الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 12:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.ياسر الشريف المليح(Yasir Elsharif)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-31-2004, 01:47 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان (Re: Yasir Elsharif)


    الأكرم الأخ نزار،
    تحية طيبة، وأعتذر عن التأخير في الكتابة .. والحمد لله أنني أجد الوقت الآن لذلك، وأسأل الله التوفيق..
    قولك في الحديث الذي أورده الأستاذ محمود بلفظ "قالوا" :
    1. أولاً لن نقرك على أن هذا حديث إلا بعد ذكر مصدرك، وإلا فهو تحريف لحديث موضوع.
    2. هذا المعنى الذي ذكرته الآن لا يفيد استدلالك السابق، لأنك أردت أن تقول إن النقل ليس مهماً، والمهم هو الاستقامة، وقلت تحديداً:


    النقطة الأولى: الحديث بلفظ "قالوا" لم أستطع أن أتحصل عليه من المصادر المتاحة لدي في الشبكة وسأستمر في المحاولة، مع اقتناعي بعدم أهمية ذلك..
    النقطة الثانية هي أنني لم أقل أن النقل ليس مهما.. أرجو أن تقرأ العبارة مرة أخرى وهي واضحة "العبرة ليست بنقل الأحاديث فحسب" وهذا يعني أن نقل الأحاديث مهم، ولكن الأهم منه هو الثقة بالذي ينقل الأحاديث.. وأنا أعلم أن الأستاذ محمود قد اطلع على كتب الحديث وعرف صحة الأحاديث التي أوردها في كتبه.. ولكنك تقول بأن الأستاذ لا يعلم الحديث، أليست هي معرفة مبذولة في الكتب لمن أراد؟؟ أم أنك تحسب الأستاذ محمود لم يقرأ أو لم يفهم؟؟.. دعني أقول لك شيئا هاما، هو أنني أحترم السلف الذين نقلوا لنا الحديث واجتهدوا في ذلك وأقدرهم أعظم تقدير، ولكنني لم أعايشهم ولم أعرفهم، وإنما عايشت الأستاذ محمود ووثقت به وبصدقه.. وقلت لك أنه لولا الأستاذ محمود لما اقتنعت بجدوى اتباع الطريق النبوي.. هذا هو الذي يجعلني أعطي الأستاذ محمود وزنا زائدا وأثق بما ينقله في كتبه.. هل أدركت الآن أنني لا ألغي عقلي، وإنما أستخدمه بصورة صحيحة؟؟ إن النقل مهم لمعرفة منهاج العبادة وشمائل قدوة التقليد حتى تصح العبادة، أما بعد ذلك فإن القيمة للفكر وللعقل في الترقي في هذا الدين.. والقرآن مليء بالآيات التي تحث على التفكر ..
    أما قولك السابق بأن الحديث النبوي وحي فهو صحيح بطبيعة الحال، ولكن ذلك لا يعني أن اللفظ موحى كما هو الشأن مع القرآن.. والقرآن قد تم تدوينه بحياة النبي عليه السلام، ولكن الحديث لم يتم تدوينه بحياة النبي عليه السلام، ومن هنا جاء الاختلاف في الروايات في لفظ كثير من الأحاديث.. وكثير من اختلافات المسلمين نشأت من الأحاديث والرواة والناقلين.. ولكن كل هذا لا يجعلني أهمل الحديث، كما تظن، بل أعرف أن الاطلاع على الحديث، خاصة صحيح البخاري، قد جاء في توصية من الأستاذ محمود في كتابه "محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد" حيث قال:
    كان الجمهوريون قد أصدروا البيان التالي:-
    الثلاثاء 25 ذو الحجة 1384 الموافق 27/4/1965
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الحزب الجمهوري
    إلى الراغبين في الله، السالكين إليه، من جميع الطرق ومن جميع الملل.
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد فإن الزمان قد استدار كهيئته يوم بعث الله محمدا داعيا إليه ومرشدا ومسلكا في طريقه. وقد انغلقت اليوم بتلك الاستدارة الزمانية جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة إلى الله، وموصلة إليه، إلا طريق محمد.. فلم تعد الطرق الطرق ولا الملل الملل منذ اليوم.
    ونحن نسوق الحديث هنا إلى الناس بوجه عام، وإلى المسلمين بوجه خاص، وإلى أصحاب الطرق والمتطرقين من المسلمين بوجه أخص.
    إن أفضل العبادة على الإطلاق قراءة القرآن، وأفضله ما كان منه في الصلاة، وطريق محمد الصلاة بالقرآن في المكتوبة وفي الثلث الأخير من الليل.. كان يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة لا يزيد عليها.. وكان يطيل القيام بقراءة طوال السور، أو بتكرار قصارها، أو بتكرار الآية الواحدة حتى تورمت قدماه.
    إن محمدا هو الوسيلة إلى الله وليس غيره وسيلة منذ اليوم - فمن كان يبتغي الوسيلة التي توسله وتوصله إليه، ولا تحجبه عنه أو تنقطع به دونه، فليترك كل عبادة هو عليها اليوم وليقلد محمدا، في أسلوب عبادته وفيما يطيق من أسلوب عادته، تقليدا واعيا، وليطمئن حين يفعل ذلك، أنه أسلم نفسه لقيادة نفس هادية ومهتدية..
    إن على مشايخ الطرق منذ اليوم، أن يخرجوا أنفسهم من بين الناس ومحمد، وأن يكون عملهم إرشاد الناس إلى حياة محمد بالعمل وبالقول. فإن حياة محمد هي مفتاح الدين.. هي مفتاح القرآن، وهي مفتاح ((لا إله إلا الله)) التي هي غاية القرآن، وهذا هو السر في القرن في الشهادة بين الله ومحمد ((لا إله إلا الله محمد رسول الله))..
    وحياة محمد مرصودة في كتب الأحاديث وخصوصا صحيح البخاري، وسيخرج الحزب الجمهوري نشرة بها إن شاء الله.
    هذا ما أذاعه الجمهوريون في ذلك التاريخ . والآن وفاء بما قطعنا على أنفسنا من عهد، ها نحن نخرج النشرة التي وعدنا بها.

    انتهى..
    ومن هنا فإن عباراتك التي جاءت في المداخلة الأخيرة هكذا :
    بل على العكس هذا التعريف الذي ذكرته يؤكد أهمية علم الحديث، لأن معرفة حال الرواة هي التي تبين هل عرفوا بالصدق أم بالكذب،....الخ ، ولا يكفي أن يكونوا صالحين فقط بل يجب التأكد من ضبطهم لما يقولون تحملاً وأداء كما هو معروف في علم الحديث. وأظن أن هذا من الوضوح بمكان.
    أما السلف الصالح الذين تثق بهم كالغزالي، فقد رجعوا في آخر أمرهم إلى مذهب السلف في الاعتقاد، والعناية بالحديث، وعلموا أن تمام الاستقامة إنما تكون على طريق المصطفى، وطريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، لا سبيل له إلا السنة الصحيحة.

    ===
    لا يمكن أن توجه إلي ولا إلى الأستاذ محمود..
    وأنت تقول:
    ثانياً: في معنى كلمة اليقين، أراك تركت الجزء المهم في أمرها، واسمح لي أن أكرره بعبارة أخرى، هل اليقين هو الدرجة التي يتوقف المرء بعدها عن عبادة الله؟ ويكون قد وصل إلى مرحلة لا يحتاج معها للعبادة التي جاء بها المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومات عليها الصديق أبوبكر الصديق، والشهيد عمر بن الخطاب وهما خير الخلق بعد الأنبياء، وهل يمكن للإنسان أن يترقى ليصبح الله؟
    رجوتك من قبل أن أجد إجابات واضحة صريحة، وما زلت أنتظر!

    الآية "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" لا تعني أن الإنسان يتوقف عن العبادة بعد مرحلة "حق اليقين" وإنما تعني أن ينتقل بالعبادة إلى مرحلة العبودية لله، وفيها العبادة حاضرة.. قال تعالى: "إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون".. أما سؤالك:
    وهل يمكن للإنسان أن يترقى ليصبح الله؟
    فأجيب عليه باختصار شديد بأن الإنسان من الله صدر وإلى الله يعود.. وليس لله صورة فيكونها ولا نهاية فيبلغها وإنما حظه أن يكون مستمر التكوين وطريقه هو العبودية لتحقيق كمالات الربوبية.. قل لي بربك، كيف تفهم أن "الرؤوف" و"الرحيم" هي من صفات الله سبحانه وتعالى عندما قال: "إن الله بالناس لرؤوف رحيم"، ولكنه وصف بها عبده ونبيه عندما قال "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"؟؟ أليس معنى ذلك أن الله يسبغ صفاته على عبيده؟؟ أم أنك تحسب أن هذا هو حظ النبي وحده وليس للناس نصيب فيه إذا اتبعوا "الوسيلة" وهو النبي محمد عليه الصلاة والسلام؟؟
    سأرجع إلى مداخلتك القديمة وقد كانت بتاريخ 22 ديسمبر..
    رابعاً: حديث "وإن آدم لمجندل في طينته صحيح، ولكنه ليس دليل على أزلية وسرمدية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأمور، منها:

    1- أن الحديث يفيد أن محمداً صلى الله عليه وسلم مكتوب في أم الكتاب خاتم النبيين، وآدم مجندل في طينته، وهذا حق، مثلما أنه مكتوب في أم الكتاب سائر أقدار الخلق، للحديث الصحيح: أول ما خلق الله القلم فقال : اكتب قال : رب وما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة } والحديث في سنن أبي داوود. ومكتوب إرسال الرسل، وتكذيب أقوامهم لهم، ومكتوب فرعون وكفره، وغير ذلك.
    2-كون الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وآدم مجندل في طينته، هو كون تقدير وليس كون -عيني: بمعنى ان الرسالة لم تصبح عيناً إلا عندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم سن الأربعين ما هو معروف، أما قبل ذلك فلم يكن لها وجود عيني. ولا شك أن علم الله لا يعزب عنه شيء، لكن هذا هو القدر وليس الوجود العيني، والأمر في ظني واضح.

    3- الأزلي والسرمدي هو الذي لا بداية له ولا نهاية، فهل نقول هذا عن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ذلك فنثبت لها وجودا كوجود الله. ما الدليل على أنها أزلية، والأزل يشمل ماقبل خلق آدم، وقبل خلق السموات، وقبل خلق القلم.
    أما الأيات والاحاديث التي سقتها لتعضيد استدلالك فلا تفيد أن رسالته صلى الله عليه وسلم أزلية، ولا حاجة بي لاستقصائها لظني أن الأمر واضح.

    نبوة نبينا محمد عليه السلام سابقة للخلق .. أنا أعرف أن السلفيين ينكرون الحديث المعروف بحديث جابر الأنصاري الذي يقول فيه النبي مجيبا جابر على سؤاله عن أول ما خلق الله: "أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر".. وسوف أنتهز الفرصة لنقل بعض الفقرات من كتاب "أدب السالك في طريق محمد" الذي أخرجه الجمهوريون، ومن بعض الكتب الأخرى للأستاذ محمود لشرح هذا الأمر الشائك للقراء في المداخلة القادمة، إن شاء الله.. ولكن قبل ذلك سأواصل للإجابة على أسئلتك التي جاءت في النقاط الأخرى.
    قولك:
    خامساً: القول الذي نسبته للعارفين

    Quote: " والعارفون يقولون بأن الإنسان لا يتعلم علما جديدا عليه بالمرة، وإنما يتذكر علما كان قد علمه وشهادة كان قد شهدها في عالم "الذر" ولكنه نسيها، والقرينة في قوله تعالى: "ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر؟"..،
    هل يعني هذا أن حياتنا هذه قد سبق أن عشناها من قبل وكل علم قد تعلمناه إنما هو تذكر لعلم مضى، أرجو الإجابة بشكل قاطع لاني أحتاج تأكيدها قبل أن أرد عليها.
    هذا الكلام يعني أن وجود الأرواح قد سبق وجود الأجساد البشرية.. وهو نفس المعنى الذي به للنبي محمد عليه السلام وجودا سابقا لوجوده الجسدي في القرن السابع.. ولكن يبدو أنك لم تهتم بالآية التي تحدثت عن عالم الروح هذا "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
    فهذه الشهادة أليست هي علم قد علمناه عندما كنا في عالم "الروح" أو عالم "الذر"؟؟ ونحن، كخلق لله، قد كنا في علم الله، وعلم الله يشمل كل شئ.. إن أي معرفة أو كشف علمي أو فلكي، إنما هو موجود أصلا، في علم الله، وكامن في البشر بطريقة خفية، وهذا يُلتمس ايضا في قوله تعالى "وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة".. فإن التفسير الظاهر يقول بأنه علم آدم أسماء الأشياء وهذا تفسير بسيط وقريب، ولكن الفهم الأكبر منه هو أنه أودع كل المعرفة في آدم، وهي معرفة حدودها مشيئة الله لنا، وهو يشاء لنا المزيد من المعرفة في كل حين.. وظهور هذا العلم يكون بالتعلم أو الاكتشاف أو ما يشبه الصدفة أو حتى بالرؤيا المنامية، وهذا كله يدخل فيما عنيته بالتذكر، وهذا هو معنى قوله تعالى: "علم الإنسان ما لم يعلم"..

    أنت تريد المزيد من التفصيل حول عبارتي السابقة " ما من شئ كان أو يكون إلا وهو كائن اليوم".. معناها أن الزمن الحقيقي هو اللحظة الحاضرة.. فما كان في الماضي ليس غائبا اليوم، وما يكون في المستقبل ليس غائبا اليوم.. .. وأرجو أن أورد للقراء هذا السؤال والإجابة عليه من الأستاذ محمود في كتاب "أسئلة وأجوبة الأول":
    ¯ أين توجد النار و الجنة ؟ في زمان غير زماننا ، ومكان غير عالمنا ؟ أهما البعد الرابع ؟
    القاعدة التوحيدية تقول أنه ما من شئ كان ، أو يكون ، إلا هو كائن اليوم، وعلى هذا فإن الجنة والنار موجودتان الآن ، ولكن بصورة مختلطة بعضها مع بعض، وسيجئ يوم يكون وجود النار فيه صرفاً ، ووجود الجنة صرفاً ـ ولا أعني الصرافة المطلقة ، فإن هذه لا تكون إلا عند الذات المطلقة ـ وهيهات !! و وجود الجنة ، بجانب ، وجود النار ، يمثله ، في حياتنا الحاضرة ، لحظات النعيم ، التي يلقاها أحدنا تارةً ، ولحظات الشقاء ، التي يلقاها ، تارةً أخرى.
    و سيجئ يوم يصير فيه النعيم بلا شقاء ، إلا قليلاً ، إلى جانب ، فيسمى الجنة .. ويصير فيه الشقاء بلا نعيم ، إلا قليلاً ، إلى جانب ، فيسمى النار .. وهذا في زمان غير زماننا الحاضر ، وفي مكان غير مكاننا الحاضر .. . أما الزمان فعندما تنتهي دورة الوجود الحاضرة ، وتبدأ دورة للوجود جديدة ـ فإن دورة الوجود الحاضرة بدأت يوم انفصلت كواكب النظام الشمسي من سحابة بخار الماء التي كانت تمثل الشمس الحاضرة ، وبناتها، التي تسمى بالكواكب السيارة ، والتي وردت عنها ، في القرآن ، الحكاية بقوله تعالى : ((أو لم ير الذين كفروا أن السموات ـ، والأرض ، كانتا رتقاً ، ففتقناهما ، وجعلنا من الماء كل شئ حي .. أفلا يؤمنون ؟)) وهي ستنتهي يوم يعود هذا الفتق إلى الرتق مرة ثانية ، ((كما بدأنا أول خلق نعيده)) ، فإذا عادت الأجرام إلى الرتق بعد الفتق فقد انتهت دورة من دورات الوجود ، وبدأت دورة ، ويومئذ يبدأ زمان الجنة المنمازة عن النار ـ وتبدأ الأرض الجديدة ، (وهي الشمس ، وبناتها في كتلة واحدة) وتكون الشمس قد بردت ، وأصبحت ، في قشرتها ، صالحة لنشأة الحياة الجديدة عليها ، وفي داخلها ، لا تزال تلتهب ، فتكون ، على ذلك مكان الجنة ظاهر الأرض الجديدة ، ومكان النار باطنها .. قال تعالى عن يومئذ ((يوم تبدل الأرض غير الأرض ، والسموات ، وبرزوا لله ، الواحد ، القهار)).
    وتنبت الحياة من جديد ، في دورتها الثانية ، من باطن الأرض على ظاهرها، كما تنبت البذرة ، فكأن الناس يخرجون بذلك من النار (باطن الأرض الجديدة) إلى الجنة (ظاهر الأرض الجديدة) وإلى ذلك الإشارة في قوله تعالى ((وإن منكم إلا واردها ، كان على ربك حتماً مقضيا)) ..
    وانمياز الجنة عن النار يحدث نموذج منه على ظهر أرضنا الحاضرة ، وكأنه صورة مصغرة لما يكون عليه الأمر في اليوم الآخر. فأنه من المقرر في الإسلام أن جنة الأرض تتحقق قريباً بمجئ المسيح ، حيث يملأ الأرض عدلاً ، كما ملئت جوراً ، كما هو موعود المعصوم ، وبعدها يتحقق قوله تعالى ((وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الأرض، نتبوأ من الجنة حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين)) ويوم يتحقق تعمير أرضنا هذه بهذه الصورة ، تختفي الحشرات ، والهوام ، والأفاعي ، في باطنها ، فتكون صورة لأهل النار ، في النار ، في اليوم الأكبر ، في الأرض لكبرى ، التي تحدثنا عنها ..
    و الجنة و النار، ليستا البعد الرابع، لأنهما مكان، ولا يتسع المقام هنا للحديث عن البعد الرابع ، ويكفي أن نقول أنه ليس الزمن،وإنما هو الله. وشرح ذلك يطول ، ويكفي أيضاً أن نقول، في هذا المقام ، أنه متضمن في هذه الآية الكريمة ((إن المتقين في جناتٍ ، ونهر ، في مقعد صدقٍ ، عند مليك مقتدر)) ..

    نقطة حياة النبي عليه السلام البرزخية..
    قولك

    ألم تنقل أني قلت إنه حي ولكن ليس كحياتنا، ووافقتني على ذلك؟ فكيف تزعم أن قلت إنه غير حي
    أما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات،واستوفى رزقه وأجله في هذه الدنيا، فهي ثابتة بالآيات والأحاديث، لكن له حياة برزخية وهذا ما قلته سابقاً، لم أفهم وجه اعتراضك حقاً، فنحن نتفق أنه حي حياة غير حياتنا ، لكن هل تقول إنه لم يمت وأن الأية ليست صحيحة؟ أم ماذا؟


    النبي عليه السلام التحق بالرفيق الأعلى، وقد حقق بنزع الموت المقام المحمود.. جاء في الأثر أن سيدنا جبريل دخل على النبي وهو في فراش الموت، فسلّم وقال: إن ربك يقرئك السلام ويسألك كيف تجدك، وهو أعلم بك.. قال: أجدني وجِعاً.. قال: أبشر فإن الله يريد أن يبلغك ما وعدك"؛ يعني بذلك المقام المحمود الذي جاء في الآية "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا".. وقد أصبح هذا المقام منذ التحاقه بالرفيق الأعلى مشدودا إلى الأرض يمد ولايات الأولياء من برزخه هذا.. ومن هنا يجيء حديث الأولياء عن الحضرة النبوية.. هذا ما يقوله الأستاذ محمود، وينكر على السلفيين، مثل الوهابيين، هذه الغلظة والجفوة في التعامل مع النبي كما يتعامل المرء مع بقية الأموات، وهذه هي التي لا أحبها لك يا عزيزي نزار.. وموعدي مع القراء الكرام المزيد حول هذه النقطة فيما سأورده من كتاب "أدب السالك في طريق محمد".. ..
    والآن إلى نقطتك السادسة:
    سادساً: أنت قلت أن الساعة التي لا يسع الرسول صلى الله عليه وسلم فيها ملك مقرب أو نبي مرسل هي التي تتكرر في كل يوم في جوف الليل الأوسط، وهي ساعة المقام المحمود الذي كان في المعراج، هل تعني أن الرسول يكون في كل يوم كما كان في المعراج يصعد للسماء روحاً وجسداً ليصل سدرة المنتهى ويتلقى علم الولاية الذي أمر بعدم تبليغه؟ راجع كلماتك... ساعة جوف الليل ساعة متكررة، والمعراج الذي بالروح والجسد كان مرة أو مرتين (في بعض الأقوال المرجوحة)
    وكذلك الساعة التي عنيتها في الآية: " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا. هذا خلط غريب ولي للنصوص للوصول إلى ما تريد.


    لم تفهمني كما كنت أحب يا عزيزي نزار.. دعني أوضح نفسي أكثر.. إن للنبي عليه السلام ساعة أو قل حالة يتلقى فيها من ربه بغير واسطة الملك، وذلك عندما يصلي بالقرآن، ولكن بصورة خاصة في الثلث الأخير من الليل لأن ساعات الليل هي أكثر الأوقات التي يخلو فيها إلى ربه بعد أن يأخذ قسطا من الراحة.. اقرأ قوله تعالى في سورة المزمل: "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا " وقد قال الأستاذ في هذا أنه يعني مواطأة القلب للسان.. ولهذا فإن الأستاذ محمود قد دعا المسلمين إلى المواظبة على قيام الثلث الأخير من الليل، وهذا ما يواظب عليه الجمهوريون قدر الاستطاعة.. وأذكر أن الأستاذ محجوب شريف سأل الأستاذ محمود في لقاء صحفي عن أحب ساعات اليوم إليه والهواية التي يمارسها.. فقال له أن أحب ساعات اليوم إليه هي الثلث الأخير من الليل والهواية التي يمارسها هي قيام الأسحار.. راجع اللقاء كاملا هنا:
    http://www.alfikra.org/interviews/i007.htm
    وأرجو، بهذه المناسبة، أن يسمح لي الأخ نزار أن أنقل من كتاب الأستاذ محمود "تعلموا كيف تصلون" فقرتين توضحان أهمية صلاة الثلث الأخير من الليل..
    وآية فرضية صلاة الثلث على النبي ، وتخصيصه بها ، قول الله تعالى : ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك.. عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا..)).. وقول الله تعالى : ((يا أيها المزمل !! * قم الليل.. إلا قليلا * نصفه ، أو إنقص منه قليلا * أو زد عليه.. ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا * إن ناشئة الليلٍ هي أشد وطأً.. وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحاً طويلا * وأذكر إسم ربك ، وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق ، والمغرب ، لا إله إلا هو.. فأتخذه وكيلا)).. وفي هذه الآيات تجيء فضيلتها أيضاً ، وهي إعداد القائم بالثلث إعداداً به يتهيأ لتلقي العلم اللدني : ((إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا)).. القول الثقيل ، في حق النبي ، إنما هو القرآن ، والعلم اللدني.. وفي حق العباد ، المجودين ، إنما هو العلم اللدني.. وكيف يعده القيام لتلقي العلم اللدني العظيم ؟؟ الجواب : لأن ذلك الوقت من الليل إنما هو وقت صفاء النفس ، لسكون الليل ، وهدوء البال : ((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً.. وأقوم قيلا)) يعني يواطيء فيها القلب ، اللسان ، فيستقر القول ، ويستقيم الخاطر ، ويطمئن القلب ، وتستوي لكل أولئك ، الفطرة ، فتفيض المعارف الإلهية ، اللدنية فيضاناً يغمر القائم ، الموفق إلى التجويد، من جميع أقطاره..
    وآية فرضيتها على الأمة المعاصرة ، التي يرجى لها أن تنجب الأخوان ، إنما هي قول الله تعالى : ((قل : إن كنتم تحبون الله فاتبعوني.. يحببكم الله ، ويغفر لكم ذنوبكم.. والله غفور رحيم)).. وهذا الأمر بالإتباع ظل قائماً في عهد الأصحاب ، في حدود إتباع ((الشريعة)) ((إلزاماً)) ، وفي حدود إتباع الميسور من ((السنة)) ((إلتزاماً)) ، أي ((تطوعاً)) ، و (ندباً).. ولكنه اليوم ، في عهد الأمة التي يطلب إليها بعث ((السنة)) لترقى بها مراقي الأخوان ، يصبح ملزماً شريعةً. ذلك كما قلنا ، بفضل الله ، ثم بفضل حكم الوقت.. ويجب أن يكون مفهوماً : فإن شريعة ((الأخوان)) هي ((سنة)) ((النبي)) ، في حين أن شريعة ((الأصحاب)) هي ((شريعة)) ((الرسول)).. وقد فصلنا ذلك تفصيلاً في كتابنا : ((طريق محمد)) ، الطبعة الثالثة مما يغني عن إعادته هنا.. فليراجع في موضعه.. ووقت صلاة القيام أوله نصف الليل.. ويجب أن يقام إليه بعد نوم ، يأخذ الجسد فيه راحته ، لتبلغ النفس فيه صفاءها ، وتدرك جمعيتها ، حتى تقبل على الصلاة برغبة.. وآخر وقت صلاة القيام طلوع الفجر الكاذب.. وأدنى صلاة القيام ثلاث ركعات.. وأعلاها ثلاث عشرة ركعة.. وهذه الصلاة عظيمة ، عظيمة.. ويجب أن لا تفرط فيها ، إن كنت تبتغي مداخل العرفان.. ويجب أن يكون واضحاً : فإن صلاة ((التراويح)) التي يصليها الناس ، منذ حين ، وإلى عهدنا الحاضر ، في أول الليل ، في رمضان ، ويسمونها ((صلاة القيام)) ليست هي بصلاة قيام ، على الإطلاق.. وإنما هي ((بدعة)) ابتدعها أمير المؤمنين ، عمر بن الخطاب ، على أثر ما جرى من النبي للناس ، في ليلتين أوقفها بعدهما.. وقال ، لمن كان ينتظر خروجه إليهم ، من الأصحاب ، لأدائها : خشيت أن تكتب عليكم.. وأما عمر فإنه قد وجد ، على عهده ، الناس يصلونها ، في المسجد ، فُرادى.. ووجد بعضهم يشوش على بعض ، باختلاط قراءتهم.. فقال : ((لو جمعناهم على إمام)).. فجمعهم.. ثم اطلع عليهم ، ذات ليلة ، وهم يصلونها خلف إمامهم ، فقال : ((إنها لبدعة ، ونعمت البدعة ، والذي ينامون عنه أفضل من الذي يقومونه)).. يعني الوقت ، من الليل ، الذي ينامون عنه ، وهو الثلث الأخير ، أفضل من الوقت الذي يقومونه منه ، وهو أوله.. وقد ظلت بدعة ((التراويح)) تمارس إلى يومنا الحاضر.. وقد أنى لها أن تقف.. ذلك بأن حكم الوقت اليوم يقضي بإيقاف كل البدع الحسنة.. فإنه وقت التزام ((السنة)) ، لا وكس ، ولا شطط.. فلم تغادر ((السنة)) صغيرة ، ولا كبيرة ، نحتاجها في أمر معاشنا ، وأمر معادنا ، إلا وجهت فيه توجيهاً سديداً.. وأن حكم الوقت الحاضر ليقضي ببعث السنة التي عجز عن اتباعها الأصحاب.. لا تصل ((التراويح)).. ولا تنم الثلث من الليل.. ولا تزد ، في صلاة الليل ، عن الثلاث عشرة ، لا في رمضان ، ولا في غير رمضان.. وإن فاتتك ، لنوم غلب عليك ، فأقضها في الضحى ، وصلها شفعية.. اثنين ، أو أربعاً ، أو ستاً ، إلى اثنتي عشرة.. تأتي من ذلك ما تطيق.. وأقضها بنية توكيدها الى النفس ، كعقوبة لها على فوات الثلث.. فإن ذلك الصنيع يورث النفس من الندم على فواته ما يوقظ فيها رقيباً عليها ، ينهضها من الليل..


    النقطة السابعة:
    سابعاً: ألم تقل:
    Quote: والأصل النبوة، ثم انبثقت عنها الرسالة من أدنى وأثمرت ولاية من أعلى
    .. الا يفيد هذا القول أنك ترى أن الولاية أعلى من النبوة والرسالة، ودعني أسألك سؤالاً أرجو أن يجيبني عليه جواباً مباشراً، هل ترى بإمكانية أن يكون هناك ولي أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؟
    ==
    إن قولي ظاهر وهو أن النبي في ولايته أكبر منه في نبوته.. أما سؤالك فقد أجبت عليه في مداخلاتي السابقة عندما قلت:
    وهو بالنبوة يتلقى من جبريل، وبصفته رسول يبلغ ما أمر بتبليغه.. أما بصفته ولي فهو يتلقى من الله وله حديث يقول فيه: "لي ساعة مع الله لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل" والمعنى أن علمه في تلك الساعة أكبر من علم الأنبياء المرسلين والملائكة المقربين وهذه هي درجة الولاية.. والأصل النبوة، ثم انبثقت عنها الرسالة من أدنى وأثمرت ولاية من أعلى..

    وقد نقلت للأخ كمال عباس في مداخلة بعاليه ما يفيد بأنه ليس هناك مقام أعلا من مقام النبي عليه السلام في ولايته، وبهذا يتضح أنه لن يكون هناك ولي أفضل من النبي محمد عليه الصلاة والسلام.. وموعدي مع القراء المداخلة القادمة للتفصيل في هذا الموضوع الهام والضروري لمعرفة مقام نبينا ووسيلتنا في الدنيا والآخرة محمد عليه الصلاة والسلام.. وهي فرصة لتصحيح كثير من التشويه الذي نشره خصوم الأستاذ محمود عنه..
    النقطة الثامنة:
    ثامناً: هناك تخبط عجيب في قولك:

    Quote:
    ولكن نحن نتبع النبي محمد لنصل إلى الله وليس أن يبقى هو حجابا بيننا وبين الله.. وهذا يُلتمس في قول الحق عز وجل: "ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون"..

    1- اتباع النبي لا يمكن أن يكون حجاباً بيننا وبين الله.
    2- الآية لا تفيد المعنى الذي قصدته مادخل الآية، هل نتخذ الرسول رباً عندما نتبعه، هذا خلط آخر

    أما قولك:

    Quote: ولذا فإنه بعد مرحلة "الإسلام" الذي هو فوق "الإيمان" و"الإحسان"، ويجيء بعد علوم اليقين الثلاثة، فإن "المسلم" يأخذ من الله بغير واسطة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

    فهذا هو عين الابتداع أين الاتباع الذي تزعمونه لأنفسكم، وأنتم تخالفون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو عليه رد، ثم ما هو معيار الوصول لمرحلة الأخذ من الله بلا واسطة.
    يذكرني هذا قول العارف الذي قيل له إن هؤلاء القوم يزعمون أنهم وصلوا ، قال: نعم وصلوا ولكن إلى سقر
    ثم هل ترى أن محمود وصل إلى درجة التلقي من الله بدون واسطة النبي؟
    أما سؤالي السابق:
    هل تقول بفكرة خاتم الأولياء ـ التي قال بها ابن عربي ـالذي يظهر في آخر الزمان، والذي هو أفضل من خاتم الأنبياء؟
    فلم تجب عليه، وأتوقع إجابة صريحة لا حيدة فيها، ثم لماذا اختصرت الجواب في إرجاع الأمر إلى محمود، دون حتى إدراج وصلة أو نقل، كأنك تريد أن تتجاوز هذه النقطة، أبن أفصح؟

    ملحوظة: كل ما هو بالأحمر هو كلام الأخ نزار[
    هذه المنطقة من الموضوع دقيقة ولا ينفع فيها اقتطاع الكلام من مداخلاتي معك..
    دعني أوضح لك ما قصدته بالحجاب النبوي العظيم.. وذلك بإيراد قول الأستاذ محمود فيه.. ولك أن تعتبره ابتداعا، فأنت حر، ولك أن تقول مع ذلك "العارف" بأنه قد وصل إلى سقر، ولكن يجب أن تعلم أنه أمر جليل وخطير، اختار الأستاذ أن يواجه فيه الموت ولا يتنازل عنه، وأنه لقي ربه مبتسما، وهي آية وعلامة لم يقف الناس عندها وإنما حُجبوا عنها.. وأرجو لك وللقراء قراءة هادئة ومفيدة..
    للصلاة معنيان
    فالصلاة لها معنى بعيد، ولها معنى قريب.. ولقد خرجت الصلاة على مستويين من مستويات شهود النبي ربه، والقرآن يقص علينا هذين المشهدين فيقول: ((علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى)).
    فأما المشهد الأول فهو مشهد أسمائي، وأما المشهد الثاني فهو مشهد ذاتي.. يقول تعالى عن نفسه ((كل يوم هو في شأن)) وشأنه إبداء ذاته لعباده، وهذا الإبداء إنما هو تنزل من بهموت الذات إلى مراتب العباد ليرقوا في معارج هذه التنزلات إلى حضرة الذات.. فالله تعالى يقول عن تنزلاته إلى عباده: ((وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)) فالقرآن هو الذكر في مقام الجمع، والفرقان هو الذكر في مقام الفرق.. ومقام الفرق هو التنزلات إلى مرتبة الصفة ومرتبة الفعل، وإلى هذه المراتب الإشارة بقوله ((ونزلناه تنزيلا)) يعني تنزيلا من بعد تنزيل في المراتب لتكون للعارفين معارج يطوون فيها المراتب، مرتبة بعد مرتبة، حتى يقفوا على عتبة الذات.
    ((وبالحق أنزلناه، وبالحق نزل، وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيرا)) ((وبالحق أنزلناه)) يعني الذكر. وأنزلناه إلى مقام الجمع وهو القرآن. ((وبالحق نزل)) إلى مقام الفرق، وهو الفرقان.. والذكر في مقام جمع الجمع، وهو مقام الاسم مما يلي الذات، والقرآن مقام الجمع، وهو مقام الاسم مما يلي الصفات، والفرقان مقام الفرق، وهو التعدد، وأدناه الثنائية، وهو مقام الصفة ومقام الفعل.. ومقام الفعل أعلاه مقام توحيد، وأدناه مقام شرك - مقام تعدد- وذلك عند بروز الأكوان من المكون بأثر الفعل.. فمن شغلته المخلوقات عن الخالق فهو مشرك، ومن رأى من وراء فعل المخلوقات فعل الله فهو موحد، وفي الحق، أن التوحيد كله في مقام ((وحدة الفاعل))، وهو ما عنيناه بعبارة ((رآى من وراء فعل المخلوقات فعل الله))
    والرسالة تنزل إلى أدنى درجات التعدد، وخاصة في وجهها الجلالي.. وجه الإنذار.. وغرضها جمع الناس على الله من التفرق في التعدد، وإلى ذلك تشير عبارة ((وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)).
    والتوحيد كله في مرتبة وحدة الفاعل، لأنها مرتبة الشرك الخفي.. ولن يخلص العبد من الشرك الخفي إطلاقا، لأنه يدق حتى يصبح أدق من الشعرة وأحد من السيف، ثم لا ينتهي، وهو الحجاب القايم بين الوحدة المطلقة، التي هي حظ الرب، والوحدة النسبية التي هي حظ العبد.
    ومرتبة الفعل هي مرتبة ((الواحدية))، والواحدية صفة الإله: ((وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)) وفي الحق، أن الناس لم يجحدوا الله وإنما جحدوا الإله، وهو تنزل الله إلى مرتبة الفعل في المستويات الصغيرة التي يقع الشبه فيها ويسود اللبس.. وهذه مستويات الشرك الخفي عندما تتداعى إلى الخفاء.. اسمع القرآن يحدثنا في هذا المعنى: ((ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض، وسخر الشمس والقمر، ليقولن الله، فأنى يؤفكون * الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له، إن الله بكل شئ عليم)) كأنه يقول: أن الأعمال الكبيرة الظاهرة التي يستحيل عليهم أن يشاركوا فيها، كخلق السموات والأرض، ينسبونها لله، ولكن الأعمال الصغيرة التي لهم فيها في ظاهر الأمر مشاركة ينسبونها لأنفسهم.. أو كأنه يقول: إذا سألتهم من خلق السموات والأرض يقولون خلقهن الله، وإذا سألتهم من يرزقكم يقولون سعينا واجتهادنا - إن لم يكن قولهم هذا بلسان مقالهم، فإنه على التحقيق، قولهم بلسان حالهم.
    وكل الشرك في مسألة الرزق، ولقد قال العارفون أن الانسان يفر من أجله، ويجري وراء رزقه، وفي الحق، أن الأجل والرزق يطلبان العبد طلبا حثيثا، وهو لن يعجز أجله هربا، وهو لن يعجز رزقه هربا بنفس القدر.. فإذا تم يقين العبد بالرب، يعلم أن ما قدر لماضغيه أن يمضغاه لا بد أن يمضغاه، وإن هرب منه.
    فالآية الثانية تخبرنا أن الذي خلق السموات والأرض هو نفسه الذي يبسط الرزق للعباد.. فالخالق واحد لكبير الأعمال وصغيرها.. اسمعه يقول ((أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم؟ قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار)).
    ومرتبة وحدة الفاعل أول مراتب تجليات الذات مما يلي العبد.. أو قل هي أول مراتب العروج إلى الله ذي المعارج. والمرتبة التي تلي وحدة الفاعل هي وحدة الصفة وهي مرتبة ((الأحدية)) والأحدية صفة الله ((قل هو الله أحد)) والمرتبة الثالثة وهي التي تلي مرتبة وحدة الصفة هي مرتبة الاسم، وهو ((الله)) وليس وراء هذه المرتبة إلا الذات الصرفة.
    ومعنى الواحد الفرد الذي لا ينقسم، وهو أول مراتب التفريد.
    ومعنى ((الأحد)).. الذي لم يجيء من مثله، ولا يجيء منه مثله، أو هو الذي ((ليس كمثله شئ)) وهو أوسط مراتب التفريد.
    ومعنى ((الله)).. الذي يجل، ويتعالى أن يكون له معنى، ولكنه، مما يلي الخلق، هو متعلق الصفات ومما يلي الذات إن هو إلا إشارة إلى الذات الساذج، الصرف، التي تجل عن أن تسمى، أو أن توصف.
    ومعنى أنه متعلق الصفات، أنه علم على أول تنزل من صرافة الذات، وهو أعلى مراتب التفريد. وهذه المراتب الثلاث، وعديد المراتب التي دونها، هي من جهة الذات تنزل، ومن جهة العبد معراج، فالمعراج تنزل درجات سلم الذات ليرقى عليها العبد درجة، درجة. والمعراج قطع هذه الدرجات أيضا، وقد قلنا أن النبي في المعراج شاهد ربه على مستويين، فأما الشهود الأول، فهو شهود أسمائي، وأما الشهود الثاني، فهو شهود ذاتي.. والشهود الأسمائي هو هذا الذي فصلناه في المراتب الثلاث.. فالشهود الأسمائي هو شهود تجليات الذات في الخلق فقد شاهد النبي التجليات الإلهية في جبريل. والقرآن يقص علينا في هذه الآيات من سورة ((والنجم)) وقد أوردناها آنفا: ((علمه شديد القوى)) جبريل ((ذو مرة فاستوى)) وصف جبريل بالشدة، ومعنى ((فاستوى)) في صورته التي خلقه الله عليها، وهي أعلى ما يكون جبريل مظهرا للتجلي الأسمائي، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى ((وهو بالأفق الأعلى)) مما يلي الذات ((ثم دنا فتدلى)) تنزل في التجلي الأسمائي إلى مرتبة الصفة ثم إلى مرتبة الفعل، حيث استقر ((فكان قاب قوسين أو أدنى)). وفي هذا الثالوث إشارة لطيفة إلى العقل، لا يتسع المقام لاستقرائها، ((فأوحى إلى عبده ما أوحى)): فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى.
    هذا التفصيل فيما يخص المشهد الأسمائي. وأما المشهد الذاتي فقد أخفي في سياق عبارات القرآن، لأنه فوق العبارة، ولا تسعه إلا الإشارة. وقد جاءت عبارة، هي نهاية في الدقة، وفي الإيجاز، وفي القيمة السلوكية للسالكين لتشير إلى هذا الشهود الذاتي إشارة سلوكية، وتلك هي آية ((ما زاغ البصر وما طغى)) ولما كانت سدرة المنتهى هي نهاية الشهود الشفعي، أو ((الثنائي)) وبداية الشهود الوتري أو ((الفردي)) فقد أخبرنا القرآن عن ذلك فقال: ((إذ يغشى السدرة ما يغشى)) من طرف التجلي الذاتي، بلغ النبي مقام ((ما زاغ البصر وما طغى))، والبصر هنا والبصيرة شئ واحد، لأن هذا مقام التوحيد، وهو يعني الفكر و ((ما زاغ)) يعني ما رجع فانشغل بالماضي، و ((ما طغى)) يعني ما انشغل بالمستقبل، فكأن النبي، من فرط ما غشيه من الشهود الذاتي، قد استغرق، وأخذ من جميع أقطاره، حتى أصبح وحدة مكانية، في وحدة زمانية، وبهذا التوحيد، الكامل الشامل، خرج عن الزمان، والمكان وتحرر منهما، فشاهد من ليس يحويه المكان، ولا الزمان.. شاهد الله، شهوداً ذاتياً، ليس للعبارة فيه مجال. وهنا فرضت الصلاة بمعناها البعيد.. فرضت بلسان الحال، لأن لسان المقال هنا أخرس. ولم يكن جبريل حاضرا هذه، وإنما كان جبريل حاضرا فرض الصلاة بالمعنى القريب.
    والصلاة، بالمعنى القريب، هي الصلاة الشرعية، ذات الحركات المعروفة. ولقد فرضت في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) وهو مقام الشهود الأسمائي، والشهود الأسمائي وسيلة إلى الشهود الذاتي. فإن العبد المترقي يشاهد وحدة الفعل، ثم يترقى منها إلى شهود وحدة الصفة، ثم يترقى منها إلى شهود وحدة الاسم، وليس وراء ذلك إلا شهود الذات، وليس في شهود الذات مقام، وإنما هي إلمامة خاطفة، وجمعية مستغرقة، ينادي عندها منادي الطبيعة البشرية ((يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا)). ثم يكون تنزل العبد راجعا في درجات معراجه، فيكون مما يليه، في حالة التنزل، شهود وحدة الاسم، ثم وحدة الصفة، ثم وحدة الفعل، فكأنه شاهد، في العروج ثم في التنزل بعد العروج، كل مشهد مرتين، ولكن بصورتين مختلفتين، لأن التكرار ممتنع في تلك المقامات، فإنه ((كل يوم هو في شأن)). وكل المشاهد، في حالة التنزل، أعظم منها في حالة العروج، ولذلك فقد فرضت الصلاة خمسين في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) في حالة المعراج، وخففت إلى خمس في مقام ((قاب قوسين أو أدنى)) في حالة التنزل من المعراج، والسر في التخفيف، أن النبي بعد شهود الذات أصبح أعرف بالله منه قبلها، والعارف مخفف عليه دائما، على قاعدة، ((ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم، وكان الله شاكرا عليما؟)).
    في مقام الشهود الذاتي فرضت الصلاة بالمعنى البعيد، وهي الصلة مع الله بلا واسطة، في مقام ((ما زاغ البصر وما طغى))، حيث تطمس من العبد ذاته المحدثة، وتبقى ذاته القديمة في صلة مع القديم، لا يفصلها وسيط، ولا تقوم بينهما وسيلة، وهناك تسقط الوسايل والغايات، ولا يبقى إلا الواحد، ((وليس لسفن العبارة ههنا نصيب)). ولم يكن جبريل حاضرا، لأنه لا مقام له في شهود الذات، وذلك لأنه لا ذات له - لا نفس له- بها يطيق أنوار التجلي الذاتي، وهذا ما جعل ساير البشر، في مآلهم، أكمل من خاصة الملائكة.. فكمال الملائكة على البشر كمال درجة، وكمال البشر كمال نشأة، وهذا معنى قول المعصوم ((إن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأت الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم)).
    وجاء تخلف جبريل لسبب آخر، هو أن وجود جبريل يجعل النبي شفعا، ولا يصلح الشفع في مشاهدة الوتر. وفي مقام الشهود الأسمائي فرضت الصلاة بالمعني القريب.. الصلاة الشرعية، وقد كان جبريل وسيطا فيها، وقد جاء بكيفيتها ومواقيتها ووضوئها إلى النبي في مكة، وعلمه كيف يصلي.. وليس معنى هذا أن النبي لم يكن على صلاة قبل المعراج، بل إنه، على التحقيق، قد كان على صلاة قبل البعث، منذ أن كان يتحنث في غار حراء، ولكن صورة صلاته القديمة صححت بعد المعراج، فجاءت الصلاة التي نعرفها اليوم، وجعلت معراجا، له بالأصالة، ولأمته بالتبعية. وهي معراج إلى المقام المحمود، الذي قامه بين يدي ربه في مشهد، ((ما زاغ البصر وما طغى)). وقد قال تعالى في حق نبيه ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا)).

    التقـليد
    ((صلوا كما رأيتموني أصلي))!! هكذا أمر النبي في تبليغه رسالة ربه. فالصلاة معراج النبي بالأصالة، ومعراج الأمة من بعده بالتبعية، والتقليد.. وكلمة ((رأيتموني أصلي)) لها معنى بعيد، ومعنى قريب.. فأما معناها البعيد، فهو أن نرى بعين البصيرة حالة قلب النبي من صدق التوجه، حين يقوم لصلاته. فهو حين يقول الله أكبر، في إحرامه، لا يكون في قلبه أكبر من الله، لأنه حرر نفسه من علائق الدنيا بتقليل حاجته منها، وبزهده فيها، وهذا ما أشرنا إليه آنفا في مقام العبودية وأما معناها القريب، فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته فنتقنها أيضا.. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة وبعين البصر.. وبعبارة أخرى بدون أن نعرف حالة قلبه، وحركات جسده، لا نكون قد رأيناه.. وإذا صلينا بمحاكاة حركات الجسد، بدون محاكاة صدق توجه القلب، لا نكون أطعنا عبارته ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وآفة صلاتنا الحاضرة أننا ذهلنا عن هذه الرؤية المزدوجة، فأصبحنا نتقن حركات الصلاة، ولكن قلوبنا شاردة. فنحن، حين نقوم بأجسادنا في مساجدنا، نكون بقلوبنا في السوق، أو في الشارع أو في الأماكن العامة.. ونحن، حين نقول الله أكبر في إحرامنا يقول مناد من قبل الحق كذبتم.. لستم بها صادقين.. وإنما المال أكبر، أو الجاه أكبر، أو السلطة أكبر من الله في قلوبكم. وبذلك لا تكون صلاتنا صلاة، ويحق فينا قوله تعالى: ((فويل للمصلين، الذين هم صلاتهم ساهون * الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون)) سماهم المصلين، لأن حركاتهم حركات مصل. ثم قال فيهم أنهم عن صلاتهم ((ساهون)) يعني غافلون عن حقيقة صلاتهم، وهي التي تقوم فيها الصلة بين الله وبينهم وذلك بحضور قلوبهم فيها.. ولذلك قال ((الذين هم يراؤون)) أي يهتمون بالظاهر ويهملون الباطن ((ويمنعون الماعون)). والماعون يعني القلب.. يمنعونه من الله أن يكون فيه، ويملأونه بأصنام حب الجاه والمال والسلطة.
    وقد قال المعصوم: ((رب مصل لم يقم الصلاة))!! هو مصل، حسب ظاهر حركاته، ولم يوف الصلاة حقها بحضور القلب فيها، فكأن صلاتك في صلاتك هي حضورك مع ربك فيها، طال هذا الحضور، أثناء صلاة الحركات أم قصر، وليس ما عدا ذلك صلاة، وإن كان قيام الليل كله.
    ويحدثنا القرآن فيقول ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) فهل يظن أحد، أنه يمكن أن نحوز حب الله، إذا اتبعنا النبي في ظاهر أمره من الحركات والسكنات، ثم أهملنا الإتباع الباطني؟؟ وقول القرآن ((ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وكذلك الفهم هنا.. فإن الرسول آتانا بالمعنى القريب، وبالمعنى البعيد.. أما بالمعنى البعيد، فقد آتانا أشياء بلسان حاله، وأما بالمعنى القريب، فقد آتانا أشياء بلسان مقاله.. فما آتانا إياه بلسان حاله، فهو سنته، وما آتانا إياه بلسان مقاله، فهو شريعته.. ولسان مقال النبي صادق، ولسان حاله صادق، ولكن لسان حاله أصدق من لسان مقاله، لأن الحقيقة فوق العبارة. قال المعصوم: ((قولي شريعة، وعملي طريقة وحالي حقيقة)) وحاله هو سنته.

    الأصـــالة
    إذا فهمنا هذا، يتضح لنا أن المعصوم، حين قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) كأنما قال بلسان العبارة ((قلدوني في صلاتي بإتقان، وبتجويد، حتى يفضي بكم تقليدي إلى أن تكونوا أصلاء مثلي))، أو كأنه قال: ((قلدوني بإتقان، وبتجويد وبوعي تام، حتى تبلغوا أن تقلدوني في أصالتي)).. غير أنه ليس في الأصالة تقليد.. ولكن فيها تأس ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) ((أسوة)) قدوة في كمال حاله.
    فالنبي آتانا بلسان الشريعة - لسان المقال- أمرا بالتقليد، وآتانا بلسان الحقيقة - لسان الحال- أمرا بالأصالة.. ولا تكون الأصالة إلا بعد تجويد التقليد.. فالأصالة غاية من تقليدنا النبي، وليس التقليد غاية في ذاته.
    والمعراج الأكبر، الذي ارتفع في مراقيه المعصوم، بتوفيق الله، ثم بإعانة جبريل له، قد ظل تحقيقه هدف المعصوم في جميع حياته، بوسيلة معراجه الأصغر - الصلاة- وقد جعل الله له قرة عينه في الصلاة، لأن فيها تتحقق الجمعية بربه كل حين، وبها تقطع، عند كل ركعة، مرحلة جديدة، من مراحل القرب إلى المقام المحمود.. مقام ((ما زاغ البصر وما طغى)). وهذا المقام يجب أن يظل هدف كل مصل من هذه الأمة، لأن به تمام المعرفة، وكمال الشهود، وهو الشهود الذاتي، الذي يرقى فوق الشهود الأسمائي، كما أسلفنا القول، ولأنه مقام تحقيق الفردية، ولأنه مقام الاستمتاع بالحرية الفردية المطلقة، التي ورد ذكرها كثيرا في هذه الرسالة.
    لقد تحدثنا في آيات سورة ((والنجم)) التي أوردناها آنفا عن سدرة المنتهى، حيث تخلف جبريل عن المعصوم، وسار النبي بلا واسطة لحضرة الشهود الذاتي، لأن الشهود الذاتي لا يتم بواسطة، وقد كان تخلف جبريل عن النبي لأنه لا مقام له هناك، والنبي، الذي هو جبريلنا نحن، يرقى بنا إلى سدرة منتهى كل منا، ويقف هناك، كما وقف جبريل، بيد أنه إنما يقف لكمال تبليغه رسالته، ولكمال توسيله إلى ربه، حتى يتم اللقاء، بين العابد المجود وبين الله بلا واسطة. فيأخذ كل عابد مجود، من الأمة الإسلامية المقبلة، شريعته الفردية من الله بلا واسطة، فتكون له شهادته، وتكون له صلاته وصيامه وزكاته وحجه، ويكون، في كل أولئك، أصيلا، ويكون، في كل أولئك، متأسيا بالمعصوم في الأصالة.. وإنما يتم كل ذلك بفضل الله، ثم بفضل كمال توسيل المعصوم إلى ربه.. ذلك لمن جود التقليد. وإلى هذه الأصالة الإشارة بقوله تعالى ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات، إلى الله مرجعكم جميعا، فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)).
    كون السياق إخبارا عن الأمم فهو أمر واضح، ولكنه إخبار عن الأفراد أيضا، وهو في باب الفردية أدخل منه في باب الأممية ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)): لكل فرد منكم جعلنا ((شرعة)).. يعني شريعة، ((ومنهاجا)) يعني سنة. ((فشرعة ومنهاجا)).. يعني شريعة وحقيقة.. فشريعة العارف طرف من حقيقته، وهو فردي الحقيقة، فردي الشريعة، وشريعته الفردية فوق الشريعة العامة بما لا يقاس ((ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)) يعني لجعلكم على شاكلة واحدة - والأمة هنا تعني الفرد.. قال تعالى ((إن إبراهيم كان أمة، قانتا لله، حنيفا، ولم يك من المشركين، شاكرا لأنعمه، اجتباه وهداه إلي سراط مستقيم)) فأمة هنا تعني إماما يقتدى به ((ولكن ليبلوكم فيما آتاكم)) ولكن ليختبر كل فرد فيما آتاه من النعم المودعة في قلبه وعقله، ماذا فعل فيها؟؟ هل زكاها؟ يعني نماها وحررها أم دساها؟ يعني أهملها وأخملها ((فاستبقوا الخيرات)) المعارف ((إلى الله مرجعكم جميعا)) وهنا دليل الفردية في الآية لأن الناس لا يرجعون إلى الله إلا فرادى ((ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة)). وكما قلنا ذلك عند الحديث عن الفردية ونزيد هنا قوله تعالى ((وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا، اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) (( ألزمناه طائره في عنقه)) طائره يعني قلبه ((ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا)) يعني قلبه أيضا و ((اقرأ كتابك)) يقرأ ما كتبه عقله على صفحات قلبه من جهالات أو معارف و ((كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)) الفردية فيها ظاهرة.
    ((فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)) معناها يجعلكم تحققون فردياتكم التي بها يقع الاختلاف أو قل التمايز بينكم.
    الأمر فيما يخص التقليد والأصالة بإيجاز هو هكذا: -
    الله تبارك وتعالى هو الساير أمامنا جميعا، ولكن مواضع أقدامه خفية لا ترى إلا بنور قوي، لم يكن يملك هذا النور غير جبريل فسار يضع أقدامه على مواضع أقدام الله تماما وبدقة.. ومواضع أقدام جبريل خفية أيضا، لا ترى إلا بنور قوي، لم يكن يملكه غير محمد، فسار محمد يضع أقدامه على مواضع أقدام جبريل تماما، وبدقة، ويحاول جاهدا أن يوضح مواقع أقدام جبريل بضغط أقدامه هو عليها، فأصبحت واضحة لكل منا على صور متفاوتة.. وأدنى هذه الصور وضوحا، واضح بشكل كاف، ليتبعه من هذه الأمة أقلهم نورا، ولكن بعض الناس اكتفى بالسير خلف النبي، من غير أن يهتم بمواقع الأقدام، فذلك هو المقلد العادي، وبعضهم اهتم بأن يسير خلف النبي، وبأن يضع أقدامه في مواضع أقدام النبي، بضبط وإتقان، حتى لا يزيد أثر قدمه على أثر قدم النبي، ولا ينقص عنه، حيث أمكنه ذلك، فذلك المقلد المجود للتقليد.
    ثم إنه، بفضل هذا الاتباع، انعكست الأنوار المحمدية على المقلدين، كل على حسب بلائه، فأصبح نظره يقوى حتى استطاع أن يرى مواقع أقدام جبريل، التي كانت خفية عنه في أول أمره، ثم سار في إتقان تقليده، حتى رأى مواقع أقدام الله التي كانت خافية على محمد، فأخذ يوضحها له جبريل بسيره عليها، وسار محمد بسير جبريل، حتى قوي، فاستقل بالرؤية والاتباع.
    فإذا رأى المقلد، المجود لتقليد النبي، مواضع الأقدام الإلهية فإنه يستقل بالرؤية وبالاتباع. فيكون في آخر أمره، وبفضل إتقان تقليد النبي، مقلدا لله بلا واسطة النبي.
    وتعالى الله عن الأقدام الحسية، بالصورة التي نعرفها نحن وإنما مواضع أقدامه مرامي الحكمة الخفية، الباطنة، في إرادته تلك الحكمة، التي خفيت ودقت، ولطفت، حتى أصبحنا نسير أمامه تبارك وتعالى، وننتظر منه أن يتبعنا هو، لفرط جهالتنا وغفلتنا، وذلك حين نختار إرادتنا على إرادته، ونسخط، في سبيل ذلك الاختيار، على إرادته هو ((سبحانه وتعالى عما يشركون)) إن تقليدنا لله تعالى، معناه سيرنا على مواضع إرادته بتبعية، واستسلام، وتلك هي العبودية، التي تحدثنا عنها كثيراً هنا، وقلنا أنها هي التكليف الأصلي، ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)). يذكرني هذا الحديث بأبيات المربي الحكيم، شيخ الطائفة الصوفية، أبو القاسم الجنيد إذ يقول:
    تطهر بماء الغيب إن كنت ذا ســر وإلا تيمم، بالصـعيد، وبالصخـــر
    وقدم إمامــا، كنت أنت أمامــه، وصل صلاة الفجـر، في أول العصر
    فتلك صـــلاة العارفين بربـهم فإن كنت منهم، فانضـح البر بالبحـر
    ولسنا، في هذه الرسالة، بصدد شرح هذه الأبيات، وإنما يهمنا منها في هذا المقام: -
    وقدم إماما،كنت أنت أمامه، وصل صلاة الفجر، في أول العصر، ((قدم إماما)) يعني الله ((كنت أنت أمامه)) كنت في حالة جهلك تقدم نفسك عليه، وتجعله وراء ظهرك، كناية عن اختيارك إرادتك على إرادته، وسخطك على إرادته. ((وصل صلاة الفجر)) يعني فجر الروح، قبل خلق الأجساد، ((في أول العصر)) يعني أول عصر الخليقة، في عالم الأجساد، وذلك عالم الذر الذي قال تعالى عنه ((وإذ أخذ ربك من بني آدم، من ظهورهم، ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم، ألست بربكم؟ قالوا بلى!! شهدنا! أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين - أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا، من قبل، وكنا ذرية من بعدهم، أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟- وكذلك نفصل الآيات، ولعلهم يرجعون)).
    وقوله هنا ((ألست بربكم؟ قالوا بلى!)) يعني إقرار الخلائق قبل الأجساد بالعبودية. وقوله ((وكذلك نفصل الآيات، ولعلهم يرجعون)) إشارة إلى الغفلة التي استولت على الناس فأذهلتهم عن عبوديتهم لربهم، وجعلتهم يقدمون أنفسهم عليه كما وردت الإشارة في أبيات الإمام الجنيد وقوله ((وكذلك نفصل الآيات، ولعلهم يرجعون)) كقوله ((ولقد يسرنا القرآن للذكر، فهل من مدكر؟)) والمقصود أننا جعلنا آيات القرآن ممهدة، لتذكير الغافلين عن الميثاق، الذي التزموه بالإقرار بعبوديتهم لربهم في عالم الذر، في أول عصر خليقتهم، حين قالوا بلى شهدنا في الإجابة على سؤال الرب ((ألست بربكم؟)).
    ((وصل)) هنا معناها ((اتبع)). والمصلي هو الذي يجيء في صلي المجلي.. فالمجلي الأول، والمصلي الثاني، وفي ذلك يقول شاعرهم:
    إنا بني نهشــل، لا ندعـي لأب عنه، ولا هـــو بالأبنــاء يشرينا
    إن تستبق غــاية يومـا لمكرمة تلق الســـوابق منــا والمصلينا
    يتضح من هذا كله، أن تقليدنا للنبي يقوي عقولنا، لنصبح قادرين على أن نقلد الله، ولذلك فقد قال المعصوم ((تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم)) وتقليدنا الله معناه أن نسير خلفه، ولا نتقدم عليه فنجعله خلفنا، تعالى عن ظن الجاهلين.. وسيرنا خلفه هو العبودية، التي هي أعلى مبلغ يبلغه الانسان، وقد تحدثنا عن العبودية بما يكفي في هذا المقام.

    ===
    النقطة التاسعة قولك:
    تاسعاً: أراك أيضا تختصر النقاش في حلول صفات الله في الولي، وترجعنا إلى تجربتك الشخصية في الفهم والتي لم تتكرم علينابتوضيحها؟ ولا تريده أن يكون موضوع جدال بيننا.أما ما زعمت أنه يقابل الحديث من القرآن فليس كذلك، لا مقابلة بين الحديث والآيات التي ذكرتها هل تزعم أن البصر الحديد هو إبصار الله ـ تعالى الله ـ وإلا فكيف المقابلة؟ أما "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"..فاليقين هو الموت كما في التفاسير المعتمدة، وليس هو المرحلة التي تتوقف فيها العبادة وتبدأ فيها الأصالة كما هو مشهور عن محمود.
    آمل أن يكون في المادة المنقولة بعاليه ما يساعد على فهم الأصالة وسأعود في المداخلة القادمة لإيراد توضيح أن الأصالة بمعنى سقوط التقليد لا تتم في هذه الدورة من الوجود على تمامها إلا لفرد واحد، أما بقية الأفراد فإنهم يحققون أصالتهم في داخل إطار التقليد النبوي، وقد جاء هذا التوضيح في بعض الكتب التي صدرت للجمهوريين مثل "أدب السالك في طريق محمد" و "التقليد والأصيل والأصلاء"..
    النقطة العاشرة كنت قد تعرضت لها في مداخلة سابقة..
    وبهذا أجيء إلى نهاية هذه الرسالة والتي قصدت منها التعريف بما كتبه الأستاذ أكثر مما قصدت فيها الجدال، لأنها أصلا لم تكن موضوع النقاش في مسألة وحدة الوجود.. ولك وللقراء شكري وأتمنى أن يكون ما كتبته مفيدا.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 12-31-2004, 01:59 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-04-04, 03:31 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-04-04, 03:38 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان غادة نصر01-04-05, 11:14 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-04-04, 03:42 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-04-04, 03:46 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-04-04, 03:48 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-04-04, 06:00 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-04-04, 11:10 PM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-06-04, 07:32 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-06-04, 09:53 PM
          Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-07-04, 00:56 AM
            Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-07-04, 01:40 AM
              Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-07-04, 05:02 AM
                Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-08-04, 01:39 AM
                  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-08-04, 05:06 AM
                  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-08-04, 08:46 AM
                    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-08-04, 10:41 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-09-04, 00:52 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-09-04, 01:37 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-09-04, 09:23 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-11-04, 06:15 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان هاشم نوريت12-11-04, 06:24 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-12-04, 00:11 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-12-04, 00:17 AM
          Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-12-04, 00:32 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-13-04, 08:37 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-12-04, 03:03 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مأمون التلب12-12-04, 11:02 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-13-04, 06:16 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-14-04, 02:25 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-14-04, 01:06 PM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-15-04, 02:15 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-15-04, 04:14 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان أبو ساندرا12-15-04, 02:23 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-15-04, 02:46 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-15-04, 10:15 PM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-16-04, 00:21 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان انور الطيب12-17-04, 10:25 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-17-04, 10:59 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-16-04, 10:22 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-17-04, 05:57 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-17-04, 11:16 PM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-17-04, 11:29 PM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-17-04, 11:37 PM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-18-04, 00:31 AM
          Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-19-04, 01:40 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-18-04, 00:46 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مأمون التلب12-18-04, 00:38 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-18-04, 08:02 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مأمون التلب12-19-04, 00:26 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-19-04, 08:37 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Rashid Elhag12-19-04, 11:57 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-20-04, 02:30 AM
          Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-20-04, 03:06 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-20-04, 06:17 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-20-04, 01:42 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان المكاشفي الخضر الطاهر12-20-04, 02:54 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-20-04, 01:53 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-20-04, 10:48 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-20-04, 10:58 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان هاشم نوريت12-20-04, 03:51 PM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-21-04, 10:52 PM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-20-04, 10:42 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-21-04, 02:55 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-22-04, 02:19 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-21-04, 09:48 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-24-04, 11:00 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-24-04, 12:46 PM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-25-04, 03:47 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-21-04, 10:25 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Elmosley12-22-04, 06:55 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان انور الطيب12-22-04, 10:18 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان هاشم نوريت12-22-04, 01:37 PM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-22-04, 10:01 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان kamalabas12-22-04, 10:13 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-23-04, 00:30 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-24-04, 09:47 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان kamalabas12-24-04, 10:21 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-25-04, 04:06 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان قصي مجدي سليم12-24-04, 10:24 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-24-04, 12:25 PM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-24-04, 09:32 PM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Muhib12-24-04, 09:45 PM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-27-04, 04:20 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-27-04, 06:54 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-27-04, 10:38 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان kamalabas12-26-04, 09:17 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان12-28-04, 01:25 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-29-04, 04:07 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان مهيرة12-31-04, 03:02 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-30-04, 08:05 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif12-31-04, 01:47 PM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif01-04-05, 06:05 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان01-05-05, 02:11 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif01-05-05, 09:58 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان01-06-05, 00:41 AM
      Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان01-06-05, 01:28 AM
        Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif01-06-05, 03:42 AM
          Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان01-06-05, 04:55 AM
  Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان Yasir Elsharif01-16-05, 03:08 AM
    Re: الوجود مظهر الله.. ووحدة الوجود تعني هذا.. نقاش مع د. نزار محمد عثمان نزار محمد عثمان04-11-05, 06:34 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de