عمـــر الدقيـــــر . . .

Quote: يقول مثل شعبي من جنوب كردفان (المسيرية):"الرجالة دناقر‘ ما كبر عناقر)..أي أنّ جوهر المرء يكون في خصاله وأفعاله وليس في ضخامة الجسد أو كم العرض. وقديما قال شاعر العربية أبو الطيب احمد بن الحسين (المتنبي): وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام الصبي الهادئ القادم من عتامير المجلد وأوديتها كان دائما عنده ما يقول ويفعل. عرفت عمر يوسف الدقير مذ كان صبيا يافعاً. كان شديد الصمت بين أقرانه..لكنه تحدث أخيرا، فكان صوتاً أصيلا لمرحلة كاملة. نحن (هو وأنا) ندعي بأننا أصدقاء لكن في المعنى المجازي الثوري لا المعنى الحرفي للصداقة، إذ أن فارق السن بيننا يجعل عمر الدقير - بأدبه وتواضعه الجم- يعاملني معاملة الأخ الأصغر لأخيه الأكبر..لكنه وشخصي الضعيف يبادل كل منا الآخر تقديرا وإعجابا ينزله مرتبة أقرب الناس إليه. ولعل أكثر ما يجعل المهندس الثائر عمر يوسف الدقير حبيباً إلى نفسي أنه من نمط الثوار المعنيين بجوهر القضية في نضالهم والزاهدين في الغنيمة حين المغنم. الثائر الحقيقي يشارك الصوفي فضيلة الزهد. وأصحاب الرسالات الضخمة في تاريخ البشرية ومنهم الرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام يفوقون غيرهم بفضيلة التعفف والزهد في الحياة - وهم الذين يقلبون حياة الشعوب رأسا على عقب بعد أن يثوروا على الطغيان والباطل. أدعي أنني أعرف عمرالدقير فترة ليست بالقصيرة..ويسعدني أن الفتى الذي ترعرع في حضن مجتمع قروي بسيط لم يجرب الهرولة والانحناء وسيلان اللعاب على مغانم شعبنا كلما أناخت سنوات الهوان بكلكلها على صدر شعبنا الباسل. عمر وأبناء وبنات جيله من أصحاب المبادئ وحاملي مشعل الحرية وكرامة الإنسان لم يساوموا أبدا. من هنا تدخل الطمأنينة قلبي كلما تعانقنا بعد طول غياب. في ابتسامته الواثقة أرى الظلال الشوارد لآمال ندخرها لشعبنا وبلادنا..إن لم نعشها نحن فسيعيشها أبناؤنا وبناتنا دون شك. أخي عمر..تذكر ما قلناه في عيد الأضحى المنصرم - وقد تبادلنا بعضا من حديث لم ولن ينقطع. كان ذلك قبل لحظات من تقديمك الرائع لأمسية شعرية شرفتموني باستضافتها في ناديكم العامر بأبي ظبي- تذكر أنني وإياك كنا متفقين تماما على أنّ ما تبقى من العمر لا يستحق الهرولة والإنحناء بعد هذا القسط من العمر النظيف ومن صحيان الضمير..وأننا نفضل أن نموت واقفين كالشجر !! لي كبير العشم في أنك لم ولن تنسى مثل هذا الكلام..كنا ندردش قبل بداية الأمسية لكنا كنا في الوقت نفسه يؤكد كل من للآخر أننا ما كنا ولن نكون ذات يوم في مزاد بيع الوطن وشعبه بالتقسيط ! عشمي أنك ما زلت صامدا وأن بسمتك الواثقة ناصعة كما عهدتها. أحييك في ذكرى انتفاضة شعبنا. أنت وأنا وكثيرون وكثيرات سيكون لنا علو الهامة والسبق في النهاية لأننا نراهن على أجمل ما في تاريخ وحاضر ومستقبل بلادنا وشعبنا.