخرى ، بقيود الارادة المنفردة للسلطة ، مِمَّا يقدح ، منذ البداية ، فى جدارتهما بتقديم خدمة ، ولو يسيرة ، لمطلوبات الوفاق.
    ولكننا رأينا ، قبل الخوض فى ذلك ، أهميَّة استدعاء بعض دروس (منبر السودان أولاً) الذى وفر ، فى تقديرنا ، (مسطرة معياريَّة) يجدر القياس عليها. فقد تداعى إليه ، بمبادرة ذاتية حقيقية ، غير منتحلة ، ما يربو على المئة وخمسين خبيراً من مختلف التخصُّصات والاتجاهات ، سدَّدوا ، من خلال عصف أدمغة متمكث brain storming ، نظراً ناقداً لأساليب (المصالحات) الكاسدة ، وعوامل القصور فى المبادرات الأخرى ، وأجمعوا ، من ثمَّ ، على ضرورة المنبر الوطنىِّ (المستقل) الذى (يُيَسِّر) مشاركة الجميع فى تشريح الأزمة بمناهج تقرِّبُ بين الرؤى وتجترح المخارج. وأسَّسوا لوعى المنبر بذاته كمستودع أفكار think-tank يعتمد المناهج والآليَّات العلميَّة ، مثلما أسَّسوا لوعيهم بجهدهم ، لا كمحض (أجوادين) يدَّعون (قومية) مُرائية ، بل كمُيَسِّرين facilitators يبزون مُيَسِّرى (الإيقاد) عِلماً ، على الأقل ، بدقائق القضايا الوطنية شديدة الخصوصيَّة والتعقيد ، بصرف النظر عن انتمائهم ، أو عدم انتمائهم ، السياسىِّ أو الحزبىِّ أو الجهوى ، مع التزامهم ، فى كلِّ الأحوال ، بمبادئ الوحدة والسلام والعدالة والديموقراطية والتعدُّد ، تطلعاً (لمشاكوس أهلىٍّ) يتقاصر عنه (مشاكوس الإيقاد) عمقاً واتساعاً! وعكفوا ، لأكثر من ستة أشهر ، على أكثر من عشرة محاور بما يقارب العشرين ألف صفحة من الوثائق ، مستصحبين لأطروحات كلِّ الأطراف ، بغية الفرز الدقيق بين ما هو متفق عليه أو متقارب ، وما هو مختلف حوله ، حتى نجح المنبر ، مطلع أبريل 2003م ، فى تنظيم أول ندواته التى وفرت من الملاحظات والمقترحات ما يجدر استصحابه فى الجهد اللاحق. ولكنَّ قراراً مفاجئاً بحظر المنبر جعل الناس الذين عرفوا الله بالعقل ، وليس بالعين ، يستنتجون أن الصدر الذى ضاق بذلك الجهد ، على استقلاليته وموضوعيَّته ، لن يتسع لغيره ما لم يضمن ارتهانه لإرادته المنفردة!

    (3/ب/2)
    مع ذلك ، ما كادت تنقضى أشهر قلائل حتى أطلت مبادرتا (ملتقى السلام) و(لجنة العشرة) اللتان نغلب وقوعهما ، ابتداءً ، بترتيب من السلطة ، سدَّاً لاحتياج طارئ لديها ، وليس لرغبتها فى بلوغ (وفاق) حقيقى ، وذلك بعدة أدلة:
    الدليل الأوَّل: ما سلفت الاشارة إليه من أن الأسلوب الذى تعاملت به مع المنبر يكاد يقطع وحده بعدم استعدادها لقبول ما لا يخرج من عباءتها ، ولا يخضع لمشيئتها.
    الدليل الثانى: بروز المبادرتين ، فجأة ، من بين ملابسات الفشل الذريع الذى مُنيت به وثيقة الحزب الحاكم للاجماع الوطنى ، والتى دار جهدها دورة واسعة ليعيد ، فى نهاية المطاف ، إنتاج نفس مشهد التحالف القائم فى مستوى هجين السلطة ، حيث لم تلتف حولها سوى أحزاب التوالى ، وهيئة الدفاع عن العقيدة والوطن ، وهيئة علماء السودان وما شاكل من التنظيمات.
    الدليل الثالث: حِرصُ كلٍّ من المبادرتين على خلق الانطباع بأنها الأكثر حظوة لدى النظام ، فإذا تطلع (ملتقى) د. عصام صديق لرعاية رئيس الجمهورية (الرأى العام ، 7/8/03) ، سارع د. الطيب حاج عطية للاعلان عن الدعم الذى تجده (لجنته) من قيادات الحزب الحاكم (الرأى العام ، 25/8/03). وكلتاهما ، لعمرى ، خطة بئيسة ، فقادة الانقاذ ليسوا مظنونين بالتنكر ، فى معمعة الصراع السياسىِّ ، لمصالح حزبهم أو حكومتهم! حتى لقد تندَّر الناس بأن ذلك هو ، بالتحديد ، مثار نقع المنافسة بين من بادروا ، ولو مظهريَّاً ، لتكوين وإدارة كلٍ من (اللجنة) و(الملتقى) ، مِمَّا فتح (كوَّة) لإطلالة شبح (أجواد وَدْ رَعِيَّة) ، رغم الحسِّ الوطنىِّ الديموقراطىِّ المشهود ، سواء فى مستوى الرأى العام أم فى مستوى العُشرة الشخصية الحميمة ، عن بعض أعضاء (اللجنة) مِمَّن لا نستطيع ، لهذا السبب بالذات ، أن نمنع أنفسنا من الدهشة بإزاء خيارهم هذا ، كأخينا الأكبر وأستاذنا الجليل محجوب محمد صالح وصديقنا العالم المتواضع د. عبد الرحيم بلال ، ولا نجرؤ على ادعاء ما ليس لنا به علم وثيق من خصائص الآخرين فى غير المعلوم بالضرورة من سيرة (انفتاح) الكثيرين منهم على (الشموليَّة) ، الأمر الذى لم يرتبوا ، حتى الآن ، نقداً ذاتياً يتجاوزه بإبانة ، أو موقفاً مغايراً يجبُّه بإفصاح ، فلهم العتبى!
    الدليل الرابع: سرعة الاستجابة من جانب السلطة ، ومؤسسة الرئاسة تحديداً ، لإسباغ الرعاية على (الملتقى) فى البداية (الأضواء ، 7/8/03) ، ثم سحبها من (الملتقى) وقصرها على (اللجنة) وحدها (الرأى العام ، 22/8/03) ، مِمَّا فاقم من اهتزاز صدقيَّة (اللجنة) ، وطعن فى حيدتها واستقلاليتها ، خاصة بعد خروج الحزب الحاكم من (الملتقى) ، وتصريح أمينه العام بأنهم لا يرون سبباً لاستمراره بعد اعتماد الرئيس للجنة العشرة (الأضواء ، 28/8/03) ، وبعدم استعدادهم للعمل فى منبر لم (تعيِّنه) الحكومة (الأضواء ، 26/8/03). كما جعل ذلك أيضاً من وضعيَّة (الملتقى) حُجة إضافيَّة تدعم ما قلناه فى رأس هذه الأسباب. فبرغم إحاطته بمباركة السلطة ، أوَّل أمره ، إلا أنه سرعان ما انقلب غير مرغوب فيه منذ أن (صدَّق) مزاج لقاء (بيت الضيافة) فى 9/8/03 ، فصار يردِّد المطالب (المحرَّمة) فى شرعة النظام! أما السبب فى إبقاء السلطة عليه ، برغم عدم اعترافها به ، فيعود ، فى تقديرنا ، لتيقنها من عدم جدواه ، من جهة ، ولكونه (الجن) الذى تعرفه وتفضله على ما تجهله ، من الجهة الأخرى! (فالملتقى) الذى حرص على التحشيد الاعلامىِّ الهش فى لقاء بيت الضيافة مساء 9/8/03 ، مِمَّا وصفه رئيس حزب الأمة "بمشهد العلاقات العامة" (الصحافة ، 14/8/03) ، واصل نفس النهج فى نشاطه اللاحق ، فلا هو تكشَّف عن خطة مرموقة لتحقيق الوفاق ، ولا هو تمخَّض عن تحالف معارض يتجاوز التجمع ، فلكأن البلد ينقصها المزيد من الارتباك!
    أما (اللجنة) التى لا تكاد تخفى فرحها كلما أحسن وفادتها طرف معارض مِمَّن يُخشى أنه لم تعد عنده (قشة مُرَّة) فى قفر الخيارات الجديب (!) فعلى الرغم من وجه الشبه ، من الناحية الشكليَّة ، بين المعلن فى بيانها وبين مناهج وأساليب وآليات منبر (السودان أوَّلاً) ، إلا أن المسألة تتعلق ، فى جوهرها ، بما هو أكبر ، فى الحقيقة ، من مجرَّد الطرح الشكلانى الذى يسِم علاقة الكاريكاتير بالأصل! ولا يملك المرء ، مع أكيد الاحترام ، سوى أن يُلقى على الأساتذة الثلاثة من أعضائها ، محجوب محمد صالح وعبد الرحيم بلال والطيب حاج عطيَّة ، والذين هم ، أصلاً ، أعضاء فى (المنبر) ، بحزمة من الأسئلة المتناسلة بإلحاح ، مثلاً:
    أ/ عن مغزى سماح السلطة لهم فى (اللجنة) بذات النشاط الذى سبق أن أنكرته عليهم فى (المنبر)؟!
    ب/ وعن جدوى اضطرارهم لتكرار عمل انقطعت فيه كلُّ تلك الأشواط ، ليبدأوه مجدَّداً ، من مربعه الأوَّل ، بذات المناهج والأساليب والآليات؟!
    ج/ وإذا كان من المرجح أنهم هم الذين نقلوا هذه المناهج والأساليب والآليات إلى مانيفستو (اللجنة) من خبرة (المنبر) ، بقرينة سابق العُشرة ، فكيف قدر لهم أن يقنعوا بها بقية الأعضاء خلال أيام معدودات ، وهى التى احتاجت مناقشتها ، قبل هضمها واعتمادها فى (المنبر) ، إلى كل تلك الشهور؟!
    د/ بل وكيف تتوقع لجنة من (عشرة) أن تنجز عملاً استفرغ وضعه على أول الطريق ، فحسب ، جهد أكثر من مائة وخمسين خبيراً على مدى أكثر من ستة أشهر؟!
    الدليل الخامس: هو ، بالتمام ، معكوس ما ذهب إليه مانيفستو (اللجنة) من حيث تأكيده المغلظ على استقلالية (كلِّ) أعضائها ، وما ردَّده مولانا دفع الله الحاج يوسف بقوله إنها "تضمُّ شخصيات مستقلة استقلالاً كاملاً عن كلِّ الأحزاب السياسية" (الأضواء ، 22/8/03). فبرغم أن ذلك لا ينطوى ، فى حدِّ ذاته ، على أيَّة ميزة خاصة أو مأثرة ، إلا أننا نظرنا ، مع احترامنا للبيان ولمولانا ، فوجدنا أن نصفها ، تقريباً ، مِمَّن درجوا على إعلان (قوميَّتهم) فى الصيف و(حزبيَّتهم) فى الشتاء ، وأن فيها مَن لا يليق به إنكار انتمائه ، وأنها تعجُّ ، إلى ذلك، بذوى السابقة فى دعم الشموليَّة ، بل والمجاهرة بأفضليتها على الديموقراطيَّة ، ثم لا يرون ، بعد ذلك كله ، أهمية ، فى ما يبدو ، لإزالة اللبس عن مواقفهم ، على حين يتصدُّون ، فى الوقت نفسه ، لأحد أخطر الملفات إيغالاً فى مبحث الديموقراطيَّة! هذه قضية مهمَّة يجدر بهؤلاء السادة ، بل من حق الشعب عليهم ، أن يدلوا ببيان شاف حولها!
    الدليل السادس: ولعله ، فى الحقيقة ، الأوَّل ، هو ما يتصل بالكشف المباشر ، دونما حاجة إلى تحليل أو استنتاج ، عن الطريقة التى تكوَّنت بها (اللجنة) بأمر صادر من رئيس الجمهوريَّة ، وليس بمبادرة ذاتية كما يقول أهلها. ففى لقائه المار ذكره بممثلى الأحزاب ببيت الضيافة "وعد البشير بتشكيل لجنة من خبراء لإدارة حوار بين القوى السياسيَّة للوصول إلى إجماع وطنى" (الصحافة ، 10/8/03). ثم عاد ، بعد تكوينها ، فأعلن أنها "هى اللجنة المعتمدة لدى رئاسة رئاسة الجمهوريَّة ، و .. ستعمل تحت رعايته المباشرة ، وأن أىَّ اتصالات مع القوى السياسيَّة .. سيكون عبر هذه اللجنة فقط ، وأن أىَّ أنشطة أخرى .. ستكون مساعدة وروافد لعمل اللجنة الأم" ، كما حرص على إعلان "أن لجنة ملتقى السلام إنتهت برفع توصياتها" (الرأى العام ، 22/8/03).
    ونضيف ، من باب الاستطراد الجالب للحزن والأسى ، وفى سياق التأكيد على إمكانيَّة التنبؤ ، منذ الآن ، بمآلات هذه (اللجنة) المحكومة (بالرعى) فى (قيد) السلطة ، أن البشير ، عندما طالبته القوى السياسية ، فى ذلك اللقاء ، برفع حالة الطوارئ ، رمى بالكرة فى ملعب (اللجنة) المزمع تكوينها ، متعهِّداً بتنفيذ (توصياتها) فى ما "إذا (رأت) رفع حالة الطوارئ!" (الصحافة ، 10/8/03). وتوهَّمنا ، ربما لفرط غرارتنا ، أن المعضلة قد هانت ، ولم يتبق سوى أن (ترى) لجنة العشرة (فتوصى)! فهل تراها فعلت؟! الاجابة ، كما ورد فى الأخبار ، أن (اللجنة) كوَّنت (لجنة) فرعيَّة برئاسة دفع الله الحاج يوسف "لإعداد (دراسة) قانونيَّة حول حالة (الطوارئ) ، والقوانين التى تحتاج (لدراسة) ، لتهيئة المناخ للحوار!" (الرأى العـام ، 24/8/03).
    هل فهمتم شيئاً؟! هل (إلغاء) حالة الطوارئ والقوانين المقيِّدة للحريَّات أضحى (محتاجاً) ، فجأة ، إلى (دراسة)؟! حقاً ما لكم كيف (تدرسون)؟!
    الدليل السابع: مداره أيضاً بعض الملابسات التى ولدت فيها المبادرتان ، وأبرزها (وثيقة ناكورو) التى انفجرت ، وقتها ، فى وجه السلطة من حيث لم تحتسب ، علاوة على تحرُّكات قرنق المروحيَّة على المستويين العربى والعالمى ، بالاضافة لانهماكه فى بلورة مواقف تواثقيَّة مع أطراف من المعارضة حول مسائل تفصيليَّة ، (كقوميَّة العاصمة) وغيرها ، مِمَّا أزعج السلطة أيَّما إزعاج. كيف لا ، وقد دفع ذلك بكلِّ رهاناتها ، بغتة ، إلى شفا جرف هار ، وشكل مُهدِّداً جديَّاً لخطتها الرامية إلى عقد صفقة ثنائيَّة مع الحركة الشعبيَّة ، بمعزل عن بقيَّة القوى. ولعل هذا ما يفسر (الجمباز) العنيف الذى انخرطت فيه ، طوال الأشهر الثلاثة الماضية ، تحت عنوان (الاجماع الوطنى) ، وعودتها المباغتة ، بدرجة أربكت المُعارضة نفسها ، إلى حديث (الوفاق) ، بعد أن كانت قد استغنت عنه ، فى ما بدا ، بماراثون الايقاد!

    (3/ب/3)
    لكن ، هَبْ أن ذلك كله كذلك ، فما الضير ، برغمه ، كما يتساءل بعض (العابرين فى حديث عابر) ، من أن تنطلق مبادرة هنا أو هناك لتحقيق (الوفاق الوطنى)؟! قد يبدو السؤال معقولاً ، للوهلة الأولى ، إذا ما أمكن انتزاعه من سياق الخبرة التاريخية. غير أنه ما يلبث أن يتكشف عن خديعة ، أو ربما عن سذاجة فى أفضل الاحتمالات ، حين نعلم أن هذه ليست المرَّة الأولى التى تلوِّح فيها السلطة (بالوفاق) ، من تلقاء نفسها أو عن طريق (الأجوادين) ، دون أن تتكبَّد مجرَّد الرغبة فى الوفاء باستحقاقات هذا (الوفاق). فكم من مرَّة بدت فيها كما لو كانت على أهبة الاستعداد لذلك ، وأكثرت الحديث عمَّا يشى بأن ثمَّة إرادة سياسيَّة لديها لتهيئة أجوائه ، ولكنها سرعان ما كانت تعود ، فى كلِّ مرَّة ، لتنكص على أعقابها ، متى ما تحقق لها تسجيل نقطة هنا ، أو تفادى خسارة هناك ، مِمَّا قد يتراءى فى حساباتها. أما (الوفاق) نفسه فهى غير جادة ، مثقال ذرة ، فى سداد قسط واحد من فاتورته.

    (3/ب/4)
    ذلك هو (بعض) ما يمكن أن يُساق فى باب التدليل على أن أىَّ تطلع لأدنى مردود حقيقىٍّ من أىٍّ من (المبادرتين) هو ، فى واقع الأمر ، ضرب من مطاردة السراب ، كونهما مشروطتان ، كما قلنا ، (بالرعى) فى (قيد) السلطة التى لم ينشرح صدرها لهما ، أصلاً ، إلا لأنهما يسدَّان لديها احتياجاً طارئاً لا صلة له ، من قريب أو من بعيد ، (بالحل السياسى الشامل) كضرورة موضوعيَّة. فهل يكفى هذا (البعض) ، أم ترانا نحتاج لإثبات أننا لا نغالى؟!
    (نواصل)


                  

العنوان الكاتب Date
أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزولى elsharief09-04-03, 04:58 PM
  Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو فتحي البحيري09-04-03, 05:12 PM
    Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو عاطف عبدالله09-06-03, 08:32 AM
  Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو elsharief09-11-03, 03:23 PM
    Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو فتحي البحيري09-13-03, 11:27 AM
  Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو elsharief09-24-03, 02:09 PM
  Re: أصْدَاءٌ مِن سِيْرَةِ المَرْحُوم أَجْوَادْ وَدْ رَعِيَّةْ __كمال الجزو elsharief10-02-03, 02:28 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de