|
Re: حول المؤتمر العام الثاني للحركة الشعبية لتحرير السودان بمدينة جوبا .. تأملات (Re: Murtada Gafar)
|
الدلالات العظيمة لافتتاح الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العم الثاني للحركة الشعبية لتحرير السودان، هي كثيرة وكبيرة، أهمها موقفها الإيجابي من الأديان جميعها المسيحية والإسلام والديانات المحلية حتى الإلحاد. ذلك الموقف الإيجابي الذي ينبع من قناعة الحركة الشعبية الصميمة بحرية الأديان والمعتقدات، تلك الحرية التي تكتسب قدسيتها في بلدٍ مثل السودان، هو وطن شبه قارة يعج الثقافات والأعراق والمعتقدات، لا سبيل للتعايش فيه سوى بتأمين هذه الحرية. تجئ هذه القناعة من إدراك الحركة الشعبية لخطورة تمييز دين على آخر أو ثقافة دون أخرى أو عرقا على عرقيات أخرى. ولعل هذا الإدراك هو الذي ولد فكرة السودان الجديد، السودان الذي فيه كل المواطنين بمختلف دياناتهم وثقافاتهم وأعراقهم هم مواطنون من الدرجة الأولى سواسية أمام القوانين والتشريعات والدستور. للمسيحي مثل الذي ما للمسلم من حقوق وعليه مثل ما للمسلم من واجبات وكذا الحال بالنسبة لأصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى.
تلك إذاً فكرة مركزية من أفكار السودان الجديد الذي تسعى الحركة الشعبية لتحرير السودان وأصدقاؤها وحلفاؤها من المهمشين إلى بنائه. بالتالي فإن ذلك المشهد الرائع لم يكن ديكوراً يزين قاعة ناكرون التي شهدت أعمال المؤتمر، وإنما كانت تجسيداً لفكرة السودان الجديد الذي تريده الحركة وجماهيرها العريضة المنتشرة في كل بقاع السودان وخارجه. ما تعارضه الحركة الشعبية بشدة وما تشن عليه حرباً لا هوادة فيها هو محاولات إقحام الدين الإسلامي في السياسة، التي لا مكان له فيها. فالديانات بمختلف أشكالها مكانها دور العبادة وأفئدة من يقتنعون بها. إذاً فحرب الحركة الشعبية لتحرير السودان ضد الإسلام السياسي هي حرب لا مناص منها في بناء الجديد، ولا تقل ضراوة من الكفاح المسلح الذي قادته بشراسة 22 عماً ونيف.
ومن الدلالات العظيمة لذلك الافتتاح (المبارك)، أنه عكس الجهد الكبير والمنظم الذي ظل قطاع الشمال بالحركة الشعبية طوال الفترة التي أعقبت نيفاشا وإلى الآن يبذله، فقد اقتحمت الحركة الشعبية بفكرة السودان الجديد مواقع كانت القوى التقليدية وقوى الإسلام السياسي الرجعية تظن بأنها من (حوا كيرها) المملوكة كالطرق الصوفية وبعض القطاعات التقليدية، التي كانت هذه القوى تعتقد بأنها حديقتها الخلفية. ومارس المؤتمر الوطني معها صنوفاً من الترغيب والترهيب طول حكمه المعزول. لكن جاءت الحركة بفكر جديد وجد طريقه إلى هذا النفر الكريم من بنات وأبناء الشعب السوداني. فقرأ الشيخ الكباشي سورة الفاتحة، ليفتتح المؤتمر ويفتح عهداً جديداً، وحسن فعل أنه لم يقرأ سورة العصر وإن الإنسان لفي خسر التي طالما يلجأ إليها المقرئون في مثل هذه المناسبات. قطاع الشمال نجح في اختراق الطرق الصوفية وبعضاً مما كان يعرف بالقوى التقليدية كالأنصار والختمية.
ولي عودة
مرتضى جعفر
|
|
|
|
|
|
|
|
|