|
Re: بعد التدخل فى تشاد ...اخطاء الانقاذ لاتنتهى والوطن يدفع الثمن (Re: اروتى)
|
وهذا ما كتبته الاخت سارة عيسى حول نفس الموضوع ...
5
Last Update 25 ديسمبر, 2005 12:02:45 AM السودان وطبيعة الحرب والسلام سارة عيسي [email protected] تابعنا عبر وسائل الاعلام ما يجري الان في الحدود السودانية التشادية ، فالمنطقة اصبحت الان مهددة بحرب ضروس تحمل في طياتها البؤس والشقاء الذي نعرفه عن الحرب الافريقية ، أنها حرب بلا هدف ولا معني لأنها تقدم الطموح السياسي علي حساب تنمية الانسان الافريقي وصحته وتعليمه ، والسودان هو جزء مهم من القارة الافريقية يؤثر ويتأثر بمجريات كل ما يقع في هذه القارة من بؤس وشقاء ، ولن أكون مبالغة اذا قلت أن السودان يعتبر سيد الحروب بلا منازع ، فنحن البلد الوحيد الذي لم يهنأ شعبه بالسلام من بعد التحرر من ربق الاستعمار ، فلا زلنا نتنقل في ميادين الحروب من سئ الي أسوأ ، فننتصر هنا وننهزم هناك ، ونوقع اتفاقيات السلام البيضاء ثم ننكص عنها أمام الجماهير المحتشدة ونمزق بنودها الي أوراق صغيره ونطلقها مع الريح ، وخلال الحقبة الماضية ألف السودان مختلف الحروب ، وقد أتخذت تلك الحروب كل الاشكال والمسميات ، فهي اما حروب مناطقية أو عرقية أو سياسية ، وعند مجئ الجبهة الاسلامية للحكم أستفادت من كل ذلك الرصيد من النكبات ، وزادت عليه بعدا جديدا اضفي لحربها اثارة وتسلية ونحن نتحلق حول التلفاز لنشاهد آخر ما أنتجته قريحة الاستاذ/اسحاق أحمد فضل الله ، كان برنامج "ساحات الفداء" هو الرؤية الحقيقية لحرب الجبهة الاسلامية القومية ، وبما أن هذه الحرب مزجت بين صدق المعتقد والخرافة فان ثمارها جاءت علي نفس الشاكلة ، فمات في هذه الحرب مختلف الناس ، فمنهم كان الاستاذ الجامعي والطالب الذي لم يبلغ الحلم .. والجندي وحافظ القرآن والطبيب ، والي الان لم نعرف لماذا مات كل هولاء ؟؟ ولماذا يستخدم بعضنا الدين الاسلامي استخداما سيئا ويحوله الي ايدلوجية حربية منفرة وأداة من أجل القمع والارهاب؟؟ والاجابة علي ذلك هي الاستئثار بالسلطة والثروة وبسط النفوذ ، وحروب السودان كلها كانت موجهة للداخل مما جعل خسائرنا تزيد عن الحد المعتاد ، لأن الخاسر الاكبر كان هو الشعب السوداني وليس تلك الانظمة التي قيضت السلام ونشرت الكراهية بين أبناء هذا الوطن الواحد.
ونحن الان بصدد معرفة هل خاض السودان معركة ضد الغير خارج الحدود ؟؟ بالتأكيد لا ، أنه لم يخض حربا علي الطريقة الاثيوبية الارترية ، أو حتي علي الطريقة الليبية التشادية ، والسبب في ذلك يعود الي حقيقة لن تعد غائبة عنا بعد اليوم ، أن ساستنا يفضلون حروب الداخل والتي تفيض فيها الدماء السودانية علي محاربة الدول الخارجية ، وأذكر عندما استغلت مصر انهمك النظام في حرب الجنوب وقامت بالاستيلاء علي مثلث حلايب أن ردة فعل الحكومة السودانية كانت ضعيفة ، ولا تزيد عن بعض المقالات المبعثرة في الصحف وحديث البعض عن التخلي عن هذه القطعة البور من الارض الجرداء ، وأعترت النظام موجة من الكرم الجغرافي وبرر عدم لجوئه للحل العسكري بأن مصر دولة عربية واسلامية ، ولأن هزيمة الصهيونية في أرض الجنوب هي أقدس من تراب حلايب ، وموقف النظام السوداني من قضية حلايب لا زال مهزوزا ولم يتغير حتي بعد تطبيع العلاقات مع مصر ، فمصر أبقت هذا الجزء العزيز من بلادنا تحت سيادتها وبالمقابل لم يطالب السودان بالدعوة الي تحكيم دولي أو اعادة ترسيم الحدود ، فنظام الخرطوم لا يولي أهمية كبيرة لمسألة البقعة الجغرافية حتي وان بقي السودان الوطن الكبير في مساحة رقعة الشطرنج ، ولذلك لا حظنا في الاونة الاخيرة أن النظام يطرح أجندة الانفصال في المفاوضات منذ أول لقاء له مع حاملي السلاح ، وما حدث قبل ايام في أبوجا يعتبر أصدق دليل علي ذلك ، فوفد الحكومة المفاوض في أبوجا أقترح علي مقاتلي دارفور الاستفتاء علي الوحدة أو الانفصال عن السودان ، وهذا النوع من الحلول عادة ما يأتي متأخرا أو كما يقول المثل "بعد خراب مالطا" ، يشرد 3.5 مليون ديارهم ويقتل 500 ألف وتحرق أكثر من ألف قرية .. ثم تعرض علينا الحكومة الوحدة أو الانفصال !!! ، فمن الذي سيقوم بدفع التعويضات والاقتصاص من الجناة ؟؟ ، هل تعرض علينا الانقاذ "الارض مقابل النجاة من المحكمة الدولية" أم ماذا ؟؟ ، والتاريخ الحاضر والقديم يدحض هذه النظرية ، فاستسلام ألمانيا النازية وانهيار دولة الرايخ الثالث علي يد الحلفاء لم يمنع بريطانيا من المطالبة بالتعويض عن الخسارة التي ألحقها بها الطيران النازي وهو يقصف مدنها بالليل والنهار ، والتاريخ الحديث يقول أن صدام حسين كان يدفع للكويت والسعودية واسرائيل كل الخسائر التي ألحقها بهم من جراء قصفه مدنهم بصواريخ سكود ، وحتي السودان نال حظه من "الثور" المقتول فكلنا نذكر اصطفاف بعض السودانيين في طوابير طويلة أمام نوافذ بنك النيلين وهم يتقاضون عن ما كان يعرف "بتعويضات العراق" ، واذا انفصلت دارفور والشرق عن السودان فلا يعني ذلك أن عهد المساءلة قد أنتهي ، بل سوف يبدأ عهد جديد من المطاردة الي أن يتم جر الجناة أمام المحاكم الدولية ليتحدثوا أمامها بنرجسية كما يفعل صدام حسين الان ، وليحكوا لنا عن مآثرهم وغزواتهم وبطولاتهم وذكريات صباهم .
وتشابك السودان في الحروب مع دول الجوار لم يكن مبنيا علي خطة مدروسة ، وأعتماد النظام علي المليشيات جعله يقع في دائرة الابتزاز ، فجيش الرب والذي يستخدم منطقة شرق الاستوائية كنقطة انطلاق اصبح يشكل خطرا علي السودان أكثر من خطره علي يوغندا ، وسبب للنظام احراجا بالغا والذي كان ينكر في السابق دعمه لهذا الجيش ، وقد أعترف القس كوني قائد هذا الجيش أنه كان علي وشك السقوط في أسر الجيش اليوغندي لولا لجوئه لخطوط الجيش السوداني في جوبا ، ويوغندا الان تستبيح منطقة شرق الاستوائية وهي تتعقب هذه المليشيا ، فأنتقلت الحرب الي الاراضي السودانية ودفع المواطن الجنوبي ثمن صفقات النظام الخفية ، ولا أحد الان يستطيع التحكم في حركة جيش الرب والذي اصبح قائده مطلوبا للعدالة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب .
والحالة المتردية الان في الحدود السودانية التشادية لا تجعلها تختلف عن السيناريو اليوغندي ، فالرئيس ادريس دبي أستطاع أن يزحف علي انجمينا وهو محمولا علي عربات الجيش السوداني ، وهذا يعتبر خطا من النوع الجسيم ، لأن ادريس دبي يخشي الان من نفس المصير بعد أن أنشق عنه رفقاء الامس والذين يعرفون الطريقة المناسبة للاطاحة به، ولذلك لجأوا الي الحدود مع السودان وأتخذوها قاعدة لاعادة كرة الغزو ، ومحمد نور قائد التمرد التشادي يبلغ من العمر 35 عاما ويتحدث اللغة العربية باللهجة السودانية ، وقد شارك في عملية الاطاحة بحسين هبري وهو في معية الجنرال ادريس دبي ، وما تواتر عنه من معلومات أنه ينتمي لقبيلة (التاما) وهي قبيلة ينتشر افرادها بين حدود السودان وتشاد ، وقد أعترف محمد نور في اتصال هاتفي أجراه مع وكالة رويترز للأنباء أنه يملك ستة ألوية من المقاتلين ، وان ما جري في مدينة (أودري) الحدودية لا يعدو عن كونه مناورة بسيطة لم يفقد فيها سوي بضع جنود ، وفي المرة القادمة وعد بتكرار محاولة الغزو ولكنها لن تقف عند هذه المدينة ، بل تتعداها الي العاصمة أنجمينا ، وما يزيد من مخاوف الرئيس التشادي/أدريس دبي أن يتكرر نفس السيناريو السابق وهو يعلم يقينا أن الجيش السوداني اصبح لا يقف علي الحياد عند نشوب كل أزمة في تشاد ، فالنظام في الخرطوم يحاول الان ارباك حسابات دول مثل فرنسا وأمريكا ويشغلهم بحرب أهلية تشادية توفر غطاء علي ما يجري دارفور ، ولكن هذه الخطوة أكسبت الرئيس دبي نوعا من المساندة والدعم الدولي ، فالرجل وان جاء محمولا بدبابات سودانية الا أنه أبقي الوضع السياسي في تشاد مستقرا ، وحافظ علي بعض الحريات النسبية وأستطاع أن يجذب الشركات الغربية للاستثمار في حقول البترول التشادية ، ولذلك هرع الرئيس/دبي الي مدينة أودري وأعتبر أن السودان دولة عدوة بالنسبة للشعب التشادي ، والاتهامات التشادية حملت هذه المرة اتهاما للمليشيا السودانية بخرق الحدود والاعتداء علي الاهالي وحرق قراهم ، وهو نفس الاتهام الذي توجهه المنظمات الدولية لحكومة السودان ، ويزداد الوضع في دارفور خطورة وتأزما اذا ما قرر الرئيس التشادي التعامل بالمثل وقام بمد الجماعات المسلحة في دارفور بالسلاح مستعينا بالاصول العرقية التي تربطه معها ، فادريس دبي ينحدر من قبيلة الزغاوة والتي تضرر ابناؤها في دارفور من حملة النظام العسكرية ، فعندها يصبح الامر بحق وحقيقة طوفان وأعصار قوي من نوع تسونامي .. ويثبت نظام الخرطوم للعالم بالنظرية والبرهان بأنه خطر علي الامن والسلام الدوليين .
|
|
|
|
|
|
|
|
|