ثورة المقابر رواية لضياء الشريف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-23-2024, 12:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-01-2008, 09:51 PM

نزار باشري ابراهيم
<aنزار باشري ابراهيم
تاريخ التسجيل: 04-03-2005
مجموع المشاركات: 588

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف (Re: نزار باشري ابراهيم)

    (10)
    تقع المدرسة الابتدائية على مشارف القرية من الجهة الشمالية وخلفها على بعد ميل توجد تلة كبيرة تشرف على الطريق الترابي الداخل الي القرية , كان محمدو يجلس على هذه التله ويسرح ببصره في الفضاء الامتناهي امامه وجهة منال عوض الله المسجية على الرمال والتي لم تفارق خياله منذ عام ونصف تداخلت في مخيلته مع صورة امه الراحلة , ومن بعيد كانت سيارة اجره تسير ببطء نحو القرية بداخلها رجل يجلس في المقعد الامامي بجوار السائق وفي المقعد إمرأة في بداية العقد الثالث من عمرها تقلب في مجموعة صور بين يديها وبجانبها طفلة في نحو السابعة من عمرها . قالت المراه تسال السائق للمرة الرابعة :
    ـ هل انت متاكد من انها .........
    فقاطعها السائق بتبرم واضح ،
    ـ نعم .. نعم , انها هي .
    اشار الرجل الجالس يمين السائق بيده وقال
    ـ هناك شخص فوق تلك الربوة , قف لنساله عن المنزل الذي نقصده .
    فرد السائق ـ لا داع , انها قرية صغيرة وحالما ندخلها سيدلنا اول شخص نقابله .
    حينما مرت السيارة امام محمدو صاحت المرأة وهي تنظر وراءها
    ـ انه هو , توقف .. توقف .
    قال الرجل :
    ـ واين رايته حتى تتعرفي عليه !!
    ولكن المرأة امرت السائق
    ــ قلت لك توقف .
    ووضعت مجموعة الصور بشنطة يدها الا صورة واحدة ظلت تدقق فيها النظر وهو تنزل من السيارة وتتقدم ناحية محمدو , ثم وقفت على بعد مسافة منه ورفعت يدها قائلة :
    ـ انت تعال من فضلك .
    وقف محمدو وهو يسال نفسه : من هؤلاء . وتقدم ناحية المرأة فراى الصورة في يدها تنظر اليها حيناً وحيناً اليه وحينما صار على بعد خطوتين منها سالته
    ـ هل انت محمد ابراهيم عبد الله ؟
    ـ نعم , من انتم ؟
    قالت المرأة وهي تسلم عليه بحراره
    ـ حقاً ما مات من انجب .
    ثم اردفت وهي تشير الي زوجها وطفلتها
    ـ هذا على زوجي , وهذه بنتي زينب .
    خيل لمحمدو انه راى هذه المرأة قبل ذلك , ولكنه لا يذكر اين ومتى . رآها تنظر الي الصورة وتهتف بتأثر,
    ـ سبحان الله .
    ثم رفعتت ايه راسها فراى الدموع تترقرق في عينيها وهي تقول له
    ـ انت شديد الشبه بالمرحومة امك , تحمل تفاصيل وجهها منذا ان كنت رضيعاً .
    مد محمدو يده بغير وعي وانتزع الصورة ودقق فيها النظر , كانت الصورة لزينب الامام بفستانها المدرسي تحتضن حقيبة كراساتها وهي تنظر الي الكاميرا وإبتسامة عريضة وبريئة تغطي وجهها الجميل التقطت لها حينما كانت بالصف الخامس الابتدائ . كانت هذه المرة الاولى التي يرى فيها محمدو صورة لامة حينما كانت في مثل عمره فسأل بدهشة :
    ـ اين وجدتها ؟!
    ردت المرأة
    ـ اقلب الصورة واقرا ..
    قلب محمدو الصورة على ظهرها وقرا الاهداء التالي : الي الغمامة التي ظللتني في هجير الغربة وكانت لي نعم الاخت والصديق ... الي ناديا اهدي اعز صوري الي قلبي . زينب ،،،،
    قال محمدو وهو يكتم مشاعر الحزن والتأثر :
    ـ كل من عرفها ظل شديد الوفاء لذكراها .. يرحمك ياامي .
    قالت ناديا :
    ـ لقد قضيت اثنتي عشر عاما متواصلة خارج الوطن وانا احلم بالعوده لازور قبرها ولاراك ايضا فقد حملتك في احضاني وعنيت لك منذ ولادتك وحتى حضورخالك والعودة بك ال هنا وعمرك شهران .
    قال محمدو بتأثر ك
    ـ انت وفيه ياخاله .
    قالت ناديا وهي تجذبه من يده :
    ـ هيا بنا , الن تاخذنا الي المنزل ؟
    فركب معهم الساية وناديا وزجها لا يكفيان عن سؤاله عن حاله . سالته ناديا
    ـ كيف حلا خالك محمد ؟
    ـ بخير .
    ـ وجدتك الحاجة خديجة ؟
    قال محمدو بتأثر بالغ :
    ـ يرحمها الله , لقد توفيت منذ ثلاثة اعوام تقريبا .
    نكست ناديا راسها وقالت :
    ـ يرحمها الله , وجدك حاج الامام ؟
    ـ عائش .
    استغربت ناديا الرد البارد والخالي من التعبير ولكنها لم تتوقف عنده كثيرا وقالت
    ـ اطال الله في عمره .
    واضافت
    ـ قل لي , الم ترى صورىي مع المرحومة امك ؟ انها كثيرة وقد اخذها خالك معه .
    ـ لقد صنع لها براويز جميلة وعلقها مع صور المرحومة وشهاداتها المدرسية في غرفتها .
    هتفت ناديا :
    ـ حقاً .
    ـ حينما كبرت قررت السكن في غرفتها لتكون آخر شيء اغمض عليه عيني واول شيء افتحها عليه , انني انام على سريرها .
    نظرت اليه ناديا بحنو بالغ وهي تقول في سرها : ولكن هذا صعبٌ عليك .
    فقال وكأنه قرا افكارها :
    ـ حاول خالي منعي في البداية قائلا ان هذه الغرفة يجب ان تظل مغلقة ولكنني تمسكت بقراري , انني احس بان روحها تطوف فيها وترعاني , انا احلم بها في نومي كل ليلة .
    في المنزل رحب محمد الامام بضيوفه بحفاوة بالغة وقال لحاج الماحي الذي كان حاضراً وقت حضور الضيوف ،،،،،،
    ـ سوف اذبح لهم عجلاً.
    فقال حاج الماحي على الفور موجهاً حديثه لمحمدو
    ـ اذهب وقل لاميمه وامها تحضران فورا .
    ثم توجه لمحمد قائلاً :
    ـوانا سوف اذهب لحاج عبد الناصر ونعرج على اباك في الحقل
    وفي اقل من ساعة اكتظت الدار بالنساء والفتيات وغلت القدور وارتفعت رائحة الشواء في الجو , ولاول مرة منذ سنين طويلة تستعيد الدار بعضا من صور الماضي الجميل حينما كان اهلها ملء السمع والبصر , وكان حاج الامام يراقب حفيده وهو يسعى حاملاً لهم صحون الشواء او اكواب الشاي فاستبد به العجب والدهشة لهذا التغيير المفاجئ فقلب الامر في راسه سريعاً وهمس في اذن ابنه محمد الذي كان يجلس على يساره في الحصيرة الكبيرة تحت شجرة الليمون : يجب ان تتحلل من قسمك .
    قال حاج عبد الناصر الذي كان طيلة الوقت يضع حاج الامام وحفيده تحت مجهره الدقيق .
    ـ لماذا لا نناقش الفكرة علنا ؟
    ابتسم حاج الامام وقال :
    ـ أي فكرة تقصد ؟ ليست هناك افكار .
    قال الحاج عبد الناصر متوجها الي الجمع الذي التام بعد غياب طويل
    ـ هذا العجوز يظنني لا افهمه !
    ثم توجه الي حاج الامام قائلا :
    ـ انسيت انني اقرا الكلام في عيونك قبل ان تنطق به يا حاج الامام , الم تطلب من ابنك ان يجعل الفرح مستمراً .
    قال حاج الامام :
    ـ حقا انت الوحيد الذي تفهمني يا عبد الناصر .
    احتج الناظر وداعة الله قائلا:
    ـ هذا كلام مبهم , ماذا قال له بالتحديد ؟
    نظر محمد الي حاج عبد الناصر باستغثة فاستجاب الاخير للنظرة المستغيثة وقال مراوغا .
    ـ قال له ان يطلب من الاستاذ على ان يحضر دائما , الا ترون انه السبب في جمعنا بعد فراق طويل .
    امن الجميع على ذلك وطلبوا من على ان يحضر الي زيارتهم دائما فقال لهم
    ــ بل سنتبادل الزيارات والخرطوم ليست بعيدة .
    ** ** **
    قالت العازه لابن اخيها محمد الامام بعد ان انفض الجمع وخلت الدار الا من اهلها وضيوفهم ،،،،،،
    ــ لقد جهزت لهم غرفة الضيوف .
    نظر اليها ابن اخيها وقال لها :
    ــ تبدين سعيدة ياعمه .
    واضاف يداعبها :
    ــ بل انت متالقة الوجه , لقد عدت شابه .
    قالت العمه :
    ــ منذ ان اتيت للاقامة معكم منذ وفاة امك وانتم مكتئبون ودائمي العبوس حتى اتت هذه الشابة فتغير كل شيء واردفت بدهشة :
    ــ واباك وانت وكل منت اتى اليوم خرج سعيداً , حتى محمدو الذي ظنناه لا يعرف كيف يبتسم او يتكلم تغير .
    ثم اضافت وهي تقول بصوت خفيض :
    ــ ان له سحراً وجاذبية لا تقاوم , لقد دعاها محمدو لغرفته ليريها صورها مع المرحومة امه .. هيا نلحق بهم وفي غرفة زينب الامام القديمة ـ والتي يستعملها ابنها الآن ـ كانت ناديا تجول ببصرها فيها وشعور عميق يغمرها ويقول لها بان روح صديقتها تحوم حولهم الآن . كانت الغرفة واسعة ويوجد بها شباك واحد يفتح على فناء الدار الخلفي , على يساء الباب يوجد سرير متوسط الحجم ملاصق الحائط قربة طاولة صغيره عليها صورة مكبرة في برواز ذهبي لزينب الامام , وفي الجهة المقابلة يوجد دولاب خشبي ذو ضلفتين وكنبه بطول مترين , وفي الزاوية مصلاة عليها مصحف جميل , وفي منتصف الغرفة تماما وتحت مروحة السقف توجد طاولة دائرية الشكل بها بعض الكتب والكراسات الخاصة بمحمدو وكانت الغرفة نظيفة ومرتبة بشكل جيد وهي بشكل عام ما زالت تحتفظ بنفس ديكورها ورونقها القديم وكان صاحبتها ما زالت على قيد الحياة . كانت هناك الكثير من الصور والشهادات المدرسية معلقة على الحوائط الاربع .. صور لزينب وحدها واخرى تجمعها مع ناديا او مع الاهل والاصدقاء , واثني عشر شهادةً مدرسية تحمل كلها الترتيب الاول منفرداً او مشتركاً . وقفت ناديا امام احدى الصور كثيراً حتى ظن من معها في الغرفة انها لن تتحول عنها ابدا . كانت الصور لناديا وزينب تجلسان على كرسيين متلاصقين . قال على:
    ــ التقطت لهما هذه الصورة قبل اثنتي عشر عاماً في او ليوم نراها فيها .
    فالتفتت ناديا وقالت :
    ــ حضرت هي والمرحوم ابراهيم وكانا مايزالا عروسين جديدين واقام لهما احد اصدقاء المرحوم حفل صغير ودعانا اليه , ما ان دخلت ورايتها حتى شعرت بنفسي تنجذب اليها ولم استطع مقاومة رغبتي في التعرف عليها.
    اشارت ناديا الي الصور وقالت :
    ــ كانت تجلس هناك والنساء ينظرن اليها باعجاب وحسد معاً , كانت صغيرة مثل سني وآية في الجمال والروعة فقلت لعلى الذي كان يحمل كاميرا : حينما ينفض عنها جمع المهنئين واذهب للسلام عليها وتهنئتها تاتي وتلتقط لنا صورة , ومنذ ذلك اليوم لم نفترق ابدا .. لم ينجح شيء في ابعادها عني الا الموت
    ثم اضافت ودموعها تسيل .
    ــ لقد تشابهت حياتنا بل تطابقت في محطاتٍ كثيرة .
    قال على موجهاً كلامه الي محمد ومحمدو :
    ــ لقد ظلت ناديا تلح عليّ وتضغط لارجها الي السودان , لقد كنا في اواخر العام الاول لزواجنا وكانت تبلغ وقتذاك ثمانية عشر عاماً ولم تنجح في اقامة صداقة هناك , رما لفارق السن بينها وبين المتزوجات هناك وربما لاسباب اخرى كثيرة فشلت رغم سعيها لذلك حتى حضرت المرحومة فانستها امر السفر ولم تذكره مرة اخرى .
    قال محمد محاولاً جر على وزوجته للحديث في موضوع آخر بعيدا عن سيرة اخته الراحلة .
    ــ ولكنكم لم تعودوا كل هذه السنوات , اليس كذلك ؟
    قال على :
    ــ هي كانت ترفض بشدة ان تعود وحدها حتى لو كان ذلك لشهر واحد .
    سأل محمد ؟
    ــ ولماذا لا تاتي معها ؟
    فرد على :
    ــ لم تكن عودتي ممكنة في ظل النظام السابق ولو لا الانتفاضة واطاحة النميري ما عدت ابدا .
    قالت ناديا محاولة انهاء النقاش بعد ان رات ملامح الحزن في وجه زوجها
    ــ هذه قصة طويلة وساحكيها لكم تحت شجرة الليمون على ضوء القمر نجلس للسمر .
    وتحت شجرة الليمون حكت ناديا قائلة :
    ــ كان على وحيد ابويه وتوفيت امه وهو في الرابعة من عمره فسد اباه فراغها بجدارة , صار له اباً واماً ووفر له حياةً رغده وكريمة وحينما كبر على صارا اصدقاء .
    صمتت ناديا قليلا ووالصلت بنبرة حزينة .
    ــ كانت بينهما علاقة تعجز الكلمات عن وصفها , ما زلت اذكره في حفل زفافي ... لقد ظل يرقص معنا حتى الصبح وكانه ملاكا هبط علينا من السماء .
    ثم نكست راسها وقالت :
    ــ رحمه الله كان موته فاجعة عظمى قصمت ظهر على .
    سالت العازة ببراءه .
    ــ هل مات ؟
    ردت ناديا :
    ــ قتل .
    قال محمدو بدهشة
    ــ قتل !!!
    فقالت ناديا :
    ــ كان ضابطا كبيرا برتبة عميد في الجيش اتهم بالتخطيط لقلب نظام الحكم , اعتقل واعدم فورا مع مجموعة كبيرة من الضباط .
    سأل محمدو :
    ــ وهل كان ذلك صحيصا ؟
    فقالت ناديا :
    ــ لا احد يعلم .. لا احد , فهو لم يعد ليخبرنا , المهم ان على اقسم بيمين الطلاق ان يغادر البلد ولا يعود اليها ما دام نظام مايو يحكمها ... كانت المرة الاولى والاخيرة التي يحلف فيها بالطلاق .
    صمتت قليلا واضافت وهي تضحك لتبدد الجو الكئيب الذي خيم عليهم
    ــ كانت عودته تعني طلاقي , وعودتي تعني تحطيمه وقد مكثت معه وتوصلنا الي حل وسط : يحضر لي اهلي كل عام : امي وابي واخي , أي انني وطيلة اثنتي عشر عاماً كنتا اراهم في كل شهراً كاملاً يقضونه معنا هناك .
    سأل محمدو :
    ــ هل ستعودون مرة اخرى ؟
    ردت ناديا بسرعة :
    ــ كلا لن نعود , لقد حضرنا نهائياً وسنقيم بالخرطوم وستضر لنا في الاجازات المدرسية , اليس كذلك ؟
    أومأ محمدو براسه موافقا وواصلوا سمرهم الي ماقبل الفجر بقليل .
    قضت ناديا ثلاثة ايام زارت فيها قبر زينب ثلاثة مرات , كما نسجت خلال هذه المدة القصيرة علاقات متينة مع سيدات القربة وبناتها خاصة اميمة الماحي وتبادلتا كثير من الاسرار , فمثلا قالت ناديا لاميمة انها ستخطط لتزويج بنتها مستقبلاً من محمدو وانها ستاخذه ليقضي الاجازات المدرسيةمعهم بالخرطوم ليتعود عليهم ويحس انه في بيته حتى اذا ما دخل الجامعة اقام معهم بدلاً من السكن في داخليات الجامعة ووعدت اميمة ناديا بان تساعدها في تنفيذا هذا المخطط وباحت لها بقصة حبها لمحمد الامام الذي سدّ عليها منافذ الامل سنيناً طويلة بقسمه فطلب ناديا من اميمة ان تسمح لها بمناقشة محمد ولكن اميمة رفضت فقالت لها ناديا :
    ــ لقد قلت لي انك متاكدة من حبه لك كما انت متاكدة من وجودك معي الآن فدعيني اتحدث معه لعله يريد تشجيعاً .. قد يكون جمالك صده فقالت اميمة بدهشة
    ــ صده !! ان الجمال يجذب ولا يصد .
    فقالت ناديا :
    ــ قد اكون اخطات التعبير ولكن المعنى قريب من ذلك .
    ــ كيف ؟
    ــ حينما يتجاوز الجمال حدود العقل والمنطق فسيجعل المحب في حالة تردد وخوف وقد يعيش حياته كلها ولا يبوح .
    ــ انت تبالغين يا ناديا .
    ــ كلا يا اميمة بل اني اجزم ان أي شاب ينظر اليك سيتوقف نبض قلبه .
    ــ هذه مجاملة منك , انت انسانة رقيقة وراقية التعامل .
    ــ انا لا اجامل يا اميمة , وهناك شيء آخر ادهشني ولم اجد له تفسيراً
    ــ ما هو ؟
    ــ قريتكم هذه عجيبة وامرها غريب .
    ــ ما هو العجيب والغريب فيها يا ناديا
    ــ لقد اجتمعت فيها اضلاع المثلث الثلاثة : الخضرة والماء والوجه الحسن , وهذه اشياء قد تجتمع في منزل او عدة منازل ولكن في قرية بكاملها فهذا شيء يدعو للعجب !
    ــ هذا شيء طبيعي .. كل القرى التي تقع على ضفة النيل مخررة والنيل يعطي ساكنية افضل ملامحه .
    قالت ناديا وهي تتامل وجه اميمه وعيناها الصافيتان الجمال ....
    ثم اضافت :
    ــ قال لنا سائق التاكسي الذي نقلنا ال هنا ان هذه القرية مشهرة بالجمال وقال بالحرف : من ناحية الجمال فهي اشهر من علم على راسه نار .
    ــ هذا صحيح .
    ــ ليست النساء فقط .. حتى الشباب والرجال يتميزون بالوسامة والجاذبية , ترى ما السر في ذلك ؟
    ــ رما لانهم يتزوجون من بعضهم ولا يرضون بالغريب .
    ــ حسناً .. لنعود لموضوعنا الاصلي , لماذا لا تريديني ان اتحدث معه بشانك؟
    ــ الآن لا .
    ــ لماذا وفي استطاعته ان يكفر ن قسمه , كان من المفترض ان يكون لكم الآن ابناء وبنات .
    ــ لقد اعطاني اشارة وانا متفائلة بها .
    ــ ما هي , احكي لي كل شيء بالتفصيل .
    ــ قبل اسبوع واحد فقط , حضر الينا بعد المغرب وكان مصطفى قد خرج ولكنه اوصاني قبل خروجه ان ينتظره اذا اتى , وبالفعل ذهب وانتظره بالصالون فاعطتني امي صينية الشاي وقالت لي اذهبي بها اليه عسى الله ان يحلّ عقدة من لسانه .
    تبسمت ناديا وقالت :
    ــ الام مدرسة ..... ها واصلي .
    ــ ما ان وضعت صينية الشاي حتى قام وقال لي بانه سيحضر لا حقا فقلت له لا تكن ملولاً فالناس ينتظرون بالسنين ولا يملون وهناك من ينتظر الي اجلٍ غير مسمى وانت لا تستطيع الانتظار بضع دقائق .
    ــ انت اذا من بدات الاشارة وهو اكملها , ها ماذا حدث بعد ذلك ؟
    ابتسمت اميمه وقالت :
    ــ ردّ على اشارتي باحسن منها .
    اعتدلت ناديا وسألت :
    ــ كيف ؟
    ــ قال لي آن للمنتظر ان يرتاح ويسعد فهو قاب قوسين او ادنى من هدفه .
    ــ هذه اشارة غير كافية .
    قالت اميمة وكانها لم تستع تعليق ناديا :
    ــ لقد كان حزيناً وتائهاً وكانه يتيم يتوق لحضن دافيء , سالته عما به فقال لي ان اباه يتآكل من الداخل وانه هو نفسه يكاد ان يجن بسبب محمدو فقلت له : لقد اخطت بقسمك يا محمد فلو تزوجت وانجبت له اخوةً لما كان حاله هكذا ولما شعر باليتم ابدا , لقد حرمه قسمك من الجو العائلي الصحي الذي كان يجب ان ينشأ فيه فاعترف لي بانه اخطا .
    صمتت اميمة قليلا ومالت براسها الي الوراء وهي تقول :
    ــ قال لي انه سيكفر عن خطاه فقلت اساله بلهفة وبغير وعي : متى يا محمد فنظر الي نظرة دوختني وافقدتني تركيزي .
    فهزت راسها ومسحت قطرات العرق التي بللت جبينها ثم وضعت يدها في صدرها وهي تقول وكانها تخاطب نفسها ولا تشعر بوجود ناديا
    ــ يا الله .... لقد صرحت بها ملامح وجهه وارتعاش يديه وتحركت شفتاه لينطق بها ... كاد ان يقولها ولكن مصطفى دخل علينا فجاة ،،،،،
    قالت ناديا التي كانت مستغرقة حتى اذنيها ـ قالت بغير وعي ـ
    ــ تبا لمصطفى .
    ابتسمت اميمة وقالت
    ــ ليته ما دخل من الباب الامامي... ليته دخل من الباب الآخر .
    ــ ما الفرق ؟
    ــ لانه لو دخل من الباب الخلفي لكانت امي اخبرته ولكان تلكا في الحضور .
    ــ اذا فهو يعلم , هل انت من اخبره ؟
    ــ امي اخبرت ابي وابي اخبره وناقشه في الامر .
    ــ وبالطبع اباك اخبر امك بنتيجة النقاش وامك اخبرتك .
    ــ مصطفى وافق وقال ان عليّ ان انتظر ووعد بمساعدتي ولكن امي ليست هي من اخبرني لذلك .
    ــ اباك ؟
    ــ مصطفى نفسه .
    ــ متى كان ذلك ؟
    ــ قبل ثلاثة اشهر .
    ــ اذاً دعيني اقول لك ان زفافك قد حان وانني لا بدّ عائدة اليكم بعد اقل من شهر , لم يتبقى لي غير محمدو لعله يستمع اليّ ويذيب الجليد بينه وبين الناس .
    وجاهدت ناديا لتشرح لمحمدو ان الظلم الذي تعرضت له المرحومة امه شيء شائع في كل قرى ومدن البلاد وانه لا يجب ان يحاسب الناس على ذنب ارتكبوه بغير قصد وبحسن نية وان الآباء حينما يزوجون بناتهم كرها فانما يفعلون ذلك لا عتقادهم بان ذلك من مصلحة ومنفعة بناتهم وان مشاعر الابوة الطاغية هي التي تصور لهم ذلك واضافت :
    ــ الناس بدات تتعلم من اخطاءها , وماساة منال عوض الله جعلت الناس تعيد حساباتها ـ هكذا سمعت ـ ابتسم محمدو بسخرية وقال :
    ــ وانا ايضا سمعت بان منال لم تكن هي الوحيدة التي انتحرت , لقد كانت الرابعة , وبعد كذا سنة ينسونها ويعودون لجاهليتهم الاولى.
    ــ ولكني سمعت بان اميمة ـ وهي نفسها من قالت لي ذلك ـ بانها رفضت حتى الآن ستة تقدموا لها ولم يرغمها احد على قبول اياً منهم , اليس هذا دليلا على التغير ؟
    ــ هذه حالة استثنائية والجميع ينظرون لها بالدهشة والاستغراب .
    ــ يمكن ان تعمم هذه الحالة وتجعلها نموذجا يحتذى , قل لي كيف .
    ــ كيف ؟
    ــ بالعلم , ليس كافياً ان تتعلم ولكن يجب ان تنشر العلم وتعمل جاهداً ان تغير العادات الضارة الت توارثها الناس وتحارب التقاليد والاعتقادات الخطئة بسلاح العلم , افعل ذلك يا محمدو .
    ثم هزته من كتفه وهي ترجوه
    ــ هل تعدني ان تفعل ذلك ؟
    ــ سأفعل .
    ابتسمت ناديا ورفعت يدها بعلامة النصر قائلة
    ــ النصر لنا .
                  

العنوان الكاتب Date
ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:22 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:37 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:41 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-22-08, 10:47 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:19 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:24 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم04-26-08, 09:31 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 08:46 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:04 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:17 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:26 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:33 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:44 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 09:51 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 10:04 PM
  Re: ثورة المقابر رواية لضياء الشريف نزار باشري ابراهيم05-01-08, 10:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de