|
Re: منصور خالد يكتب عن الراحل .....امين التوم ساتى.. (Re: Adil Osman)
|
الثلاثاء30نوفمبر2004 مات الرجل الامين..
بقلم: إسماعيل العتباني
مات امين التوم، وحق لي ان اقول مات الرجل الامين، فقد كان الفقيد طيب الله ثراه اميناً في كل مرفق من مرافق الحياة، كان اميناً في كلية غردون واحترمه الجميع طلاباً واساتذة، وكان اميناً في الحي الذي قضى فيه شبابه الباكر ــ حي بيت المال الذي كانت ترفرف فيه اعلام الختمية ــ واصبح جزءاً منهم رغم اختلاف الآباء في الولاء للطائفة، وعندما انتقل والده الى ود نوباوي الحي الذي ترفرف عليه اعلام الانصار انتقل معه، ولم يشعر انه في حي غريب، واندمج مع شباب الحي الجديد كما اندمج في سابقه، واصبح حبيباً للجميع، وهكذا شعاره اميناً وصديقاً للجميع.
وقويت معه صلاتنا نحن شباب ابو روف الذي يجاور بيت المال واستمر الترابط حتى تخرجنا في كلية غردون فبدأت صلات الفكر الاصيل، وقبل ان ننتقل الى مراحل العمل الاخرى، نتساءل عن جذور هذا الفتى الامين الذي يصادق الجميع، هل بذوره في دنقلا أم ام درمان أم مدني الجميلة؟ وننتقل الى مدني لانها البقعة الطاهرة التي لم تدنسها الخلافات الطائفية والتي يجلس على عرشها نقد الله الكبير وبجانبه الشيخ الجليل ابو عيسى، يجلسا يوماً في خيمة الانصار ويوماً في خيمة الختمية يحف بهما شباب الطائفتين وكأنهما في جنة الوفاق في الوقت الذي كان تتقاتل فيه الطائفتان في ام درمان حاملين سلاحاً من نار .. وصديقنا الامين كان نموذجاً من هذا الصنف الفريد ولذلك يرجح ان تكون مدني السعيدة موطن جدوده.
تخرج فقيدنا العزيز من كلية غردون وعادة ذلك الجيل الانخراط في الخدمة المدنية وكان تخرجه في الوقت الذي سطع فيه نجم مؤتمر الخريجين العام فانتظم فيه، ونقل بعدها الى بورتسودان وهناك اشرف على لجنة المؤتمر الفرعية وكان نعم المعين الى فوراوي واحمد خير اللذين توليا الاشراف على لجان المؤتمر الفرعية .. تلك اللجان التي كان لها تأثير كبير في تثبيت كبير على وجود المؤتمر .. والحجة القوية امام خصومه الذين ينكرون عليه انه يعبر عن آمال السودانيين وطموحاتهم .. كان امين السند القوي لرفاقه احمد وفوراوي، واستقر المؤتمر في شرق السودان كما استقر فيه في عواصم السودان الاخرى.
وعندما نشأت الاحزاب عام 1943م بعد ان قدم المؤتمر رسالته وقدم مذكرته التاريخية ووضع في اعناق السودانيين الواجب المقدس في تحقيق مصير السودان.
قامت الاحزاب وطبيعياً ان يشترك فيها شاب متطلع كامين التوم، وكان موضعه الطبيعي حزب الامة لان الامة كانوا فيه، لم يفضله كحزب طائفي أو حزب لفئة خاصة بل دخله كوسيلة لتقرير المصير واستقلال السودان وهنا تجلت عبقرية امين كان مركزاً للتعاون مع الآخرين وكان صمام أمان داخل الحزب، واكبرته هذه الصفات في نظر اقطاب الحزب، واحتل مكاناً مرموقاً في الحزب وتولى مسؤوليات جسام فيه، واحياناً كانت تقود بعض افراد الحزب مسؤوليات جسام وكان يساق فيها بعض افراد الحزب للمحاكمة، ومن بينهم امين .. وهنا تتجلي شجاعة امين التي يزينها الحياء، لا يرفض المثول مع المتهمين وهو البرئ الذي لا يدين بالعنف .. وكانت تنقذه كلمة واحدة انه لم يسهم في العنف لكنه كان يفضل الموت مع الجماعة وفيه الحياة.
استمر امين في كفاحه مع حزب الامة ولم ينس ولم يتنكر لاصدقائه القدامى في الكلية وفي الحي وفي الاحزاب الاخرى، وكان صمام امان للجميع.
اشتغل بالصحافة كهاوي ولم يشترك فيها كمهنة، كان يقرأ في مطلع حياته وفي كلية غردون مجلة الرسالة وتأثر باسلوبها الرائع الجميل القوي وظهر ذلك في مطبوعاته القيمة التي تصور ادوار حياته المختلفة.
جمعتني الجيرة الطيبة مع احد ابنائه فكان صورة من الاب الرحيم وعندما نعاه الناعي ترحمت عليه وقلت لم يمت من ترك عمراً واخوته، رحمك الله يا امين وانت مع الشهداء والصديقين باذن الله.
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|