(شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة جمال عبد الرحمن(HOPEFUL & HOPELESS)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-14-2004, 04:36 PM

HOPEFUL
<aHOPEFUL
تاريخ التسجيل: 09-07-2003
مجموع المشاركات: 3542

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) (Re: HOPEFUL)

    ويواصل صاحب الرسالة الثانيه حديثه عن الصلاة في كتابه "رسالة الصلاة"
    -وهنا يجب أن ننتبه للمسميات ..

    ما هي الصلاة؟؟
    إن الحديث هنا يقتضي فهم القرآن فهما جيدا، وللإعانة على هذا الفهم لا بد من تقرير أمور أربعة:-

    أولها أن الإسلام بداية ونهاية، وهو في البداية أقل من مرتبة الإيمان، ومقتضاه قولك: لا إله إلا الله محمد رسول الله: وعملك بالجوارح فيما أمرت بالعمل فيه من عبادات، ومن معاملات، وآية الإسلام الذي هو بداية من كتاب الله: ((قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا!! ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)).

    والإسلام الذي هو نهاية، أعلى من مرتبة الإيمان، ومعناه الاستسلام والانقياد الواعي الراضي بالإرادة الإلهية، وآيته من كتاب الله: ((ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا؟)) وروح هذه الآية في عبارة ((وهو محسن)) لأن العناصر كلها مسلمة وجهها لله، ولكنها غير واعية، والمسلم هو الذي يكون في تمام استسلامه لله كالعناصر الصماء في عدم اعتراضه على الله، ثم هو واع وراض ومختار لهذا الاستسلام، ومن ههنا قيل أن العبودية أن تكون بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل يقلبه كيف شاء، من غير اعتراض منه، ولقد أسلفنا الإشارة إلى ذلك.

    وثانيها أن مجتمع البعث الأول اسمه الخاص به ((المؤمنون))، عندما يوضع بازاء المجتمع اليهودي أو المجتمع النصراني، والقرآن مليء بذلك. ((إن الذين آمنوا، والذين هادوا، والنصارى، والصابئين، من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)) وأنه لم يأخذ اسم المسلمين إلا من المعنى العام.. من الإسلام الذي هو بداية.. ولقد ندب مجتمع المؤمنين ليكونوا مسلمين فلم يطيقوا، وذلك حيث قال تعالى ((يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون))، فنزل إلى مستوى ما يطيقون، وجاء الخطاب ((فاتقوا الله ما استطعتم، واسمعوا، وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)).

    وثالثها أن المجتمع المسلم حقا لم يدخل في الوجود بعد، وسيجيء في مستقبل الأيام القريبة إن شاء الله، حيث تقوم المدنية الجديدة التي تحدثنا عنها هنا، وفيها يبلغ ساير الأفراد الإسلام، وهي مرتبة لم تتحقق في المجتمعات الماضيات إلا للأنبياء، وحتى هؤلاء قصر عنها بعضهم كما يحدثنا القرآن: ((إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور، يحكم بها النبيون الذي أسلموا، للذين هادوا، والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله، وكانوا عليه شهداء)) ولسنا نريد الإطالة هنا لأننا سنصدر سفرا مستقلا في هذا المعنى، وسيكون عنوانه ((العهد الذهبي للإسلام أمامنا)) ولكننا نحب أن نقول أننا سنفهم القرآن فهما أحسن من ذي قبل إذا عرفنا أنه عندما يخاطب المؤمنين إنما يخاطب مرحلة معينة من مراحل سير الأمة الحاضرة نحو الأمة الإسلامية المستقبلة، وهو حين يقول: ((يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) إنما يطلب أن يرتقي أفراد المجتمع المؤمن، من مرحلة الإيمان، إلى مرحلة الإسلام، وهو بذلك يدعو إلى التطور المستمر في مراقي الكمال والتجدد، ولا يقر الناس على الثبات في مرتبة واحدة.

    ورابع الأمور التي لا بد من تقريرها لتعين على فهم القرآن هو أن القرآن كله مثاني.. كل آية فيه وكل كلمة بل وكل حرف.. وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ((الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها، مثاني، تقشعر منه جلود الذي يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم، وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد)) ومعنى مثاني أنه في معنيين اثنين معنى بعيد عند الرب، ومعنى قريب، تنزل من الرب إلى العبد، وعلى مستوى هذا الفهم للقرآن تحدثنا عن آية ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) فقلنا إلا ليكونوا لي عبيدا بوسيلة العبادة.. فكان لكلمة ((ليعبدون)) معنى بعيدا هو العبودية، ومعنى قريبا هو العبادة.

    ومن مستوى هذه الأمور الأربعة، التي قررناها سنتحدث عن الصلاة، وما يتبعها، فيما يلي من بقية هذه الرسالة.

    للصلاة معنيان
    فالصلاة لها معنى بعيد، ولها معنى قريب.. ولقد خرجت الصلاة على مستويين من مستويات شهود النبي ربه، والقرآن يقص علينا هذين المشهدين فيقول: ((علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى)).

    فأما المشهد الأول فهو مشهد أسمائي، وأما المشهد الثاني فهو مشهد ذاتي.. يقول تعالى عن نفسه ((كل يوم هو في شأن)) وشأنه إبداء ذاته لعباده، وهذا الإبداء إنما هو تنزل من بهموت الذات إلى مراتب العباد ليرقوا في معارج هذه التنزلات إلى حضرة الذات.. فالله تعالى يقول عن تنزلاته إلى عباده: ((وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)) فالقرآن هو الذكر في مقام الجمع، والفرقان هو الذكر في مقام الفرق.. ومقام الفرق هو التنزلات إلى مرتبة الصفة ومرتبة الفعل، وإلى هذه المراتب الإشارة بقوله ((ونزلناه تنزيلا)) يعني تنزيلا من بعد تنزيل في المراتب لتكون للعارفين معارج يطوون فيها المراتب، مرتبة بعد مرتبة، حتى يقفوا على عتبة الذات.

    ((وبالحق أنزلناه، وبالحق نزل، وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيرا)) ((وبالحق أنزلناه)) يعني الذكر. وأنزلناه إلى مقام الجمع وهو القرآن. ((وبالحق نزل)) إلى مقام الفرق، وهو الفرقان.. والذكر في مقام جمع الجمع، وهو مقام الاسم مما يلي الذات، والقرآن مقام الجمع، وهو مقام الاسم مما يلي الصفات، والفرقان مقام الفرق، وهو التعدد، وأدناه الثنائية، وهو مقام الصفة ومقام الفعل.. ومقام الفعل أعلاه مقام توحيد، وأدناه مقام شرك - مقام تعدد- وذلك عند بروز الأكوان من المكون بأثر الفعل.. فمن شغلته المخلوقات عن الخالق فهو مشرك، ومن رأى من وراء فعل المخلوقات فعل الله فهو موحد، وفي الحق، أن التوحيد كله في مقام ((وحدة الفاعل))، وهو ما عنيناه بعبارة ((رآى من وراء فعل المخلوقات فعل الله))

    والرسالة تنزل إلى أدنى درجات التعدد، وخاصة في وجهها الجلالي.. وجه الإنذار.. وغرضها جمع الناس على الله من التفرق في التعدد، وإلى ذلك تشير عبارة ((وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)).

    والتوحيد كله في مرتبة وحدة الفاعل، لأنها مرتبة الشرك الخفي.. ولن يخلص العبد من الشرك الخفي إطلاقا، لأنه يدق حتى يصبح أدق من الشعرة وأحد من السيف، ثم لا ينتهي، وهو الحجاب القايم بين الوحدة المطلقة، التي هي حظ الرب، والوحدة النسبية التي هي حظ العبد.

    ومرتبة الفعل هي مرتبة ((الواحدية))، والواحدية صفة الإله: ((وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)) وفي الحق، أن الناس لم يجحدوا الله وإنما جحدوا الإله، وهو تنزل الله إلى مرتبة الفعل في المستويات الصغيرة التي يقع الشبه فيها ويسود اللبس.. وهذه مستويات الشرك الخفي عندما تتداعى إلى الخفاء.. اسمع القرآن يحدثنا في هذا المعنى: ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله، فأنى يؤفكون * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شئ عليم)) كأنه يقول: أن الأعمال الكبيرة الظاهرة التي يستحيل عليهم أن يشاركوا فيها، كخلق السموات والأرض، ينسبونها لله، ولكن الأعمال الصغيرة التي لهم فيها في ظاهر الأمر مشاركة ينسبونها لأنفسهم.. أو كأنه يقول: إذا سألتهم من خلق السموات والأرض يقولون خلقهن الله، وإذا سألتهم من يرزقكم يقولون سعينا واجتهادنا - إن لم يكن قولهم هذا بلسان مقالهم، فإنه على التحقيق، قولهم بلسان حالهم.

    وكل الشرك في مسألة الرزق، ولقد قال العارفون أن الانسان يفر من أجله، ويجري وراء رزقه، وفي الحق، أن الأجل والرزق يطلبان العبد طلبا حثيثان وهو لن يعجز أجله هربا، وهو لن يعجز رزقه هربا بنفس القدر.. فإذا تم يقين العبد بالرب، يعلم أن ما قدر لماضغيه أن يمضغاه لا بد أن يمضغاه، وإن هرب منه.

    فالآية الثانية تخبرنا أن الذي خلق السموات والأرض هو نفسه الذي يبسط الرزق للعباد.. فالخالق واحد لكبير الأعمال وصغيرها.. اسمعه يقول ((أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم؟ قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار)).

    ومرتبة وحدة الفاعل أول مراتب تجليات الذات مما يلي العبد.. أو قل هي أول مراتب العروج إلى الله ذي المعارج. والمرتبة التي تلي وحدة الفاعل هي وحدة الصفة وهي مرتبة ((الأحدية)) والأحدية صفة الله ((قل هو الله أحد)) والمرتبة الثالثة وهي التي تلي مرتبة وحدة الصفة هي مرتبة الاسم، وهو ((الله)) وليس وراء هذه المرتبة إلا الذات الصرفة.

    ومعنى الواحد الفرد الذي لا ينقسم، وهو أول مراتب التفريد.

    ومعنى ((الأحد)).. الذي لم يجيء من مثله، ولا يجيء منه مثله، أو هو الذي ((ليس كمثله شئ)) وهو أوسط مراتب التفريد.

    ومعنى ((الله)).. الذي يجل، ويتعالى أن يكون له معنى، ولكنه، مما يلي الخلق، هو متعلق الصفات ومما يلي الذات إن هو إلا إشارة إلى الذات الساذج، الصرف، التي تجل عن أن تسمى، أو أن توصف.

    ومعنى أنه متعلق الصفات، أنه علم على أول تنزل من صرافة الذات، وهو أعلى مراتب التفريد. وهذه المراتب الثلاث، وعديد المراتب التي دونها، هي من جهة الذات تنزل، ومن جهة العبد معراج، فالمعراج تنزل درجات سلم الذات ليرقى عليها العبد درجة، درجة. والمعراج قطع هذه الدرجات أيضا، وقد قلنا أن النبي في المعراج شاهد ربه على مستويين، فأما الشهود الأول، فهو شهود أسمائي، وأما الشهود الثاني، فهو شهود ذاتي.. والشهود الأسمائي هو هذا الذي فصلناه في المراتب الثلاث.. فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل. والقرآن يقص علينا في هذه الآيات من سورة ((والنجم)) وقد أوردناها آنفا: ((علمه شديد القوى)) جبريل ((ذو مرة فاستوى)) وصف جبريل بالشدة، ومعنى ((فاستوى)) في صورته التي خلقه الله عليها، وهي أعلى ما يكون جبريل مظهرا للتجلي الأسمائي، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ((وهو بالأفق الأعلى)) مما يلي الذات ((ثم دنا فتدلى)) تنزل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة ثم إلى مرتبة الفعل، حيث استقر ((فكان قاب قوسين أو أدنى)). وفي هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل، لا يتسع المقام لاستقرائها، ((فأوحى إلى عبده ما أوحى)): فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى.

    هذا التفصيل فيما يخص المشهد الأسمائي. وأما المشهد الذاتي فقد أخفي في سياق عبارات القرآن، لأنه فوق العبارة، ولا تسعه إلا الإشارة. وقد جاءت عبارة، هي نهاية في الدقة، وفي الإيجاز، وفي القيمة السلوكية للسالكين لتشير إلى هذا الشهود الذاتي إشارة سلوكية، وتلك هي آية ((ما زاغ البصر وما طغى)) ولما كانت سدرة المنتهى هي نهاية الشهود الشفعي، أو ((الثنائي)) وبداية الشهود الوتري أو ((الفردي)) فقد أخبرنا القرآن عن ذلك فقال: ((إذ يغشى السدرة ما يغشى)) من طرف التجلي الذاتي، بلغ النبي مقام ((ما زاغ البصر وما طغى))، والبصر هنا والبصيرة شئ واحد، لأن هذا مقام التوحيد، وهو يعني الفكر و ((ما زاغ)) يعني ما رجع فانشغل بالماضي، و ((ما طغى)) يعني ما انشغل بالمستقبل، فكأن النبي، من فرط ما غشيه من الشهود الذاتي، قد استغرق، وأخذ من جميع أقطاره، حتى أصبح وحدة مكانية، في وحدة زمانية، وبهذا التوحيد، الكامل الشامل، خرج عن الزمان، والمكان وتحرر منهما، فشاهد من ليس يحويه المكان، ولا الزمان.. شاهد الله، شهوداً ذاتياً، ليس للعبارة فيه مجال. وهنا فرضت الصلاة بمعناها البعيد.. فرضت بلسان الحال، لأن لسان المقال هنا أخرس. ولم يكن جبريل حاضرا هذه، وإنما كان جبريل حاضرا فرض الصلاة بالمعنى القريب.

    والصلاة، بالمعنى القريب، هي الصلاة الشرعية، ذات الحركات المعروفة. ولقد فرضت في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) وهو مقام الشهود الأسمائي، والشهود الأسمائي وسيلة إلى الشهود الذاتي. فإن العبد المترقي يشاهد وحدة الفعل، ثم يترقى منها إلى شهود وحدة الصفة، ثم يترقى منها إلى شهود وحدة الاسم، وليس وراء ذلك إلا شهود الذات، وليس في شهود الذات مقام، وإنما هي إلمامة خاطفة، وجمعية مستغرقة، ينادي عندها منادي الطبيعة البشرية ((يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا)). ثم يكون تنزل العبد راجعا في درجات معراجه، فيكون مما يليه، في حالة التنزل، شهود وحدة الاسم، ثم وحدة الصفة، ثم وحدة الفعل، فكأنه شاهد، في العروج ثم في التنزل بعد العروج، كل مشهد مرتين، ولكن بصورتين مختلفتين، لأن التكرار ممتنع في تلك المقامات، فإنه ((كل يوم هو في شأن)). وكل المشاهد، في حالة التنزل، أعظم منها في حالة العروج، ولذلك فقد فرضت الصلاة خمسين في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) في حالة المعراج، وخففت إلى خمس في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) في حالة التنزل من المعراج، والسر في التخفيف، أن النبي بعد شهود الذات أصبح أعرف بالله منه قبلها، والعارف مخفف عليه دائما، على قاعدة، ((ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم، وكان الله شاكرا عليما؟)).

    في مقام الشهود الذاتي فرضت الصلاة بالمعنى البعيد، وهي الصلة مع الله بلا واسطة، في مقام ((ما زاغ البصر وما طغى))، حيث تطمس من العبد ذاته المحدثة، وتبقى ذاته القديمة في صلة مع القديم، لا يفصلها وسيط، ولا تقوم بينهما وسيلة، وهناك تسقط الوسايل والغايات، ولا يبقى إلا الواحد، ((وليس لسفن العبارة ههنا نصيب)). ولم يكن جبريل حاضرا، لأنه لا مقام له في شهود الذات، وذلك لأنه لا ذات له - لا نفس له- بها يطيق أنوار التجلي الذاتي، وهذا ما جعل ساير البشر، في مآلهم، أكمل من خاصة الملائكة.. فكما الملائكة على البشر كمال درجة، وكمال البشر كمال نشأة، وهذا معنى قول المعصوم ((إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم)).

    وجاء تخلف جبريل لسبب آخر، هو أن وجود جبريل يجعل النبي شفعا، ولا يصلح الشفع في مشاهدة الوتر. وفي مقام الشهود الأسمائي فرضت الصلاة بالمعني القريب.. الصلاة الشرعية، وقد كان جبريل وسيطا فيها، وقد جاء بكيفيتها ومواقيتها ووضوئها إلى النبي في مكة، وعلمه كيف يصلي.. وليس معنى هذا أن النبي لم يكن على صلاة قبل المعراج، بل إنه، على التحقيق، قد كان على صلاة قبل البعث، منذ أن كان يتحنث في غار حراء، ولكن صورة صلاته القديمة صححت بعد المعراج، فجاءت الصلاة التي نعرفها اليوم، وجعلت معراجا، له بالأصالة، ولأمته بالتبعية. وهي معراج إلى المقام المحمود، الذي قامه بين يدي ربه في مشهد، ((ما زاغ البصر وما طغى)). وقد قال تعالى في حق نبيه ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)).

    التقـليد

    ((صلوا كما رأيتموني أصلي))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه. فالصلاة معراج النبي بالأصالة، ومعراج الأمة من بعده بالتبعية، والتقليد.. وكلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد، ومعنى قريب.. فأما معناها البعيد، فهو أن نرى بعين البصيرة حالة قلب النبي من صدق التوجه، حين يقوم لصلاته. فهو حين يقول الله أكبر، في إحرامه، لا يكون في قلبه أكبر من الله، لأنه حرر نفسه من علائق الدنيا بتقليل حاجته منها، وبزهده فيها، وهذا ما أشرنا إليه آنفا في مقام العبودية وأما معناها القريب، فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضا.. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة وبعين البصر.. وبعبارة أخرى بدون أن نعرف حالة قلبه، وحركات جسده، لا نكون قد رأيناه.. وإذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب، لا نكون أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وآفة صلاتنا الحاضرة أننا ذهلنا عن هذه الرؤية المزدوجة، فأصبحنا نتقن حركات الصلاة، ولكن قلوبنا شاردة. فنحن، حين نقوم بأجسادنا في مساجدنا، نكون بقلوبنا في السوق، أو في الشارع أو في الأماكن العامة.. ونحن، حين نقول الله أكبر في إحرامنا يقول مناد من قبل الحق كذبتم.. لستم بها صادقين.. وإنما المال أكبر، أو الجاه أكبر، أو السلطة أكبر من الله في قلوبكم. وبذلك لا تكون صلاتنا صلاة، ويحق فينا قوله تعالى: ((فويل للمصلين، الذين هم صلاتهم ساهون * الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون)) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل. ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم، وهي التي تقوم فيها الصلة بين الله وبينهم وذلك بحضور قلوبهم فيها.. ولذلك قال ((الذين هم يراؤون)) أي يهتمون بالظاهر ويهملون الباطن ((ويمنعون الماعون)). والماعون يعني القلب.. يمنعونه من الله أن يكون فيه، ويملأونه بأصنام حب الجاه والمال والسلطة.

    وقد قال المعصوم: ((رب مصل لم يقم الصلاة))!! هو مصل، حسب ظاهر حركاته، ولم يوف الصلاة حقها بحضور القلب فيها، فكأن صلاتك في صلاتك هي حضورك مع ربك فيها، طال هذا الحضور، أثناء صلاة الحركات أم قصر، وليس ما عدا ذلك صلاة، وإن كان قيام الليل كله.

    ويحدثنا القرآن فيقول ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) فهل يظن أحد، أنه يمكن أن نحوز حب الله، إذا اتبعنا النبي في ظاهر أمره من الحركات والسكنات، ثم أهملنا الإتباع الباطني؟؟ وقول القرآن ((ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وكذلك الفهم هنا.. فإن الرسول آتانا بالمعنى القريب، وبالمعنى البعيد.. أما بالمعنى البعيد، فقد آتانا أشياء بلسان حاله، وأما بالمعنى القريب، فقد آتانا أشياء بلسان مقاله.. فما آتانا إياه بلسان حاله، فهو سنته، وما آتانا إياه بلسان مقاله، فهو شريعته.. ولسان مقال النبي صادق، ولسان حاله صادق، ولكن لسان حاله أصدق من لسان مقاله، لأن الحقيقة فوق العبارة. قال المعصوم: ((قولي شريعة، وعملي طريقة وحالي حقيقة)) وحاله هو سنته.

    الأصـــالة

    إذا فهمنا هذا، يتضح لنا أن المعصوم، حين قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) كأنما قال بلسان العبارة ((قلدوني في صلاتي بإتقان، وبتجويد، حتى يفضي بكم تقليدي إلى أن تكونوا أصلاء مثلي))، أو كأنه قال: ((قلدوني بإتقان، وبتجويد وبوعي تام، حتى تبلغوا أن تقلدوني في أصالتي)).. غير أنه ليس في الأصالة تقليد.. ولكن فيها تأس ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) ((أسوة)) قدوة في كمال حاله.

    فالنبي آتانا بلسان الشريعة - لسان المقال- أمرا بالتقليد، وآتانا بلسان الحقيقة - لسان الحال- أمرا بالأصالة.. ولا تكون الأصالة إلا بعد تجويد التقليد.. فالأصالة غاية من تقليدنا النبي، وليس التقليد غاية في ذاته.

    والمعراج الأكبر، الذي ارتفع في مراقيه المعصوم، بتوفيق الله، ثم بإعانة جبريل له، قد ظل تحقيقه هدف المعصوم في جميع حياته، بوسيلة معراجه الأصغر - الصلاة- وقد جعل الله له قرة عينه في الصلاة، لأن فيها تتحقق الجمعية بربه كل حين، وبها تقطع، عند كل ركعة، مرحلة جديدة، من مراحل القرب إلى المقام المحمود.. مقام ((ما زاغ البصر وما طغى)). وهذا المقام يجب أن يظل هدف كل مصل من هذه الأمة، لأن به تمام المعرفة، وكمال الشهود، وهو الشهود الذاتي، الذي يرقى فوق الشهود الأسمائي، كما أسلفنا القول، ولأنه مقام تحقيق الفردية، ولأنه مقام الاستمتاع بالحرية الفردية المطلقة، التي ورد ذكرها كثيرا في هذه الرسالة.

    لقد تحدثنا في آيات سورة ((والنجم)) التي أوردناها آنفا عن سدرة المنتهى، حيث تخلف جبريل عن المعصوم، وسار النبي بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة، وقد كان تخلف جبريل عن النبي لأنه لا مقام له هناك، والنبي، الذي هو جبريلنا نحن، يرقى بنا إلى سدرة منتهى كل منا، ويقف هناك، كما وقف جبريل، بيد أنه إنما يقف لكمال تبليغه رسالته، ولكمال توسيله إلى ربه، حتى يتم اللقاء، بين العابد المجود وبين الله بلا واسطة. فيأخذ كل عابد مجود، من الأمة الإسلامية المقبلة، شريعته الفردية من الله بلا واسطة، فتكون له شهادته، وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه، ويكون، في كل أولئك، أصيلا، ويكون، في كل أولئك، متأسيا بالمعصوم في الأصالة.. وإنما يتم كل ذلك بفضل الله، ثم بفضل كمال توسيل المعصوم إلى ربه.. ذلك لمن جود التقليد. وإلى هذه الأصالة الإشارة بقوله تعالى ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات، إلى الله مرجعكم جميعا، فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)).

    كون السياق إخبارا عن الأمم فهو أمر واضح، ولكنه إخبار عن الأفراد أيضا، وهو في باب الفردية أدخل منه في باب الأممية ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)): لكل فرد منكم جعلنا ((شرعة)).. يعني شريعة، ((ومنهاجا)) يعني سنة. ((فشرعة ومنهاجا)).. يعني شريعة وحقيقة.. فشريعة العارف طرف من حقيقته، وهو فردي الحقيقة، فردي الشريعة، وشريعته الفردية فوق الشريعة العامة بما لا يقاس ((ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)) يعني لجعلكم على شاكلة واحدة - والأمة هنا تعني الفرد.. قال تعالى ((إن إبراهيم كان أمة، قانتا لله، حنيفا، ولم يك من المشركين، شاكرا لأنعمه، اجتباه وهداه إلي سراط مستقيم)) فأمة هنا تعني إماما يقتدى به ((ولكن ليبلوكم فيما آتاكم)) ولكن ليختبر كل فرد فيما آتاه من النعم المودعة في قلبه وعقله، ماذا فعل فيها؟؟ هل زكاها؟ يعني نماها وحررها أم دساها؟ يعني أهملها وأخملها ((فاستبقوا الخيرات)) المعارف ((إلى الله مرجعكم جميعا)) وهنا دليل الفردية في الآية لأن الناس لا يرجعون إلى الله إلا فرادى ((ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة)). وكما قلنا ذلك عند الحديث عن الفردية ونزيد هنا قوله تعالى ((وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) (( ألزمناه طائره في عنقه)) طائره يعني قلبه ((ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا)) يعني قلبه أيضا و ((اقرأ كتابك)) يقرأ ما كتبه عقله على صفحات قلبه من جهالات أو معارف و ((كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) الفردية فيها ظاهرة.

    ((فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)) معناها يجعلكم تحققون فردياتكم التي بها يقع الاختلاف أو قل التمايز بينكم.

    الأمر فيما يخص التقليد والأصالة بإيجاز هو هكذا:-

    الله تبارك وتعالى هو الساير أمامنا جميعا، ولكن مواضع أقدامه خفية لا ترى إلا بنور قوي، لم يكن يملك هذا النور غير جبريل فسار يضع أقدامه على مواضع أقدام الله تماما وبدقة.. ومواضع أقدام جبريل خفية أيضا، لا ترى إلا بنور قوي، لم يكن يملكه غير محمد، فسار محمد يضع أقدامه على مواضع أقدام جبريل تماما، وبدقة، ويحاول جاهدا أن يوضح مواقع أقدام جبريل بضغط أقدامه هو عليها، فأصبحت واضحة لكل منا على صور متفاوتة.. وأدنى هذه الصور وضوحا، واضح بشكل كاف، ليتبعه من هذه الأمة أقلهم نورا، ولكن بعض الناس اكتفى بالسير خلف النبي، من غير أن يهتم بمواقع الأقدام، فذلك هو المقلد العادي، وبعضهم اهتم بأن يسير خلف النبي، وبأن يضع أقدامه في مواضع أقدام النبي، بضبط وإتقان، حتى لا يزيد أثر قدمه على أثر قدم النبي، ولا ينقص عنه، حيث أمكنه ذلك، فذلك المقلد المجود للتقليد.

    ثم إنه، بفضل هذا الاتباع، انعكست الأنوار المحمدية على المقلدين، كل على حسب بلائه، فأصبح نظره يقوى حتى استطاع أن يرى مواقع أقدام جبريل، التي كانت خفية عنه في أول أمره، ثم سار في إتقان تقليده، حتى رأى مواقع أقدام الله التي كانت خافية على محمد، فأخذ يوضحها له جبريل بسيره عليها، وسار محمد بسير جبريل، حتى قوي، فاستقل بالرؤية والاتباع.

    فإذا رأى المقلد، المجود لتقليد النبي، مواضع الأقدام الإلهية فإنه يستقل بالرؤية وبالاتباع. فيكون في آخر أمره، وبفضل إتقان تقليد النبي، مقلدا لله بلا واسطة النبي.

    وتعالى الله عن الأقدام الحسية، بالصورة التي نعرفها نحن وإنما مواضع أقدامه مرامي الحكمة الخفية، الباطنة، في إرادته تلك الحكمة، التي خفيت ودقت، ولطفت، حتى أصبحنا نسير أمامه تبارك وتعالى، وننتظر منه أن يتبعنا هو، لفرط جهالتنا وغفلتنا، وذلك حين نختار إرادتنا على إرادته، ونسخط، في سبيل ذلك الاختيار، على إرادته هو ((سبحانه وتعالى عما يشركون)) إن تقليدنا لله تعالى، معناه سيرنا على مواضع إرادته بتبعية، واستسلام، وتلك هي العبودية، التي تحدثنا عنها كثيراً هنا، وقلنا أنها هي التكليف الأصلي، ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)).
                  

العنوان الكاتب Date
(شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 03:45 PM
  Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 03:47 PM
    Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 03:52 PM
      Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 03:58 PM
        Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 04:30 PM
          Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 04:36 PM
            Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 04:50 PM
              Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-14-04, 05:05 PM
                Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-16-04, 02:13 AM
  Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) Yasir Elsharif01-16-04, 12:52 PM
    Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) مهيرة01-16-04, 06:45 PM
      Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-17-04, 00:41 AM
    Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-16-04, 06:46 PM
      Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) Ahmed Alrayah01-17-04, 01:42 AM
        Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-18-04, 04:56 AM
  Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) مراويد01-17-04, 03:35 AM
    Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) ASAAD IBRAHIM01-17-04, 04:08 AM
      Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-17-04, 04:59 PM
      Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-18-04, 05:19 AM
    Re: (شهادة) الاســــــتاذ قاده (دين) HOPEFUL01-18-04, 05:07 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de