|
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة (Re: الكيك)
|
الحوار الديني واستفزاز المشاعر حيدر ابراهيم على
كشفت قضية المعلمة البريطانية عن توترات وسوء فهم هائل بين المسلمين وغير المسلمين. وقد جاءت القضية ضمن سلسلة احتجاجات اسلامية على الاساءة للنبي الكريم او الدين الاسلامي. وتعقب هذه الاحتجاجات حملات ضد اصحاب الاديان الاخرى، باعتبار وجود مؤامرة عظمى يقودها الغرب ضد الاسلام والمسلمين. وتنتهي كل مرة مثل هذه الغضبة لتؤكد صعوبة الحوار بين المسلمين وغير المسلمين، طالما ظلت الثقة المفقودة والشك والارتياب مازالا يحكمان نظرة المسلمين لغير المسلمين. وتكرس مثل هذه الاحداث الاتجاهات المطالبة بالانغلاق كوسيلة دفاع عن الذات. وهي تؤكد لا جدوى التقارب مع غير المسلمين، لاننا في حالة حرب صليبية جديدة اعلن عنها الرئيس بوش صراحة قبيل الحرب العراقية. وهنا نصل الى عقدة العلاقة، اذ يعتبر اصحاب هذه الآراء أن محاولات الفهم والحوار ما هي الا عمل للتخذيل ودليل على الغفلة. وقد يتهم من يدعو الى الحوار في هذه الاجواء بالخيانة والكفر، او على الاقل موالاة الكفار والقيام بدور الطابور الخامس الذي يخترق بواسطته الاسلام. ويستخدم بعض المسلمين فكرة استفزاز المشاعر، لتبرير اي رد فعل قد يصل الى قتل مخرج سينما طعنا كما حدث في هولندا. ويكاد هذا الموقف يقول بأن المسلمين وحدهم هم الذين يمتلكون مشاعر دينية. فالعالم متدين في عمومه ولأديانه قدسية لا تقل في نظرهم عن المسلمين، ولكننا لا نسمع هذه العبارة الا من بعد الهندوس او اليهود المتعصبين. فهذه العبارة تدل على قدر كبير من الحساسية والعاطفية تتغلب على العقلانية او على الاقل عدم المبالغة في الشعور العاطفي والتعامل مع الامور في حجمها الطبيعي. وتقود سرعة الانفعال بسبب ما يسمى بالاستفزاز او اثارة المشاعر، وتعقب ذلك الافعال المتعصبة او الاقوال المسيئة الطليقة. ويرى البعض ان عملية النفح العاطفي والعقلي تنمو عكسيا مع العواطف والمشاعر والانفعالات. وهناك سؤال مهم وهو لماذا المسلمون عامة اكثر عرضة لاستفزاز المشاعر الدينية اكثر من غيرهم؟ قد تكون الاجابة لانهم الاكثر نخوة وغيرة على دينهم. اعتقد ان الاجابة غير صحيحة، لأن المتدينين كلهم لديهم هذا الاحساس او اكثر في بعض الاحيان. ولكن شعور المسلمين بالتأزم والحصار بوجود مؤامرة تستهدف المسلمين، تجعلهم في حالة خوف دائم، لذلك قد يبالغون في آثار حدث بسيط، وقد يعمل المخيال او الخيال على اضفاء تفاسير وتأويلات تخدم فكرة وجود الخطر او محاولة الاستفزاز. فقد سمعت قبل حادثة الدب الاخيرة من يعود الى تفسير كتاب الاطفال الذي يدرس منذ اربعينيات القرن بطريقة تحتاج الى قدر كبير من الخيال والاحساس بوجود المؤامرة. هناك من قال ان قطعة المطالعة التي تقول: طه القرشي مريض في المستشفى! قصد بها واضعها النبي «ص» باعتبار ان احد اسمائه هو طه واصله قرشي! رغم ان الاسمين منتشران في منطقة الجزيرة والشمالية. وبالتأكيد لن يفكر الاطفال الذين ظلوا يطالعون هذا الكتاب لسنين طوال بهذه الطريقة العبقرية! وحتى لو كان قصد المؤلف الاساءة للاسلام، فإن رسالته لم تصل ولم تترك اي اثر. ونتحدث عن اسلاموفوبيا ولكن هذه الـ phobia والتي تتمثل في الشك والريبة تشغل كثيرا من المسلمين الذين ينقبون عن اشارات توحي بمحاولة الاساءة للاسلام او التقليل من قيمة المسلمين. ففي حالات كثيرة نسمع عن أحذية مثلا مكتوب عليها او مرسوم عليها بعض الاشكال التي قد تكون قريبة او مشابهة لاسم الجلالة او النبي «ص». وهذا جهد كبير يهدر دون نتيجة تقود الى دعم الدين الاسلامي. كما انه يوحي بعدم ثقة بعض المسلمين في قوة ايمانهم، لان مثل هذه التصرفات حتى لو كانت مقصودة، يجب ألا تؤثر على المسلم او المؤمن الواثق من تغلغل الايمان في قلبه. ولكن كيف نستطيع نزع فكرة الاستهداف والمؤامرة عن اذهان كثير من المسلمين، ليتصرفوا كأناس عاديين وطبيعيين وبالتأكيد ليسوا غافلين. فالعالم يعيش صراعا وسباقا، ولكنه ليس سباقا دينيا في جوهره، بل صراعا اقتصاديا وتكنولوجيا وعلميا. وهذا هو الميدان الذي يجب ان ينازل فيه المسلمون الآخر ويدافعون فيه حقيقة عن الاسلام بزيادته قوة ومنعة، وهذا ما لا تفعله المظاهرات والمواكب. اثارت لدي حادثة المعلمة البريطانية الكثير من التساؤلات والاسئلة المحيرة، اهمها هل نحن بصفتنا مسلمين نستطيع التعايش بسلام مع غير المسلمين؟ وهل لدينا القدرة على قبول الآخر المختلف؟ وتكشف مثل هذه الحوادث عن مواقف عدائية تجاه غير المسلمين يكشفها اول اختبار. فنحن في الاصل متخوفون ومهجوسون بخطر وخبث غير المسلمين. ففي هذه الحادثة احتمالان: حسن النية وسوء الطوية والقصد. ان تكون المدرسة ـ والتي مازالت وهي بعيدة في وطنها تتحدث بتقدير عن السودانيين ـ قبلت التسمية التي اقترحها التلاميذ للدب بعفوية وحسن النية. والاحتمال الآخر أن هذه المعلمة الشيطانية ـ كما وصفها احد كتاب الاعمدة المهذبين ـ قد التقطت هذه التسمية لتمرير مخططها في الاساءة للمسلمين والاسلام. والسؤال هو لماذا لم يكن الشك في صالح المتهمة كما يقول القانون؟ وكانت الاجواء قد تهيأت للادانة، ولم يكن لاي قاض القدرة على تبرئة المتهمة وسط هذه الاجواء الغاضبة. لذلك جاء الحكم نصف ادانة او حكم بالقانون وحكم آخر للشارع. كانت المظاهرات التي أعقبت الحكم ذات دلالات خطيرة على الدولة وعلى النظام القضائي السوداني. وقد توحي تلك المظاهرات بوجود دولة دينية موازية، رغم ان الدولة الحاكمة تستند ـ حسب قولها ـ على مرجعية الشريعة الاسلامية. فمن البداية ازدواجية الدولة مشكلة تضر بهيبة الدولة وترهب المواطن العادي بانه مكشوف، ولا تستطيع الدولة وقوانينها حمايته. فقد كان من غير المفهوم أن تقوم المظاهرات بعد صدور الحكم. فمن الطبعي عندما يستفز شخص ما مشاعري الدينية ان انفعل مباشرة، ولكن الانتظار حتى صلاة الجمعة ويكون الحكم قد صدر. فهذا دليل على ان المسألة ليست مجرد مشاعر دينية. ويرى البعض ان الحكومة ومؤيديها يتحدثان باكثر من لسان. فهناك سلطة سياسية تتعامل مع العالم بكل اعرافه الدولية، وفي نفس الوقت تخزن خلفها شارعا ثائرا تدعي انها غير قادرة على السيطرة عليه. وهذه لعبة خطرة لا تسلم الجرة فيها باستمرار. فالنظام يدين علنا التطرف ويرفض الغلو في الدين، ولكنه يغض الطرف عن ممارسات تصب في تقوية التطرف. وهناك امثلة لدول رعت كل اشكال التطرف الديني والتعصب، وكانت تظن انها يمكن ان توجههم لدول اخرى. وهذه الدول تعاني من هذه المجموعات، وصارت من اكثر المتضررين وشرعت ـ للمفارقة ـ في ممارسة الارهاب..!! وقد كشفت القضية عن تناقضات عميقة: حكم قضاء، موقف شارع، قرار سلطة، وكلهم مسلمون ولكن لم تتحد رؤيتهم للحدث الواحد، لذلك فهو بالتأكيد بعيد عن الدين. وبينما نحن نحلل ونتفلسف يقول مجربون ان كل هذه الضجة هي مظهر لصراع بين المدارس الخاصة، وليست لها اية صلة بالاسلام او الاساءة اليه. ويرى هؤلاء ان تكاثر المدارس الخاصة التي انشأ بعضها الاثرياء الجدد، يقتضي اخراج مدارس معينة من سوق المنافسة بالذات الاجنبية. وهنا يستخدم الدين والوطنية في business التعليم، وهو مجال مربح. وكانت بداية المعركة بمدرسة الاتحاد، لانها من المؤسسات العريقة والناجحة التي تجذب اعدادا كبيرة من الطلاب، وتحقق نتائج ممتازة. وفي قلب المعركة، دخلت مجموعات دينية بقصد او بلا قصد لصالح خصوم المدارس الاجنبية. وسارعت الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بتحريم فتح المدارس الاجنبية والعمل بها وارسال الابناء اليها. وقالت في ندوة بجامعة الخرطوم على لسان مدثر احمد اسماعيل، ان جميع آراء العلماء في كل بلاد المسلمين اجمعت على تحريم التعليم الاجنبي «صحيفة الأحداث 5/12/2007م» والسودان بلد العجائب وهو الذي وصفه انتوني مان بسخرية او ضحك القدر، اذ ينسى مأساة دارفور وخطر انفصال الجنوب وينشغل بقضية هامشية تنتهي كما بدأت. ويتساءل لماذا العفو عن المعلمة البريطانية؟ بينما السؤال الصحيح: لماذا حوكمت اصلا؟! الصحافة 8/12/2007
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 07:48 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | حيدر حسن ميرغني | 12-04-07, 08:11 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | البحيراوي | 12-04-07, 08:15 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 08:55 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-04-07, 10:59 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 05:10 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 06:55 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | Agab Alfaya | 12-05-07, 07:12 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 08:15 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 09:08 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-05-07, 09:13 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:06 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:10 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 05:21 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-09-07, 11:35 AM |
Re: المعلمة البريطانية ..وقضية استغلال الدين فى السياسة | الكيك | 12-11-07, 09:10 AM |
|
|
|