|
اغتيال الصادق المهدي !!
|
منذ منتصف العام الماضي زادت وتيرة مطالبات الأسرة الدولية للحكومة السودانية باتخاذ إجراءات كفيلة بخفض العنف في دارفور وتجريد مليشيات الجنجويد من أسلحتها، واعادة الأمن إلى الإقليم المضطرب. وقبل ذلك بفترة ليست بالقليلة قابل نظام الإنقاذ دعوات رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بعقد مؤتمر جامع يفضي إلى مخرج قومي للأزمات السودانية بالاستهزاء والتقليل من شأن المقترح. وعوّل النظام على التنازلات التي قدمها في نيروبي كثمن ينجيه من "مقصلة" دارفور. راوغت الخرطوم طويلا. ولم تستجب لدعوات المجتمع الدولي بنزع فتيل الأزمة في دارفور. وعلى الرغم من اعتراف بعض رموز النظام بدور الخرطوم فيما يحدث (تصريحات اللواء صلاح عبدالله عن قصف قرى)، إلا أن الخرطوم تراخت عن وضع حد للقتل اليومي والاغتصاب وحرق القرى في دارفور. نظرت الخرطوم للأمر وكأنه لن ينتهي أبدا. فمداولات الأمم المتحدة يمكن الالتفاف عليها، كما أن "الموقف الأمريكي" يميل إلى امهال الخرطوم واحالة الملف برمته – إلى حد ما – للاتحاد الإفريقي. ولن يكون بوسع الأسرة الدولية فعل شيء في ضوء ضبابية تصبغ الأمر برمته. هكذا راهنت الخرطوم على إمكان تجاوزها أزمة دارفور من خلال التسويق لسلام الجنوب. وراهنت على قدرتها في الخروج منتصرة من كل أزماتها. ومالت الحكومة السودانية إلى تصديق أنها ظفرت فعلا بوضع مريح تتقاسم وفقا له السلطة والثروة "والأخيرة هي الأهم بنظرهم" مع الحركة الشعبية لتضع القوى السياسية الأخرى كلها "على الرف". ولهذه القوى أن تبرطم وتنظر – بتشديد الظاء – ما شاء لها أن تفعل ذلك، إنما بعيدا عن مشاركة فعلية. ثم، فجأة، صحت "الإنقاذ" صباح الجمعة مفزوعة – الجمعة كان يوم الانقلاب أيضا – على قرار مجلس الأمن. سبق ذلك القرار (1593) قراران آخران كان بمقدور الانقاذ قراءتهما بشكل مغاير وفهم مراميهما وتبعاتهما، لكن .. "الحماقة أعيت من يداويها"! ومن يتمعن في قراءة المشهد الرسمي في السودان، حتى قبل القرارات الدولية، يلحظ دون عناء مدى التخبط والارتجال والفوضى التي تضرب بأطنابها أروقة الحكومة. ليس ذلك فحسب ما يمكن استقراؤه من هذا المشهد، بل بالمستطاع أيضا ملامسة "رعب هائل" يطيش سهام الخرطوم عن الحكمة. فما حدث في بورتسودان على سبيل المثال، أوقع الحكومة في ورطة جديدة. وأسفر عن "خوف" رهيب يعشعش في دهاليز صناع القرار. وواضح أن جبهة الشرق ازدادت سخونة بعد "مجزرة بورتسودان" غير المبررة. وفي الأثناء كانت فضائح الفساد تتوالى، كما هو حال دعوات بعض الإسلاميين أنفسهم "لإنقاذ" ما وصفوه "العمل الإسلامي في البلاد". والمقصود طبعا انقاذ الحركة الإسلامية من الأزمة العميقة التي تعيشها والشراك المحكمة التي وضعت نفسها بداخلها وهي تحسب أنها – هكذا – بمنجاة عن الآتي !! وبدلا من مواجهة استحقاقات هائلة ترتبت ليس على قرارات مجلس الأمن فحسب، وإنما على سنوات طويلة من التلاعب بمصير الوطن، ونخاسة الضمير، بل ونخاسة الدين، والاتجار بكل شيء، والفساد، والظلم، والقتل، والتعذيب، بدأت الإنقاذ في مكروراتها القديمة ذاتها. شعارات، ومسيرات هزيلة تذكر بأواخر عهد الطاغية نميري – للمصادفة التأم شمله مع شمل الإنقاذ قبل أسابيع - !! وأحاديث ممجوجة عن "استهداف الوطن" في حين أن القرار يقضي باحالة 51 مواطنا فقط للمحكمة الدولية، وأحاديث أخرى عن "كرامة المواطن" وكأن المغتصبات في دارفور والقتلى هناك الذين يقدر عددهم بـ 200 – 300 ألف لا كرامة لهم ولا لأهلهم، وهم يعنون بالطبع "كرامة" قلة قليلة جثمت على صدر الوطن وامتصت قوت مواطنيه وعضت بنواجذها على السلطة حتى تساقطت أسنانها، ولجأت إلى كل وسيلة ممكنة لاخضاع الناس وتهديدهم وإغرائهم وتخويفهم. والآن ترغب الإنقاذ في ادخال الوطن برمته في نفق دموي باشاعة الفوضى والافلات – من خلال الفوضى – من العقاب الدولي !! وكانت أعينهم مصوبة باتجاه رئيس حزب الأمة بوصفه "كبش الفداء الأعظم" الذي يمكن أن يثير قتله فوضى لا نهائية وبلبلة ربما تستمر سنوات. ومهد بعض "أنصاف الكتاب" لهذا الأمر باشارات إلى عزم "الشيوعيين" اغتيال المهدي !! لا ناقة ولا جمل للشيوعيين في هذا الأمر. المصلحة الوحيدة في قتل المهدي تعود للإسلاميين. وكنت كتبت قبلا عن هذا الأمر ظنا مني أن الإسلاميين ربما ينتبهوا لغباء هذا السيناريو ويعرضوا حتى عن ترديده لئلا يزيد من الطوق الدولي عليهم بوصفهم "ارهابيين". لكن ... "الحماقة أعيت من يداويها". فوالي الشمالية بالانابة تبرع – وبذكاء خارق – للكشف عن ما يدور في أذهان جماعته فعلا. ويبدو أن العزة بالإثم و"شهوة السلطة" والاحساس بالأمن في ظل زبانية أجهزته أنساه حقائق عدة.
السيد إبراهيم خضر (والي الشمالية بالانابة) غير مطلع بشكل كاف على تاريخ السودان. لم يقرأ ما كتبه ونستون تشرشل في "حرب النهر" وهولت في "المهدية في السودان". ولم يتمعن الرجل في دراسة "السيكولوجية" التي تحرك الأنصار في السودان. بل أن المسكين لم يراجع حتى التاريخ القريب الذي كانت "جبهته الإسلامية" شاهد عيان عليه في "الجزيرة أبا" و"ودنوباوي" 1970 أو أحداث الجبهة الوطنية 1976. والرجل الذي يبدو أنه متأخر عن العالم ومتغيراته بعقدين على الأقل يخال أن "طالبان" السودان ومناصريها من متطرفي القاعدة بإمكانهم لعب الدور ذاته الذي لعبوه في أفغانستان والعراق في السودان. وفاتت على هؤلاء حقيقة واضحة وضوح الشمس، هي أن حزب الأمة لا يمكن أن يكون "الخاصرة اللينة" التي تقدم قربانا لفوضى "ينعم" بها حكام السودان للافلات من عقاب مستحق لا تقدر عليه أجهزتهم القضائية المدجنة. وأخال أن حزب الأمة بقياداته وجماهيره سيكتفي في الوقت الراهن بمراقبة التطورات، وفي حال مست الإنقاذ السيد رئيس الحزب داخل أو خارج السودان، فحينها سيكون "لكل حادث حديث" !!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اغتيال الصادق المهدي !! | خالد عويس | 04-05-05, 09:07 AM |
العنوان غير مناسب يا عزيزي خالد | Yasir Elsharif | 04-05-05, 09:09 AM |
Re: العنوان غير مناسب يا عزيزي خالد | إسماعيل وراق | 04-05-05, 09:12 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | محمد حامد جمعه | 04-05-05, 09:10 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | lana mahdi | 04-05-05, 09:11 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | إسماعيل وراق | 04-05-05, 09:17 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | محمد عبدالرحمن | 04-05-05, 09:20 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | خالد عويس | 04-05-05, 09:20 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | محمد حامد جمعه | 04-05-05, 09:23 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | عمر الفاروق شيخ الدين | 04-05-05, 09:18 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | بلدى يا حبوب | 04-05-05, 09:30 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | خالد عويس | 04-05-05, 09:37 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | yagoub albashir | 04-05-05, 09:43 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | خالد عويس | 04-05-05, 10:06 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | محمد حسن العمدة | 04-05-05, 10:30 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | معتز تروتسكى | 04-05-05, 12:48 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | Abdelrahman Elegeil | 04-05-05, 01:03 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | سجيمان | 04-05-05, 01:16 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | جمال هباني | 04-05-05, 01:13 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | خالد العبيد | 04-05-05, 06:51 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | أحمد الشايقي | 04-05-05, 11:42 PM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | nadus2000 | 04-06-05, 04:10 AM |
Re: اغتيال الصادق المهدي !! | شدو | 04-06-05, 04:28 AM |
|
|
|