ماذا يعني تصريح البشير بعلاقة الترابي بهجوم العدل والمساواة على أمدرمان؟؟

Quote: تقرير: التقي محمد عثمان .من الخصائص الشخصية التي ذكرها الرئيس المشير عمر البشير عن نفسه عقب مفاصلة الاسلاميين انه يجيد التمويه جيدا عما يخطط له حاله كحال كل افراد القوات المظلية وهذا احد الاسباب التي مكنته من الخروج منتصرا في الصراع حول السلطة الذي دار رحاه بين الاسلاميين عام 1999م الى جانب اسباب اخرى، منها انحياز غالب الاسلاميين الى صفه كما كشف امس الاول في الحوار الذي اجرته معه قناة الجزيرة حيث ذكر ان 360 من عضوية مجلس شورى المؤتمر الوطني عضدت موقفه في مقابل مائة عضو ذهبوا الى المنشية لحضور الاجتماع الذي دعا له الدكتور حسن الترابي لمواجهة البشير. وما ان اندلعت المواجهة حتى استخدم الترابي كل طاقته في حرب ضروس تهدف للاطاحة بنظام الحكم من لدن ما اطلق عليه وقتها المحاولة التخريبية والتي كلفته البقاء داخل اسوار السجن لما يريم على السنوات الثلاث وانتهاء بمحاولة غزو ام درمان التي لم يتردد رئيس الجمهورية في نسبتها اليه باعتبار ان حركة العدل والمساواة هي الذراع العسكري للمؤتمر الشعبي. ولعل هذه تعتبر من اعنف الصراعات واطولها مدى في تاريخ السياسة السودانية وإن كان مراقبون يقولون ان التلاميذ السابقين للشيخ الترابي لم يتعاطوا معه بذات الدرجة من العنف التي استخدمها ضدهم ولم يعملوا فيه وفي اتباعه سيف التقتيل الذي اعمله انقلابيو مايو في زعيم الحزب الشيوعي عبد الخالق محجوب وزمرته من المبدئين في صراع شبيه بما يجري الآن، وتتجلى مهادنة الاسلاميين لشيخهم السابق اكثر ما تتجلى في تسامحهم مع رجل اصبح هدفه في الحياة «ازالة هذه الحكومة بأي بديل» كما اعلن البشير مؤكدا ان بامكانه «ان يأتي بما يثبت انه قال هذا الكلام». ومع ذلك فان للحكومة طرائقها الصارمة في ادارة صراعاتها مع عدوها الاول ومن ذلك معرفتها الجيدة لخصمها ، كما اشار الى ذلك البشير حين قال «نحن نعرف الطريقة التي يعمل بها حسن الترابي العمل السري والعسكري، فنحن كنا جزءا من العمل العسكري الذي يقوده». اذاً هاتان ميزتان يتمتع بهما البشير التمويه عن مخططاته ومعرفته الجيدة بالطرف الآخر، فماذا عن الترابي؟ قبل ان ندلف الى ذلك دعونا نستمع الى الدكتور حمد عمر حاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا الذي يقول لي عبر الهاتف امس ان خطورة الصراع بين الاسلاميين في انه لا يقف عند حد الطرفين وانما يتجاوزهما ليؤثر على مجمل الاوضاع في السودان وقد يمتد تأثيره السالب ليطال اتفاقية نيفاشا ومستقبل النظام السياسي ، مشيرا الى ان الصراع تغلب عليه المسائل الشخصية «وحتى المبادئ الفكرية فيه وظفت لخدمة طرف على حساب طرف مثل مسألة انتخاب الولاة من جماهير ولاياتهم ، استخدم لتقليص صلاحيات الرئيس البشير»، ولكن المحامي كمال عمر امين الدائرة العدلية بالمؤتمر الشعبي ينفي لي عبر الهاتف امس اي اسباب شخصية في الصراع بين الطرفين، مؤكدا ان البشير والترابي لم يكن بينهما خصام شخصي «فحسن الترابي هو قائد الحركة والبشير احد جنودها ولا توجد قواسم تنظيمية مشتركة حتى يكون هناك صراع بينهما. فتباعد مراكز القرار في داخل التنظيم لا يتيح مجالا للصراع». ورغم ذلك فان الذات لا يمكن ان تبعد عن الموضوع والموضوع هنا هو السلطة، ومع ذلك يشدد كمال عمر على ان «الترابي لو كان يطمع في رئاسة الدولة لاصبح منذ اول يوم قائدا لهذه الحكومة» الا ان الرئيس البشير يقول بالحرف الواحد «هو طبعا بيفتكر انه هو كان الزعيم ومن قاد هذه العملية حتى اصبحت دولة وفي الوقت الذي يفترض ان يقدموه كقائد للدولة ابعد». ويمضي اكثر من ذلك حين يتحدث عن المحاولات الاكثر جدية واصرارا لجمع الصف التي كانت «تصطدم في كل مرة بالموقف المتعنت للاخ حسن الترابي» مشيرا الى انه في النهاية «يرفض مجرد فكرة التلاقي». فهل هذا يعني ان التساؤل حول مدى امكانية الحل بين الطرفين يصبح محض عبث، ام اننا امام قصة الابطال المأساويين في الاساطير الاغريقية التي يدرك فيها البطل تمام الادراك انه يسير في طريق فيه نهايته هو نفسه ومع ذلك يمضي فيه الى النهاية وهل يعزز من ذلك التعريف المختصر لشخصية الدكتور الترابي الذي كتبه الدكتور منصور خالد «الترابي صديقي الذي اعرفه منذ الصغر يغرس رمحه في صدر خصمه غير راحم وهو يبتسم» مقروءا مع التعريف الذي قال به ذات يوم الدكتور الترابي في حق عمر البشير وانه «هبة السماء». الدكتور حمد عمر حاوي يفتح بابا للامل باشارته الى امكانية تذويب الخلاف بين الطرفين وذلك عن طريق وفاق قومي شامل لا يستثني احدا، اما الدكتور خالد التيجاني النور فبعد ان يشير الى نموذج الحركة الشعبية في تخطي الخلافات يكتفي بالقول «التحديات التي يواجهها السودان تخطت هذه المرحلة وعلى الناس ان يتجاوزوا هذه القصة».