والله دخلتو نفسكم في زقاق ضيق بلحيل ..

Quote: تعج بلادنا هذه الايام بالمستثمرين الاجانب الذين يريدون ان يستثمروا في القطاعات الانتاجية والخدمية كافة ولعل الجديد في الامر هو الاتجاه نحو الاستثمار في الزراعة فلاول مرة في تاريخ العلاقات بين مصر والسودان يسعى المصريون للاستثمار في الجزيرة المروية، هذا بالاضافة الى ما ذكره السيد وزير الزراعة المصري بأنهم سوف يزرعون مليوني فدان حول بحيرة ناصر والشمالية وعلى حسب آخر منتدى استثماري مصري في السودان انه تم الاتفاق على اقامة «422» مشروعاً زراعياً وخدمياً وصناعياً والاولوية للزراعي، السعوديون كذلك بدأوا يتجهون للزراعة في السودان هذا بالاضافة لخليجيين آخرين، الصين زادت استثماراتها الزراعية في السودان حتى البرازيل التي كنا لا نعرف عنها الا بيليه ورونالدو ورونالدينو جاء وفد منها للشراكة الاقتصادية مع السودان المتغيرات المناخية العالمية وحاجة العالم للغذاء وارتفاع اسعار المنتجات الغذائية هي التي جعلت بلادنا قبلة للمستثمرين. ولكن وآه من لكن هذه ليست هذه اول مرة تشهد فيها بلادنا «هجمة» مستثمرين يحملون دولاراتهم على اكتافهم ففي السبعينيات وعندما اشيع ان السودان هو سلة غذاء العالم وهو بالفعل كذلك من حيث الموارد شهدت بلادنا انسياباً وتدفقاً للاموال العربية لم تشهده في سابق تاريخها ولكن للاسف الشديد كل الاستثمارات العربية في السودان «طرشقت» اي خسرت خسراناً كبيراً وفقد كل المستثمرين أموالهم ونجوا بجلودهم واصبحت المنشآت التي اقيمت باموالهم اطلالاً ينعق فيها اليوم «فالمكضبنا وما مصدقنا». فليذهب الى المنطقة الصناعية في الباقير «30» كيلومتراً جنوب الخرطوم، فشلت الاستثمارات العربية في السودان نتيجة للفساد الاداري فالجماعة اعتبروا المال العربي مالاً سائباً ونزلوا فيه برؤوسهم كما «الماعز في لوبا الناس» هل هذه الصورة محتاجة لشرح؟ العامل السوداني كذلك لم يكن على قدر التحدي فانتاجيته ضعيفة بالاضافة لمشاكل النقابات والاجتماعيات، انعدام الطاقة او قلتها وانعدام البنيات التحتية المحفزة للاستثمار فالسؤال يطرح نفسه هنا ما هو التحوط الذي تم وضعه حتى لا تتكرر تجربة السبعينيات الفاشلة ويقوم «الجماعة صوف» كما فعوا من قبل؟ قانون الاستثمار وحده لا يكفي طالما ان المناخ العام لا يساعد على الاستثمار فالجبايات والرسوم المكوس الجزافية سوف تجعل هؤلاء القادمين الجدد يلعنون سنسفيل اليوم «الجابهم للسودان». التعقيدات الادارية وسلطات الولايات المحلية الواسعة سوف تعيق الاستثمارات القادمة.. هؤلاء المستثمرون قرأوا امكانيات السودان الهائلة على الورق وربما شاهدوها على الطبيعة ولكن هناك تعقيدات ومحددات لن تظهر لهم الا بعد بداية الانتاج سوف يشهدون الورق الابيض الذي تحمله الجماعات المختلفة هذا للمحلية وهذا للولاية وذاك للقيمة المضافة ورابع للزكاة وخامس لدمغة الجريح وسادس للنفايات وسابع لطبقة الاوزون وعاشر لحاجات تانية حامياني الامر الذي سيجعلهم «يكبون جازهم» ويغنون مع حمد الريح من كلمات ابوالقاسم الشابي «الوداع يا هضاب الأسى ويا فجاج الجحيم» فيا جماعة الخير اذا اردتم للاستثمارات القادمة بقاء ونماءً وازدهاراً في السودان «فاكنسوا» كل هذه «الحاجات» وساعتها سوف تزدهر بلادنا قمحاً ووعداً وتمنى وتمتلئ الخزينة العامة بالاموال الطيبة لا بالاموال المغصوبة والمقلوعة والمتردية والنطيحة وما أكل منها السبع.