محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توثيق

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 00:43 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة معالى ابوشريف (الكيك)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-08-2012, 09:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث (Re: الكيك)

    محمد الوردي حنجرة الوطن ..

    بقلم: محمد المكي إبراهيم
    الخميس, 08 آذار/مارس 2012 06:03



    في طفولته البعيدة سمع طنين الموسيقى في أذنيه مع أصوات العالم وانتحاباته .. مع هدهدة الأم واهتزازات السعف في ذؤابات النخيل وجؤار النيل وهو يحاور صخرة تعترض مجراه..مع أصوات الحقل والناس..مع الغناء العميق الذي ينطلق من عمق الذات النوبية حيث ترقد تحت الرمل والصخور منابع أرواحنا الحضارية..ثم عاد واكتشف عشا للبلابل في حنجرته فعرف أنه منذور للتعبير بالموسيقى عن الأعماق البعيدة حيث لا يصل مبضع الجراح ولا مسحاة الآثاري.
    هبطت على كتفيه الأمانة الثقيلة وهو بعد يافع غرير فنهض لها نهوض الرجل الناضج.وبعينين مفتوحتين تخلى عن مصدر رزقه الأكيد وعن ارتباطاته المادية من كل نوع ليدخل مغامرة الفن ويحقق فيها اسطورته في الدنيا.
    رأيته للمرة الأولى في منتصف الخمسينات في ثانوية خورطقت ذات العبق والجمال،وكان مثلنا في أول العمر والأحلام.ومثل بلادنا نفسها التي انطلقت لتوها من الأسر وأصبحت –في أوهامنا وأحلامنا- موعودة بالسماء وما حوت والأرض وما انطوت عليه من الخير والنماء..وكانت احلامنا جذلى وموعودة بالتحقق والامتلاء.ولكن لقاءنا الثاني راح يؤكد عكس ما حلمنا به في العمر الجميل .وكان نذيرا بأننا سنحيا لنرى احلامنا تنهار وسرب الأماني يتبدد ونعرف مذاق الخيبة والندم فقد التقينا في مظاهرة غير شرعية تصدت لها الشرطة وفرقتها في كل الاتجاهات واعتقلت الفنان الأسمر الفارع الطول الذي رفض ان يتفرق حين تفرقت المظاهرة.


    كان ذلك عام 1959 والدكتاتورية العسكرية الأولى تعقد هدنتها مع حركة التحرر الناصرية بلهوجة وارتجال على انقاض المستودع الحضاري الأول لأفريقيا والسودان وتبيع أمجاد ترهاقا وأسلافه وأخلافه (لا يهم الثمن) باستعجال واضح لتكسب صمت حركة التحرر عن فتكها بالديموقراطية السودانية وأحلام السودانيين بعالم جديد.
    كانت مظاهرة نهارية قوامها طلاب الجامعة وأهالي النوبة المنكوبين .وكانت سنوات الاستقلال الثلاث قد أنستنا رائحة الغاز البذيء وشكل قنبلة الدموع التي انطلقت تتدحرج تحت أقدامنا مصدرة خيطا أبيض من الدخان المغثي جعل المظاهرة تتململ ويصطدم بعضها ببعض ثم تتزاحم مولية في كل الاتجاهات.
    كان ذلك افتتاحا زاهي الألوان لحياتنا الجامعية فقد دخلنا الكلية بعد انقلاب نوفمبر ببضعة أشهر وتركناها بعد سقوطه ببضعة أشهر وخلال ذلك قطعنا مئات الاميال أمام سياط الشرطة وهراواتها .وحين جاءت لحظة التخرج كان من المناسب أن نطالب لأنفسنا بشهادة أخرى في عدو المسافات الطويلة.


    أخذوا الفنان الأسمر الفارع الطول في الاعتقال فسرت في أرجاء المدينة كهرباء غاضبة.ثم حاكموه وحبسوه مرسخين مبدأ أساسيا من مباديء الدكتاتورية هو مبدأ لا كرامة لكبير يهدد السلطة ويسعى في انتزاعها ولو كان في المكانة الادبية والفنية لمحمد الوردي أو في مقام العمر والهيبة الذي يحتله شيخنا الحاج مضوي (والذي لم يمنع السلطة الاخشيدية من وضعه في زنزانة ببيت أشباح السيتي بنك)أو إذا كان في مقام مؤرخ السودان وراوية سيرته كالدكتور ابو سليم الذي لم يمنعهم ذلك الاعتبار من إحالته الى معاش ما بعد المعاش (فقد كان يعمل بالمشاهرة حين احالوه مرة ثانية للمعاش,)
    عرف محمد الوردي أن السياسة ليست ترفا يتعاطاه أصحاب الثروة والجاه ليقام كشك الوزارة امام مساكنهم لبضعة أشهر أو بضعة أعوام وإنما هي حياة الناس..أرضهم التي يقيمون عليها أو يهجّرون منها..تعليم أولادهم وقوت عيالهم ومقادير رواتبهم.. انها دنياهم التي فيها معاشهم وليست آخرتهم التي فيها معادهم. وعرف أيضا أن على المرء أن يعطي من نفسه لتصير الحياة أصفى لونا وأطيب ايقاعا ومن هناك امتزج فنه بقضية الوطن واستطاع ان يصل الى الفن العظيم وهو يغني لمفردات الوطن وينفخ الروح في أحلامه وهفو روحه للحرية والعيش الكريم.


    من الدكتاتورية الأولى التي سجنته الى الدكتاتورية المايوية التي أقامت له صليبا ودرب آلام، الى هذه الدكتاتوية الاخشيدية بثأرها القديم عند كل ما هو فن وكل ما هو إبداع..من منفى الى منفى..من غربة موجعة الى غربة أشد وجعا وإيلاما..والمتسلطون يجربون معه كل ما لديهم من الفنون..ترهيب وترغيب..إشاعات بأنه قد عاد، الى إشاعات بأنه قد مات..إعجاب وشتائم..مطاردة لفنه تتلوها فترات من الهدنة والوئا م ..انتقاءات لغنائه العاظفي المترسخ في وجدان الناس وتغييب لفنه الوطني الذي لايقل عن ذلك تجذرا وتمكنا..ولكن الفنان الكبير ينطوي على آلامه ولا يبدي سوى الرضاء بدفع ضريبة الوطن.
    هاهي الآن قد مضت عشر سنوات(ربما أكثر) على خروجه من الوطن وها هي الرياح السعيدة تنقله الى امريكا وتتيح لنا هذا اللقاء.ولكنها لم تكن الرياح السعيدة وحدها التي اسعدتنا به فقد كان هنالك جندي مجهول من جنود الفن والتنظيم وقيادة المجتمعات هو إبننا الحبيب منتصر جنبلان الذي اقتطع من وقته واستطاع ان يرتب لمحبي وردي الخصوصيين حفلة من حفلات العمر.
    جمهور صغير لا يتجاوز المائة وخمسين من العشاق والحواريين..كلهم محب لوردي وكلهم محب للآخر لمحبته في الوردي..وجوه صبوحة متفتحة للفن والحياة أحدقت بفنانها الذي اعتبرته كنزها وفخرها في بلد يجهل عن السودان كل شيء وأحاطته بحبها وإعزازها فبادلها حبا بحب.
    وردي الذي يغضبه الإكثار من (الهز) في حفلاته العادية كان يتجول بمكرفونه بين الموائد يحيي الناس ويحيونه ويخص كلا منهم بنظرة ذات معنى..وردي الذي يغلق أبواب حفلته بعد الوصلة الثالثة او الرابعة كان سخيا جدا..راح يتحفنا بباقات أغانيه واحدة بعد الأخرى حتى خفنا عليه فقد كان مريضا وكنا متنازعين بين الاشفاق على صحته والاستمتاع بفنه المحبب للنفوس.ولكن دعوني أسارع لتطمين محبيه فهو في خير صحة..ربما زاد وزنه أكثر قليلا من المعتاد ولكنه نفس الشاب الأسمر فارع الطول الذي تسكن العنادل حنجرته ويسكن قلبه الرهيف حب للوطن نادر المثال.


    كنت خائفا ان اجده ضعيفا متهالكا تحت وطأة المرض ولكن وجهه كان مشرقا مضيئا ووهج العزيمة ينطلق من عينيه. ولم يكن محتاجا لشيء فقد أحاطت به القلوب وهرعت اليه عائلته الوفية من أصقاع الدنيا ولم يبق الا أن يعثروا له على قطعة الغيار المناسبة ليستعيد الصحة والعافية ويعود الى مسكنه الرسمي في قلوب محبيه وعارفي فضله على السودان وثقافة السودان.
    لم نكن وحدنا مع وردي ولم يكن وحده معنا فقد آزرته في أداء الأغاني النوبية فنانتنا المبدعة البلبلة هادية التي تنسجم في فنها وتغني بكل احاسيسها حتى ليخاف المرء عليها من شدة الانفعال وهي صفة لايشاركها فيها من فناني السودان إلا فناننا الأثير محمد ميرغني..وكان معه الفنان عبد الهادي على تلك الآلة الالكترونية التي تعزف كل شيء.وكان معنا أبناء النوبة المصرية الذين جاءوا يحملون لمحمد الوردي تذكارا ماديا لمحبتهم وإعزازهم ووقفوا معنا يرقصون ويهتزون على وقع أهازيجه ويرسمون علامة النصر وهو يغني للوطن الرائع الجريح.


    في أوقات مثل تلك يكون للوطن حضور يملأ القاعة حتى لتكاد تلمسه بيدك وتتشممه بخياشيمك..ومن لا مكان تهب عليك ريح بليلة الذيل تحمل شذى الأرض الممطورة والحقول التي تزهر فيها الذرة واللوبياء..ثم-آه يا وطني الحبيب- يخيل اليك ان الأحباب الراحلين قد عادوا الى الحياة في تلك البقعة القاصية وانهم ينتظرون إيابك محملا بلأقاصيص.
    حملنا محمد الوردي بجناح فنه الى تلك الأماكن وأولئك الشخوص ولكنه ادخر لي مفاجأة شخصية فقد أسمعني- للمرة الاولى على وجه الاطلاق – "سلم مفاتيح البلد"،وكان ذلك أمرا أكثر من مثير فقد تحولت الكلمات البسيطة التي كتبتها الى دفقات من اللحن الناطق القوي واحتشدت بشحنات من العاطفة الجائشة التي تخاطب الروح وتهز الوجدان..ووجدتني أصغي إصغاء كاملا لاستمع للكلمات التي بتأثير اللحن المتشظي لم تعد مألوفة لدي.
    وقف وردي في قلب القاعة وليس على منصة الغناء،أي أنه وقف بين جمهوره ومحبيه،وعلى طريقة المغنين الثوريين العظام راح يمشق قامته الفارعة ويرفع يده كقائد يقول لرجاله:"اقتحموا قلعة العدو" وهو يرفع عقيرته مهددا جيش الظلام:"بتهرب فين وانت ايدينك الاتنيم ملوثة دم .فصيح الدم..فصيح بنضم وبتكلم لغات الدنيا..تهرب فين."
    عفارم عليك يا ولد.
    أعيد عليك كلمة قلتها ذات يوم:
    انا سعيد يامحمد الوردي أن ننتمي معا للأمة المناضلة،الأمة المقاتلة ، للشرف الوحيد ،في عصرنا الشهيد.
    حياك ذو الجلال وأخذ بيدك الى مراتع العافية والشفاء أيها الفنان الكبير عاشق بلاده الخاشع ..شفاك وأمتع بك أمة تتجمل الدنيا في عينيها وأنت تصدح لها وتهز مشاعرها بالعواطف الرقيقة الهفهافة،وفي عصور الظلام تكون أنت حنجرتها الداوية وصوتها الجهير.

    نقلا عن "ظلال وافيال "الصادر عن مركز عبد الكريم ميرغني عام 2000

    -------------------

    خمسينية وردي ..

    بقلم: د. خالد محمد فرح
    الأربعاء, 07 آذار/مارس 2012 07:28
    Share


    [email protected]
    أرجو أن أعزي بادء ذي بدء ، أسرة الفنان الراحل العظيم الأستاذ محمد عثمان وردي الذي رحل عن دنيانا الفانية في الثامن عشر من شهر فبراير المنصرم 2012 م ، وهو – بالمناسبة - نفس تاريخ رحيل أديبنا الفذ الطيب صالح ، سوى أن ذلك حدث في عام 2009 م. فالتعازي الحارة نتقدم بها لكافة محبي وردي ومعجبي فنه داخل السودان وخارجه.
    لقد شق نعي وردي على كل فرد من أفراد الشعب السوداني بصفة خاصة ، لأنه كان بحق رمزاً بل إيقونة من إيقونات الفن والإبداع الخلاق والأصيل الذي ظل يصوغ ويثري الوجدان داخل السودان خصوصاً، وعلى نطاق واسع في إفريقيا بصفة عامة ، على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان. وقد أسال رحيل وردي سوى الدموع الغزار ، مداداً كثيرا من قبل العشرات من الكتاب والصحفيين والشعراء المؤبنين له ، وما يزال هنالك الكثير الذي يمكن أن يقال عن وردي وشخصيته العبقرية وفنه في مقبل السنين والأيام.
    وقد كنت نشرت في شهر يوليو من عام 2007 م ، مقالاً بعنوان: " مع خمسينية وردي " ، أحببت أن أشارك بها في هذا الجهد التوثيقي والتعريفي بفنانا العظيم الذي جاء يوم شكره كما نقول في كلامنا ، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وكنت قد ذكرت لنجليه: عبد الوهاب وحافظ أمر ذلك المقال القديم وأنا أعزيهما في ليلة التأبين بمنزل الأسرة بالخرطوم. وهانذا أستميح القراء الكرام عذراً عن إعادة نشر هذا المقال مجدداً ، تعميما للفائدة:

    أرجو أن أتقدم في البداية بعاطر التهاني والتبريكات ، مقرونةً بالأمنيات الطيبة للفنان العملاق الأستاذ محمد وردي بمناسبة اليوبيل الذهبي لانطلاق مسيرته الفنية الرسمية من خلال أثير إذاعة أم درمان. والتهنئة موصولة من بعد لمعجبي الفنان وردي خاصةً ، ولكافة أفراد الشعب السوداني الذي ظل وردي يطربه ويشجيه ويعمر وجدانه بكل شائق وبديع من الألحان والأغنيات طوال نصف قرن كامل من عمره الفني المديد بإذن الله.

    إنني وأبناء جيلي من مواليد خواتيم الخمسينيات ومطالع الستينيات من القرن الماضي بصفة خاصة ، قد تفتحت أعيننا وآذاننا على غناء محمد وردي ، وما تزال تتأوبنا بعض ومضات من ذكريات طفولتنا وصبانا الغض ، حاملةً مرائي ساحرة من مباهج ذلك الزمان الندي المترع بالفن والجمال وراحة البال في السودان ، والتي كان غناء محمد وردي إحدى فواكهها الشهية.

    أذكر إذ كنا صغاراً نرافق أمهاتنا إلى حيث كن يشاركن في مناسبات أفراح الأقارب والجيران والأصدقاء ، ونحن نتشبث بأثوابهن بكل ما كنا نملك من قوة ، وهن يشددننا من أيادينا خشية التيه و الزحام ، والسباتة حارة والمجال مضمَّر كما قال خليل أفندي فرح ، والبنيات في ضرام الدلاليك كما قال محمد المهدي المجذوب ، وقد سرحن شعورهن " بوقجيه " ، ولبسن فساتين " كلوش " وانتعلن الجزمات " الكبس " ، وهن يرقصن شيئاً كان يسمى " تويستي بالجنبات " على أنغام أغنية وردي: " لو بالصد أبيتيني .. ولو بالنار كويتيني .. أنا لا ما بنسامك .. أنا لا... ما بنساك ".

    وصفة التويستي بالجنبات يا هذا ، هو أنّ الواحدة منهن كانت تؤرجح جسدها يمنة ويسرة في حركة إيقاعية منتظمة ، مميلة ثقلها بالاستناد تارة على القدم اليمنى ، وتارة أخرى على القدم اليسرى ، في حركة بندولية ، في الوقت الذي تضع فيه مرفق إحدى يديها ( كوعها ) على أصابع يدها الأخرى مجتمعة في شكل قمع أو كم زهرة ، وبالتناوب مع ذات الإيقاع.

    ثم لما كبرنا قليلاً واُدخلنا المدرسة ، كانت ألحان اغاني وردي من أشهر ما يختاره المدرسون والتلاميذ كذلك لتلحين المحفوظات من النصوص الشعرية. ومما أذكره من ذلك محفوظة:

    ألا طيري .. ألا طيري

    وغنِّي يا عصافيري ...

    التي لحناها على نغمة أغنية: " لو بالصد أبيتيني " الآنفة الذكر. وقد كان هذا اللحن منتشراً جدا على نطاق واسع في شتى أنحاء السودان. وآية ذلك أن السفير الأديب الأستاذ خضر هرون قد ذكر في مذكراته التي نشر طرفا منها قبل نحو عامين من الآن ، أنهم في مدرسة: " السجانة الأولية " بالخرطوم ، قد لحنوا محفوظة " هيا للمرعى يا غنمي .. سيري واستمعي للنغم " على نغمة: " لو بالصد أبيتيني " هذه. فهل كان وردي – وقد كان مدرساً أصلاً – هو أول من اختار هذا اللحن لهاتين المحفوظتين ؟.

    وصوَّر لي خيالي الطفل أول عهدي بنشيد: " أصبح الصبح " لمحمد وردي ، الذي صاغه شعراً الشاعر الكبير محمد مفتاح الفيتوري ، صوَّر لي أنَّ " النور " المذكور في قول الشاعر: أصبح الصبح وها نحن مع " النور " التقينا .. الخ ، صوَّره لي على أنه " النور " ود عمنا خليل النور ، الذي كان حينها طفلا يصغرني بعام أو عامين ، وكان أهله جيراناً لنا ، وكان والده – عليه رحمة الله – زميلاً لوالدي في مهنة التعليم.

    ثم إنه تبين لي من بعد ، وقد توسعت مداركي ، ونضجت ذائقتي الموسيقية شيئاً ما ، أن نشيد: " أصبح الصبح " سيستمر عملاً موسيقياً محورياً في مسيرة محمد وردي ، وسيتردد صداه في أعمال أخرى لاحقة.

    فقد لاحظت أنَّ ورديّاً قد أدخل على سبيل المثال ، لازمة موسيقية أو قطعة (morceau) من موسيقى نشيد أصبح الصبح في نشيد آخر لحنه وردي وأداه بعد عدة سنوات من تاريخ أدائه لذلك النشيد ، ألا وهو نشيد: " في حكاياتنا مايو " للأستاذ محجوب شريف ، وذلك حين يقول:


    وتماماً أصبح الصبحُ .. على الشعب تماما

    والقطعة المعنية تجيء مباشرة بعد قوله " الصبحُ " ، وقد استعارها من موسيقى نشيده الأول. والراجح هو أن تكون قد ذكرته بها في لا وعيه ، ( وربما في وعيه ) ، عبارة " أصبح الصبح " هذه. ولو كنت أعرف الكتابة الموسيقية لرسمت للقارئ المتخصص تلك النغمة المستعارة. وبالمناسبة ، فإن " مايو " قد حظيت بأناشيد كانت غاية في الروعة من حيث الموسيقى والألحان والأداء ، منها أناشيد وردي في بداية ذلك العهد ، وسيد خليفة ، والثنائي الوطني ، وإبراهيم عوض: " يا ريس براك شفتَ .. أروع واعظم استفتا " ، و" غالية يا ثورة غالية علينا " لعبد العزيز محمد داؤود وألحان برعي محمد دفع الله ، وختمها الشاعر الفريق جعفر فضل المولى وأداء المجموعة بنشيد: " على الأعداء الله أكبر .. يا جعفرْ " ، حتى قضى الله أمراً كان مفعولا.

    هذا ، ووردي من عباقرة التلحين في السودان بلا أدنى ريب. وقد كنت قرأت رأياً للإذاعي المخضرم الأستاذ محمود أبو العزائم ، مفاده أنَّ أعظم ملحن عرفه السودان هو " كرومة " ، يليه مباشرة " محمد وردي " ، وأظن ذلك صحيحا.

    وتأكدت لي مرجعية ومركزية لحن " أصبح الصبح " في مشروع محمد وردي الموسيقي أكثر عندما رأيته وقد أدخل شيئاً من ذلك اللحن في الموسيقى المصاحبة لنص النشيد الرائع الذي ألفه الفيتوري أيضاً ، ولحنه وأدَّاه وردي بعد انتفاضة أبريل 1985 م ، وذلك هو النشيد الذي يقول فيه الشاعر:

    في زمن الغربة والارتحالْ

    تأخذني منك وتعدو الظلال

    وانت عشقي حيث لا عشق يا سودان

    إلاَّ النسور الجبالْ

    * * *

    فدىً لعينيك الدماء التي

    خطَّتْ على الأرض

    سطور النضالْ ...

    * * *

    يا شرفة التاريخ

    يا رايةً منسوجةً

    من شموخ النساء

    وكبرياء الرجالْ ... الخ

    هذا هو والله السحر الحلال. ولما كان الشيء بالشيء يذكر ، فإنَّ للفيتوري قصيدة أخرى جيدة من هذا الإيقاع وهذا البحر ذاته ، ألا وهو بحر " السريع " من البحور الخليلية ، نظمها في حب العراق وتمجيده في ثمانينيات القرن الماضي ، وألقاها في مهرجان المربد الشعري ، وهي التي مطلعها:

    غائبٌ والعيونُ عليك اشتياقْ هائمٌ خمركَ الذكريات العتاقْ

    وفيها أيضاً:

    إنما يستردُ البلادَ الرجالُ الأسودُ وليس الرجال النياقْ

    وفيها – كما لا يخفى – استشراف كشفي لواقع الحال في ذلك البلد المنكوب الآن.

    وعوداً إلى موسيقى " أصبح الصبح " ، فقد استعاد الفيتوري هذه " الموتيفة " الشعرية مرة أخرى في قصيدته: " في زمن الغربة والارتحال " ، وذلك حين يقول:

    أصبح الصبح كأنَّ الزمنَ الماضي على الماء نقوشْ

    فبمجرد انتهاء وردي من نطق كلمة " نقوش " هذه ، تصدح الموسيقى بذات " القطعة " الأثيرة من نشيد: " أصبح الصبح " القديم ، فتأمّلْ !.

    هذا ، ولم يقتصر التلحين على انغام وردي على محفوظات تلاميذ المدارس الإبتدائية مثل: " ألا طيري ألا طيري " و " هيا للمرعى يا غنمي " الخ فحسب ، بل تعدى ذلك إلى تلحين المدائح النبوية أيضا. ذلك بأنَّ للشيخ عبد الرحيم البرعي الكردفاني رحمه الله مدحة نظمها على لحن أغنية وردي: " بيني وبينك والأيام " ، وهي مدحة: " ربي وربك الرحمن .. والمختار نبينا ... بالإيمان والإسلام مرسول رحمة لينا " ، وقد جارى بها الشيخ لحن وردي لهذه الأغنية بكل تفاصيله.

    إنَّ محمد وردي في حقيقة الأمر ، فنان شامل تصعب الإحاطة بمختلف ملامح تراثه الضخم ، وسبر أغواره في مثل هذه العجالة. ولا أظن أن هنالك مطرباً سودانياً قد تميز تراثه بهذا الثراء وهذا التنوع الفريد ، مع الافتنان والإجادة التي تحلق بعيدا في سماء النبوغ والعبقرية والفن الرفيع: غناء عاطفي باللغتين الدارجة والفصحى ، أناشيد وطنية وثورية ، غناء باللغة النوبية ، أغاني تراثية بالعربية والنوبية ، تأليف موسيقي ، تلحين أغنيات لنفسه ولغيره من المطربين ، مثل أغنية " واللهْ مشتاقين " من كلمات إسماعيل حسن وأداء عثمان مصطفى التي يشتم منها النفس الوردي بصورة واضحة ، وكذلك أغنية " أيامك .. أيامك باسمة يا قلبي " من أداء المطرب الكبير: صلاح بن البادية ، وأخيراً مديح نبوي: " قصيدة: مدينتك الهدى والنور للشاعر محمد المكي إبراهيم مثالاً".
    ويبدو أن محمد وردي قد كان يعالج النظم الشعري أيضاً ، فقد سمعت الموسيقار المطبوع الأستاذ بشير عباس وهو يقول في لقاء تلفزيوني أجري معه قبل عام أو يزيد قليلا ، إن الكلمات المصاحبة لمقطوعته الموسيقية المعروفة " يا ترى حجبوك من عيني .. يا ترى .. أنا مش قدر حبك ولاّ أيه .. " هي من تأليف وردي.
    هذا ، وبشير عباس من عشاق وردي بلا ريب ، شأنه في ذلك شأن ملايين السودانيين. ويقال إن " النقرشة " بالعود التي تأتي في مطلع أغنية " الحبيب العائد " هي من عزف بشير عباس. سمعت ذلك من الأستاذ: عوض بابكر في حديث إذاعي له ، ولا ينبئك مثل خبير.

    وعلى ذكر الغناء التراثي ، أو ما درج على تسميته بأغاني: " الربوع " بصفة خاصة ، فإنني على كثرة ما استمعت إلى الأغنية الشعبية النوبية الشهيرة: " أسمر اللونا " من عدة مطربين ، إلاَّ أنني لم أجد مطلقاً من يقارب أداء محمد وردي لهذه الأغنية بعذوبة صوته ، وصدق أحاسيسه ، وحرارة وجده وهو يؤدي هذه الأغنية مما يجعل أي مستمع يتجاوب معها ، حتى ولو كان من بين الكثيرين من أمثالي ممن لا يفقهون اللغة النوبية ، ولا يفهمون مما يقال في تلك الأغنية ، إلا ما يتسقط من بعض العبارات المقترضة من عربية أهل السودان الدارجية مثل قول الفنان: " قميص نص كمْ " الخ ...

    كان الأديب الراحل السفير عبد الهادي الصديق رحمه الله ، شديد الإعجاب بغناء محمد وردي ، وكنت كثيراً ما أتناقش معه حول قضايا الأدب والشعر والغناء والموسيقى ، ولقد كان فيها جميعاً بحراً زاخراً بالمعارف والفنون. غير أنّ المرحوم عبد الهادي الصديق كان يرى – وحب الناس مذاهب كما نقول – أن أعظم أغنية لوردي هي نص الشاعر الراحل عمر الطيب الدوش: " بناديها ". وواسطة عقدها اللحني في نظره هي عندما يرفع وردي عقيرته قائلاً: " بتطلعي إنت من غابات .. ومن وديان .. ومني أنا.. ومن صحية جروف النيل مع الموجة الصباحية " الخ

    أما انا فكنت أقول له ، وما أزال أعتقد ذلك ، أنَّ أعظم أغنيات وردي ، وعسى أن تكون واحدة من أعظم الأغنيات السودانية والعربية المعاصرة على وجه العموم شعراً ، وتلحيناً وموسيقى وأداء هي أغنية: " الحبيب العائد " أو " عاد الحبيب " للشاعر الأستاذ صديق مدثر، على النحو الذي هي مسجلة به بالإذاعة وليس على أي نحو آخر:

    عاد الحبيبُ فعادت روحي وعاد شبابي

    يا شوقُ مالك دعني أما كفاك عذابي

    لقد شربتَ دموعي أما سئمتَ شرابي ؟؟؟

    وأفضل الأوقات عندي للاستماع إلى هذه الأغنية هي في مثل أمسيات أيامنا الخريفية هذه ، وخصوصاً قبيل انهمار المطر ، والجو ملبد بالغيوم ، والنسيم يسري عليلاً ، والبرق يسطع في ذات اللحظة التي يصدح فيها وردي ملء صدره:

    عاد الحبيب فعادت إليّ أحلى الليالي

    ذكراه تقدح ناراً ووجده في اشتعال

    هنالك حيث يختلط انقداح نار ذكرى الحبيب الذي كان غائبا ، واشتعال الوجد في قلب محبه ، ويتماهى مع انقداح البرق ولمعانه ، مما يهيج الذكرى والشوق والحنين ، ويجعل العاشق المتيَّم " يبكي ويتمختَنْ " والله أعلم ، وعاش محمد وردي فنان إفريقيا الأول.




                  

العنوان الكاتب Date
محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توثيق الكيك02-20-12, 04:45 AM
  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 05:14 AM
    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث welyab02-20-12, 05:55 AM
      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 08:04 AM
        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 08:16 AM
          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 09:55 AM
            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 11:00 AM
              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 04:32 PM
              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-20-12, 04:41 PM
                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-21-12, 05:36 AM
                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-21-12, 09:13 AM
                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-21-12, 04:45 PM
                      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-21-12, 05:12 PM
                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-21-12, 07:09 PM
                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-22-12, 06:48 AM
                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-22-12, 10:16 AM
                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-22-12, 06:39 PM
                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-22-12, 08:23 PM
                                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-23-12, 09:35 AM
                                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-24-12, 10:38 AM
                                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-24-12, 11:09 AM
                                      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث عمر محمد ابراهيم02-24-12, 01:40 PM
                                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-24-12, 07:36 PM
                                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-25-12, 12:10 PM
                                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث عمر محمد ابراهيم02-25-12, 06:16 PM
                                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-26-12, 06:17 AM
                                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-26-12, 06:18 AM
                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-26-12, 09:08 AM
                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-26-12, 09:08 AM
                                                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث abdelrahim abayazid02-26-12, 03:46 PM
                                                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-27-12, 06:37 AM
                                                      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-28-12, 05:17 AM
                                                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-28-12, 08:55 AM
                                                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-29-12, 04:59 AM
                                                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-29-12, 06:56 AM
                                                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-29-12, 09:06 AM
                                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك02-29-12, 05:36 PM
                                                                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-01-12, 10:30 AM
                                                                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-02-12, 11:37 AM
                                                                      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-03-12, 07:29 PM
                                                                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-04-12, 06:59 AM
                                                                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-05-12, 09:12 PM
                                                                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-06-12, 05:45 AM
                                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-06-12, 10:18 PM
                                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-08-12, 09:05 AM
                                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-08-12, 11:09 AM
                                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-09-12, 12:15 PM
                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-09-12, 04:05 PM
                                                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-10-12, 01:14 PM
                                                    Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-11-12, 04:01 PM
                                                      Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-12-12, 11:20 AM
                                                        Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-14-12, 11:15 AM
                                                          Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-18-12, 10:10 AM
                                                            Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-19-12, 08:29 AM
                                                              Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-20-12, 07:25 AM
                                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-29-12, 10:25 AM
                                                                Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-29-12, 10:25 AM
                                                                  Re: محمد وردى ..الفنان المثقف الذى انفعل بقضايا الوطن ...وداعا ..توث الكيك03-31-12, 12:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de