|
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق (Re: الكيك)
|
حسن الترابي والبحث عن المصداقية هانى رسلان
ومما أخذه الكثيرون أيضا علي الترابي داخل السودان وخارجه, لجوءه إلي المناورة والمراوغة وتوسعه في استخدام التقية رغم أن السودان بلد له خصوصية متميزة, لا تشبه العرب ولا الأفارقة, ويتمتع بطابع من السماحة وروح المجتمع الرعوي المفتوح, إلا أن الترابي لجأ إلي الكثير من الألاعيب والمناورات السياسية حين خاض المصالحة مع النميري وكرر العمل نفسه حين دبر انقلاب الإنقاذ, فأدخل نفسه السجن, ثم صارع البشير ونائبه' علي عثمان' بطريقة لم يعتد عليها السودانيون ولم يألفوها. وفي معظم حياته السياسية اعتاد علي الكر والفر وكان مسلكه يعكس دائما سلوك الرجل السياسي الذي يستخدم الحيلة والمناورة ليبلغ أهدافه بأكثر مما يعكس سلوك الرجل الداعية إلي فكر يعتمد علي منهج ومثاليات أخلاقية. ولاشك أن نزوع الترابي المتكرر إلي ارتداء الأقنعة وتبديلها قد فتح ثغرة واسعة لخصومه للهجوم عليه كما أثر سلبا علي أفكاره والمشروع الذي يسعي له, حيث صوره خصومه في نهاية المطاف بأنه طالب منصب وجاه وليس صاحب قضية, ولو كان قد نأي بنفسه عن التصادم مع نظام الإنقاذ, وبقي بعيدا عن الشأن اليومي والإداري والسياسي المباشر لربما اكتسب مكانة أرفع وأثرا أبقي, إذ أن تشبثه بالبقاء في موقع التفرد والتحكم في توجيه الأحداث جعله يواجه أعدادا من الخصوم الذين تتلمذوا علي يديه وهم حريصون علي تصغير حجمه والنيل منه وقتل الهالة التي تحيط به, أو صادقون يرون فيه من العيوب ما لا يراه الآخرون, ورأوا أنه قد قام بما يكفي من الإيجابيات والسلبيات وأن لكل عهد دولة ورجالا.
أزمة نظام الإنقاذ هناك بعض التحليلات تري أن الترابي ونتيجة لخبراته الطويلة قد رأي أن مآلات تجربة الإنقاذ تتجه إلي الفشل بعد أن تكاثرت عليها العداوات الإقليمية والدولية فضلا عن التجاوزات الكثيرة التي حدثت في الداخل خاصة في عهدالإنقاذ الأول(1989-1996), من إيغال في ممارسات غير معهودة في السودان مثل الاعتقال والتعذيب والطرد من الخدمة المدنية وما حاولت حكومة الإنقاذ القيام به من تغيير شامل في النظامين الاجتماعي والاقتصادي وتجييش للشعب وتجنيده في قوات الدفاع الشعبي للقتال في الجنوب. ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن الترابي أدرك أن آليات النظام لن تسمح له بالاستمرار وأن مآله هو السقوط ومن ثم اختار أن ينتقل إلي الصف المعارض لإنقاذ اسمه ومكانته في تاريخ السودان, وكذلك محاولة الفصل بين مقولات الحركة الإسلامية والنظام, وأن صراعه مع البشير ومجموعته لم يتطور إلي الصدام المسلح نتيجة لذلك. فالترابي حين يأس من إجبار المعارضين له علي اتباع نهجه والائتمار برأيه, جعل هدفه هو الانفصال والانتقال إلي المعارضة وليس الاستئثار بالسلطة عنوة, فهو يعرف أنه لن يكون مقبولا من الولايات المتحدة فضلا عن مصر وبلدان الخليج العربي, ومن ثم لم يتجه إلي التصعيد العسكري والصدام المسلح رغم أنه كان يحظي آنذاك بتأييد قطاعات واسعة في قواعد الحركة وكذلك قوات الدفاع الشعبي وبخاصة' فرق الدبابين' التي كانت قد اكتسبت شهرة واسعة نتيجة لأدائها القتالي المؤثر في معارك الجنوب.
وبناء علي ما سبق فإنه يمكن القول أن ما حدث من صراع جعل الحركة الإسلامية منقسمة إلي قسمين: الشيخ الترابي الذي هندس كل شئ في بناء الحركة الإسلامية وقد انتقل إلي الصف المعارض ينتقد التجربة بعنف ويبرئ نفسه منها ويبتعد بقدر ما يستطيع عن أخطاء الإنقاذ وكأنه يقوم بعملية غسيل سياسي لمساهمته السابقة فيها, أما القسم الثاني من الحركة فهم الذين استقلوا ركب النظام بالقول أن هذا النظام كان ثمرة جهد الحركة الإسلامية, وهو كسب لا يمكن التخلي عنه أو الزهد فيه أو التنكر له, وأن ما ترتب علي الإنقاذ من تحالف وطني عريض تمثل في حزب المؤتمر الوطني إنما هو كسب لا يمكن إضعافه أو تهميشه وأن مسيرة الحركة لا ترتبط بالأشخاص قدر ارتباطها بمبادئها وموجهاتها في العمل. إلا أن انحسار الأزمة بعد المفاصلة واستقرار الأمر لجناح طه/ البشير, طرح سؤالا هاما حول مرجعية نظام الإنقاذ وأصبح النظام مطالبا بمرجعية بديلة ومقنعة وقوية خاصة في ظل الظروف التي تحيط بعملية تسوية الأزمة السودانية ومفاوضاتها التي تدور في كينيا حيث يجد نظام الإنقاذ نفسه كمن يسير في رمال متحركة يحاول فيها- دون نجاح كبير حتي الآن- أن يفي بالمتطلبات المفروضة عليه بعد تدويل الأزمة والتدخل الأمريكي المباشر فيها وبين محاولة الاحتفاظ بمصدر شرعيته المستمدة من الخطاب الإسلامي ومقولات المشروع الحضاري وتطبيق الشريعة.
أزمة دارفور وبرغم محاولة نظام الإنقاذ التهدئة مع الترابي بعد الإفراج عنه, إلا أن الأخير استخدم قدراته السياسية والإعلامية في شن حملة واسعة النطاق ساند فيها مطالب المسلحين في دارفور ولعب بعض قادة المؤتمر الشعبي بعض الأدوار في مساعدة التمرد أدت إلي اعتقال بعضهم, رغم أن الترابي وكل قادة حزب المؤتمر الشعبي أكدوا بشكل متكرر أنهم يعارضون استخدام العنف بأي صورة وأنهم يؤيدون مطالب دارفور سياسيا من أجل صالح السودان, وأكدوا كذلك وأن من يتورط في هذه الأحداث, فهو متورط فيها بشكل شخصي ولا يعبر عن المؤتمر الشعبي أو خطه السياسي. وفي النهاية لم يستطع نظام الإنقاذ وهو يمر بهذه الظروف الدقيقة في ظل بطء المباحثات في كينيا وتعثرها, وكذلك اشتعال أزمة دارفور وانتقالها بالفعل إلي حيز التدويل, أن يتحمل الإزعاج المستمر من الترابي وحزبه فأعاد اعتقاله من جديد ولكن هذه المرة مع حل المؤتمر الشعبي كتنظيم ونزع المشروعية القانونية عنه.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:06 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:17 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:32 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:51 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 02:58 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:09 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:28 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 03:49 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:00 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:10 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-04-05, 04:23 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-04-05, 04:32 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 00:21 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 01:44 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 02:17 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-05-05, 04:24 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 00:16 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 03:18 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-06-05, 03:34 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | الكيك | 07-09-05, 01:15 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-12-05, 08:01 AM |
Re: المديدى ..حرقتنى ..........للتوثيق | nadus2000 | 07-13-05, 04:46 AM |
|
|
|