رسالة مفتوحة للزعيم د. جون قرنق

عزيزي ود قاسم .. احترم خياراتك الشخصية .. ولي اعتراض على تعميمك لأني شمالي و لا أتفق معك في أن جون قرنق هو مسيح الخلاص

من قراءتي لردك أدركت أن مساحة الالتقاء بيننا تبدو عجفاء .. لكنها تضمن انتفاء العداء بيني وبينك شخصياً وبين كل شمالي أو مواطن جنوبي. فالجنوبيون بالنسبة لي أمة أخرى لا أكن لكيانهم عداوة .. لكنهم يكنّون العداء لنا .. ولي أمثلة واقعية يا سيدي (وهذا العداء مبرر في نظري) لأننا حشرناهم في جحر هم ليسوا منه. لذلك قلت إنني لو كنت جنوبياً لرفعت السلاح في وجه الشمال

جون قرنق إذا كان يمثل قضيتك .. فقضيتك شخصية محضة .. لأن جون قرنق كما قلت أنا في البوست السابق هو امتداد لحركات سابقة لاستقلال السودان. وتلك الحركات انفجرت لذات الأسباب التي قادت جون قرنق للتمرد على السلطة المركزية .. وسوف لن يأتي يا ود قاسم يومٌ ترى فيه السودان بالطريقة التي وصفتها أنت. يكفيك الذهاب الى الخرطوم (أنا لم أذهب .. فقد حكى لي صديق) لترى نوعية التفاعل بين أبناء الجنوب وسكان الخرطوم!!! يا ابن قاسم .. الدول لا تبنى بالتمني .. ولا الدين كان سبباً لانفلاق دولة واحدة الى عدة دول. حكم الانجليز الهند لأكثر من مائة عام .. وفي عام سبعة وأربعين تذمر المسلمون وطالبوا بدولتهم المستقلة عن الهند .. فولدت باكستان بشقيها الغربي والشرقي كدولة تدين بالإسلام .. فما الذي حدا بعساكر باكستان لذبح إخوتهم في الدين في بنغلاديش؟ بالطبع لم يكن الدين .. بل الثقافة المحليه والعادات المتوارثة والتباين القبلي الصارخ
لم يكن الإسلام سبباً في الانفصال .. رغم التشابه الشكلي الظاهر بالنسبة لنا بين كل سكان شبه القارة الهندية .. فما بالك بالتباين الذي بيننا وبين الجنوب؟ علينا أن نعترف بأننا لسنا أعقل من الباكستانيين ولسنا اذكى منهم .. ولسنا أذكى من الصينيين الذين فلتت من بين أيديهم جزيرة تايلاند رغم أنهم جميعاً ينتمون الى ذات العرق ونفس اللغة
أحترم خياراتك يا ود قاسم .. لكني لا أتقبلها خياراً لي. فهمي واضح لمشكلة السودان الاساسية ..وهي مشكلة الجنوب التي يتعلل بها كل منظراتي وسياسي بانها هي السبب في تأخرنا عن ركب التنمية والتطور. وفهمي أن جون قرنق صاحب قضية، نعم، لكني لا ألتقي معه في نقطة توحد بيننا .. فهذا كلام ينتمي الى الرومانسية .. فهو عندي مناضل من أجل الجنوب الذي أعتبره دولة منفصلة .. لا علاقة لها بالشمال. للأسف .. وجد قرنق ضالة كبرى في بعض أبناء الشمال .. فوسع من مشروعه .. وربما يجد المزيد من أبناء الشمال للتغلغل في جسم القطر كله. ولو كتب له الشيطان الانتصار .. فاتمنى أن لا يلجأ البعض لجهة أخرى لإنقاذهم من قرنق
ويبقى الود بيننا .. لكني سوف لن أنجدك إن استنجدت بي لانقاذك من قرنق
زميلك: شنتير الانفصالي