|
|
 Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... (Re: Ishraga Mustafa)
|
{4}
تقترب الايام, ثلاثة أشهر تبقت واجلس للمرة الرابعة لامتحان الشهادة السودانية, كان علىّ ان اسافر الى مدنى وان اهىء نفسى للامتحانات. مدنى احدى المدن التى تركت بصماتها فى حياتى منذ الصغر, حيث رافقت طيلة سنوات طفولتى امى حليمة لشقيقتها بلالة فى ود كنان. لم يكن لابى اخوات او اخوان فقد كان وحيد امه وابيه. حبوبتى بلالة كانت الحضن الدافىء الذى يحتوينا كلما اتيناهم, كانت تحب امى وتسمعها بحنان, كانت قريبة منها وسندتها حين اختار ابى زهرة اخرى لتقتسم معه ومعنا الحياة. كانت مدنى تبدو لى زمانيئذ بعيدة, كنت امدّ رأسى الصغير من خلال نافذة القطار واشرد مع غزلان الوداع وارانب اللقاء, ملامح الناس القادمة والمودعة تأسرنى, اسارير وجهى تنقبض كوديعة حبيبة فى يد الحبوبات وينفرّ كالامل الذى ظل يملؤنى صهيل حصان شرس ضد اليأس..
كنت ومازلت اعى ضرورة اليأس فى مرحلة من مراحل الحياة, ولكنه كان كريما, يجد ابوابى المفتوحة شراعات لسفن الامل و {ينحشر} ويتوهط فى سيرة الكفاح الطويل والمرير.
عمى محجوب يشدّ من أزرى, تجربته فى دراسة التمريض ومن ثمّ المعامل بصبر ومثابرة جعلته على الدوام يؤكد على مسامعى ان النجاح سيأتى وسيطرق ابوابك, مثله كان عمى يوسف, اخذ من امه – حبوبتى- بلالة كل جمالها المشرق فى عيون امى حليمة شقيقتها. تحفيزه لىّ وتأكيده على ان الغد سيكون اجمل لانى مجتهدة ولكل مجتهد نصيب, لم اقلّ له ان نصيبى من الاحزان كثير, ولكنى لم اتعب بعد, فالاصرار على الانجاز صار بهار حياتى الحادق والحارق فى ذات الروح.
اليأس كان يسطر علىّ خاصة حين تتوارد الاخبار عن مرض أمى التى كثيرا ماكانت تصاب بالصداع النصفى الذى ترقد على اثره ايام وليالى فى شبه غيبوبة, انكفىء على جدار قاسى, مغلقة كل نوافذ الامل فيه.
نعنشت رئتى بخور امى العدنى وهى تحكينى عن ماقالته {حكيمة} الزار. كنت اسمعها, واجلس تحت قدميها لتبخرنى, وكنت اشدو لها وقناعتى صفر كبير عن اعتقادها ان الزار تجاوزها الى عيالها, وان الربكة التى تحدث لىّ فى كل امتحانات تسببوا فيها- عليهم اللعنة- قلت فى سرى ومازحتها, {طيب لو هم صحى بيحلوا العقد خليهم يجوا يقروا معاى الفيزياء الصعبة والسغيلة دى}- أمى حليمة توجهنى بحنان ان لا اسخر من {عيال ماما}- يلحقوكم وينجدوكم يا امى. ومادامت أمى تظن ان عيال مام بمثابة قرض {يهردّ} شقاها وحزنها فلها بهم. سرت حمى الذاكرة فى اطراف اصابعى وانا اشدّ الملاءة على جسمى الهلكان بسبب الملاريا والتايفود والاحلام العصية. سرت حرارة فى اصابعى وصوت طبل الزار يدوى فى ليلى ذاك,- بتكونى مزيورة- قالت جارتنا وهى تنصحنى ان اكف عن {القراية ام دق, يابتى شوفى ليك سعدا ينفعك وتشوفى جناك قبال زمانك يفوت وغنايك يموت}. لن يموت غناى الامل, صكيت عليها لاطرد البرد عن روحى ونمت وصوت امى حليمة يغطينى بالعزيمة { قرايتها بتنفعها, العرس ملحوق}, وكان قول أبى ايضا لولا هموم المعيشة التى تراكمت عليه وظلّ يشتاق ان انجح واعمل واساعده فى تحمل هذه الحياة.
هى الايام تمضى, وشبح الامتحانات يطلّ ويرتعب عقلى والخوف ان تكون نسبة لا تؤهلنى لدراسة هذا الاعلام.
عثمان, الذى كان يكبرنى بعام واحد ينكافنى – انتى سيبى امور السياسة دى وبتنجحى- ابرطم واتفاصح فصاحة الدنيا والعالمين معه, نحتدّ بحنية وصوت حبوبتى بلالة ينقذنى- بت مصطفى دى مافى زول يزعلها, عارفينها دمعتا فى طرف عينها- وصدقت, ولولا البكاء لانفقعت كل بالونات المنى التى نفختها احزان الحياة والدروب التى مشيتها.
تعرفت عن طريق صديقه على اسرة عم الشريف فى اشلاق بوليس مدنى, حكتنى عن صبرى الشريف وعن اسرته حكايات تشجى الروح وتهدىء من روعها والدنيا تؤرجحنى بين الهزيمة والانتصار. ربطتنى صلة قوية بعم الشريف, فقد كان انسانا مثقفا وبوليسا بافق واسع, كثيرا ماجلست جواره وهو يستمع لىّ باهتمام, يفعل مثله مع اى شخص يحادثة.
كنت استمع الى حكاياته ورؤيته وحكمته فى الامور وهو اب لاسرة مدهشة فى تعاونها ومحبتها للناس, أدهشنى تعامله معهم, بحنية وندية قلّ ما نجدها. حكيته يوما بانى كنت قد عشقت ذات زمان عسكرى وسيم الطلعة وبهى الخاطر, ولكن فرقت بينا المظاهرات, اظنه اخذ الامر بصورة شخصية وكنت ضمن من قادن الهتاف- يابوليس ماهيتك كم ورطل السكر بقى بكم- وكان يومها فى الخدمة لتفريق كل اعمال الشغب التى اعتاد عليها شعبنا, قلتها بتهكم ومع ذلك لم استطيع ان اخفى انتشاء قلبى لهذه الذاكرة- ياحليلو, قلتها وعم الشريف يضحك عاليا- يابت ياعفريته.
تلك الايام فى ذلك البيت الفسيح باهله وجمال سته, التى كانت تلتقينى بالاحضان وبمثلها تودعنى, تماما كما تفعل معى كل الامهات اللآتى التقيتهن, يبدو انى امى {دشرت} حنانى فى رحمهن وكانت وشيجتنا هذه المحبة.
سبانا صغيرة الاسرة, كانت فعلا سبانة, تترك لىّ {عنقريبها} لانام عليه, وسحر الجميلة الرقيقة التى رحلت سريعا عن الدنيا وهى مازالت طالبة بالفرع, كانت البهاء الذى يسطع فى عيون هذه الاسرة وبرحيلها رحلت دنيا مفرحة كانت تضجّ فى اركان هذا البيت الحميم.
كانت مدرسة مدنى الثانوية بنات حيث جلست للامتحان هى الاقرب الى الاشلاق, كان صبرى بمثابة اخى وشقيقى, يرافقنى الى المدرسة وينتظرنى مترقبا من تفاصيل وجهى وانفعالاته. يأتى مجرجرا ثياب الحلم والدنيا تضيق بالعسكر والحرامية, فى يوم الامتحان الاخير أتى وفى شنطته التى كان دوما مايحملها وبداخلها الميدان, قلت له – يبدو انك ناوى تسقط حجرنا الليلة- ولسؤء الحظ ركبنا يومها حافلة لنصل الى مستشفى مدنى ومن هنا نسير على الاقدام حتى البيت. لا ادرى كيف تصرف فى اخفاء مايحمل اثناء التفتيش, كنت متيقنه ان القبض مصيرنا ولكن, استجاب رب العالمين لندائى- فجعل من بين ايديهم سدا ومن خلفهم سدود.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:28 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:31 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:33 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:35 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:37 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:39 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:41 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 10:48 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-18-09, 11:02 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Sabri Elshareef | 03-19-09, 00:16 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-19-09, 08:49 AM |
 Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Amany Elamin | 03-19-09, 10:27 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-19-09, 09:55 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-19-09, 09:45 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Hawari Nimir | 03-19-09, 10:20 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | بدر الدين الأمير | 03-19-09, 12:25 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | عبدالوهاب علي الحاج | 03-19-09, 01:40 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-20-09, 08:03 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-20-09, 05:38 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-20-09, 07:49 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-23-09, 07:25 AM |
| لك عاطر التحية | Adam D.El-Asha | 03-19-09, 02:46 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-19-09, 04:49 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-19-09, 08:22 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Sabri Elshareef | 03-20-09, 11:07 AM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-20-09, 09:40 PM |
 Re: لك عاطر التحية | mamkouna | 03-20-09, 11:47 AM |
| Re: لك عاطر التحية | عزالدين طه | 03-20-09, 08:35 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-20-09, 09:30 PM |
| Re: لك عاطر التحية | ibrahim kojan | 03-21-09, 01:14 AM |
| Re: لك عاطر التحية | Amany Elamin | 03-21-09, 04:45 AM |
| اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 08:09 AM |
| Re: اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | mayada kamal | 03-21-09, 12:45 PM |
| Re: اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | خضر حسين خليل | 03-21-09, 01:31 PM |
| Re: اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | Ishraga Mustafa | 03-22-09, 09:43 AM |
| Re: اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | خضر حسين خليل | 03-21-09, 01:35 PM |
| Re: اهلا صباح النجاحات, صباح الامهات!! | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 06:40 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 09:19 PM |
| ايها الترزى المزركش!! | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 04:47 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 04:39 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 03:18 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-21-09, 02:56 PM |
| Re: لك عاطر التحية | mayada kamal | 03-21-09, 02:59 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Sabri Elshareef | 03-21-09, 04:26 PM |
| Re: لك عاطر التحية | نجوان | 03-21-09, 09:40 PM |
| Re: لك عاطر التحية | عبدالغني كرم الله | 03-22-09, 06:05 AM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-22-09, 12:17 PM |
| شكرا يا غنى... | Ishraga Mustafa | 03-25-09, 08:07 AM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-25-09, 07:51 AM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-22-09, 05:11 PM |
| Re: لك عاطر التحية | Ishraga Mustafa | 03-22-09, 02:22 PM |
| لا فرق .... | Ishraga Mustafa | 03-22-09, 09:12 PM |
| Re: لا فرق .... | Yassir Bainwi | 03-23-09, 03:18 PM |
| Re: لا فرق .... | Ishraga Mustafa | 03-23-09, 09:22 PM |
| Re: لا فرق .... | Amany Elamin | 03-25-09, 08:09 AM |
| الكتاب الحلم.... | Ishraga Mustafa | 03-26-09, 08:42 AM |
| Re: لا فرق .... | Ishraga Mustafa | 03-26-09, 08:33 AM |
| Re: لا فرق .... | Sana Khalid | 03-27-09, 02:48 AM |
| سناء السناء.... | Ishraga Mustafa | 03-27-09, 09:48 PM |
| ذات فجر ياسناء.... | Ishraga Mustafa | 03-28-09, 11:19 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | ibrahim kojan | 03-27-09, 00:36 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-28-09, 01:03 PM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | عاطف عمر | 03-28-09, 01:11 AM |
| Re: .........هنا يا نجوان: من سيرة الملح و الدموع والتحدى.......... | Ishraga Mustafa | 03-28-09, 11:53 AM |
|
| |
Ishraga Mustafa
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست