|
|
 Re: ضغثا علي إبالة: بدر الدين حامد الهاشمي (Re: Muhammad Elamin)
|
عام الأبل
بدر الدين حامد الهاشمي
يبدو أن هذا العام سيكون "عام الأبل"... أو بالأصح لبنها و بولها، و من يدري ما ستأتي به الأيام القادمات و هن "حَبَالَى يَلِدْنَ كُلَّ عَجيبٍ". لا يكاد يمر أسبوع أو نحوه حتي تقرأ عن أن مدير لمركز ألبان الإبل (و ليس ألبان كوسفو) صرح بأن حليب الإبل مفيد في علاج كذا و يشفي مريض كذا، حديث طليق في الهواء الرحب ليس عليه من دليل أو برهان ( بينما لا يقبل العالم الآن بغير "الطب المستند علي الدليل"). و رغم الملل الذي يصيب هذا الكويتب (و القراء) من تتبع التخرصات والإدعاءات و الأحاديث الملفقة التي يبثها من يدعون إمتلاك أسرار العلاج البشري و الحيواني، و منهم بصراء ومعراقية و كهنة و سحرة و للأسف علماء بل و أطباء (تركوا العلاج و جاءوا يبغون من مرض النفوس... أو كما قال عبد الله الطيب في مناسبة مختلفة جدا)..أقول رغم الملل من كل ذلك إلا أن ما نشرته "الأحداث" في يوم الجمعة 23 مايو 2008 بقلم مبارك ود السماء عن دعوة نظمتها كلية العلوم بجامعة الخرطوم أمس الأول في قاعة القرشي و قدمت فيها ضمن برنامجها الثقافي العلمى محاضرة بعنوان (الإبل السودانية في الصحة والمرض) للبروفيسور عبد الملك ابراهيم خلف الله مدير أبحاث الابل جاء فيها أنه "ومن النواحى الطبية يؤكدون على مقدرته في علاج الكثير من الامراض التى ليس لها حصر، فهو يقتل البكتريا المسببة لمرض السل، بالإضافة إلى أنه يعتبر منظماً جيداً لمرض السكر، وأشار كذلك الى أن لبن الابل لايفسد كبقية الالبان اذا لم يحسن تخزينه، وتنجلي فائدته في عدم تسخينه على النار ومن أهم ميزاته يعالج الكبد المعوى والارهاق العام ويزيد القوة الجنسية". إنتهي كلامه غفر الله له. أجد نفسي مرغما رغم الملل أن أسعي (مجددا) لتكذيب مقولات البروفسيور المذكور لخطورتها علي صحة البشر ممن سيولون مزاعمه عناية خاصة و إهتمام كبير (كيف لا و لقب المتحدث العلمي بروفسيور ووظيفته مدير أبحاث الإبل) و أطالب الرجل – بكل إحترام- بتقديم الدليل علي ما يزعم، و لا أقصد بالدليل بالطبع مقولة مجتزأة من مقال في النت أو من كتاب مجهول النسب لكاتب مغمور. لا شك أن من يوضع في منصب "مدير أبحاث الابل" حري به أن يكون مطلعا علي الأبحاث التي أجريت علي الإبل في أرجاء العالم المختلفة. أسأله هل سمع بعالم (لعله من أصل صومالي) أسمه فرح (Farah, Z.) يعمل في معهد علوم الألبان التابع لمعهد التقنية القومي في زيورخ بسويسرا كتب ما لايقل عن سبعة أبحاث معمقة عن لبن الإبل نشرها في مجلات متخصصة في علوم الألبان و ليس فيها البتة ما زعمه صاحبنا في ندوته العلمية! و هنالك عالم مصري في القصيم بالسعودية لا هم له إلا البحث في لبن الإبل، و لم يعلم عنه – رغم تدينه الظاهر- أي حديث عن فوائد طبية مزعومة لهذا اللبن (الأسطوري)، و عمل علماء في إسرائيل و الصين و دول أخري أبحاثا عن لبن الإبل أيضا و لم يقل أحد منهم بمثل ما أتي به بروفسيرنا إلا ورقة يتيمة من عالم قال في 2005 بأن لبن الإبل قد "يساعد" الإنسلين عند مرضي السكري من النوع المعتمد علي الأنسلين... و لم أجد من أعار هذا الزعم أي إهتمام أو متابعة! و لا بد من الإشارة هنا إلي أنني لم أعثر بعد جهد مضن في الأدب العلمي (في Pub Medمثلا) أبحاثا سودانية تدعم ما زعم في تلك الندوة، بل وجدث أبحاثا رفيعة المستوي كلها تتحدث عن الأمراض التي يجلبها شرب هذا الحليب طازجا و منها أبحاث للبروفسير السوداني موسي تبن و زملاء له تثبت – ضمن ما تثبت- خطورة شرب اللبن غير المبستر و المغلي من أي حيوان ( و الإبل حيوانات لبونة في نهاية المطاف) لنقله مرض البروسيلا (و هي تسبب ضمن ما تسبب مرضا في الخصية، بينما زعم صاحبنا أن شرب حليب الإبل (دون غلي) مقوي جنسي!).
حتام نعاود الحديث في البدهيات؟ مما درسناه في الكتاب (الأولية/ الإبتدائي) أن شرب اللبن غير المبستر أو المغلي (و لبن الإبل ليس إستثناءا) يحمل خطورة جسيمة في نقل أمراض خطيرة (كالسل و البروسيلا و بكتريا أخري ممرضة) بالإضافة لإمكانية تلوثه بالمبيدات و السموم الفطرية. لذا فإن نصح الناس بشربه طازجا تحت أي ذريعة يعد خيانة علمية و نصيحة فاسدة قد تؤدي لضررعظيم علي الصحة و المال. كرر هذه النصيحة القديمة التي يدركها كل من تلقي تعليما إبتدائيا في أي صقع في السودان طبيب إسمه جون ليدوم من كليفورنيا في بحث نشر في عام 2006 في المجلة الأميريكية "الأمراض المعدية" جاء فيه أن اللبن سائل خطير قد يحمل – إن لم يعالج بطريقة سليمة- الكثير من مسببات الأمراض المعدية. ومن الطريف أن الطبيب الأميركي ذكر أن هنالك قسما (صغيرا جدا) من سكان كالفورنيا يطالبون – بمنطق فاسد ساذج- بالسماح لهم ببيع الحليب دون غلي بإعتبار أن الخالق قد أعطانا كل شئ كاملا غير منقوص و علي هذا الحال (الكامل) ينبغي إستعماله كما وهبنا له الخالق!! إذن لماذا نسلق البيض و نطهو اللحم!؟
حكي لي صديق بيطري أنه كان يحضر لدرجة الدكتوراة في السبعينات تحت إشراف البروفسير أحمد محمد الحسن، و ذات يوم أتاه رجل يحمل قدرا من حليب الأبل النئ و زعم له أن بمقدور هذا الحليب أن يشفي من السرطان (هكذا). لم يجادله البروفسيور أو يكذبه بل طلب منه في هدوء معهود أن يسمح له بتجربة ذلك الحليب بطريقة علمية يمكن التحقق منها، و إنسحب الرجل و لم يعد بعدها!
كثيرا ما تراودني أفكار (متشككة) (وعملا بنظرية المؤامرة الشهيرة) في أن هذه الحملة التي يبدو أنها منظمة لتسويق لبن الإبل، ليست مبرأة من الغرض، و أن هنالك مصلحة ما (لعلها مادية) لبعضهم في أن يزداد الإقبال علي إستهلاك لبن الأبل (دون بسترة حتي تنخفض التكلفة)، و بما أن هذا مجرد ظن (لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئا) و يعوزني الدليل فلا سبيل لي غير أن أصدق أن لبن الإبل به من الفوائد ما لا يحصي أهمها علي الإطلاق علاج الضعف الجنسي إذ هو بديل مضمون و مأمون للفياجرا و إخواتها... بيد أني أرجو من أصحاب الدثور الذين كادوا يذهبون بالإجور أن يقيموا مصنعا حديثا لبسترة و تعبئة لبن الإبل – أسوة بجيراننا السعوديين- و حتي قيام ذلك الصرح القومي المنتظر، فيمكن إستيراد لبن الإبل من ذلك البلد الأمين حتي ننعم بالفوائد الطبية العظيمة و نعالج " الكثير من الأمراض التى ليس لها حصر"... و منها أمراض لم ترد علي قلب بشر من قبل مثل " الكبد المعوى" أو كما قال البروفسير عبد الملك. و الأهم من ذلك أن نخضع كل المزاعم المتداولة عن الخواص المتميزة للبن الإبل للبحث العلمي المتجرد من أي قناعات مسبقة، و أن ننشر علي الملأ نتائج ما نحصل عليه من هذه الأبحاث مهما تكن. و ليس سوي ذلك من سبيل.
|
|
 
|
|
|
|
Muhammad Elamin
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست