|
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان (Re: الكيك)
|
ومن نحن ؟2 تجانى عبد القادر الصحافة 18/2/2007
ومـــــن نـحـــــن؟ وكما أوجبنا على المثقف استبطان افكاره، فانا سنوجب عليه من ناحية اخرى ان يستظهرها اي يصلها بالواقع الاجتماعي من حوله، فذلك هو الموقع (اليسار) الذي تتصل فيه المعرفة بالقوة، والفكر بالسلطة، والمثقف بالسياسي، اذ يترتب على المثقف الذاكر الا ينحبس في دهاليز نفسه، ولكن عليه ان يسعى بصورة مستمرة للاشتباك مع الواقع الموضوع، والى الالتحام مع الآخرين، مناهضا الحدود العرقية والجغرافية والآيديولوجية، باحثا عن القدر المشترك من الحق والخير ليكون مع اولئك الآخرين الصالحين طليعة اصلاح تتفشى في البيئة المحيطة بها فتوفر ديناميكية للتغيير الاجتماعي السياسي. وهنا ينقسم المثقفون الى فئات كثيره، فمنهم المثقفون "الخفاف" الذين تتحول المعرفة عندهم الى صناعة لفظية وشهادات ورقية يتحصلون من خلالها على معاشهم الدنيوي، وينالون بها حظا في البريق الاعلامي، ومنهم المثقفون "النافرون" المهاجرون، يفر احدهم من المستنقع السياسي بحثا عن الكرامه والحرية والاستقلال المادي - وهو بحث مشروع - ولكنه قد ينتهي به في أودية الغربة وضنك الحياة، فلا وطنا ابقى ولا استقلالا ماديا انجز؛ ومنهم المثقفون "الفنيون" يوظف احدهم تدريبه العلمي وخبرته الفنية لخدمة السياسي، خدمة ينفصل فيها النشاط الاداري عن غاياته البعيدة واهدافه القصوى، فالمثقف الفني يتصل بجهاز الدولة اتصالا عضويا لا ينفك عنه بتغيير السياسات الجزئية او الرؤى الكلية. بل انه يتلون لكل سياسة بما يناسبها ويقدم لها ما تحتاجه من وسائل التنفيذ والتمكين، هؤلاء ليسوا هم المثقفون الحقيقيون الذين نقصدهم ونسألهم صياغة (رؤية) جديدة أوالتعبير عنها. فهؤلاء قد تراجعوا من افق الالتزام الاجتماعي الوطني الى الاطار الذاتي، ومن المسؤولية الاخلاقية العامة الى الخصوصيات المهنية والفئوية، ومن الاستقلال الفكري الى تبعية القوى المتنفذه سياسيا واقتصاديا، وعندما (يتراجع) المثقفون الى محاضنهم العرقية وخصوصياتهم المهنية ومصالحهم الذاتية تخلو مواقع الإمامة الفكرية والسياسية ويكون ذلك ايذانا بالانهيار الاجتماعي. على انه لاينبغي ان يفهم من هذا ان المثقف يمثل قوة مستقلة عن القوى الاجتماعية الاخرى او متعالية عليها. ولكن فحوى القول هو ان المثقف لا ينبغي ان يستمد قوته من المؤسسة السياسية، ولا من تبعيته لاحد الشرائح الاجتماعية التي تمسك بتلك المؤسسة وتوزع من خلالها الامتيازات، وانما ينبغي ان يستمد قوته من قدرته واستقلاله الفكري، ومن موقفه الاخلاقي، ومن فاعليته الاجتماعية، فالفهم والمواقف والفاعلية هي منابع قوته الذاتية، والفرق بين انــواع المثقفين لا يرجع الى القدرة او ا لعجز في تحليل الظواهر والافكار، فما من مثقف الا وهو اخذ بنصيب من ذلك - قل اوكثر- ولكن الفرق يرجع الى دائرة الصدقية الاخلاقية او الى دائرة الفاعلية الاجتماعية. ثم ان هاتين الاخيرتين - الصدقية والفاعلية - هما اللذان يؤهلان المثقف ليكون عنصر تأليف وتكتيل وتنظيم لسائر القوي الاجتماعية،ولكن لن تكتمل للمثقفين هذه الاهلية الا بأمور، منها: 1/ ان يحسوا بذواتهم المستقلة فيفكوا الارتباطات العضوية بالمجموعات الاخرى، اذ لن يكون المثقف مثقفا حقا ان لم يحتفظ ببعد نقدي بينه وبين عشيرته القريبة وقبيلته المحيطة وتنظيمه المغلق، وقياداته السياسية التاريخية، ذلك لانه بدون هذا البعد النقدي فلن يكون في مقدور المثقف ان يسهم في عمليات الاصلاح والاحياء التراثي او في عمليات التجديد والتحديث، لأنه سيكون عندئذ فاقدا لشجاعة النظر في معطياته الثقافية وقناعاته الآيديولوجية، وسيعجز عن نقدها وفحصها، والاعتراف بما فيها من ضعف وقصور، كما سيكون فاقدا لشجاعة النظر في المعطيات الثقافية "للآخرين" والاقرار بالقدر المشترك فيها من الحق والخير والجمال، فيفوت بذلك كل فرصة لايجاد اطر مفتوحة للحوار والتعايش الانساني السلمي. 2 - أن ينشئوا قنوات حقيقية للتواصل والحوار بينهم، فلقد اضر بالمثقفين انهم لايعرفون بعضهم البعض - لا اقصد معرفة الاسماء والالقاب ولكن معرفة الافكار والرؤى، فاذا تم اتصال فكري حقيقي بينهم فقد يكتشفوا ان المشكل الوطني (الاجتماعي والسياسي) الذي يهمهم جميعا لا يمكن ان يحل بان ينحبس كل فريق منهم في (صندوقه) الخاص، ان الخروج من الصناديق بكافة اشكالها العرقية والآيديولوجية هي بداية الطريق نحو الاصلاح والنهضة الشاملة. 3- أن ينشئوا قنوات جديدة حقيقية للتواصل مع الجمهور العريض الذي ظل يتململ تحت قياداته التاريخية العاجزة الفاشلة وقياداته الجديدة الانتهازية الفارغة، فلايكفي ان يتناجى المثقفون مع المثقفين بينما تنحدر قطاعات المجتمع الى مستنقع الحروب العرقية فلا تجد هاديا ولا ناصحا الا السياسيين الانتهازيين وتجارالاسلحة والدمار. فاذا توفرت هذه الامور المفضية الى الاهلية الفكرية والأخلاقية فسيكون في مقدورنا أن نجيب على سؤال (من نحن؟) فنحن لا تعني فردا فقيها يطل على الناس من حين لآخر بفتوى، لان مثل هذه الامور لا تعالج كما هو معلوم بفتوى متعجلة يصدرها فقيه واحد، او برأي فطير يقول به مفكر منعزل، وانما تحتاج الى جماعة من المثقفين ممن يتوفر فيهم التحرر من التبعية الفكرية والعصبية التنظيمية يعملون في صمت وصبر في إطار مشروع اصلاحى من اجل مراجعة الأوضاع الراهنة للحركة الاسلامية وتركيب رؤية جديدة للمستقبل الاسلامى فى السودان، يمكن أن تنبثق منها خطط طويلة المدى وسياسات محدودة وأطر للاتصال والتنفيذ. ثم إن هذه الجماعة الاصلاحية لا تعني طبقة من رجال الدين - كما يظن من يخالفنا الرأى ولا هي فئة من اصحاب الشهادات العليا الباحثين عن رواتب او مناصب، ولكنها مجموعة من المثقفين المسلمين الذين رسخ احدهم بحكم تخصص دقيق اوخبرة او تدريب مهني في مجال من مجالات المعرفة والحياة، او مجالات الفنون، وصارت له قدرة على الانتاج المعرفي وتوفر لديه مع ذلك التزام بقيم الدين ورغبة في تنمية وتطوير الوطن، فهؤلاء بقطع النظر عن مواطنهم الجغرافية ومواقعهم الوظيفية يمكن ان يتداعوا لتشكيل فرق علمية قادرة على بناء رؤية اسلامية بديلة، قادرة، وهذا هو الاهم - على تفكيك وتعرية المسلمات الهشه والمزاعم السائدة، فينفتح الافق لطرح خيارات في الرؤى، وخيارات في الخطط وخيارات في القيادة تدور حولها عملية الشورى، مما قد يؤدى بصورة طبيعية الى تفعيل الحركات الاسلامية والى تفعيل المجتمع المدني الاسلامي، لينهض بمسؤولياته ويحقق ارادته من خلال التنظيمات والمؤسسات والعلاقات التي يريد. هذا، ولا نعرف في التاريخ مجتمعا تطور دون أن يتقدمه نفر من المثقفين الذين يقومون بمثل هذه العمليات الحفرية العميقة. وهذه الجماعة لا يراد لها فى الحال أن تزاحم التنظيمات القائمة، أو أن تسارع الخطو نحو مواقع السلطة،بقدر ما يراد لها أن تعيد الحركة الى النهر بأن تزيل السدود والأعشاب الضارة فيتبلور تيار اسلامى وطنى رشيد يؤلف بينه ايمان بعقيدة الدين، والتزام بالمنهج العلمي، فاذا تكاملت ونضجت تلك الرؤية الاصلاحية الجديدة، فقد تجتذب اليها قطاعا من الأغلبية الصامته، وفئات من أطراف النزاع الراهن، وهذا يعني (ضمن أمور أخرى كثيرة) أن تنداح من بين الفرث والدم مساحة عامة ثالثة يمكن ان تتولد فيها قيادات جديدة تكون أبصر بالمخاطر وأقدر على العطاء. ومانقول به هنا ليس بدعا، ففي الدول الغربية الحديثة التي تقدمت علينا في مجالات التخطيط والإدارة توجد "مصانع" خاصة لتوليد الأفكارثم نوجد "نحن" من بعد ذلك لنشكل حقولا حية تجرب فيها تلك الأفكار والنظريات. وما لم نشرع بدورنا في القيام بعمليات مماثلة، ليس على سبيل المحاكاة والتقليد فقط، ولكن على أساس من قناعة ذاتية وايمان عميق بأهمية الأفكار وبأنها تسهم في تغيير الواقع وصناعة المستقبل، فان كثيرا من المشاريع الأخرى التى تصب فيها الموارد المالية وتبذل فيها الجهود الحربية ستكون عديمة الجدوى على المدى البعيد، وسنكون معرضين بصورة مستمرة لأن نصبح "فضاء خاليا" تجرب فيه نظريات الآخرين، وسيكون "الآخر/الخارج" عاملا حاسما فى حياتنا السياسية: يطلق المبادرات، ويحرك الساكنات، ويصنع تاريخنا.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-16-07, 05:39 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-16-07, 06:18 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-22-07, 12:10 PM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-23-07, 05:02 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-23-07, 06:22 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 01-28-07, 06:41 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-19-07, 11:33 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-01-07, 05:15 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-04-07, 12:08 PM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-13-07, 08:12 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-11-07, 04:00 PM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-05-07, 06:18 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الأمين لعوتة | 02-05-07, 07:32 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-08-07, 10:04 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-11-07, 11:50 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-12-07, 05:15 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-18-07, 09:31 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-12-07, 05:19 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-25-07, 09:09 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-12-07, 05:32 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-14-07, 06:05 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-14-07, 10:39 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-19-07, 10:36 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 02-27-07, 08:24 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-01-07, 06:25 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-01-07, 07:56 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-06-07, 09:29 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-11-07, 06:29 PM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-18-07, 07:45 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-20-07, 08:59 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-18-07, 10:31 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-25-07, 10:23 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-26-07, 10:14 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-27-07, 10:20 AM |
Re: فتنة السلطة والجاه...الهمز واللمز بين الاخوان | الكيك | 03-27-07, 10:41 AM |
|
|
|