ساعدونا بالشرح!!!

Quote: 2004-10-29] معظمهم جاء من الجنوب ودارفور المشردون بثور دائمة في وجه الخرطوم الخرطوم - مكتب "الخليج": طفت مشكلة الأطفال المشردين في شوارع الخرطوم إلى سطح الأحداث من جديد لتقفز إلى قمة أولويات واجندة مسؤولي العاصمة خلال الفترة السابقة والظاهرة بالطبع ليست وليدة اليوم ولكن الجديد فيها هذه المرة أن هؤلاء المشردين باتوا يمثلون مشكلة كبرى لبرامج الولاية التي ترفع شعار الخرطوم عاصمة حضارية ومن المؤكد أن وجود أعداد كبيرة من “الشماسة” وهو الاسم الأكثر شيوعا للتعبير عن هذه المجموعة يعتبر واحدة من أكبر مظاهر الفوضى وأكثرها إلحاحا على الاستئصال. يعد تصاعد الأحداث السياسية وهو الأمر الثاني الذي ضاعف من مخاطر وجود هذه الفئة التي تشكل تهديدا كبيرا لأمن البلاد والمواطنين في ظل الظروف السياسية الحرجة التي تعيشها العاصمة بعد إعلان الحكومة عن إحباط أكثر من محاولة انقلاب.. ولا يخفى على أحد إمكانية استغلال هؤلاء “الشماسة” في حالة اندلاع أحداث عنف لأنهم يميلون إلى المشاركة في مثل هذه الأحداث بطبيعتهم التي تتسم بالعنف ومحاولة استخدام القوة في كثير من الأحيان. وقد دفعت المسألة الأمنية وأفكار تجميل العاصمة وتنفيذ برنامج العاصمة الحضارية بالسلطات المسؤولة لفتح ملف المشردين الذي نحاول من خلال هذا التحقيق الوقوف على جوانبه المختلفة. وتفيد الإحصائيات الرسمية الصادرة عن ولاية الخرطوم أن أعداد الأطفال المشردين ظلت في ازدياد مطرد طوال السنوات السابقة حتى وصل الرقم إلى أربعين ألف مشرد يعيشون داخل العاصمة ويتكدسون بصفة أساسية في الأسواق وقلب العاصمة وهي المنطقة التي تعرف بالسوق العربي، كما تتوزع أعداد كبيرة منهم في مدن الخرطوم بحري و أم درمان مع التركيز على الأسواق الكبيرة. وينتمي أكثر من 40% من مجموع المتشردين إلى قبائل جنوب السودان و38% تعود أصولهم لقبائل غرب السودان ومن بينهم سكان إقليم دارفور الذي يشهد صراعا سياسيا حادا وتتوزع بقية المشردين على مناطق البلاد الأخرى ومن بينها الوسط والشمال والشرق، ويبدو واضحا من خلال هذه الأرقام أن أكثر من ثلاثة أرباع المشردين يأتون من الجنوب والغرب وهي المناطق التي شهدت حروبا ونزاعات سياسية وهو الأمر الذي يشير إلى أن عدم الاستقرار السياسي هو الذي دفع بهؤلاء الأطفال إلى العاصمة. ويجد هؤلاء الأطفال صعوبة كبيرة في العودة إلى مناطقهم بسبب استمرار حالة الحرب وانقطاع اتصالاتهم بذويهم وهو ما يرشح لاستمرار حالة التشرد التي يعانون منها ويؤكد صعوبة القضاء على الظاهرة في الوقت الراهن باعتبار أن المشردين باتوا منفصلين بشكل كامل عن أسرهم التي ربما بقيت في المناطق التي جاءوا منها أو تفككت واندثرت بفعل الحرب وموت الكثيرين منهم. ويعيش 80% من المشردين في الأسواق المختلفة داخل الخرطوم ويتواجدون باستمرار في هذه الأسواق خلال ساعات النهار والليل ونسبة لأن معظمهم لا يجدون مكانا يؤويهم فإنهم يبقون في الأسواق ويمارسون حياتهم بالكامل فهناك حيث يأكلون وينامون ويقضون حاجتهم في العراء بجانب هجومهم المستمر على مواقع جمع القمامة بحثا عما يقيم أودهم ويقيهم شر الجوع، ولا يجد المشردون فرص عمل تناسبهم لتواضع المستوى الأكاديمي وعدم قدرتهم على القيام بأعباء أي عمل منظم بجانب تخوف أصحاب الأعمال من وجودهم وهو ما يدفعهم إلى استخدام العنف للحصول على الأموال بالإكراه والسرقة والنصب واحتراف التسول أحيانا. وبات المشردون في ظل الأوضاع الجديدة داخل ولاية الخرطوم واحدة من أكبر المشاكل التي تشغل بال الولاية وحكومتها باعتبار أن وجود المشردين أصبح لا يليق بالعاصمة في ثوبها الجديد الذي بدا زاهيا بعد التحسينات الكثيرة التي طرأت على الخرطوم بجانب التهديد الأمني المباشر الذي يشكله المشردون على العاصمة وسكانها. ومن الظواهر الجديدة التي أقلقت المسؤولين ظهور عدد كبير من المتشردات من الفتيات الصغيرات اللاتي يتخذن الأسواق ملجأ لهن بسبب غياب الأسرة وتتمثل خطورة المشردات، التي تقدر أعدادهن بستة آلاف فتاة، في الممارسات اللاأخلاقية التي بدأت تغزو هذا العالم حيث يمارس المشردون حياتهم بشكل طبيعي مع الفتيات في غياب رقابة الأسرة والمجتمع لتكون النتيجة مزيدا من الأبناء غير الشرعيين الذين يرفدون حركة التشرد بأعداد إضافية ويكون هؤلاء اللقطاء الذين لا يذهب معظمهم لدور الرعاية أبناء شرعيين لفكرة التشرد ولهذا العالم الغريب الذي يجد الطفل نفسه فيه من أول يوم.. وقد تكررت مؤخرا حالات عديدة لحمل المشردات وإنجابهن لأطفال في ظروف صحية سيئة وهو الأمر الذي يمكن ان يساهم في نشر عدد من الأمراض والأوبئة وفي مقدمتها “الإيدز”. وتشير بعض الحالات التي تم رصدها إلى أن أغلب الأطفال يولدون بعاهات أصيلة وأمراض مزمنة بسبب سوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية. وتتضاعف احتمالات إصابة هؤلاء المشردين وأطفالهم بالأمراض بسبب إدمانهم للمخدرات والمسكرات التي تضر بصحتهم بصورة مباشرة، ويتعاطى المشردون السلسليون والبنزين ومجموعة من المخدرات الرخيصة التي تشكل خطرا كبيرا على الصحة. وظل المشردون يشكلون عبئا ثقيلا على كاهل العاصمة من الناحية الجمالية باعتبارهم واحدا من المعوقات الأساسية لبرامج تجميل العاصمة إضافة إلى الإشكال الأمني والصحي الناجم عن تنامي الظاهرة واحتمال تأثيرها المباشر على العاصمة وسكانها. وبحثا عن حلول هذه الإشكاليات طرقنا عدة أبواب لم نجد عند غالبها إجابة شافية رغم الجهد الكبير الذي يبذل من أجل العلاج.. محمد سعيد فضل من وزارة الرعاية الاجتماعية أفاد أن الوزارة وضعت ما يسمى بالاستراتيجية القومية لمعالجة تشرد الأطفال بهدف القضاء على الظاهرة.ويرى فضل أن المجتمع مطالب بالتعاون مع أجهزة الدولة لتنفيذ الاستراتيجية عبر برامج جمع الشمل والاهتمام بهؤلاء الأطفال بتوفير فرص عمل ومحاولة استيعابهم جزئيا في مؤسساته، ويحذر من خطورة تنامي ظاهرة التشرد واحتمال تأثيرها على مجمل حركة المجتمع سبب تكدس المشردين في أسواق العاصمة، وعجز دور الرعاية عن استيعاب أعدادهم التي تشهد ارتفاعا ملحوظا. أما المقدم صلاح مهران مدير الإعلام في إدارة أمن المجتمع فقد قال إن إدارته مسؤولة عن النواحي الأمنية مبينا أنها تنظم حملات يومية للمواقع التي يتجمع فيها المشردون وتقوم بجمعهم باعتبارهم مخالفين للنظام العام داخل العاصمة وحسب إفادات مسؤول أمن المجتمع فإن الذين يتم ضبطهم يتم توزيعهم على دور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وأن محدودية سعة هذه الدور في مقابل الأعداد المتزايدة للمشردين يجعل أمر استيعاب كل المضبوطين في الحملات أمرا صعبا وهو ما يتسبب في عودة هؤلاء الأطفال إلى الشوارع مرة أخرى. ويعتقد المقدم مهران أن هذه الدور تعاني من عدم توفر الخدمات الأساسية والبيئة الصالحة للحياة وهو ما يجعلها طاردة حتى يضطر المشرد لمغادرتها غير آسف لأن الحياة في الخارج أسهل.. ويرى أن تأهيل دور الرعاية وتوسيعها لاستيعاب كل أعداد المشردين أصبح من الأولويات نسبة لخطورة المشردين على المجتمع وأمنه ويؤكد مهران أن الشرطة تقوم بدورها في مطاردة المتشردين والقبض عليهم إلا أنهم سرعان ما يعودون للشوارع ليزداد الوضع سوءا مع الزيادة المطردة في أعدادهم. وهكذا تبقى مشكلة الأطفال المشردين في شوارع الخرطوم تنتظر حلا ناجعا ينقذ العاصمة من خطر داهم بات يهدد الخرطوم وسكانها من كل جانب ابتداء من صحة البيئة التي يساهم هؤلاء في تدميرها بممارستهم لنمط حياة يفتقد لأبسط المقومات ومرورا بتسببهم في نشر الكثير من الأمراض المعدية بجانب تشويه وجه العاصمة الجميل وتهديد أمنها وأمن مواطنيها عن طريق العنف الذي قد يتحول في مقبل الأيام ليكون عنفا مسلحا