|
|
 ورقة عمل وكلمة الاستاذ فيصل عابدون نائب رئيس الرابطة (Re: عصام دقداق)
|
سعادة الوزير،، هؤلاء هم إخوانكم وأبنائكم أبناء الولاية الشمالية وأبناء منطقة دنقلا، هذه المنطقة التي هاجر منها أبناؤها قسرا لا طوعاً فمنذ عقود عدة هاجر أبناء الشمال إلى داخل الوطن وخارجه، وكلنا نعلم العوامل التي أسهمت في هذه الهجرات من انعدام التنمية وسبل كسب. حيث كانت ولا تزال الزراعة هي المصدر الوحيد لكسب العيش في هذه المنطقة التي انعدمت فيها أي نشطات اقتصادية أخرى، وحتى الزراعة لم تكن تفي بالحاجة فقد انحصرت في مساحات محدودة جدا على ضفتي النيل لم تكن تفي بحاجيات الفرد الواحد من أبناء كل أسرة، فاضطروا للهجرة خارج قراهم التي أصبحت شبه خالية من السكان وعلى مر هذه العقود نشأت في بلاد الغربة أجيال ربما لا تربطهم بهذه الرقعة سوا معرفة بعضهم باسم القرية التي جاء منها إباؤهم وأجدادهم وجهل الكثيرين بهذه المعلومة، ومعلوم معاناة المزارع في هذه المنطقة الذين لم ينعم أبدا بدعم وتشجيع الحكومات المتعاقبة بل أسهمت العديد من السياسات والضيقات الاقتصادية في إحجامهم عن ممارسة هذه المهنة التي لا يعرفون غيرها
والعالم اجمع إن السودان سلة غذاءه وهذه حقيقة علمية ندركها تماما لكن السودان مر بفترات عاني فيها الجوع والفقر سنين عدة وتغرب أبناؤه وهاجروا بحثاً عن لقمة العيش، وها نحن اليوم على أعتاب مرحلة دقيقة من مراحل النهضة الاقتصادية في السودان إذ تتجه أنظار العالم اجمع وأنظار الإخوة العرب بصفة خاصة إلى شمال السودان سلة غذاء العالم في العقود القادمة إنشاء الله.
فالولاية الشمالية تتوفر بها كافة مقومات ومصادر الإنتاج الزراعي المتمثلة في أكثر من 13.6 مليون فدان صالحة للزراعة، ووفرة المياه السطحية من حوض النيل بالإضافة إلي ما يزيد عن 40 مليارم3 من المياه الجوفية المتجددة بنسبة تصل 30% مما ويؤكد إمكانية تحقيق الاستدامة في استغلال هذا الموارد الحيوي الهام.
هناك الحوض النوبي النيلي الامتداد الشمالي لحوض النيل الأزرق الذي يتكون من عدة أحواض متصلة وينقسم إلي ثلاثة أحواض فرعية هي ( دنقلا – الدبة – وادي المقدم – الملك).
فحوض دنقلا يمتد من أبو فاطمة شمالا وحتى الباجا جنوبا ويشمل السليم – الخوي – القعب – سهل رومي البكري. وهذه المنطقة تنفرد بخصائص جيولوجية متميزة حيث تغلب الطبقات الطينية على التكوينات العليا بالمنطقة الممتدة بين القعب والخندق (وهي من انسب المناطق لزراعة القمح) وتتوفر المياه الجوفية في الغالب تحت سطح حر وعلى عمق يتراوح بين 2 متر في منخفض القعب و5 متر قريبا من النيل و20 متر بعيدا منه. وتتميز هذه المنطقة أيضا بخصائص هايدرولوكية ممتازة إذ تصل الناقلية لحوالي 4000 م3/اليوم ومستوى النفاذية إلى 23م/اليوم وتتراوح إنتاجية البذر ما بين 200 و 400 م3 /الساعة.
وهناك حوض الذي الدبة يتكون من منخفض هور يمتد شرق وغرب ويتسم الحوض بوجود طبقة طينية علوية يزيد سمكها عن 200م وتتواجد المياه الجوفية على عمق 10 أمتار تحت سطح حر شبه ارتوازي تبلغ إنتاجية البئر حوالي 100م3/اليوم.
أما حوض وادي المقدم الملك فهو يمثل الامتداد الشمالي لحوض الخرطوم ويتكون الخزان الجوفي في غالبيته من الطبقات الوسطى لرسوبيات وادي الملك والتي تمتد تحت سطح حر وعلى عمق يتراوح بين 10 و 40 متر وتبلغ إنتاجية البئر الجوفية بين 100-200م3/ الساعة.
وإذا أضفنا إلى عاملي الأرض والمياه عامل المناخ نجد إن الولاية الشمالية أفضل ولايات السودان قدرة على إنفاذ إستراتيجية إنتاج وتوطين القمح، هذه السلعة الغذائية الإستراتيجية التي يمكن أن ترسم معالم وخطط التنمية الاقتصادية والقرار السياسي الإقليمي والدولي.و لكونه أهم سلعة في منظومة الفجوة الغذائية العربية، حيث يعتبر القمح هو المحصول الأكثر أهمية في منظومة الغذاء لارتباطه بتصنيع الرغيف والمخبوزات بمختلف أنواعها، والتي لا تخلو منها قائمة طعام على مائدة الأسر العربية.
و رغم كل هذه العوامل إلا إن إنتاج القمح في هذه المنطقة ظل محدوداً جدا لعدة عوامل منها
1- صغر حيازات الأراضي ( متوسط 3 – 5 فدان)
2- تدني استخدام التقنيات الحديثة في الإنتاج وعدم تدخل الدولة لدعم المزارع في هذه الناحية.
3- النمط التقليدي في كل مراحل الإنتاج.
4- ارتفاع أسعار الوقود وانعدامه في كثير من الأوقات.
5- السياسات الضريبية التي أثقلت كاهل المزارع البسيط.
6- ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وبالتالي تكاليف الإنتاج.
كل هذه العوامل ساهمت في إحجام المزارع عن إنتاج هذه السلعة والتوجه لزراعة بعض المنتجات ذات العائد المادي المجزي مثل زراعة الأعلاف (البرسيم ) وغيرها، أو ترك العمل الزراعي والاتجاه إلي دول الاغتراب.
وفي ظل المتغيرات الحالية والزيادة الهائلة في أسعار الحبوب عامة والقمح بصفة خاصة حيث نجد في العام 2007 ارتفعت الأسعار في بورصة مجلس شيكاغو للتجارة وهي أسعار القياس العالمية للقمح والذرة، وذلك بالرغم من حصاد كميات وفيرة من هذه المحاصيل في الولايات المتحدة اكبر منتجي القمح في العالم. وهنالك عوامل عدة اسهمت في هذه الزيادة منها :-
السعي المحموم عالميا للحصول على الطاقة البديلة من مصادر نباتية، وقد أسهم هذا العامل في أخرج كميات كبيرة الحبوب الغذائية (الذرة القمح ) من ساحة الاستهلاك البشري ليقلل العرض ويرفع الأسعار تلقائيا وفق ذلك.
كما إن مشروع إنتاج الطاقة البديلة من المصادر النباتية (الوقود الحيوي) الذي يسعي الغرب والدول الأوربية التوسع فيه حسب خطة محددة حتى العام 2015م حيث سيتم تحويل أكثر من 80% من إنتاج الأعلاف العالمي إلى مصانع إنتاج الايثانول الوقود البديل الأمر الذي سيقلل المعروض بنسبة أكبر. فزادت أسعار القمح بنسبة 90 % وسيصل مخزون القمح الأمريكي في عام 2008 إلى أدنى مستوى له منذ 60 عاما.
وهناك عامل أخر تمثل في موجات الجفاف التي ضربت المناطق ذات المناخ المعتدل، إضافة إلى طول فترات الجفاف في بعض الدول مثل أستراليا على تغذية المخاوف من أن تكون التغيرات المناخية تركت أثرا طويل الأجل في إنتاج حبوب الغذاء.
ووفقاً لتوقعات الفاو من المرجّح أن يهبط مخزون العالم من الحبوب إلى أدنى مستوياته منذ 25 عاماً، ليبلغ 405 ملايين طن للفترة 2007/ 2008، أي لتسجل انخفاضاً مقداره 21 مليون طن، وهو ما يعادل 5 بالمائة دون مستويات السنة الماضية التي تراجعت بدورها.
رغم الإمكانيات الهائلة من الأراضي الزراعية والمياه التي يمتلكها الوطن العربي، فإن الفجوة الغذائية في العالم العرب قد وصلت إلى 15 مليار دولار، وتمثل فجوة القمح وحدها أكثر من 40 في المائة، حيث لا تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي منه 50 في المائة.
وتؤكد الاتجاهات الاقتصادية أن التقديرات شبه الرسمية تشير إلى أن لدى السودان فائضا في الأراضي الزراعية تعد من أخصب الأراضي الزراعية السمراء التي تتوافر لها المياه والمناخ الملائم لإنتاج الحبوب الغذائية. وهي مساحة كفيلة بسد الفجوة الغذائية في العالم العربي ولتحقيق الاكتفاء الذاتي العربي الكامل من الذرة والقمح.
كما أكد على أهمية النظر في
وتتعالي أصوات تروج لفكرة إمكانية استغلال الأراضي الزراعية الزائدة على احتياجات السودان والمعروضة فعلا للاستثمار والتي تبلغ نحو 20 مليون فدان من إجمالي 32 مليون فدان جاهزة للزراعة فعليا في السودان، وأكثر من ضعفها من الأراضي القابلة للاستصلاح والزراعة. وذلك بالاستفادة من القوى العاملة من الشقيقة مصر ورأس المال العربي من دول البترول الخليجية.
ونحن من هنا ومن هذا المنبر وفي حضرة معالي الدكتور احمد البدري وزير الزراعة بالولاية الشمالية نرفع أصوات أعلى واعلي، إن هذه الولاية وان بدت خالية من القوة البشرية لأسباب التهجير التي سردناها آنفاً، الا انها تذخر بطاقات بشرية اكتسبت الخبرة العالية في دول المهجر ولديها من القدرات والامكانيات ما يؤهلها لانفاذ مشروع توطين القمح في ارضها، هؤلاء المهجرين قسرا من ارضهم بسبب العوامل الطاردة التي اوردناها هم احق بامتلاك هذه الارض اليوم وهم احق بتعويضهم عن سنوات التهجير والاغتراب وهم احق بامتلاك القرار في شأن التصرف في ثرواتهم الطبيعية.
ونناشدكم بضرورة الانتباه إلى أولويات التنمية الريفية في هذه البقعة الغالية من وطننا الحبيب وعدم إغفال إنسان هذه المنطقة ضمن خطة النهضة الزراعية المطروحة.
مطالبين أن نضع في اعتباراتنا الحرص على هذه المصادر الطبيعية التي حبانا الله إياها وذلك بمراعاة معايير التنمية المستدامة والاستغلال الأمثل لهذه الموارد الإستراتيجية الغالية. وضرورة العمل على تنمية المنطقة وفق مرتكزات التنمية الريفية والسعي للحد من الفقر حتى لا نخلق إقطاعيات اقتصادية محتكرة لهذه الثروات الطبيعية. وان نسعى لتنويع سُبل ووسائل كسب المعيشة مستفيدين من ما ستوفره هذه النهضة الزراعية من موارد مالية، وتطوير البنية التحتية والخدمات ولتكن الاستثمارات في مجال الزراعة، وبخاصة في قطاع زراعة الحبوب (القمح على وجه الخصوص ) لبنة لإستراتيجية التنمية الريفية مستندة على الجوانب المرتبطة بالأسباب الهيكلية للفقر الريفي وذلك من خلال ما يلي:
بناء هيكلية لامركزية ومتعددة الطبقات للحكم بحيث تتسم بالشفافية والمسؤولية
وتخصيص وتمليك الموارد والمصادر الأساسية لأبناء المنطقة
تنفيذ برامج شاملة لبناء القدرات والتعزيز المؤسسي
تهيئة بيئة مواتية لتنمية القطاع الخاص المحلي، مع التركيز بشكل خاص على التنمية الريفية
تنمية المشروعات الصغيرة والمشاريع التعاونية القائمة وإشراكها في المشروع القومي لتوطين القمح
تمكين المجتمعات المحلية والفئات الاجتماعية الضعيفة والمهمَّشة، بما في ذلك النساء والشباب
تنفيذ إدارة سليمة بيئياً للموارد الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة
تنمية المجتمع المحلي وبناء المؤسسات الخدمية
ترويج التكنولوجيات الملائمة للمناطق الحدية والجافة بدعم حكومي
تنمية البنية الأساسية الريفية
تنمية المؤسسات المالية الريفية
سعادة الوزير كثيرا ما ناشدت الدولة أبناءها في دول الاغتراب للعودة الطوعية والمساهمة في بناء السودان الجديد، وان لم تفلح هذه المناشدات ليس لان أبناء السودان لا يرغبون في العودة والمشاركة في البناء ولكن لان هذه النداءات لم ترتبط بخطط عملية محسوسة تطمئن العائدين بالاستقرار وتوفير الحياة الكريمة لهم ولا سرهم، فلنجعل من مشروع النهضة الزراعية انطلاقة حقيقية لتفعيل هذه النداء، ونحن على يقين بان هؤلاء الذين اجتمعوا بكم اليوم وأضعافهم من المتواجدين في الجمعيات مهيئين اليوم للعودة للسودان متى ما توفرت أسباب الحياة الكريمة لهم في أرضهم ووسط أهلهم
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست