|
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة (Re: الكيك)
|
عن سودانايل Last Update 20 اكتوبر, 2005 11:52:47 PM الشيخ الترابي في قناة الجزيرة (1) د. الحسن المثنى عمر الفاروق [email protected] لقد استمعت إلى الشيخ الترابي في لقاءه بالجزيرة عبر برنامج بلا حدود ، وقد بدا الشيخ على درجة عالية من الحيوية والمزاج السياسي المنفتح نحو التنظير والتقييم ، خلافاً لما كان عليه أيام كان في السلطة ينهى ويأمر ، وقد بدا على ما كان عليه من عنفوان وأناقة ، لم تتغير طريقته المميزة في الكلام ولغته الرصينة التي كثيراً ما يشفعها بمتلازماته الحركية ذات المدلول الخاص ، ذلك الأسلوب الذي فتن تلاميذه وظل كثير منهم أسيراً له يحاكيه وكأنه نسخة من الشيخ تؤدي نفس الإيماءات وبذات الطريقة في الكلام.
ولست هنا بصدد تقييم تجربة حركة الشيخ الترابي الإسلامية عبر تاريخها الطويل ، ولا ينبغي لي ذلك ، في هذه العجالة ، غير أن الذي يمكن أن أنوه إليه في هذا المقال يتعلق بأمرين هامين الأول: هو موقف الحركة الإسلامية من الشعب السوداني ، والثاني: موقف العسكر من حركته أيام كانت الحركة على قلب رجل واحد لم تفرّقهم ـ شُعَب السياسة ـ أيدي سبأ
أما فيما يتعلق بالشعب السوداني فقد استوقفني ما أشار إليه الشيخ من أن حركته وصلت إلى طريق مسدود ، وأنها أضرت بالشعب السوداني لأنها تركته ولم تتنزل إليه في غمرة انشغالها بالسلطة التي حرفتها عن المجتمع الذي كان في حاجة ماسة إليها لتوعيته دينياً واجتماعياً وثقافياً ، وأن الحركة الإسلامية أيام كانت يداً واحدة اهتمت بالجانب السياسي السلطوي أكثر من اهتمامها بالجانبين الثقافي والديني ، غير أنها أي الحركة الإسلامية ـ حققت بعض النجاح في هذه الجوانب ، مثل تعريب المناهج ، والصناعات المدنية والحربية ، مع الدفع الاقتصادي الذي صاحب الاستثمار في مجال البترول الذي وصفه بأنه ثمرة علاقات الإسلاميين ، وليس نتاجاً لعمل الشركات !.
وهو قول غريب من الشيخ الترابي يستغفل به عقل المشاهد ، ويعطي انطباعاً بأن ثورة الإنقاذ اندلعت لترتقي بشعب متخلف ثقافياً ودينياً وسياسياً ، وهو أمر يتناقض مع حديثه عن تشكّي الناس من الفساد الذي بدأ في الظهور ، فهذا يعني أنك بإزاء شعب على وعي سياسي يمكنه متابعة بواطن الأمور وهذا لا يتأتى إلا لشعب ذي حس سياسي عال ، وهو ما يتميز به الشعب السوداني حقاً ، حس تجده ماثلاً عند رجل الشارع العادي فضلاً عن السياسي المتخصص ، ذلك الحس الذي جعل الشعب السوداني يقيم هذه التجربة منذ وقت مبكر ، وقبل أن تصل إلى هذا الطريق المسدود ، حيث تندر الناس بالإنقاذيين قائلين لهم: (رجعوا محل ما لقيتونا) ، إشارة إلى أنهم لم ينقذوا أحداً ولم ينفذوا إلى قلب مشاكل الوطن ولم يلبوا تطلعاته.
والشعب السوداني ليس في حاجة إلى ترقية في الوعي الديني عن طريق حركة الترابي ، التي كانت ـ حقيقة ـ خصماً على الدين الذي أحدثتْ فيه ما لم يحدثه أحد قبلها ، غير أن محاولات حركة الترابي وجماعته للارتقاء بالشعب السوداني دينياً كانت مثيرة للضحك والشفقة ، فهي لا تعدو تلك البرامج التي صرفوا في مقابلها المليارات ، مثل إحياء شعيرة الصلاة ، وكأن الشعب السوداني لم يصلِ قبلها ، إضافة إلى التنادي بأيام الصيام الجماعي التي يأتي إليها الجميع صياماً إلا المشرفين عليها والمنظمين لها من (الكيزان) الذين يأتوا متخمين مفطرين. وشعيرة الزكاة التي أسسوا لأجلها ديوان الزكاة تحولت إلى مجال رحب لأكل أموال الناس بالباطل ، ذلك الباطل الذي طال تسعة في المائة منهم وقد ذكرّنا الشيخ ـ في هذا اللقاء ـ بالصفر الذي نسيه في غمرة انشغاله بالسلطة لتصل النسبة إلى التسعين بالمائة ، فنزول الأخوة الإنقاذيين إلى الشعب للارتقاء به دينياً كان ساذجاً مغفلاً وكان موضع التندر من قبل هذا الشعب ذي الوعي الديني الرفيع الذي يتساوى تماماً إن لم يفق قادة الإنقاذ أنفسهم.
ويبدو أن الشيخ قد استدرك من أمره ما استدبر أخيراً وقرر أن يبتعد عن السياسة ، لأنه بلغ من العمر ما ينبغي معه الركون إلى مجلس موطّأ بعيد عن مركب السلطة الوعر ، ومتاهات السياسة ، إضافة إلى أنه يريد أن يفرغ لمشاكل السودان تلك المشاكل التي تحتاج إلى حكمة الشيوخ وتجاربهم بعد أن (دخلت علينا أطراف السودان التي كانت نائمة تحكمها الخرطوم والآن تحركت في الشرق والغرب) ، وهو اتجاه يدل على أن الشيخ قد وعى الدرس تماماً ورأى أن يعكف ليلم شعث ما فرقه هو تلاميذه العاقون ، وهذا اتجاه إيجابي ، فالرجل قد تختلف معه في كل شئ ولكن مع ذلك لا تجحد تجربته ولا يستهان بأتباعه الذين لهم أثر في كل ما يدور ، فنتمنى أن يوفق في ذلك ، فقط عليه أن يبعدنا عن أفكاره الجديدة التي توصل إليها أيام حبسه الأخير ، من رؤاه الجديدة في تفسير القرآن الكريم ، وما يتمخض عنها من موقف إزاء التفاسير التقليدية ، وأفكاره المتبدلة حيالها وحيال قضايا الصلاة حسب تعبيره. على الشيخ أن يبعدنا من هذه الأفكار ، لأن تجارب الفكر الإسلامي في السودان ليست سعيدة ولا مستأنسة بأفكاره الماضية فكيف بالحاضرة التي بشّر بها.
وما لفت نظري حول هذا الاتجاه ـ أعني الاتجاه إلى الشعب ـ حديث الشيخ في هذا اللقاء عن تجربة مشائخ الدين من الصوفية الذين ـ كثيراً ما كان يسخر منهم ويتندر بمواقفهم ـ نجده هذه المرة ينوه بما لهم من شهرة وما قاموا به من عمل جليل تجاه مجتمعاتهم تربوياً ودينياً واجتماعياً هذا العمل الذي خلّد ذكراهم مستدلاً على ذلك بمعرفة الناس للشيخ عبد القادر الجيلاني أكثر من معرفتهم لكثير من الساسة المعاصرين له ، ولعل الشيخ الترابي يريد أن يمهد لهذا الدور الذي سيقوم به في المرحلة المقبلة دور رجل الدين أو شيخ الطريقة المرشد الموجه ، فإذا كان ذلك ما يرمي إليه الشيخ فهو أمر حسن ، ولكنه عليه أن يدرك أنه سيخسر هذه الجولة أيضاً وسيصل إلى طريق مسدود ما لم يتبع السبيل الصحيح التي بها يُربّى الناس ويوجهون وأن يتخلص من طريقته التي ربى بها تلاميذه الذين نكلوا به ، وأن يتأسى بطرائق القوم في تربية مؤيديهم تلك التربية التي جعلت هؤلاء الرجال في قلوب مؤيديهم عبر آلاف السنين في حياتهم وفي مماتهم ، فإن فعل الشيخ ذلك فربما يجد مكانه في قلب هذا الشعب الفطن المعلم الذي لا تفوته شاردة ولا واردة. وللمقال بقية…..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-22-05, 02:38 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-22-05, 10:50 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-22-05, 11:46 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-23-05, 11:07 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-24-05, 02:09 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | فيصل عثمان الحسن | 10-24-05, 10:49 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-24-05, 10:39 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-25-05, 11:10 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-26-05, 01:30 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-26-05, 04:02 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-26-05, 04:09 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | zico | 10-26-05, 04:35 AM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-28-05, 11:19 PM |
Re: اعترافات الترابي ...هل جاءت متاخرة | الكيك | 10-29-05, 00:35 AM |
|
|
|