صور من داخل مؤتمر الحركة الشعبية لتحرير السودان.

Quote: الحركة ما بعد المؤتمر عادل الباز لاشك أن الذين تابعوا مؤتمر الحركة الذي انعقد الأسبوع الماضي في جوبا أحسوا أن حزبا جديدا بمعنى حزب يتشكَّل في الساحة السياسية. كان مدهشا أن تلد حركة عس كرية وفي وقت وجيز حزباً يعبر موحدا بيسر من أحراش الغابة الى فضاءات ديمقراطية. لقد تجاوزت الحركة خلال مؤتمرها العام فضاءات خطرة لم يكن سهلا عبورها لولا سعة أفق قادتها ومقدرتهم على التجاوز والترفُّع عن الصغائر التي طالما قسمت أحزاب الشمال. لقد عبرت الحركة فضاء التنافس حول المناصب العليا بتشغيل فن التنازلات اللازمة والضرورية في السياسة. فبعد أن احتد الجدال حول نائب واحد للرئيس الشيء الذي كان يعني مباشرة انشقاق الحركة وتشرزمها توصل الجميع لاتفاق في لحظة مناسبة. كانت الحكمة هنا توجب أن تستوعب الديمقراطية وهي في بداية طريقها الإشكالات المتعلقة بالقبيلة وصراعاتها المتجذرة. ولذا فإن التنازلات التي بذلت كانت لصالح وحدة الحركة أولا وصونها من الانقسام. انتجت صيغة مثّلت حلا موضوعيا بتبني ثلاثة نواب للرئيس منتخبين تم بموجبها الحفاظ على التوازنات القبلية في ذات الوقت. فضاء آخر عبرته الحركة في مؤتمرها العام وهو الصراعات الحادة حول المناصب. فمنصب الأمين العام الذي شهد تنافساً حاداً بين مرشح رئيس الحركة وهو تعبان دينق وبين مرشح آخر هو السيد باقان أموم، في بدايات المؤتمر عادت الحركة وبالإجماع لتنتخب السيد باقان باقتراح من رئيس الحركة نفسه. والإشارة الدالة هنا تؤكد مقدرة القيادة على تجاوز رغباتها الذاتية، والاستماع لصوت القواعد التي أيّدت عودة باقان الى الأمانة العامة بقوة. فضاء آخر تم عبوره بيسر وهو التنافس حول منصب الرئيس نفسه. فالسيد مشار الذي حدثته نفسه بالترشح ضد سلفاكير عاد مرة أخرى الى تلمُّس مواقف القواعد وبعدها سرعان ما عاد للتيار العام، خاصة بعد حسم موضوع نائب الرئيس. الملاحظة الهامة هنا أن سلفاكير استطاع أن يحصد إجماعين في وقت واحد. إجماع على ترشيحه على منافسة البشير في رئاسة الجمهورية وإجماع آخر على زعامته للحركة وبالتالي رئيساً للجنوب. ملاحظة أخرى هي وجود الشمال بهذه الكثافة في مؤتمر الحركة. فلأول مرة في تاريخ الحركة السياسية السودانية يحضر خمسمائة مندوب مؤتمر لأيّ من الأحزاب الجنوبية(حسب علمي).والأكثر إدهاشا أن المشاركين من الشمال لم يكونوا تمومة جرتق بل كانوا فاعلين حتى في تحديد مصائر المؤتمر بدعمهم القوى لسلفاكيرالشيء الذي غيَّر كثيراً من المعادلات داخل أروقة المؤتمر. لاشك أن هذه المشاركة ذات أثر بالغ على قضية الوحدة. أكثر ما أعجبني هى تلك الشكاوى التي تقدم بها أعضاء المؤتمر القادمون من الشمال حول الظلم والتهميش الذي يعانونه في مناطقهم، وهي مناطق في أقصى الشمال، وأظن لأول مرة يستمع الجنوبيون لمثل هذه الأحاديث التي تؤكد أن السودان كله مهمش من حلفا إلى نمولي. هكذا حفظ المؤتمر العام للحركة وحدتها وخرّجت منه حزبا سياسيا حقيقيا معافى من داء الإنقسامات، وهو أكبر انجاز حققه المؤتمرون. نعم نجح مؤتمر الحركة بامتياز وتستحق التهنئة عليه. الأسئلة الكبرى حول مسيرة الحركة ومصيرها أطلَّت برأسها عقب رفع جلسات المؤتمر مباشرة. سؤال التنمية سيظل سؤالاً مركزياً يواجه الحركة في المرحلة القادمة. المأزق الذي ستواجهه أن هذا السؤال لن ينتظر فإن أفلحت الحركة في تجاوز خلافاتها فإن المصائب التي يمكن أن يفرزها غياب التنمية وتزايد معدلات العطالة ستكون بلاشك أخطر. السؤال الآخر الذي سيواجهها في الشمال هو سؤال التحالفات التي يمكن أن تنسجها الحركة مع القوى السياسية في الشمال في المرحلة المقبلة. سؤال آخر حول مصير شراكتها مع المؤتمر الوطني التي تواجه عدة مآزق الآن. هل يمكن في ظل مانشهد أن تتحول الشراكة الى تحالف في مرحلة الإنتخابات أم سيذهب الحزبان لبحث شركاء جدد وتحالفات جديدة. ستكون هذه هي الأسئلة المُلحة التي ينتظر أن تجد الحركة إجابات سريعة لها. فعام 2009م موعد الإنتخابات ليس بعيداً، كما أن العام 2011م يقترب والإجابات على التساؤلات المصيرية تساهم بشكل كبير في تحديد اتجاه تقرير المصير