|
الترس ناكوسي
|
الترس ناكوسي عميق الجرح يغري بالتناسي!.. ولقد نسينا جميعاً جرح الخبز العميق .. نسينا حجم الرغيفة .. ووزنها .. وسعرها.. وما لم ننسه, أننا مازلنا نحسب سعرها, وبقية الأسعار بالجنيه القديم, فنسمي جنيه العملة الجديد بـ (ألف) وأل (ألف) مليوناً..!..ولقد كنت على وشك أن أكون مليونيراً لولا أنهم (دكوا الورق)، ونفذوا ثقافة (الترس ناكوسي) على العملة!.. ومرحب بالترس ناكوسي للباجور عموم! وللذين لا يعلمون ما هو الترس ناكوسي أقول إنها أهزوجة اشتهرت في زمن الإنقاذ ثم صارت ثقافة عامة.. والترس ناكوسي هو سقاية الحواشة ولو من جدول فرعي, على طريقة حقن الوريد أو التغذية بأنبوب كالذي ترونه في المستشفيات. انظروا كيف أعطت الشمولية معان (طبيّة) لقطاع الزراعة ! رغم أن الترس ناكوسي يسمى في شمال السودان بـ (سرقة الموية) من وراء ظهر الخفير.. وسرقة الموية أمر مستحب، وفيه من المجازفة ما فيه .. خاصة بعد هجعة الناس.. أما الترس ناكوسي عند أهل الشرق , وأهل الغرب .. فيا للأسف .. ليس لديهم مشاريع أو جداول يترسون منها ناكوسياً .. فهم إذن مثل أهل الجنوب ينتظرون السماء . وصار الترس ناكوسي ثقافة, بعد أن غنى له الأمين عبد الغفار .. حيث الترس ناكوسي في محيط الجامعات يسمونه أو يصطلحون عليه عبارة (الدبلومات )، وفي كل دواوين الخدمة كان يطلق عليه (اليوم الإداري).. واليوم الإداري هو يوم خطابي، يشرحون فيه للموظفين والعمال (كيف صار السودان دولة عظمى في عهد الإنقاذ.. ويقال إن اليوم الإداري قد أُلغي بعد إجازة يوم السبت .. ولكن ما قالوه كثير.. أما الترس ناكوسي في مجال السياسة فما هو إلا هذه المشاورات والحوارات والاتفاقيات .. التي وقعوها, ثم ترسوها ونكّسوا راياتها.. وفي مجال الصحافة, فإن الترس ناكوسي هو هذا الهامش, هامش الحريات. ونعود إلى عميق الجرح , الذي يغري بالتناسي.. نعود إلى الرغيفة .. و(ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ).. هذا الخبز الذي تراه قشيباً بالبروميد أو المحسنات البديعية هو الآخر طالته ثقافة الترس ناكوسي.. فقد بدأت الإنقاذ عهدها الميمون بـ( مكابسة) الأفران والمخابز والمخازن في عهد رامبو.. ووصلت الآن إلى إقناع الناس بأن خبز اللقيمات هذا حسبكم منه لقيمات.. فلا تسرفوا فيه, وغني عن القول أن إقناعهم الذي اقتنعنا به جميعاً محفوف بالنصوص المقدسة. وهذا ليس كل ما في أمر الخبز ..لأن ثقافة الترس ناكوسي في قطاع الخبز قد تستفحل إلى درجة أن تكون الرغيفة في وزن الـ (شيبس)!.. أما على المستوى الشخصي, فإن الترس ناكوسي, في قاموسي أنني قد ضربت صفحاً عن شيء اسمه التطلع إلى ما بعد عصر قيصر.. لأن بعد كل قيصر يموت قيصر جديد!.
|
|
|
|
|
|