|
المزاج الكيزانى للشعب السودانى
|
فى رحلتى الاخيرة إلى ابوظبى و رغم مشغوليتى أصريت أن أزور صديقا لى قبل العودة للدوحة.
كعادتنا دار نقاش طويل بيننا كان جله حول الوطن وهمومه. أخبرنى بأنه ذاهب للسودان فى رحلة عمل. بعد انتهاء عبارات الترحيب والسلام قال لى : الدور ده يا هشام ماعارف بجى منو كيف؟ أنت عارف كل مرة اذهب فيها ارجع أكثر أكتئابا من سابقتها.
ابرز ما يجلب الضيق لصديقى هو مظاهر الفوضى التى تعم البلاد والتى يلحظها كل قادم. هذه المظاهر تزيد بمرور الزمن .يقول صديقى أنك لا تشعر بوجود حكومة فى تلك البلد.إأى شخص يمكنه عمل أى شئ فى أى وقت فقط يلزمه بعض المال.
حكى لى عن المسئول الذى تم ضرب موعد لزيارة وفد مهم من المؤسسة الكبيرة التى يعمل بها وعندما ذهبوا للسودان ماطلهم مدير مكتبه ثم علموا انه ذهب لمعرض فى المغرب وعندما عاد ذهب مباشرة للتعزية فى وفاة أحد أقاربه فى القضارف.
عندما عاد المسئول بعد الموعد بخمسة ايام دخل بالباب الخلفى لمكتبه وكان صديقى ومعه الوفد بانتظاره فى مكتب مدير مكتبه الذى يقع مباشرة امام مكتب المسئول. عندما سمع صديقى بالحركة داخل المكتب اشار لمرافقه المهم وقاما بفتح الباب و دخلا وسط احتجاج مدير المكتب الذى ظل يكذب عليهم و يماطلهم طيلة الخمسة ايام الماضية.
عندما دخلا المكتب وجد صديقى المسئول الكبير جالسا على كرسى امام طاولة الاجتماعات وامامه صحن فول كبير . عندما رآهم المسئول صاح قائلا : أهلااااااااااااااااان... تفضلو أفطروا معاى ...فول مظبط بالبصل. إعتذرا للمسئول وانتظراه حتى يكمل طعامه.
عندما عاد لمكتبه كان المرافق المهم قد أشار لصديقى إشارة تعنى الغاء كل شئ. وهذا ما حدث فشلت تلك المهمة التى كانت سوف تجلب للسودان تسهيلات بملايين الدولارات بسبب الفوضى.
حدثنى صديقة ايضا عن لغة الكيزان التى تبناها معظم افراد الشعب : يا شيخنا....جزاك الله خير....الله يجعلو فى ميزان حسناتك... وطيبة يا شيخنا.. وظاهرة تركيب الذقون والحرص على امتلاك علامة صلاة بارزة على الوجه بأى طريقة..
قال لى انو طلع باستنتاج مهم ان الشعب السودانى اصلا شعب ذو مزاج كيزانى و إلا لما تحول كل هذا التحول فى عقدين من الزمان. ضحكت و ذكرته بمقالة عبد الله بولا الموسومة " شجرة نسب الغول" والتى كتبها ردا على كتابة الطيب صالح من أين جاء هؤلاء.
قلت له : عموما اثبتت تجربة الانقاذ الاخيرة ان البنية النفسية والثقافية ضعيفة وان الاستعداد أو الميل للفساد اصلا كان موجودا وما فعلته الانقاذ انها اطلقت له العنان و فتحت أمامه الآفاق فعم البلاد و استشرى بين العباد حتى صار هو الاصل فى معاملات الناس اليومية.
قطاعات كبيرة من منظمات المجتمع المدنى قاومت الانقاذ بشراسة فى البداية وكذلك جزء من المؤسسة العسكرية فقابلت الانقاذ ذلك بقمع غير مسبوق وفى نفس الوقت فتحت الباب على مصراعيه لمن يريد ان يمسح الجوخ و فرشت موائدها لكل من يريد ان يأكل و نفخت حقائبها لكل من يريد أن يرتشى فآثر عدد كبير على ركوب هذا القطار.
على النطاق الاجتماعى تفشت مظاهر عدة لها علاقة مباشرة بثقافة اهل النظام و رؤيتهم للحياة ولعل ابرزها ظاهرة الزواج المتعدد التى انتشرت كالنار فى الهشيم بين اهل النظام و فى مقدمتهم امير المؤمنين رئيس الجمهورية و بطانته و تبعهم معظم ميسورى الحال و الاثرياء الجدد وغيرهم وكأن هؤلاء كان ينتظرمن يفتح لهم هذا الباب و يجعله مقبولا إجتماعيا بعد ان كان لوقت قريب امرا نادرا . الغريب ان العديد من الشباب استمرأ هذا الامر و اصبحت الشابات يرضين به بسهولة فى ظل الظروف الاقتصادية السائدة.
تلاحظ انه ظهر اعجاب مفاجئ بالمديح النبوى وانتشرت الاشرطة والفرق المادحة فى ارجاء البلاد وتراجعت الاغنية بشدة
فى بوست لعادل عبد العاطى جاءت هذه المداخلة من الاخ عبد المجيد صالح
Quote: بالمناسبة الخرطوم بقت تتحرك بالعقل الجمعي الكيزاني
يعني لو في بت ماشة في الخرطوم لابسة جميل من غير حجاب مثلا يقوم واحد محمد احمد مسكين ينهر البت وقول ليها سفور وقليلة الادب وغير ذلك وهو لا يعرف انه يتحرك بمكنة الكيزان وتخالط عليه الامر بين رايه والذي لا ينفصل من راي الكيزان بسبب عامل التكرار والطرق المباشر علي الاذن السودانية. |
وهى ملاحظة دقيقة وصائبة إذ ما الذى يجعل فتيان كثيرون فى أماكن شتى يسلكون هذا المسلك الذى شهدته بنفسى اكثر من مرة؟ وقد يكون هؤلاء الشباب عاطلون عن العمل ولا يتورعون عن ارتكاب الموبقات فى سبيل الحصول على النقود او فى سبيل أرضاء نذواتهم.
بعد مرور عقدين من الزمان على حكم الانقاذ تجد مسئولين فى احزاب علمانية سودانية عريقة يتحدثون بلغة تشبه لحد غريب لغة اهل الانقاذ و يتنازلون عما كان ثوابت بالنسبة لهم كأحزاب علمانية.
هل هو فايروس ضرب الجميع بحلول حملة يونيو 1989 م العسكرية الناجحة للإستيلاء على السلطة أم انه مورث جينى ظهرت اعراضه بجلاء بعد التمكين؟ سؤال يحتاج الى اجابة.
|
|
![AIM](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 06:16 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | Safia Mohamed | 04-24-08, 08:02 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 08:10 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | Hussein Mallasi | 04-24-08, 08:39 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | Safia Mohamed | 04-24-08, 08:44 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 08:36 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | AnwarKing | 04-24-08, 09:14 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 08:51 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | Safia Mohamed | 04-24-08, 09:00 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 09:21 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 09:29 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | Safia Mohamed | 04-24-08, 09:58 AM |
Re: المزاج الكيزانى للشعب السودانى | هشام المجمر | 04-24-08, 10:23 AM |
|
|
|