يا حليللك يا عبود .... تذهب ولا تعود فى طريق الشوم

Quote: لا حولَ ولا قوة إلا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون العين تدمع والقلب يحزن ، كم صعقني هذا النبأ! نبأ وفاة صديقي وزميلي الأستاذ ، المغفور له بإذن الله ، عبد الهادي أحمد عثمان "المحامي بكريمة" الملقب "بعبود سندول". حقيقة فقده فقد للإنسانية جمعاء ، كان رجلاً دمث الأخلاق لا يجد الضيق منفذاً لصدره ، يعرفه الكبير والصغير بوجهه البشر وضحكاته المجلجلة. هو ابن قريتي وزميلي في مكتب المحاماة ورفيق سكني بمدينة كريمة. لم يعرف باب داره المفتاح يوماً ، فقد كان مشرعاً للضيوف من الشرق والغرب من أمريء شرق حتى أرقي شرقاً ، ومن أمريء غرب حتى الدبة وريفها. عاشرته (وزميلي الأستاذ إبراهيم عثمان) خمس سنوات في العمل والسكن فلم أر منه إلا الإنسان الذي أراد الله منه أن يكون خليفةً له في الأرض. لقد صارع الفقيد (رحمه الله) الموت ثلاث مرات ولكن صرعه في الرابعة. لقد صارعه الموت يوماً عندما انقلبت سيارته في منطقة أرقي (شرق مدينة الدبة ، منطقة تكسوها التلال وبالأصح الجبال الرملية) وهو في طريقه لمحكمة الدبة. صارعه الموت مرة أخرى يوم 24/9/1994 وكنت رفيقه في تلك المعركة ، حين ضللنا الطريق في خلاء مدينة كريمة / دنقلا (صحراء العتمور) ونفذ وقود السيارة ، فقطعنا مسافة 92 كيلومتراً مشياً على الأقدام (23 ساعة من السير المتواصل وقد كان حادينا النجم والقمر) ولم يكن معنا أي زاد أو ماءٍ ، وكنا نشتم رائحة الموت التي اصطاد اثنين من أبناء كريمة في نفس مكاننا قبل شهرين ، (ثم اصطاد تسعة آخرين بعدنا خلال مدة قصيرة). بعد عشرة أعوام صارعه الموت مرة أخرى ، بعد أن ضل الطريق مرة أخرى في نفس المكان ، وكاد أن يتغلب عليه الموت في تلك المرة ، حين سقط من كثرة تعب المشي ولكن استطاع سائقه أن يصل منطقة الزومة بشق الأنفس واستطاع إنقاذه وأسرته. هذه المرة (لا حديث مع أمر الله) باغتته سيارة أخرى وزملاءه في طريق مروى/الدبة/ الخرطوم فانتقل إلى جوار ربه تاركاً سيرة إنسانية عطرة وفراغاً يصعب ملؤه ، فالجميع يبكي عليه ، كل آل منطقة الأراك ومدن كريمة / مروي / الدبة/ دنقلا وأرياف هذه المدن شرقاً وغرباً. نسأل الله أن يتقبله قبولاً حسناً ويسكنه الجنة مع الصديقين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا ، ويغفر له خطاياه ويبدله أهلاً خيراً من أهله ويلزم ذويه الصبر والسلوان ، ولا حولا ولا قوة إلا بالله. حَلَفَ الزمانُ أن يأتي بمثلكَ..... حَنثتْ يداك يا زمان فكَـفِّر يس محمد يس كاليفورنيا